تفاصيل الخبر

مدينة جبيل من أكثر الوجهات السياحية ارتياداً في لبنان...

14/06/2019
مدينة جبيل من أكثر الوجهات السياحية ارتياداً في لبنان...

مدينة جبيل من أكثر الوجهات السياحية ارتياداً في لبنان...

 

بقلم وردية بطرس

 

تتميز مدينة جبيل الواقعة على الساحل اللبناني والتي شهدت على الحضارة الأشورية والبابلية والفارسية والرومانية والبيزنطية والصليبية والعثمانية بأنها من أقدم المدن المسكونة في العالم... لقد صدّرت جبيل الأبجدية الفينيقية للعالم، واشتهر أبناؤها بالتجارة وبصناعة الفخار والسفن من خشب الأرز... وتعّد المدينة من أشهر وجهات السياحة في لبنان فهي مليئة بالمواقع الأثرية في لبنان، كما صنفتها <اليونيسكو> كموقع تراث عالمي في العام 1984... فزائر جبيل يستمتع بالأماكن الأثرية المفتوحة والآثار التي تعود للعصر الحجري، كما تضم المدينة القلاع ومنها القلعة البحرية، القلعة الصليبية والقلعة الفارسية، وأيضاً المتاحف ومنها متحف موقع جبيل، ومتحف ذاكرة الزمن ومتحف الشمع، أما عن الجانب الترفيهي في مدينة جبيل فيتمثل في شاطىء البحر المتوسط ومنتجعاته، كما تشتهر مدينة جبيل بالمهرجانات والاحتفالات على مدار السنة، وأهم تلك المهرجانات هو مهرجان بيبلوس الدولي الذي يستقطب العديد من الفنانين والعازفين من العالم العربي والغربي.

 

اليس اده: جبيل حكاية لا تنتهي!

ومهما قيل وكُتب عن جبيل يبقى لأهلها حكايات وذكريات جميلة عن هذه المدينة التي تأسر قلوب الجميع من مختلف الطوائف والجنسيات والأعراق. وكم جميل عندما تسمع من سيدة أميركية كم تعشق جبيل وذلك منذ اللحظة الأولى لزيارتها للبنان في العام 1973، انها السيدة أليس اده زوجة السياسي ورجل الأعمال روجيه اده التي كرّست حياتها لدعم الازدهار في جبيل، اذ أحيت الحرف اللبنانية، ودعمت المنتجين المحليين، وأشركت المنظمات غير الحكومية في أنشطة عديدة، كما عملت على تمكين المرأة والمحافظة على ريادتها المحلية، وناضلت من أجل الحفاظ على تراث لبنان التاريخي.

<الأفكار> التقت السيدة اليس اده داخل منزلها الرائع الكائن في قرية اده والمحاط بالأشجار والزهور لنتحدث عن تأثرها بالتراث اللبناني وافتتانها بمدينة جبيل فتقول:

- اعتقد من المهم عندما تزورين بلداً وتلتقين بأناس ان تطرحي الأسئلة عن التقاليد في ذلك البلد. وهذا ما فعلته، اذ تعرّفت على التقاليد والعادات اللبنانية من خلال التواصل مع أهالي جبيل. لقد زرت لبنان للمرة الأولى في العام 1973 اذ التقيت

