تفاصيل الخبر

مديـــــر الـ”FBI“ فــي بـيــــروت: أولويـــة الاهتمـــامـــات تعزيز التعاون مع الجيش... ومكافحة الإرهاب والتهريب!

28/09/2018
مديـــــر الـ”FBI“ فــي بـيــــروت: أولويـــة الاهتمـــامـــات  تعزيز التعاون مع الجيش... ومكافحة الإرهاب والتهريب!

مديـــــر الـ”FBI“ فــي بـيــــروت: أولويـــة الاهتمـــامـــات تعزيز التعاون مع الجيش... ومكافحة الإرهاب والتهريب!

تحت عنوان <تعزيز التعاون>، اندرجت زيارة مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي <FBI> السيد <كريستوفر راي> لبيروت الأسبوع الماضي والتي التقى خلالها كبار المسؤولين اللبنانيين ولاسيما رؤساء الجمهورية والمجلس النيابي والحكومة، ورافقته في زيارته السفيرة الأميركية في بيروت <اليزابيت ريتشارد> وأعضاء فريق عمله الذي انتقل معه من واشنطن في أول زيارة له للبنان منذ تعيينه قبل بضعة أشهر على أثر الخلاف الذي نشأ مع سلفه <جيمس كومي> والرئيس الأميركي <دونالد ترامب> الذي قال عنه <كومي> بأنه غير مؤهل أخلاقياً ليكون رئيساً للولايات المتحدة الأميركية ما أدى الى إقالته!

لقد تهيّب المسؤولون في لبنان الموقف عندما وردت رسالة السفير اللبناني في واشنطن غبريال عيسى المتضمنة خبر زيارة <راي> لبيروت، نظراً لتزامنها مع الحملة الأميركية المتزايدة على حزب الله وإيران في شأن دورهما في الحرب السورية من جهة، ولاتهامهما أميركياً بالارتباط مع المجموعات الإرهابية. وضرب المسؤولون في لبنان أخماساً بأسداس حول مهمة مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي واستعدوا لـ<مواجهته> كل حسب المعيار الذي يراه مناسباً من دون أي تنسيق مسبق في المواقف وفي ردود الفعل إزاء ما يمكن أن يطرحه <الضيف الأميركي> من مواقف تعبّر عن توجهات إدارة الرئيس <ترامب> ورغباته التصعيدية حيال طهران وحزب الله. إلا أن المحادثات التي أجراها <راي> في بيروت واللغة التي تحدث بها أراحت الى حد ما المسؤولين اللبنانيين الذين استطاعوا <التكيف> مع أسلوب المسؤول الأميركي الذي اشتهر بـ<الكتمان> من جهة، وباعتماد سياسة أمنية ديبلوماسية في مقاربة المواضيع الدقيقة التي تثيرها الادارة الأميركية في هذه الأيام من جهة ثانية.

رغبة أميركية بالتعاون!

 

وتحدثت مصادر مطلعة على وقائع زيارة <راي> عن أن المسؤول الأمني الأميركي الأبرز حرص خلال لقاءاته على التأكيد على سلسلة ثوابت في الموقف الأميركي، أبرزها رغبة واشنطن في أن يستمر التعاون مع لبنان في مكافحة الإرهاب خصوصاً بعد الانتصارات التي حققها الجيش اللبناني في مواجهة المجموعات الإرهابية المنتمية الى تنظيم <داعش> و<جبهة النصرة> في الجرود البقاعية والتي انتهت بدحر هؤلاء الإرهابيين، فيما يتواصل العمل على <مطاردة> ما يُعرف بـ<الخلايا الإرهابية النائمة> التي تتحيّن الفرص لتنفيذ ضربات إرهابية، وذلك باعتراف عدد من الإرهابيين الذين وقعوا في قبضة الجيش والقوى الأمنية الأخرى وأدلوا باعترافات كثيرة عن مخططات مشبوهة كانت تستهدف أماكن تجمع ومؤسسات تجارية ونقاطاً يكثر فيها الناس، وذلك بهدف إيقاع أكبر عدد ممكن من الإصابات وبث الرعب والقلق في النفوس. وفي هذا السياق، حرص <راي> على التأكيد على أهمية تبادل المعلومات الاستخباراتية والتقارير التي تساعد في استباق أي عمل إرهابي مهما كان حجمه، ما يجنّب لبنان أي خطر. ولعلّ الخطوة الأبرز في هذا المجال، كان القرار الذي أبلغه <راي> للمسؤولين اللبنانيين الذين التقاهم والمتمثل بزيادة فعالية مكتب الـ<FBI> في السفارة الأميركية في عوكر وتعيين مسؤول عنه له مكانته الأمنية والحضور الاستخباراتي اللافت.

