تفاصيل الخبر

مضار المعادن الثقيلة وتأثيرها على الجهاز العصبي والدماغ وغيرها...

08/02/2019
مضار المعادن الثقيلة وتأثيرها على الجهاز العصبي والدماغ وغيرها...

مضار المعادن الثقيلة وتأثيرها على الجهاز العصبي والدماغ وغيرها...

بقلم وردية بطرس

[caption id="attachment_66458" align="alignleft" width="300"] www.melrish.com[/caption]

تحتاج الكائنات الحية الى كميات مختلفة من المعادن الثقيلة مثل الحديد، والكوبالت، والنحاس، والمنغنيز، والزنك، والسيلنيوم حيث يكون استهلاك هذه المعادن ضرورياً ومهماً للمحافظة على عملية التمثيل الغذائي (الأيض) في جسم الكائن الحي، ولكن استهلاك كميات كبيرة منها يكون ضاراً بل وساماً وينتج عنه ما يُسمى بتسمم المعادن الثقيلة، وتأتي خطورة المعادن الثقيلة من تراكمها الحيوي داخل جسم الانسان بشكل أسرع من انحلالها من خلال عملية التمثيل الغذائي (الأيض) او اخراجها. وتمتلك هذه العناصر صفة بيولوجية محددة وهي ان بعضها أساسي والبعض الآخر غير أساسي. فالعناصر الأساسية مهمة حيث تعمل هذه العناصر عمل الانزيمات، فيما تكون العناصر الثقيلة غير الأساسية سامة للخلية ومكوناتها. وتختلف المعادن في سميتها عن باقي المواد السامة من حيث كونها مواداً غير مصنعة ويمكن هدمها بواسطة الانسان، غير ان كثرة استهلاك الانسان لها كان سبباً في تأثيراتها السيئة على الصحة العامة، كما ان انتشار تأثيراتها يعود الى كثرة توزيعها بواسطة الدورات البيولوجية في ما بين المكونات البيئية المختلفة (الماء، والهواء، والتربة) وكذلك في ما بين مكونات السلسلة الغذائية.

المواد السامة

يتعرّض جسم الانسان يومياً للائحة مواد سامة وبأبسط الطرق، وتُعرف بالمعادن الثقيلة التي تؤثر على صحة الانسان، وهذه المواد السامة متوافرة في كل مكان... ولكن هناك أنواع معينة من المعادن الثقيلة التي يحتاج اليها الانسان ولا تسبب له التسمم مثل الزنك و<المانغانيز> والنحاس، والكوبالت، أما الأشكال الأخرى مثل <الألومينيوم> والفضة و<الزئبق> والرصاص و<الكادميوم>، فقد تؤدي الى تسمم وحالات خطرة ومميتة في حال الحصول عليها بكميات كبيرة وتخطي الجرعة القصوى المحددة. وان المعادن الثقيلة موجودة في كل مكان حتى في الهواء والماء، اذ نجد <الألومينيوم> في المعلبات وبعض أنواع المياه أثناء خضوعها لعملية التغليف والشامبو ومزيلات العرق والكريمات ومستحضرات التجميل وبعض أنواع معجون الأسنان. أما <الكادميوم> فمتوافر في مفروشات المنزل والسيارة، والسجائر، والمشروبات الغازية. وبالنسبة للرصاص فمتوافر في المعلبات، والسجائر، وأدوات الدهن والبطاريات. أما <الزئبق> فموجود تحديداً في معجون الأسنان والأدوات التي يستخدمها الطبيب، وبعض أنواع السمك خصوصاً الكبيرة. وفي حال تعرض الانسان للمعادن الثقيلة بكثرة، تتكدس هذه المواد في الجسم لتُحدث نوعاً من الخلل في أهم أعضائه وتحديداً في القلب والدماغ والعظام والكبد والكلى.

وان المعادن الثقيلة تتفاعل مع الآليات الخلوية بطرق غالباً ما تكون اشكالية، اذ يمكن لبعض الكميات الصغيرة ان تخرج مع البول، ولكن معظم المعادن الثقيلة تبقى عالقة في مختلف الأنسجة، وفي العظام والدم أيضاً، لذا فان تناول الكثير منها قد يتسبب في تراكم المعادن، وحينها نبدأ في مواجهة المشاكل. كذلك فان الوصول الى مستوى متدن لبعض هذه المعادن يعّد أمراً خطيراً، اذ لا تعدّ بعض المعادن الثقيلة مثل الحديد والزنك مفيدة فحسب ولكنها ضرورية أيضاً لقيام الجسم بوظائفه، حيث يسمح الحديد لخلايا الدم الحمراء بالارتباط بجزئيات الأكسجين، كما تتطلب الانزيمات المختلفة في الجسم الزنك لكي تعمل بشكل صحيح، ومع ذلك يؤدي وجود الكثير من اي منهما الى عوارض مشابهة للتسمم بالمعادن الثقيلة الأخرى، ولكننا لا

نتعرض عادة لمستويات خطيرة منهما، ولذلك لا نسمع عنهما عندما نتحدث عن التسمم بالمعادن الثقيلة.