بزوجي روجيه اده، ثم تزوجنا في العام 1975 ولكننا غادرنا لبنان عندما اندلعت الحرب، اذ تنقلنا ما بين السعودية وانكلترا ومصر وفرنسا والولايات المتحدة اذ كانت لدى زوجي أعمال في الخارج، ولكنه أراد ان يبني منزلاً لنا في قرية اده لأنه كان متعلقاً ببلده كثيراً. وخلال الحرب اللبنانية أقمنا في واشنطن لمدة 22 سنة اذ كان اللبنانيون يلتقون في منزلنا. وفي أحد المرات أُقيم معرض للحرف شاركت فيه زوجات السفراء العرب في واشنطن، اذ كانت كل السفارات مشاركة فيه ما عدا السفارة اللبنانية وسألت: لماذا لبنان غير مشارك؟ فتفاجأت انه لم يكن هناك من يقوم بهذه الأعمال الحرفية ليشارك في ذلك المعرض. وفي تلك الأثناء كنت اتردد على لبنان لأننا كنا نبني هذا المنزل الذي تطلب بناؤه 20 سنة، وبدأت اقصد القرى اللبنانية لآخذ معي الأعمال الحرفية الى واشنطن لكي يتعرف الناس هناك على الحرف اللبنانية. وأيضاً اثناء زيارتنا للبنان كنت أرافق زوجي للقيام بالواجبات الاجتماعية لأتعرف أكثر على الناس.

وعن عشقها لجبيل منذ زيارتها الأولى لهذه المدينة حكاية تقول:

- أتيت الى لبنان في العام 1973 لأزور صديقتي الأميركية <كارلا هانت> اذ كانت مصورة في <ناشيونال جيوغرافي>، وهي عرفّتني على روجيه لأنه كان محاميها. واول مدينة قصدتها بعد بيروت كانت جبيل فانبهرت بجمالها وارثها الحضاري، كما انها مدينة ودودة تجعل الزائر يرغب في اكتشافها من خلال المشي في طرقاتها الصغيرة والجميلة وتسلق الأدراج وما شابه. ومن الذكريات الجميلة التي احتفظ بها أنه ذات يوم كنا نقيم في فندق لحين انتهاء بناء المنزل، وكان زوجي منهمكاً باجتماع، فخرجت للقيام بجولة في المدينة واشتريت الكعك الجبيلي الشهير مع اللبنة والزيتون الأخضر، فكان بالنسبة الي أطيب غداء ولا ازال اتناولها بشهية...

 

تنشيط جبيل سياحياً!

وعن تنشيط السياحة في جبيل تشرح:

- عندما عدنا الى لبنان في العام 1999 بعد انتهاء الحرب قال زوجي: أود ان أقدم شيئاً لمدينة جبيل، ففكر باقامة مشروع لتشجيع الاقتصاد في المدينة وتأمين فرص عمل للشباب، فأول فكرة راودته هي خلق ما يشبه <Silicon Valley> ولكن لم يقدر ان ينفذ هذا المشروع بسبب الوصاية السورية، عندها قرر ان يعمل على مشروع سياحي في المدينة. ففي العام 2000 لم تكن جبيل كما ترينها اليوم اذ لم تكن هناك مشاريع سياحية ومطاعم ومقاه تستقطب الزوار، بل الزائر كان يقصد القلعة والمرفأ ويتناول الطعام في مطعم <بيبي عبد> ويغادر، فعندها قلنا يجب ان نأتي بالناس الى هذه المدينة القديمة، فأولاً أنشأ روجيه منتجع <اده ساندز> في العام 2000، وبذلك خلقنا فرص عمل للشباب، كما ان الأهالي شعروا بالسعادة لأن أولادهم لن يضطروا ان يقصدوا بيروت لتناول العشاء والسهر فيها والقيادة ليلاً. كما عملنا على انشاء حديقة مليئة بالزهور. وفي العام 2004 قررنا ان نفتح مطعماً في السوق القديم، اذ لدينا هناك <eCafe EddeYard & eBaladi> ولدينا مكتبة تدعى <جبران لبنان> لأن جبران خليل جبران أحب لبنان كثيراً. ولكن بالرغم من ذلك قلنا لا يزال هناك امر ناقص، عندها ادركت ان المدينة تنقصها الزهور فبدأنا نزرع الزهور، واليوم عندما تقومين بجولة في السوق القديم تجدين الزهور في كل مكان. كما لدي <Herbs shop> (محل للأعشاب وغيرها)، وأيضاً <اكسسوارات اليس اده>، وكل شيء يُعرض في المحل مصنوع في لبنان، اذ أشجع الصناعة اللبنانية وأقوم بجولة على الحرفيين وادعوهم للعمل معي. مثلاً منذ سنتين طلبت من سيدة من عمشيت ان تقوم بتعليم السيدات كيف يصنعن السلل اذ اقامت شهراً هنا لتعليمهن، والآن هناك سيدات يصنعن السلل وبدوري استخدمها في مطعمي لسلة الخبز، وايضاً تُستخدم في الغرف في منتجع <اده ساندز>.

