بقلم وردية بطرس

أول متحف علمي للأولاد في لبنان يجمع مجسمات تجسد تخيلات الأطفال لتترجمها الى واقع يتفاعلون معه ويشعرون به ويلمسونه ويرونه ويرسمونه... انه <كوكب الاكتشاف> الذي أسسته شركة <سوليدير> في العام 1999 بالتعاون مع متحف <لا فيليت> و<باليه دي لا ديكوفرت> في باريس، ويعتبر هذا المتحف الأول والوحيد من نوعه في لبنان، ويشكل مساحة مبتكرة وديناميكية تهدف الى تعليم الأولاد بطريقة علمية لا تخلو من التسلية والترفيه. وان موقع المتحف في وسط مدينة بيروت وبالتحديد في منطقة أسواق بيروت الصاخبة بالحياة يمنح زواره فرصة الاستفادة من النشاطات العلمية والترفيهية، ومن عدد كبير من المعارض الدولية الدائمة والمتنقلة والتي تُنظم بإشراف فريق عمل متكامل يضم طاقماً من الاختصاصيين والخبراء. ويستقبل متحف <كوكب الاكتشاف> الزيارات المدرسية والمؤسسات الأهلية والرسمية بالاضافة الى العائلات، وهو يطبق القوانين والمعايير الدولية المتعلقة بالأمن والسلامة العامة، كذلك فإنه مجهز بطريقة لاستقبال ذوي الاحتياجات الخاصة إذ اعتمدت فيه هندسة متسمة بالخطوط المنحنية والمنحدرات غير الشديدة، كما تدخله الشمس من جميع الجهات ما يجعله مكاناً مضيافاً مليئاً بالدفء والارتياح.

أقسام المتحف!

ويرتكز المتحف العلمي للأولاد على مبدأ المشاركة في التعليم، فيتضمن معارض تفاعلية وبرامج تساهم في تنمية قدرات الأولاد الجسدية والعقلية وتشجعهم على الاستقلالية والاستكشاف، كذلك تساعدهم على التعلم بالوسائل العملية والترفيهية من خلال التجارب العملية الفنية المتنوعة التي تلائم جميع الأعمار.

وينقسم المعرض الى الأقسام التالية: البيت غير المكتمل: اذ يحافظ <كوكب الاكتشاف> على النشاطات التي نظمها في السابق ولاقت نجاحات باهرة وهي بمعظمها من النشاطات التي صنعت اسمه وشهرته، ويعتبر البيت غير المكتمل أحد هذه النشاطات الناجحة، اذ يستقبل الأطفال من سن الثالثة وترتكز فكرته على تنمية قدرات الطفل العقلية والبدنية والمهارات الحركية والمعرفية لديه حيث يعمل الأطفال كفريق واحد لتحقيق هدف مشترك ألا وهو بناء البيت، فيكتشف الأطفال <ورشة البناء> وكيفية العمل ضمن فريق يخطط وينظم.

مجسّم النملة: اذ يتعلم الطفل كيف تبني مجتمعات النمل مستعمراتها كما يعرف المزيد عن هذه الحشرات التي تعيش في جماعات منظمة، وذلك بواسطة مجسّم النملة العملاق وهو نموذج عن <مستعمرة النمل>.

وينتقل الولد من مجسّم النملة الى جسم الانسان، واهمية هذا القسم تكمن في تكوين نظرة مقربة الى جسم الانسان، اذ يتعرف الطفل الى ما يشهده جسم الانسان في مراحل نموه ويكتشف ماذا يحدث قبل الولادة ولماذا تنمو أجسادنا وكيف تحدد العوامل الوراثية هويتنا البيولوجية ومن نكون...

الظواهر الفيزيائية: يتسنى للأولاد في هذا الجناح التعرف عملياً على قوانين الفيزياء التي درسوها نظرياً، وذلك بواسطة الضوء المتعرج ومبرهنة <فيتاغورس>، وتحرّك البندول بقوة المغنطيس وغير ذلك من المواضيع.

الأنابيب الصوتية: من خلال الهمس في الأنابيب يتعرف الأولاد على تاريخ تكنولوجيا الاتصالات عبر الزمن والتواصل عبر المسافات البعيدة.

