تفاصيل الخبر

مديرة جمعية ”Search for Common Ground“ ايميلي جاكوار:  النساء العربيات قاومن التهميش وطالبن بتغيير أوضاعهن وظروفهن!

14/07/2017
مديرة جمعية ”Search for Common Ground“ ايميلي جاكوار:   النساء العربيات قاومن التهميش وطالبن بتغيير أوضاعهن وظروفهن!

مديرة جمعية ”Search for Common Ground“ ايميلي جاكوار:  النساء العربيات قاومن التهميش وطالبن بتغيير أوضاعهن وظروفهن!

 

بقلم وردية بطرس

اميلي-جاغوار--1

ان مشكلة مشاركة المرأة السياسية في الوطن العربي جزء من مشكلة المشاركة السياسية ككل، اذ ان الوطن العربي عانى ويعاني من أزمة حرية القت بظلالها على العديد من المشاكل المتعلقة بأزمة الحكم والتنمية وغيرها من المشاكل المتفرعة عنها، ورغم ان المرأة العربية نالت حقوقها السياسية في أغلب الدول العربية منذ عقود من الزمن وشاركت في بعض هذه الدول في الحياة العامة مشاركة بارزة الا انها لم تكن بالمستوى المطلوب، اذ لم تكن مشاركة فاعلة وواعية وناتجة عن حرية حقيقية وممارسة ديمقراطية بقدر ما كانت اشراكاً للمرأة عن طريق التعبئة والأيديولوجيا، وبالقدر نفسه ايضاً لم تكن مشاركتها بفاعلية واعية عندما فُرضت الديمقراطية بالقوة من الخارج. واليوم لا يزال وضع المرأة العربية صعباً، اذ بالنسبة لتقرير <طومسون رويترز> حول وضع المرأة العربية كانت النتائج التي طرحها لاستطلاعات الرأي مذهلة وخطيرة ومحيرة، فقد أجرت المؤسسة مسحاً شاملاً لأوضاع المرأة العربية في 22 دولة عربية، شارك فيه 336 خبيراً في المواضيع الجنسانية، من بينهم ناشطون وناشطات ومتخصصون في حقوق الانسان واعلاميون وأكاديميون وعاملون في مجال الصحة والرعاية العائلية وخبراء في القانون، وكان الهدف قياس مدى التزام تلك الدول بأحكام <الاتفاقية الدولية لمكافحة التمييز ضد المرأة> المعروفة بالـ<سيداو> والتي وقّعت عليها الدول العربية مع بعض التحفظات على بند او بندين بحجة مخالفتهما للشريعة. المؤشرات التي استخدمها الخبراء لقياس وضع المرأة هي: دور المرأة في العائلة واستيعاب المرأة في المجتمع والمشاركة السياسية والاندماج الاقتصادي والحقوق الانجابية وأشكال العنف كافة التي تتعرض لها النساء، وقد جاءت النتائج كارثية بكل المقاييس مقارنة مع دول العالم قاطبة، والأمر المهم الذي كشفه هذا الاستطلاع الذي ينجز للمرة الثالثة على التوالي يكمن في علاقة دول <الربيع العربي> بحقوق المرأة، مشيراً الى ان الثورات العربية التي أطلقها الشباب والشابات أفسحت الآمال أمام حقوق أوسع للمرأة، الا ان الفوضى التي أعقبت الثورات وانتشار الخطاب السلفي عادا وأكدا الصورة النمطية للمرأة. وقد تعمد الاستطلاع القيام بعملية ترتيب للدول من الأفضل الى الأسوأ، وجاءت مصر في المرتبة 22 اي الأدنى في القائمة، يليها مباشرة العراق في المرتبة 21، فالسعودية 20، بينما حلت جزر القمر في المرتبة الأولى تليها عمان، الكويت، الأردن وقطر. وفي الوقت الذي نوجه الشكر للدول التي انخفضت فيها نسب تهميش المرأة والتحرش بها، الا اننا لا نستطيع السكوت عن أوضاع المرأة في الدول التي كانت رائدة في مجال تحرر المرأة مثل مصر وتونس وفلسطين والعراق حيث انزلقت هذه الدول الى مستويات أدنى من تلك التي أدخلت منظومة حقوق للمرأة مؤخراً مثل الكويت التي سمحت للنساء بالانتخاب والترشح في العام 2005.