وتتابع:

- وفي كل عام يُقام مهرجان بيبلوس الدولي، وقبل هذا المهرجان كان يُقام احتفال صغير من الجانب الأثري وكان جميلاً ثم بدأت <UNESCO Square> تنظم احتفالاً راقصاً وعملاً مسرحياً في قلب المدينة القديمة. وهناك مركز <International Center for Human Sciences> (CISH) حيث تتولى رئيسة المركز دارينا صليبا ادارة جلسات نقاش عن العلوم الانسانية في جبيل... واعتقد ان واحداً من الأسباب التي تجذب الأجانب لزيارة جبيل أنهم يشعرون بالأمان فيها، وبالتالي تستحق هذه المدينة كل الانتباه والتشجيع لازدهارها اكثر فأكثر.

وعن <VIA APPIA> تقول:

- أعتقد انه اذا ارادت جبيل ان تتطور فيجب ان تنظر الى دول حوض المتوسط الأخرى لتقوم بالمثل، وكوني عضواً في <VIA APPIA Market> وهي جمعية لا تبغى الربح وترتبط مع مجموعة في جنوب ايطاليا إذ ان <فيا ابيا> هي مسار الطريق الروماني الأثري من روما الى مرفأ <برينديسي> في ايطاليا، فنحن متصلون مع هؤلاء الأشخاص في جنوب ايطاليا اذ خلقنا سوق المزارعين الذي يُقام كل يوم سبت في جبيل وقد استوحيناه من ايطاليا. وهناك مركز جديد يدعى <المركز الفينيقي> الذي أسسته مؤسسة الجامعة اللبنانية الأميركية ــ لويس قرداحي اذ خلقت ارتباطاً مع المدن الفينيقية في حوض المتوسط، وهذا الترابط بين مدن حوض المتوسط مهم جداً من جميع النواحي.

 

المواطن فادي سعد وحكايات عن مدينة جبيل!

 

وفقاً لمختار جبيل الاستاذ أديب صليبا فإن مساحة جبيل تبلغ 5 كيلومتر مربع ، ويملك الوقف 30 بالمئة من هذه المساحة وذلك حسب الاحصاءات، فيما الأملاك العامة تصل الى سبع ونصف بالمئة، يحتل البنى فيها ما بين 12 و12 ونصف، وتملك البلدية 0,10 بالمئة، والوقف المسيحي لديه 19 بالمئة، والوقف الاسلامي بحدود 9 بالمئة، وهناك أملاك وعقارات خاصة تصل الى 23 بالمئة.

فادي سعد مواطن جبيلي وهو ناشط في المجتمع المدني يحب مدينته كثيراً ويطلعنا على تاريخ المدينة قائلاً:

- ان مدينة جبيل غنية بالتاريخ، فمنها خرجت الحروف الأبجدية التي حملها قدموس الى قبرص ونشرها في ما بعد، وهي كانت ام الأبجديات في العالم ما عدا اللغة الصينية. ولقد مرتّ على جبيل ستة عصور وتتميز المدينة التي يبلغ عمرها 6 آلاف سنة عن بقية المدن اللبنانية بأنها كانت مأهولة بالسكان وذلك بدون انقطاع. هناك ستة عصور تبدأ بالعصر الحجري، العصر الحديدي، العصر البرونزي، العصر الكلاسيكي، القرون الوسطى، والعصر الحالي <الانتداب الفرنسي والاستقلال>، وبالتالي مرّت شعوب عديدة على جبيل، بدءاً من الهكسوس، والكلدانيين، والاشوريين، ثم الأمويين وشعوب البحر، والعثمانيين والمماليك والصليبيين.