السكر: يقود هذا المعرض الأولاد لاكتشاف السكر في جسم الانسان ومن أين يأتي وأين يذهب في جسم الانسان وماذا يخدم، ويضم هذا المعرض مجموعة كبيرة من الأجهزة الالكترونية والكهربائية واليدوية بالاضافة الى اللوحات الارشادية التي تشرح أسباب مرض السكر، طرق معالجته، وكيفية تجنبه.

الحواس الخمس: بفضل حواسنا الخمس نبقى على اطلاع دائم بمجريات العالم من حولنا، وعلينا طبعاً ان نستعمل حواسنا حتى نتكيف ونحقق أهدافنا، ويظهر الطفل ما يتمتع به من قوة بتمرين حواسه الخمس في هذا المعرض المخصص للمس والشم والنظر.

والنشاطات الأخرى هي <كدز تاون> اذ يخصص المتحف مكاناً مجهزاً لاستقبال الأطفال وتأمين الراحة والترفيه لهم في بيئة آمنة وسليمة يكتسب فيها الأطفال المهارات الاجتماعية والفكرية، ومن ضمن برنامج تربوي نوعي يشرف عليه اختصاصيون ذوو كفاءات عالية، الأمر الذي يتيح للأهل تدبير أمورهم مع الاطمئنان الكلي على سلامة أولادهم، وهناك جناح النشاطات المتنوعة اذ تُقام في هذا الجناح جميع أنواع النشاطات، من ورش العمل والبرامج التربوية والمناقشات والمؤتمرات الى المعارض والعروض المسرحية وغيرها من النشاطات الثقافية التي تمثل تجارب تربوية لا تُنسى، كذلك ينظم <كوكب الاكتشاف> حفلات خاصة للأولاد من كل الأعمار، ويؤمن مساحة لتنظيم أعياد ميلاد للأولاد بطابع تربوي وترفيهي مميز في جو من المتعة، كما ينظم المسابقات التنافسية والمناسبات الخاصة للراشدين أيضاً. وهناك ورش العمل التربوية اذ يقدم <كوكب الاكتشاف> برامج علمية، عملية وتطبيقية لمجموعات الأولاد على اختلاف أعمارهم، والمشغل الابداعي اذ يقوم الأولاد بأشغال حرفية يدوية تساعدهم على تنمية مخيلتهم ومهارتهم الابداعية.

فكيف انطلقت فكرة انشاء متحف علمي للأولاد؟ وما هي أهدافه والنشاطات التي تُقام فيه؟

<الافكار> زارت <كوكب الاكتشاف> وقامت بجولة في أرجاء المتحف وتعرفت على الأقسام وكان لنا حديث مع مديرة متحف <كوكب الاكتشاف> السيدة ألين سليمان لتطلعنا على كل التفاصيل حول المتحف الفريد من نوعه في لبنان ونسألها أولاً عن فكرة انشاء متحف علمي للأولاد، فقالت:

- لقد أطلقت شركة <سوليدر> الفكرة وقامت بتنفيذها لأنه كما تعلمين كان يتم اعمار بيروت بعد الحرب اللبنانية، فكانت كل بيروت ورشة، لهذا أرادت <سوليدير> ان تطلق مشروعاً مخصصاً للأولاد في وسط بيروت، فأسست المتحف العلمي للأولاد <كوكب الاكتشاف> وذلك بالتعاون مع متحف <لا فيليت> في باريس حيث درسا المشروع وعملا معاً لانشاء هذا المتحف، ولقد اشترت <سوليدير> المعدات وغيرها من <لا فيليت>، اذ ان أولى المعدات التي استخدمناها كانت من <لا فيليت> من باريس، ويمتد المتحف على مساحة 2500 متر... في البداية كان موقع <كوكب الاكتشاف> بالقرب من <ستاركو> قبل ان ينتقل الى أسواق بيروت، وكل سنة لدينا معارض دائمة كما لدينا معارض تتغير كل سنة، فاما نغير المعرض او يبقى لأنه يكون له صدى ايجابي، وبالتالي <كوكب الاكتشاف> بدأ في العام 1999 ولا يزال قائماً وهو تابع لـ<سوليدير>.