كذلك أكد <راي> أن بلاده سوف تواصل دعم الجيش عدة وتدريباً خصوصاً بعدما أثبت هذا الجيش قدرات قتالية باهرة، وتجاوب أفراده مع برامج التدريب التي يتولاها ضباط أميركيون منذ ما يزيد عن سنة، وقد استطاع هؤلاء تدريب عدد لا بأس به من الضباط والعسكريين اللبنانيين خصوصاً في أفواج النخبة و<القوة الضاربة> والألوية المقاتلة، وكانت المناورات المشتركة التي نفذت خلال الفترة الماضية وسط متابعة أميركية مباشرة خير دليل على نجاح رجال المؤسسة الوطنية اللبنانية في <انتزاع> اعجاب مدربيهم الأميركيين على نحو لافت. وأتت التطمينات الأميركية التي نقلها <راي> عن استمرار الدعم الاميركي للجيش لتناقض بعض التوجهات الأميركية، خصوصاً في الكونغرس، التي تنادي بتقليص نسبة التعاون بين الجيشين الأميركي واللبناني والحد من تزويد لبنان بالخبرات والمعدات والتجهيزات المطلوبة لتطوير الجيش اللبناني وتعزيز قدراته العسكرية العملانية.

مسألة ثالثة شدّد عليها <راي> في لقاءاته مع المسؤولين اللبنانيين، تنطلق بالتشدّد في ضبط عمليات تهريب الآثار والقطع النادرة التي تزايدت مع توسع الحرب السورية وتدمير تنظيم <داعش> والمجموعات الارهابية الأخرى المعالم الأثرية في كل من سوريا والعراق، ومحاولة الإتجار بهذه الآثار لمقايضة أسعارها بشراء أسلحة توضع في عهدة الإرهابيين لمواجهة الجيش السوري وحلفائه في حربهم لإلغاء وجود <داعش> وأخواته... وفي هذا السياق، سمع الموفد الأميركي الأبرز تطمينات من الجانب اللبناني حول التشدّد في مكافحة الإتجار بالآثار والمعالم الحضارية في لبنان. ولم تغب عن بال المسؤول الأميركي محطات عدة استذكرها وهو يتحدث عن دور لبنان وحضوره في الداخل والخارج.

أما النقطة الرابعة التي ركز عليها <راي> فتمحورت حول تطبيق بنود التعاون الامني بين الولايات المتحدة الأميركية ولبنان في مجالات كافة، خصوصاً لجهة التعاون للحفاظ على التراث الثقافي والحضاري، وقد أعرب <راي> عن استعداد بلاده لتقديم كل المعلومات الموثقة حول عمليات تهريب الآثار والدول التي ترسل إليها هذه الآثار المهرّبة، خصوصاً أن تعاوناً مماثلاً حصل بين لبنان والـ<FBI> في مناسبات أخرى، وأسفر عن إعادة كميات كبيرة من الآثار المسروقة من سوريا والعراق، وبعضها أيضاً من لبنان. ولعلّ هذا التعاون كان مدخلاً للمسؤول الأمني الأميركي الأبرز لشكر لبنان على توفير السلام والأمان للأميركيين في لبنان والذين لم يتعرض أي منهم - كما قال رئيس الجمهورية العماد ميشال عون للسيد <راي> - لأي أذى وهم يتجولون في المناطق اللبنانية كافة من دون أي خوف وحذر، على رغم البلاغات التحذيرية التي تصدر من حين الى آخر عن الخارجية الأميركية والتي تطلب فيها من الأميركيين في لبنان توخي الحذر في تنقلاتهم.

وتقول المصادر المطلعة على وقائع زيارة <راي> أنه تفادى خلال محادثاته مع المسؤولين اللبنانيين التطرق مباشرة الى حزب الله أو ايران، أو الى العقوبات الأميركية بحق الطرفين الحليفين، وإن كان ألمح في بعض عباراته الى خطورة ازدياد التعاون بين تنظيمات إرهابية و<دول داعمة> لها، من دون أن يطلب من الجانب اللبناني أي شيء مباشر. وفسّر ديبلوماسيون في السفارة الأميركية في بيروت هذا <الانكفاء> بالقول أن لا حاجة للتذكير دائماً بالمواقف - الثوابت لدى الإدارة الأميركية التي يعرفها لبنان جيداً لكثرة تكرارها، ويتصرف على نحو يجمع فيه بين الطلبات الأميركية والخصوصية اللبنانية لاسيما في ما يتعلق بدور حزب الله السياسي والعسكري على حد سواء. وتؤكد المصادر أنه على رغم حصول زيارة <راي> بعد يومين من المواقف التصعيدية التي أطلقها الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في ذكرى عاشوراء، إلا أن مداخلات <راي> - وكانت قليلة نسبياً إذ هو يحب الإصغاء وليس الكلام - خلت من أي إشارة مباشرة إليها، وإن كان ردد عبارات معروفة الأهداف والغايات، لكنه آثر عدم الدخول في التفاصيل لعلمه بأن الجانب اللبناني يجد إحراجاً في أي موقف يتخذه من حزب الله أو قيادته السياسية والروحية.

وتوقعت المصادر نفسها أن يشهد التعاون العسكري الأميركي - اللبناني في مرحلة ما بعد زيارة <راي> تطوراً مهماً يخدم مصالح الشعبين الصديقين، ويحد من مضار انحراف السياسة الأميركية نحو اسرائيل.