وبالرغم من كل شيء، فقد برز دور المرأة بشكل لافت في الثورات العربية في تونس وليبيا ومصر واليمن حيث رمت نفسها في أتون الثورات وحجزت مقعداً متقدماً فيها رغم صعوبة طبيعة الثورات وثمنها الباهظ. فثورة <الياسمين> كانت ناعمة لوجود الجنس اللطيف فيها ولحيوية المرأة، اذ لعبت المرأة التونسية دوراً في اسقاط النظام وهي شريك فاعل وعامل أساسي في نجاح الثورة التونسية. فالمرأة لعبت وما زالت دوراً أساسياً في الانتفاضات والثورات في منطقة الشرق الأوسط، وكان حضورها الفعلي في الشوارع بمنزلة عامل مهم لاظهار قوة النساء وتأثيرهن، وكان ذلك بمنزلة اشارة واعدة، ومن الضروري ان تلعب المرأة اليوم دوراً رئيسياً في الهياكل الجديدة التي ستنبثق من هذه الثورات.

ايميلي جاكوار تشرح واقع المرأة العربية

 

فكيف تفاعلت المرأة العربية مع الثورات؟ والى اي مدى كان لها دور ومكانة؟ وهل استطاعت ان تحقق ما كانت تصبو اليه؟ وغيرها من الأسئلة طرحتها <الأفكار> على السيدة ايميلي جاكوار مديرة جمعية <Search for Common Ground> في لبنان، ونسألها أولاً:

ــ متى تأسست جمعية <Search for Common Ground>؟

- هي منظمة غير حكومية تعمل على تغيير الطريقة التي تتعامل فيها المجتمعات مع الصراعات، وقد اكتسبت الجمعية اكثر من 30 عاماً من الخبرة في مجال بناء السلام، ولدى الجمعية 35 مكتباً في جميع أنحاء العالم. وقد بدأت الجمعية عملها في لبنان في العام 1996، والمسائل التي تتناولها الجمعية متعددة مثل: النزاعات التي تنشأ داخل المجتمع اللبناني المتنوع، زيادة التوترات الناتجة عنها، وعن تدفق اللاجئين السوريين، واصلاح القطاع الأمني، وكذلك التمكين الاجتماعي والاقتصادي للمرأة. ففي كل مشروع تسعى الجمعية لاشراك جميع أصحاب المصلحة ولتعزيز القدرات المحلية من اجل احداث التغيير المستدام والتماسك الاجتماعي وزيادة العمل الاجتماعي، وذلك عبر المشاريع الهادفة الى ايجاد ممثلات عن جماعات اللاجئات السوريات وتحويلهن الى صوت اللواتي لا صوت لهن، والى رفض السلوك العنصري والتمييزي وتجاوزه. ففي خضم مشروع امتد الى سنتين وهو لم يكن سهلاً على الاطلاق اذ وفرت الجمعية مساحة لتدريب المشاركات من الجانبين السوري واللبناني على أدوات لحل النزاعات سلمياً: في البدء كان الرجال يحضرون الجلسات مع زوجاتهم، ولكنهم امتنعوا عن الحضور في النهاية لأنهم فهموا ما تحمله النساء القياديات من قيمة مضافة.