وتابعت قائلة:

- لقد نظم <كوكب الاكتشاف> نشاطات عدة ففي كل عام لدينا معارض جديدة، كما عملنا مع الفرنكوفونية اذ عملنا مع خمسة بلدان فرنكوفونية: المغرب، تونس، كندا، فرنسا ورومانيا ضمن مشروع يتعلق بالمياه، كما اننا ننظم ندوات في المتحف، اذ ما ان بدأ اعتماد <المايكروسوفت> والانترنت في لبنان قمنا بتدريب المعلمين والمعلمات حول كيفية استخدام الانترنت الى ما هنالك... ثم تطورت الأمور اذ انه في البداية كنا نشتري المعدات من الخارج او نقوم باستئجارها، ولكننا اليوم نقوم بتصنيعها في لبنان حيث لدينا فريق عمل يدرس وينفذ أيضاً، كذلك لدينا فريق من المهندسين المعماريين، وبالتالي اليوم يتم تصنيع كل ما يلزم. وكل سنة ننظم معارض جديدة ونستقبل تلاميذ المدارس خلال الاسبوع، وأيضاً نستقبل الأهل خلال عطلة نهاية الأسبوع، اذ يفتح المتحف أبوابه امام الزوار يومياً من الساعة التاسعة صباحاً لغاية الساعة السادسة مساءً، فيما يفتح المتحف ابوابه خلال عطلة نهاية الاسبوع وأيام الأعياد من الساعة العاشرة والنصف صباحاً لغاية الساعة السابعة مساءً، ولا يقفل المتحف ابوابه على مدار السنة ما عدا في اول يوم من السنة الجديدة.

أهداف المتحف العلمي للأولاد!

ــ ما هو هدف انشاء متحف من هذا النوع في لبنان؟

- الهدف من انشاء هذا المتحف كان ولا يزال تعليمياً، اذ كل ما هو موجود داخل المتحف هو علمي وما يتعلمه الأولاد في المدارس يطبقونه هنا داخل هذا المتحف العلمي، وبالتالي يتيح المتحف العلمي للأولاد فرصة تطبيق الدروس المتعلقة بالمواد العلمية التي يتعلمونها في المدرسة. ولدى المتحف اليوم 25 موضوعاً، وكل موضوع تُنظم له ورشة عمل اذ يقوم المدرب بتفسير كل شيء للأولاد ليتعلموا كل شيء وفي الوقت نفسه يستمتعون بالأمر، وبالتالي يوفر هذا المكان للأولاد العلم والتسلية في آن واحد وهذا ما يحتاجه الأولاد، وأيضاً يقدم المتحف المعلومات سواء للأولاد او لأهاليهم ولزوار المتحف، وبالتالي يسعى المتحف لتقديم كل المعلومات العلمية بطريقة مسلية وترفيهية، وهذا يساعد الولد كثيراً ليستفيد مما يتعلمه في المدرسة، وحتى الكبار عندما يقصدون المتحف يستمتعون بالتعرف على الأمور العلمية لاسيما ان البعض منهم يريد ان ينشط ذاكرته بما يتعلق بالعلوم لأنه كما تعلمين هناك دائماً أمور جديدة في مجال العلوم ويرغبون بتعلمها أيضاً.

ــ وكيف يُقسّم المتحف من ناحية أعمار الأولاد؟

- المتحف مقسّم الى ثلاثة أقسام: قسم مخصص من سن الثالثة لغاية سن السادسة، وقسم مخصص لأولاد من سن السادسة لغاية سن الثانية عشرة، وقسم مخصص لأولاد من سن الثالثة عشرة لغاية سن التاسعة عشرة. وطبعاً يتم هذا التقسيم لكي يتمكن كل ولد بحسب عمره من التعلم والاستفادة مما يُقدم له في هذا المتحف لأن هناك مواداً علمية ويجب شرحها وتفسيرها بطريقة يقدر ان يستوعبها كل الأولاد. وقريباً سيتم افتتاح قسم عن القمح اي طريقة تناول الطعام وعن العلاقة بين الغذاء والرياضة، اذ قدمت مؤخراً اختصاصية في التغذية والرياضة معاً من لندن، وهي لبنانية خريجة جامعة لندن، وقلائل هم المتخصصون في التغذية والرياضة معاً، اذ عادة يكون هناك اختصاصان منفصلان اما في التغذية ام في الرياضة ولكنها تخرجت من اهم الجامعات في الخارج في مجال يجمع التغذية والرياضة معاً، وهي اليوم ستقوم بتدريب الأولاد في متحف <كوكب الاكتشاف>.

