تفاصيل الخبر

مديــرة ”أيــام بيــروت السينمائيــة“ زينــة صفيــر: مــا اضـيــق امــل الـمـهـرجـــان لـــولا ارادة الـشـبــــاب!  

24/03/2017
مديــرة ”أيــام بيــروت السينمائيــة“ زينــة صفيــر:  مــا اضـيــق امــل الـمـهـرجـــان لـــولا ارادة الـشـبــــاب!   

مديــرة ”أيــام بيــروت السينمائيــة“ زينــة صفيــر: مــا اضـيــق امــل الـمـهـرجـــان لـــولا ارادة الـشـبــــاب!  

بقلم عبير انطون

1

<السينما والهجرة> شكلا محور الدورة التاسعة من <أيام بيروت السينمائية> التي تعقد مرة كل عامين في تنسيق ما بين <جمعية بيروت دي سي> ومؤسسة <سينما لبنان>. هذه <الايام> اثبتت حضورها في المشهد السينمائي اللبناني، وهي، بفضل اهتمام القيمين على تقديمها على الرغم من الصعوبات الجمة، تسعى الى جانب سينمائيين لبنانيين جدّيين الى تحويل هذا الفن صناعة فعلية في بلد لا يشارك مميزوه بمهرجان من حول العالم الا ويعودون منه بجوائز رفيعة، ما يساهم في ترسيخ الثقة ما بين اللبناني وسينما بلده. فما الذي ميز دورة هذا العام، وما كانت حصة اللبنانيين فيها؟

<دورة بلا تمويل>، انها الصعوبة الاكبر لـ<ايام بيروت السينمائية> لهذا العام بحسب مديرته الفنية المخرجة زينة صفير من <جمعية بيروت دي سي>. فمن يرى اسماء الرعاة في الاعلان عن موسمنا يعتقد اننا <فوق الريح>، تقول زينة التي تقدم، كما جميع العاملين على الدورة جهدها ووقتها بشكل مجاني، يساندهم في ذلك شباب عرب بينهم اصدقاء من تونس وغيرها. اما <مؤسسة سينما لبنان> فهي تدعم المهرجان مشكورة، في حين ان مساهمة وزارة الثقافة معنوية تمثلت ليلة الافتتاح بشخص وزير الثقافة الدكتور غطاس خوري على امل ان يقترن المعنوي بالمادي في الدورات المقبلة.

وتزيد صفير:

- الشباب ابوا الا ان تنظم هذه الدورة ما يعطينا املا كبيرا بالاستمرار لانهم يرون في <ايام بيروت السينمائية> واحة ثقافة يجب ان تبقى وسط الجو الثقيل من كل جهة الذي يعيشه اللبنانيون. كذلك، فان المهرجان يقدم الى جانب عرض الافلام، لقاءات مع مخرجين وعاملين في الحقل السينمائي اوروبيين وغيرهم يمكنهم ان يساعدوا اللبنانيين في مختلف مجالات السينما بينها العثور على التمويل المشترك، وهذا ما تشهد عليه اللقاءات التي تمت لهذه الدورة في <بيت بيروت> تحت عنوان <ملتقى بيروت> باجازة من بلدية العاصمة التي اتاحت اللقاء تحت سقفها. وقد حضر لهذا العام 16 مخرجا من حول العالم يعملون على تنفيذ مشاريعهم السينمائية (الروائية والوثائقية الطويلة) في المنطقة العربية، وأكثر من 30 خبيرا متخّصصين في المجال أيضا، ويقدم اللبنانيون المشاريع على الورق بحيث تقوم لجنة تحكيم في ختام الملتقى باختيار المشاريع الفائزة لمنحها جوائز.

4ــ ماذا عن الصالات التي تفتح أبوابها للمهرجان؟

- <الله يخليلنا> صالة <متروبوليس> وهي شريك يقدم تعاونا حقيقيا عبر هذه الصالة، ولا بد من شكر مدير سينما <اسواق بيروت> حماد الاتاسي على رحابة صدره. كذلك فقد كان لنا تعاون جميل مع صالة <دواوين> للافلام التجريبية، فضلا عن تعاون مع <متحف سرسق> و<المركز الثقافي الفرنسي>.

 وعما اذا كانت زحمة المهرجانات السينمائية التي تشهدها العاصمة سببا في حجب التمويل عن <أيام بيروت السينمائية> تنفي صفير الامر مؤكدة أن لكل مهرجان اختصاصاً ما يفتح للمشاهد مروحة الاختيار الاوسع، فهذا التنوع يشبه العاصمة التي تحتضنه ومن الضروري ان يبقى ويستمر.