ونسأل هنا:

ــ من حكم جبيل كل تلك الفترة؟

- قبل الصليبيين كانت هناك شعوب تسكن في جبيل، وكان هناك مسيحيون في المدينة، اذ تأثرت المسيحية آنذاك بالهيلينية <الأغريق> لأنهم كانوا يؤمنون بالثالوث الأقدس. الفينيقيون وخصوصاً الكنعانيين الذين ننحدر منهم يقولون أنه عندما أتى مار بطرس الى جبيل عيّن مار يوحنا مرقص أول أسقف على جبيل والذي بنى كنيسة مار يوحنا مرقص، والتي هي كنيسة رسولية لأن رسولاً بناها، ثم انتقل مار يوحنا مرقص الى الاسكندرية فكانت الكنيسة المرقصية في الاسكندرية نسبة الى مار يوحنا

مرقص والذي كان اسقف جبيل. وكما اصبح الشرق مسيحياً بفضل الرسل أصبحت اوروبا أيضاً مسيحية، ولكن مع الفتح الاسلامي كان هناك ظلم من قبل الامبراطور القسطنطيني على كل الناس اذ كان يفرض الضرائب عليهم، ولكي يهرب الناس من الظلم مشوا مع الاسلام ضد الامبراطور، اذ وجدوا ذلك منفذاً للتخلص من ظلم الامبراطور القسطنطيني والضرائب.

قصة بيت القلعة!

وعن بيت القلعة يقول:

- خلال الفتح الاسلامي تحّول قسم من المسيحيين في جبيل الى الاسلام. ونذكر هنا عائلة الحُسامي اذ كانوا موارنة في جبيل ولكن في سنة 1300 عندما احتل صلاح الدين الشرق وأتى بالأكراد الى جبيل كونه كردياً وحكموا المدينة بعدما طردوا الصليبيين، تحولت الى الاسلام ــ السُنة لكي تحافظ على ممتلكاتها كما فعلت بعض العائلات المسيحية حفاظاً على ممتلكاتها، اذ كان الشيخ الحُسامي مقتدراً مادياً اذ كان يملك البيت الموجود داخل القلعة، والآن اتخذ القرار بتحويل هذا البيت الى متحف، وبقيت عائلة الحُسامي سُنة حتى اليوم... تجدر الاشارة الى انه عندما أتى الفرنسيون الى جبيل، قام ثلاثة أشخاص بالقاء الضوء على تاريخ جبيل وهم: <فرانسوا رينو>، و<بيار مونيه> و<موريس دونان>، اذ اهتموا بالآثار في جبيل من 1840 الى 1975، وبشكل خاص <موريس دونان> الذي أقام 50 سنة في جبيل، وأعدّ كتباً مهمة عن جبيل. وأثناء الحفريات في هذا البيت كان هناك العسكر والضباط الفرنسيون، اذ كانوا يفتشون الناس كلما دخلوا او خرجوا من القلعة. وأثناء العمل بهذا البيت، كانت هناك بيوت بداخل الموقع الأثري فدفع الفرنسيون للناس ثمن البيوت واخرجوهم من المكان، ففي الماضي كانوا يحفرون البئر ويضعون فيه الكنوز، وكان الشيخ الجليل رحمه لديه جورة صحية كما بقية الناس اذ كان قد مدّ القسطر الى البئر، وأثناء الحفريات وجدوا البئر فنزلوا الى تحت ووجدوا فيه أجراناً وبداخلها الذهب، فصرخ

العسكري الفرنسي قائلاً بلغة عربية مكسّرة: <اه اه الشيخ يكب خرا على دهب>، ولغاية اليوم يتداول أهل جبيل هذه القصة.

