تفاصيل الخبر

”مدينة الشمس“ تعيش كسوفاً أمنياً الى تزايد ما لم ترفع الأحزاب الغطاء وتسهّل توقيف المطلوبين!

14/06/2018
”مدينة الشمس“ تعيش كسوفاً أمنياً الى تزايد  ما لم ترفع الأحزاب الغطاء وتسهّل توقيف المطلوبين!

”مدينة الشمس“ تعيش كسوفاً أمنياً الى تزايد ما لم ترفع الأحزاب الغطاء وتسهّل توقيف المطلوبين!

 

المجلس الاعلى للدفاعلا تزال المرجعيات الرسمية والسياسية تتابع بقلق متزايد حالة الفلتان الأمني الذي تعاني منه بعلبك وجوارها، في وقت لم تسفر الاجتماعات المتتالية التي عقدها مجلس الدفاع الأعلى برئاسة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون عن أي نتائج عملية تعيد الاستقرار الى مدينة الشمس التي تستعد الشهر المقبل لاستقبال مهرجاناتها الدولية وسط خشية من أن يؤثر الفلتان الأمني على اقبال اللبنانيين والعرب والأجانب على هذه المهرجانات. وعلى رغم ان وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق خرج من اجتماعه مع الرئيس عون في حضور محافظ بعلبك بشير خضر، متفائلاً بامكانية إعادة الاستقرار الى المنطقة ووضع حد للممارسات التي يقوم بها مسلحون بهدف الترويع والسرقة والسلب، إلا ان الواقع لا يزال يصدم البعلبكيين الذين يعانون من تراجع في الحركة التجارية والسياحية والاقتصادية.

وفي هذا السياق، تقول مراجع رسمية لـ<الأفكار> ان مجلس الدفاع الأعلى الذي حاول في آخر اجتماع له وضع خطة أمنية تعيد الهدوء والأمان الى بعلبك وجوارها، اصطدم بواقعين اثنين: الأول عدم تعاون أبناء المنطقة مع الأجهزة الأمنية الموكول إليها حفظ الأمن في المنطقة، وعدم ارشاد هذه الأجهزة الى المخلين بالأمن ومطلقي النار، خصوصاً ان هؤلاء لم يغادروا يوماً المنطقة بل هم يمرون أمام الحواجز الأمنية يومياً وبشكل منتظم من دون أن يخشوا القبض عليهم. أما الواقع الثاني فهو ضلوع عدد من المسؤولين الأمنيين المحليين مع زعماء العصابات المسلحة التي يروّع أفرادها المدينة والجوار وهؤلاء الأمنيون <يغطون> عمليات التهريب وفرض الخوات والحوادث المخلة بالأمن. وتضيف المراجع نفسها ان هذه الحقائق وضعت أمام الرئيسين عون والحريري في اجتماع المجلس الأعلى للدفاع مقرونة بتقارير ومعلومات موثقة عن تهديدات يتعرض لها المسؤولون الاداريون في المنطقة بدءاً من المحافظ وصولاً الى أصغر موظف أو رجل أمن إذا ما واجه تمدد المسلحين وتنوع ممارساتهم الشاذة. ويروي أحد العسكريين الكبار ان أفراد القوى الأمنية في المنطقة باتوا <معتقلين> من المسلحين وان أحد العسكريين الذي قبض على مسلح كان ينفذ جريمة سلب بالقوة، وجد مقتولاً بعد فترة برصاص <مجهولين>، وان رجل أمن آخر هرّب عائلته الى سوريا لامتصاص <نقمة> المسلحين عليه لأنه شارك في عملية أمنية نوعية، فإذا بالعصابة نفسها تطارد أفراد العائلة الى سوريا وتقتل أحدهم.

<دود الخل منو وفيه>

إلا ان أكثر ما يزعج القادة العسكريين خلال تحركهم لضبط الفلتان الأمني هو ان المسلحين يتبلغون سلفاً موعد حصول عملية دهم لأماكن وجودهم أو قبل بدء يوم أمني في المنطقة فيتوارون عن الأنظار الى حين انتهاء العملية، ما يؤكد ــ حسب هؤلاء القادة ــ وجود تواطؤ بين العصابات وزعمائها من جهة، ومرجعيات أمنية محلية من جهة أخرى، على رغم ان أي اجراء لم يتخذ بحق هؤلاء الأمنيين الذين هم على صلة بزعماء المسلحين لاعتبارات لا تزال غير واضحة، علماً ان الشكوى تتعاظم يوماً بعد يوم حول طريقة عمل بعض المسؤولين الأمنيين المحليين. من هنا ــ تضيف المصادر الرسمية ــ لا بد من اعتماد خطة أمنية محكّمة تتولاها قوى عسكرية وأمنية من خارج المنطقة تفاجئ الأمنيين في البقاع قبل المواطنين، للتمكن من اعتقال المشبوهين والمطلوبين وزعماء العصابات. وما لم تنفذ هذه الخطة فلا أمل بعودة الاستقرار الى بعلبك وجوارها.