وقد قدّم برنامج الدورة التاسعة من «أيام بيروت السينمائية» مجموعة من الأفلام العربية والعالمية الحديثة أو التي حازت جوائز مهمة، مع فتح نافذتين على <سينما المنفى> و<سينما الفؤاد وهي شملت باقة من الافلام التونسية والمصرية واخرى من الجزائر والمغرب وسوريا، على ان يختتم الليلة ( 24 آذار) بالفيلم الوثائقي الفلسطيني <اصطياد اشباح> لرائد انضوني الذي فاز بجائزة <أفضل وثائقي> في <مهرجان برلين السينمائي الدولي> 2017 وبخمسين الف يورو، ويتناول الفيلم اعتقال فلسطينيين من قِبَل الإسرائيليين مع ابراز ظروف الاعتقال، وآليات التحقيق، والزنازين التي يُسجن فيها المعتقلون الفلسطينيون.

ولا بد من الاشارة ايضا انه جرى في المهرجان عرض خاص للفيلم المصري «مولانا» لمجدي أحمد علي بعد أن أحجم منتجو الفيلم عن عرضه في الصالات اللبنانية بسبب طلب الأمن العام حذف بعض المشاهد منه والتي اعتبرت أنها تثير النعرات الطائفية. ويستند الفيلم إلى رواية الكاتب الصحافي إبراهيم عيسى والتي تحمل الاسم نفسه، وتدور أحداثه حول الشيخ <حاتم> الذي يعد أحد الدعاة الاسلاميين النافذين عبر وسائل الاعلام، والذي تربطه علاقات وثيقة Aبرجال السياسة، وتأثير كل ذلك على صدقيته أمام جمهوره.

 

<ميّل يا غزيل>..

 

الافلام اللبنانية من «بيت البحر» لروي ديب، الى «أوبنتو» لكرستيان أبو عبود، و«فيما بعد> لوسام شرف، و<يا عمري> لهادي زكاك وغيرها كانت جميعها لافتة وان بتفاوت، فيما حظي باعجاب كبير الفيلم الوثائقي <ميّل يا غزيل> لكاتبة سيناريو الفيلم ومخرجته والمشاركة في انتاجه اليان الراهب والتي حازت عنه <جائزة لجنة التحكيم> في <مهرجان دبي السينمائي> العام الماضي. اليان صاحبة الباع الطويل في الافلام الوثائقية والتي قدمت سابقا الفيلم الرائع <ليال بلا نوم> عن المفقودين اللبنانيين خلال الحرب والمقابر الجماعية، تصطحب المشاهد هذه المرة الى اعلى الجرود اللبنانية لتتناول قصة <هيكل> الذي يحمل في شخصه وطريقة عيشه وصموده، أكثر من رسالة، وفي أكثر من اتجاه.

عن الفيلم تقول اليان الراهب لـ<الافكار> انها تعرفت بـ<هيكل> عبر صديقة لها تمارس رياضة المشي في تلك الاعالي حيث تعرف المنطقة بـ<الشنبوق> وهي من أعلى المناطق الجردية في عكار. <هيكل> المزارع المسيحيّ الستّيني يعيش بمفرده ويعمل بيديه في تلك الارض التي لا يتركها على الرغم من كل ما يواجهه فيها يوميا من غبار الكسارات المجاورة وكساد المواسم الزراعية والتوتّرات الطائفيّة حيث قرر البقاء فيها واسس مزرعة ومطعما.

يحيا <هيكل> في تناغم تام مع نفسه عند جرود بلدة القبيات حيث تبعد المسافة اليها حوالى عشرين دقيقة والامر مماثل للبلدات التي فوقه، وهي ايضا تبعد عن سوريا كيلومترات قليلة. هذا القرب الجغرافي حيث تتقاطع الحدود جعل المنطقة تتأثر بكل ما يجري فيها حتى ان دوي القصف كان يسمع فيها اثناء التصوير. وقد انعكست تداعيات الازمة السورية على هذه البقعة حيث كان السكان يتبادلون التجارة ويشترون المواشي في علاقات قديمة ومفتوحة، ما اثر على الجانبين، الا ان ذلك كله ما زاد <هيكل> إلا اصرارا على البقاء في أرضه لان دوره في رأيه هو أكبر من أيّ وقت مضى: عليه أن يبقى، ويُبقي مشروعه الخاص ويحميه، ويدافع عن العيش المشترك بشكلّ فعليّ بيديه اللتين لا 5تملان من العمل في الأرض التي يحبّ.