مشاركة المرأة في الثورات العربية

 

ــ كيف ترين مشاركة المرأة العربية في الثورات؟

- بالرغم من المآسي التي لحقت بالشعوب العربية منذ انطلاق ربيع الثورات العربية بدءاً من تونس ومصر وصولاً الى سوريا وليبيا واليمن، فلقد بدا حضور ومشاركة المرأة العربية فيه بارزاً حيث لم تقتصر الأدوار الرئيسية في تلك الثورات العربية على الرجل، بل لعبت المرأة العربية دوراً ريادياً في مسيرة التغيير التي اجتاحت الدول العربية. وفي الدول المحافظة كما في الدول المتقدمة لم تطغ صورة الرجل على مشهد الثورات، اذ خرجت المرأة الى الساحات وتظاهرت ورفعت الصوت عالياً مطالبة بنيل الحرية والكرامة. فانظري الى النساء في تونس ومصر كيف ملأن الساحات ووقفن بجانب الرجال في الثورة، وحتى اليوم لا تزال المــــــرأة تقف جنباً الى جنب الرجل في سوريا واليمن وليبيــــــا وغيرهـــا مــن الــــــدول للمطالبــــة بالتغيير، ولم تمنع التقاليـــــد المحافظـــــــة والأعـــــــراف الاجتماعية في معظم الدول العربية المرأة من المشاركة في دعم هذه الثورات والحملات.

ــ كيف ترين النساء في لبنان وسوريا؟

- لقد اتفقت النساء السوريات واللبنانيات على وضع النزاع جانباً ليعملن سوياً ويحددن المشكلات والاحتياجات المشتركة عند الطرفين، إلا انه ما زال هنالك الكثير من العمل لتمكين النساء السوريات واللبنانيات، خاصة وان الحوار بينهن لايجاد ما هو مشترك ضروري جداً لتصل الفائدة الى الطرفين، من دون ان نهمل جانباً دعم شركائهن الرجال. وبالعودة الى ليبيا ما بعد الثورة، فالتهميش بالسلوك التمييزي الموجه ضد فئة معينة من المجتمع قائم في معظم الأحيان على أساس جندري في المجتمع العربي، وفي الوقت نفسه ان تمكين المرأة قد لا يكون كافياً، لأنه أحياناً لا يغير المجتمع برمته بل الفرد نفسه، لكنه خطوة أساسية وضرورية لتحسين أوضاع النساء بشكل عام. وبالفعل قاومت بعض النساء هذا التهميش خلال الثورة الليبية، وطالبن بتغيير أوضاعهن وظروفهن، وقد رفعت النساء الليبيات أصواتهن وطرحن مواضيع مثل الاغتصاب خلال الحرب، لكن هذا النقاش تراجع بعد الثورة لأن المواضيع الأمنية أخذت الحيز الأكبر من الاهتمام، كما استخدمن وسائل التواصل الاجتماعي لايصال أصواتهن وتوثيق نضالهن اليومي واثبات انهن وكيلات عن 0frauen-tunis-picture-alliance---2أنفسهن.

وعن الدور النسائي في ثورة مصر تقول:

- الدور النسائي البارز جداً في ثورة مصر ما زال متأججاً وواضحاً حيث رأينا النساء في قلب ميدان التحرير يتحركن ويناضلن ويصرخن بكل قوة مرددات شعارات الثورة نفسها المطالبة بترحيل النظام ومحاكمة الفساد، سواء كانت المرأة منقبة او محجبة او غير محجبة، بالجينز أو بالعباءة، مسلمة او قبطية، فالكل اجتمع على هدف واحد ان تعيش مصر. وبعد اتهامات طويلة للمرأة بأنها مغيبة عن العمل السياسي والعمل العام، الآن يعود لمصر وجهها المضيء وتعود للمرأة صورتها الحقيقية مع وجوه مشرقة كانت ضمن المشاركين في ثورة <يناير>، فلقد نزلت المرأة المصرية بأعداد كبيرة الى ميدان التحرير، مستوحية ذلك من الانتفاضة التونسية التي أطاحت بزين العابدين بن علي وظلت لأسابيع عدة ماكثة في الميدان للمطالبة بتنحي مبارك، الأمر الذي تحقق يوم 11 شباط (فبراير) بعد 30 عاماً في السلطة. والحقيقة التي يغفل عنها كثيرون من الناس أن من كان له الريادة في النداء الأول للثورة، كانت امرأة وهي <أسماء> تلك الفتاة المصرية التي نادت للثورة على <الفايسبوك>، فقد كان لها السبق، والذي يسبق لا يُقارن بأحد، وهذا لا يعني ان نبخس بدور الشباب الأبطال الذين فعّلوا نداء الثورة، انما هذا هو تحديداً دور المرأة المصرية في ملحمة الثورة المصرية الحديثة، وقد أكملت مشوارها بجانب الرجل وستكمل المشوار حتى يتم النجاح الكامل للثورة... فالمرأة المصرية وقفت خلال الثورة الى جانب الرجل في ميدان التحرير وفي محافظة الاسكندرية وفي السويس والاسماعيلية وفي جميع المدن المصرية حيث رفعت اللافتات ونادت بالشعارات ونالت أيضاً نصيبها من القنابل المسيلة للدموع والرصاص المطاطي والحي، وهي أيضاً التي داوت الجرحى سواء كانت طبيبة او متطوعة، وأمنت الغذاء للثوار وساعدت في عملية تأمين الميدان كما اشتركت في تنظيف الميدان بعد ذلك، والأهم من هذا كله أنها نالت شرف الاستشهاد مثلها مثل شباب الثورة، كذلك فان الجمعيات النسائية والمرأة بصفة عامة، كان لها دور كبير وواضح في أحداث الثورة حيث خرجت من عزلتها وشاركت الرجل وأثبتت انها تستطيع ان تتحمل وتصبر على الصعاب، وذلك من خلال قدرتها على الاعتصام لمدة 18 يوماً متواصلة، علماً ان الأدوار على كاهل المرأة متعددة ومتشعبة، ولهذا يجب ان تحدث التوازن المطلوب بينها حتى لا يطغى دور على آخر، ونطالب اياها بأن تفعّل من دورها السياسي في المجتمع بصورة أقوى وأوضح، خصوصاً في ظل غياب نظام <الكوتا> الذي يتيح للمرأة تمثيلاً جيداً في البرلمان.

وعن وسائل الاعلام تشرح:

- لقد اعتمدت وسائل الاعلام الحديث والقديم وحتى التقليدي العربي والأجنبي على تصريحات المرأة العربية في مختلف التقارير والنشرات الاخبارية لما له من تأثير على الرأي العام وفي تحريك مشاعر الشعوب، وكانت مختلف الكاميرات وأقلام الصحافيين تتلقف تحركات المرأة داخل ساحات التغيير للاستناد الى تصريحاتها خصوصاً اللواتي ينشطن منهن اعلامياً او قانونياً، وفي كثير من الأحيان يتم التركيز على الناشطات في <الفايسبوك> والمدونات الاخبارية وحتى مقاطع الفيديو المنشورة على صفحات المواقع الاجتماعية التفاعلية حيث تمثل المرأة فيها النسبة الأكبر بتصريحاتها وصرخاتها في وجه الأنظمة الديكتاتورية، فكانت الحلقة التي لا تستطيع وسائل الاعلام الجديدة والقديمة الاستغناء عنها. هذا من الجانب العام، أما من الجانب الرسمي فان مختلف القنوات الاخبارية اعتمدت على مراسلات بالجملة من ميادين التغيير وأماكن الاحتجاج، واستضافت لديها او اتصلت هاتفياً بأنشط النساء في المجتمع ومن مختلف القطاعات، فكانت ناقلاً خالصاً لتطلعات الشعوب حيث حللت الوضع وأعطت نظرتها وتطلعاتها وتحليلها لما ينتظر الدول المنتفضة من الجانبين الداخلي والخارجي. ولعل مشاركة المرأة العربية في الانتفاضات الشعبية لم تقتصر على الصراخ والهتافات ورفع الشعارات المنددة والمطالبة باسقاط الأنظمة العربية، بل طالت ايضاً الطبخ والعلاج والتنظيف والدعاية وغيرها من العمليات التي رافقت الثورة الشعبية، وقد وجد المتظاهرون النساء على قدم وساق يحضرن الطعام يوم تسجيل شح في الغذاء عند محاصرة أماكن الاحتجاجات.