ويتابع:

- ومن الذاكرة الشعبية التي يتداولها أهل جبيل هي قصة الدابة، اذ لغاية اليوم يسمونها جبيل بلاد الدابة، ولقد سمعت القصة من رجل مسنّ رحمه الله أخبرني انه عندما كانوا يدخلون الى القلعة كان العسكر الفرنسي يفتشونهم وأيضاً اثناء الخروج، وكان هناك شخص من عائلة الأوبا وبينما كان يحفر وجد تمثالاً صغيراً من ذهب، فنظر ولم يجد أحداً فوضعه بداخل السروال الذي كان يرتديه الرجال في زمن العشرينات والثلاثينات، وأخذه الى البيت وكان يدور حول التمثال على مدى اسبوعين، وفي النهاية شعر بتأنيب الضمير وحمل التمثال وقصد الضابط الفرنسي واخبره قصته، وسأله ما هو اسمك فقال: بطرس أوبا، فأجابه: انت بطرس دابة، تأخذ التمثال وتعيده بعد اسبوعين! من هنا انتشرت هذه الكلمة جبيل بلاد الدابة. والخبر الموثق ان الفرنسيين كانوا يلحقون طريق الدابة ويرسمون الطرقات، ولهذا يسمونها بلاد الدابة لأن أغلب الطرقات جعلوها على خطى الدابة. وهناك عائلات في جبيل مقسومة مثلاً عائلة زعرور التي كان قسم منها موارنة واصبحوا شيعة، ولغاية اليوم عائلة زعرور موارنة وشيعة، وهناك بيت سعد سنة وموارنة، وبيت برق موارنة وشيعة.

ملك جبيل زكار بعل!

 

وعن الأمور التي يتباهى بها أهل جبيل يقول:

- كانت جبيل على أيام الفينيقيين مملكة، وأيضاً الأمر نفسه بالنسبة لصيدا وصور اللتين كانتا تُعرفان بمملكة صور ومملكة صيدا، اي كل من هذه المدن كانت مستقلة، وكان هناك تبادل تجاري قوي بينها وبين حوض المتوسط، اذ ان أغلب سكان جبيل هم تجار لأنهم ورثوا ذلك عن أجدادهم. وكانت جبيل تحت النفوذ الفرعوني بكل مراحله وهذا ما اكتشفوه في القلعة على أيام <دونان> ان هناك تل العمارنة والتي يوجد منها في مصر، اذ اكتشفوا آثاراً مصرية واكتشفوا بعض الرسائل التي تبين انه كان للفراعنة نفوذ في جبيل، وحتى المصريين كانوا يطلقون على حكام جبيل ألقاباً مثل نبيل و<سير> لأنها كانت مستقلة. وفي سنة 500 قبل المسيح كان النفوذ المصري قد قلّ، فبسط الفرس سيطرتهم على الشرق ونحن لدينا قلعة فارسية في جبيل. وكان هناك ملك في جبيل يدعى زكار بعل اذ كان شاباً، وفي تلك الأثناء ارسل كاهن الكرنك في مصر الموفد الفرعوني الى جبيل ليجلب معه الخشب، اذ كانت جبال لبنان كلها خشب خصوصاً أرز جاج، وعندما طلب الموفد الفرعوني مقابلة الملك بعل قال للمرسلين انه مشغول فلينتظروني لحين عودتي من الصيد، وبالفعل انتظر الموفد الفرعوني الملك بعل 35 يوماً، وبعدما وصل الملك سأل الموفد: لماذا أتيتم؟ فأجابه: لأحضر الخشب كما العادة، فهز برأسه، وعندها قال الموفد للملك: اعتقد ان جدك ووالدك وحتى انت كنتم خدام الفرعون، وكنتم تقدمون له الولاء ولم تعترضوا على كلامه يوماً، واليوم جعلتني انتظرك 35 يوماً، فأجابه الملك وهو مذكور بالتاريخ: <انني لست الكرسون لك ولا لفرعونك>، فتخيلي يقول ذلك امام موفد فرعوني وقال له: تلك الأيام ولّت، فاذا أردت الخشب - لأنه آنذاك كان الخشب قد قلّ - فعليك ان تأتي بهذه الطلبات: مئة جرن ذهب وأوراق البردى الى ما هنالك، والا فلن اعطيك الخشب وستعود الى مصر خالي اليدين. وبالفعل عاد الموفد الى مصر وأعلمهم بالطلبات فملؤوا المراكب بالذهب كما طلب الملك، ونحن كجبيليين نفتخر بذلك وبرأيي يجب ان يُصنع تمثال للملك بعل لأنه اعاد الكرامة لأهل جبيل... وفي جبيل بُني اول بيت هندسياً بشكل 90 درجة اذ كانت البيوت في العهد القديم تُبنى بيضوية ولم تكن هناك بيوت 90 درجة.