 قبل الانطلاق بفكرة الفيلم لعرضها عليه <بنيت مع هيكل نوعا من الثقة> تقول اليان. <قمت بالعديد من الابحاث عن المنطقة، فجاءت موافقة <هيكل> بسلاسة ما جعل التصوير سهلا، وهو خلا من كل صعوبة باستثناء طول الطريق التي تؤدي الى الموقع.

انجز الفيلم الذي هو من انتاج لبناني ــ اماراتي مشترك، وعنه استحقت اليان <جائزة لجنة التحكيم> في <مهرجان دبي للعام 2016> وتقول: <الجائزة مدتني بالمعنويات وشحذت همتي، لانني اردت ان تصل قصة <هيكل> الى جميع الناس>. اما العروض السينمائية فلا زالت غير مقررة وقد يكون التلفزيون هو السبّاق لعرضه.

 

و<ربيع> أيضا..

 

 الى <هيكل> في <ميل يا غزيل>، كان <ربيع> فيلم المخرج <فاتشي بولقورجيان> الذي عقد لواؤه للافتتاح وسبق له المشاركة في «أسبوع النقاد» بـ<مهرجان كان السينمائي» في فرنسا بدورته الـ 69 في أيار (مايو) الماضي فحصد <جائزة السكة الذهبية» التي تُعطى من قبل <جمعية موظفي سكك الحديد المحبين للسينما»، ونال ايضا <جائزة أفضل فيلم روائي> في «مهرجان براتسلافا السينمائي الدولي 2016»، و<جائزة لجنة التحكيم الخاصة> في «مهرجان بروكسل لسينما البحر المتوسط» عام 2016.

 يحكي <ربيع> قصة شاب من شمال لبنان موسيقي ضرير تتغير حياته بلمح البصر لدى اكتشافه عن طريق المصادفة أثناء استخراج أوراقه الرسمية للسفر مع فرقته الموسيقية أنه ابن بالتبني، فيبدأ رحلة طويلة للبحث عن جذوره 2وليفهم السبب الذي جعله يعيش في كنف عائلة ليست في الحقيقة عائلته.

الممثلة جوليا قصار التي لم تكن تتوقع حصولها على <جائزة افضل ممثلة> عن الفيلم في مسابقة <المهر الطويل> في <مهرجان دبي السينمائي الدولي> بنسخته الثالثة عشرة، تقول ان الفيلم لا يمكن الا ان يؤثر لانه يعني كل شخص لبناني ان كان من ناحية الحبكة او الرسالة منه، <بالنهاية دوري يظهر شخصية امرأة مريضة ومثقلة من ماض ثقيل فتضطر ان تكذب على ابنها بالتبني وتختلق له القصص لاقناعه بها>.

<ربيع> لعب دوره بركات جبور ببراعة وهو شاب ضرير فعلا، كان يقرأ النص ويتدرب عليه من خلال لغة <البريل> الخاصة في اول تجربة له بمجال التمثيل.

 <التجربة أسعدتني في العمق يقول بركات ومن خلالها امكنني ايصال الصوت، اما اختيار المخرج لي فجاء بعد تعارف تم اثناء مشاركتي في عمل كنسي، فتحمس لفكرة ان يكون الشاب الذي يبحث عن هويته كفيفا، اذ انه في النص يفقد بصره في الحرب ويكتشف انه ابن بالتبني، ليطارده سؤال: من انا؟ وماذا حصل؟ وفي محاولته الدؤوبة للوصول الى حقيقته يجتاز <ربيع> الكثير من المراحل الصعبة والمضنية في حقل من الاكاذيب>.

 اجمل ما في الفيلم برأي بركات انه يقدم موضوعا لولبه شخصية من ذوي الاحتياجات الخاصة بعيدا عن الشفقة، فنراها في نقاط قوتها وضعفها.

و<ربيع> او بركات في الواقع هو موسيقي بالاساس الا انه لن يقفل الباب على اي دور تمثيلي يطرح قضية انسانية هادفة كالتي طرحها فيلم <ربيع> ان لناحية <الهوية الضائعة> او لناحية ايصال رسالة ذوي الاحتياجات الخاصة وما  يمكن ان تكون عليه قدراتهم وفي اكثر من مجال يملؤون بها <ايامهم في السينما او في سواها>..