ــ وماذا عن الاختصاصيين والمدربين في المتحف؟

- ان الأشخاص الذين يقومون بتدريب الأولاد في هذا المتحف هم متخصصون في مجالات مثل الفيزياء او الصيدلة او الهندسة او الكيمياء اذ انهم تخرجوا من الجامعات ويخضعون للتدريب في المتحف من قبل مدرب، وأحياناً يأتينا مدربون من الخارج لكي نواكب التطور وكل جديد في مجال العلوم، وكما ذكرت اننا ننظم المعارض حيث تُفسر للأولاد من كل الأعمار الأمور العلمية التي يتوجب تعلمها وتطبيقها هنا، وطبعاً لكل عمر هناك طريقة لكي يفهمها اكثر، فمثلاً الأمور العلمية التي نشرحها لأولاد في سن الثالثة تختلف عن التي نشرحها لأولاد في سن التاسعة او العاشرة وأكبر، وبالتالي نأخذ بعين الاعتبار سن الأولاد وكيفية فهمهم للأمور العلمية، فمثلاً داخل المتحف هناك مجسم عن جسم الانسان يشرح كيفية ولادة الطفل والمراحل التي يمر بها منذ ان يكون جنيناً لحين يوم ولادته، وهكذا يتعلم الأولاد كيف يُولد الانسان وبالتالي يستوعبون الأمور أكثر عندما يشرحها أساتذتهم في المدارس. وطبعاً يوجد في المتحف قسم عن الكواكب والشمس لكي يتعرف الأولاد على عالم الفضاء ومما يتكون، كذلك بداخل المتحف هناك قسم مخصص لمخترع الاسبرين الكيميائي الالماني <فيليكس هوفمان> الذي يعتبر أول من صنع الاسبرين، هذا الدواء الذي عمره أكثر من مئة سنة والذي من خلال مراحل تقدمه ترك آثاراً في حقول علمية، تكنولوجية وصناعية عديدة، وبالتالي يفسح هذا المعرض اليوم الفرصة لاكتشاف أصول هذا الدواء ولفهم البحث العميق والجهود المطلوبة لاطلاق منتج صيدلاني جديد في السوق، وان المواضيع المتناولة في هذا المعرض تتيح للزائر فهم واكتشاف العديد من الألغاز، وهذا طبعاً يساعد الأولاد على فهم أمور عديدة في مجال العلوم.

اقبال المدارس!

ــ وهل هناك اهتمام من قبل المدارس لارسال تلامذتها الى المتحف والاستفادة من الأنشطة التي تُقام فيه على مدار السنة؟

- هناك اهتمام وإقبال من المدارس الخاصة والرسمية على المتحف، اذ لاحظنا انه زاد الاهتمام بهذا الخصوص لأنه في السابق كنا نرسل لهم البريد وأحياناً لم تكن تلك الرسائل تصل اليهم، ولكن بفضل الرسائل الالكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي أصبحنا على تواصل دائم مع المدارس اذ نرسل اليها كل المعلومات والنشاطات التي تُقام في المتحف وبدورها ترسل تلاميذها الينا، كما ان هناك اهتماماً من قبل الأهالي لاصطحاب اولادهم الى المتحف سواء خلال الاسبوع او نهاية عطلة الاسبوع وهذا أمر مشجع وجيد، فهذا المتحف يوفر للأولاد كل ما يريدون ان يتعلموه، اذ قسم من الأولاد لا تسمح امكانيات أهاليهم بالسفر الى الخارج وزيارة متاحف علمية، كما ان هذا المتحف يوازي متاحف في اوروبا اذ أن العديد من الأجانب الذين زاروا المتحف أثنوا على أهميته وأكدوا بأنه يوازي المتاحف العلمية للأولاد في الخارج.