 

استعادة كنيسة مار يوحنا مرقص!

ومن القصص التي يتداولها أهل جبيل:

- على أيام العثمانيين كانت هناك فرقة تُدعى فرقة الانكشارية، اذ عندما احتل العثمانيون جبيل طردوا كل الرهبان من كنيسة مار يوحنا وحولوها الى اسطبل للخيل، وهذه اللوحة لا تزال بداخل الكنيسة للتاريخ، كما عاث العثمانيون فساداً في المدينة، فاجتمع الرهبان وتوجهوا الى مساعد الأمير الشهابي الذي كان يُدعى سعد الخوري واخبروه انهم مستعدون للتعاون مع الأمير الشهابي بالدخول الى المدينة، اذ كانت لجبيل بوابة وكانوا يغلقونها ويُمنع الدخول الى المدينة بعد الساعة السادسة، فقالوا له اعلم الأمير نحن نتعاون معه وسنفتح له باب المدينة شرط ان يدخل بجيشه ويحتلها ويطرد الانكشارية، وبالمقابل نريد استرجاع وقف بلاد جبيل ونريد استرجاع الكنائس، وبالفعل أعلم سعد الخوري الأمير الشهابي بالأمر، فأجاب الأمير انه مستعد لذلك ولكن عليهم ان يفتحوا باب المدينة، وبالفعل اتفق الرهبان على موعد معين وجمعوا 200 راهب وبعدما تناولوا العشاء واتلوا الصلاة فكوا زنانرهم وربطوها ببعضها البعض، وذهبوا صباحاً الساعة الثالثة ورموا بحجر هذه الزنانير من فوق السور الذي يبلغ علوه أكثر من عشرة أمتار وتسلقوا بالزنانير ليصبحوا في الجهة الأخرى، وعندها فتح الرهبان البوابة امام الجيش ليدخل الى المدينة ويحتلها، من ثم وهبوا كل وقف الكنائس للرهبنة وهكذا حصل، وهذه مذكورة على البلاطة ونحن كجبيليين نفتخر بذلك. وأيضاً من القصص التي يتداولها اهل المدينة انه سنة 1914 اجتاح الطاعون كل المدن بسبب المجاعة فرأى الناس مار يوحنا مرقص حاملاً بيده مكنسة او عصا بلح ويطرد الطاعون عن مدينة جبيل، ووحدها جبيل في تلك الأيام لم يجتاحها الطاعون، وعيد مار يوحنا مرقص في 25 نيسان <أبريل> ونحن نحتفل به عشية 24 نيسان <أبريل> اذ نطوف في المدينة. كما تعّد الجمعية الخيرية المارونية كل سنة القمح وغيرها في عيد القديسة بربارة وتوزعها على الأهالي، واليوم يُحتفل بالعيد امام الكنيسة اذ يُوزع القمح والعويمات وغيرها. ولطالما تميز المجتمع الجبيلي بالتعايش اذ يلتقي الناس من مختلف الطوائف في المناسبات السعيدة والحزينة ونناضل مع بعضنا البعض ونعايد بعضنا البعض في الأعياد المسيحية والاسلامية، وهذا أمر نفتخر به ويجب ان نحافظ عليه.