ويرى معنيون بالوضع الأمني في بعلبك ان ثمة سبباً اضافياً يعيق عمل الحكومة الأمنية، ولو أتت من خارج المنطقة، وهو ان الغطاء الحزبي والسياسي غير مرفوع بالكامل عن المسلحين خلافاً لما تدعيه القيادات السياسية النافذة في المنطقة، بدليل ان القوى الأمنية لا تتمكن من دخول أحياء معينة في بعلبك وعندما تتم مراجعة هذه القيادات يأتي الجواب غامضاً ولا يحصل أي اجراء على الأرض يوحي برفع الغطاء عن المسلحين، ويتحجج قادة الأحزاب في المنطقة بأن المسلحين يختلطون مع الأهالي ويصعب التمييز بينهم ما يمكن أن يعرض المواطنين للخطر إذا ما حصلت أي عملية أمنية واسعة النطاق. وفي مثل هذه الأجوبة، تكمن حجج لا تزال تعيق تنفيذ أي اجراء أمني واسع أو تدابير جذرية.

 

قانون العفو هو الحل!

في المقابل، يتحدث متابعون ان الوضع الراهن سوف يستمر على ما هو عليه الى حين البت بملف العفو العام الذي كان يُعمل له قبل الانتخابات النيابية، وأرجئ الى ما بعدها، لأن غالبية المسلحين الذين يقومون بأعمال مخلة بالأمن، هم من المطلوبين للعدالة وان ما نسبته 75 بالمئة منهم ينتظرون صدور العفو، فيما نسبة 25 بالمئة منهم يصعب شمولهم بالعفو لارتكابهم جرائم جنائية خطيرة مثل الارهاب والقتل المتعمد وغيرهما... كما يطرح المتابعون مسألة مذكرات التوقيف الغيابية التي تصدر وتبقى من دون تنفيذ ما يحول المطلوبين الى خارجين عن القانون ولو ان بعض قضايا المطلوبين فيها لا تتعدى الجنح البسيطة. ويرسم المتابعون حلاً للمشاكل الأمنية التي تعاني منها بعلبك والجوار، ومعظم القرى البقاعية، يقضي بإقرار قانون العفو ودعوة المطلوبين الى تسليم أنفسهم طوعاً بناء على قانون العفو وعلى الدولة أن تحسم أمرها، إما تعفو عن المطلوبين أو تسجنهم مع ما يترتب على ذلك من مشاكل هي بغنى عنها. ويتحدث المتابعون لهذا الملف ان ثمة <مطلوبين> باتوا يرعون عمليات صلح عندما تنشب خلافات بين العشائر، ومن بين هؤلاء المطلوب نوح زعيتر الذي رعى صلحة بين آل طليس وآل ياغي، في حضور وجهاء وشخصيات وجهت إليهم دعوات مسبقة للمشاركة في المناسبة!

واستمع المعنيون بالأمن في المنطقة الى <شهادات> حيّة عن دور عناصر أمنية في إبلاغ مطلوبين قبل دهمهم لحثهم على الهرب أو انهم يطلبون من أحد الملاحقين بتجارة الحشيشة أو تصنيعها تسليم مخفر المنطقة بضعة أنفار من رجاله على سبيل التمويه. لكن الأخطر من هذه <الشهادات> ما تبلغه المجلس الأعلى للدفاع عن أن أحد تجار المخدرات دفع الى جهاز أمني مبلغ 10 آلاف دولار مقابل حماية أزلامه في مناطق عملهم خارج منطقة بعلبك!

في أي حال تتحدث المصادر الأمنية المطلعة عن نهاية قريبة لهذا الوضع الشاذ في بعلبك وجوارها وان خطة أمنية محكمة وُضعت وتنتظر الساعة صفر بحيث تطبق القوة الأمنية الآتية من خارج البقاع على المطلوبين وتمنع فرارهم خارج المنطقة، وان المطلوب ان يكون الضوء الأخضر الذي يقال ان الأحزاب أعطته لتنفيذ العملية، ضوءاً أخضر بالفعل... وإلا فلا خطة أمنية ولا من يخططون، وستبقى مدينة الشمس تعيش حال كسوف أمني الى إشعار آخر!