كما ان المعادن الثقيلة هي مكونات طبيعية لطبقة الأرض الصلبة مثل الأحجار والطبقة الصلبة التي تغطي سطح الأرض، كما لا يمكن ازالة هذه المعادن او تدويرها إذ يمكن القول بحدود أوسع أنها تدخل أجسامنا مع الغذاء الحيوي وشرب الماء وتنفس الهواء. إلا ان مقداراً ضئيلاً من بعض المعادن الثقيلة على سبيل المثال النحاس والسلينيوم والزنك يبقى رئيسياً للمحافظة على العمليات الايضية في جسم الانسان، ومع ذلك فانها في نسب مرتفعة يمكنها ان تؤدي الى التسمم... وان التسمم بالعناصر الثقيلة يمكن ان يكون نتيجة شرب الماء الملوث جراء استخدام أنابيب الرصاص للامــــداد بالميــــاه العذبة، أو نتيجة تنفس الهواء المحيط الحاوي على نسب مرتفعة من مصادر الانبعاث، او نتيجة ضرر من  السلسلة الغذائيــــــة. ويمكن ان تدخـــــل المعــــادن الثقيلــــة الى مصادر التزود بالمياه او النفايــــات الصناعيـــــة، وحتى المطـــــر الحامضي يفكك التربة ويحرر المعادن الثقيلة في المجاري المائية، والبحيرات، والأنهار والمياه الجوفية مما يسبب المخاطر البيئية والصحية.

 

الدكتور وليد خير الله

وأضرار المعادن الثقيلة

فكيف تؤثر المعادن الثقيلة على جسم الانسان؟ وكيف تدخل تلك المعادن الى أجسامنا؟ وغيرها من الأسئلة طرحتها <الأفكار> على الاختصاصي في الأمراض الداخلية والغدد الصماء الدكتور وليد خير الله (تخصص في الغدد الصماء والسكري، وأيضاً في التغذية الصحية، وأيضاً في الـ<Biomedical System> اي العلم الذي ينظر للانسان بشموليته وينظر لأهم مسببات الأمراض الأساسية) ونسأله:

ــ يُعتبر <الفلورايد> من أخطر أنواع السموم فما هي مخاطره وتأثيره على صحة الانسان؟

- هذا صحيح اذ ان <الفلورايد> من أخطر أنواع السموم وهو يُستعمل في الصناعات الثقيلة، ويؤذي الدماغ ولا يخرج من جسم الانسان بسهولة. وتجدر الاشارة الى ان <الفلورايد> يُضاف الى معجون الأسنان، وهو سام للدماغ اذ انه يخفّض نسبة الذكاء عند الأطفال بـ15 نقطة ويصيب الغدة والأعضاء التناسلية والغدد بشكل عام في الجسم ويضعف الحيوانات المنوية عند الرجال وكذلك الخصوبة عند النساء، وللأسف لا يُستعمل <الفلورايد> الا في لبنان وجامايكا.

ــ وماذا عن مضار <الألومينيوم> على صحة الانسان؟

- <الألومينيوم> خطير ومنتشر أكثر، وهو يؤذي الدماغ والعظام والكلى، وهو موجود في دخان النرجيلة، وبخاخات الأنف، وملح الطعام، والعطور، و<فلتر> السجائر، كما ان أكثرية منتوجات <بيكينغ باودر> تحتوي على الألومينيوم>، وعندما يُطبخ بطناجر <الألومينيوم> او يُغلف الطعام بورق <الألومينيوم> يلحـــق الضـــرر بصحة الانســــان، وأيضــــــاً عـــــلب التنـــــك والمشروبـــــات الغازيــــــة او المرطبـــات المعبــــأة في التنـــــك تحتـــــوي علـــــى <الألومينيوم>.

 

تأثيرات <الزئبق> والرصاص على صحة الانسان

ــ والى اي مدى يؤثر الرصاص على صحة الانسان؟

- يؤثر الرصاص على الجهاز الدموي اذ انه يصيب النخاع العظمي اي مصدر الدم وجهاز المناعة، كما يؤثر الرصاص على الجهاز العصبي اذ يسبب عدم التركيز عند الشخص كما يؤثر على الذاكرة والتصرف والمزاج حيث يؤدي التعرض للرصاص للعدائية، كما ان الأطفال يتضررون من الرصاص أكثر من الكبار لأن أجسامهم صغيرة ولهذا تدخل كمية كبيرة من الرصاص الى أجسامهم، ويؤثر الرصاص على الجهاز الهضمي بحيث يسبب عدم امتصاص المعادن الأخرى ويسبب عسر هضم لأنه يؤثر على <الأنزيمات> فلا يتم الهضم بطريقة صحيحة، كذلك يضّر الرصاص بالكبد، وان كل المعادن الثقيلة تؤثر على الغدد ومع الوقت تزيد من نسبة الاصابة بالسرطان... وغالباً ما يدخل الرصاص الى جسم الانسان شيئاً فشيئاً، ولكن اذا تعرّض الشخص لكمية كبيرة من الرصاص فقد يحدث له تسمم، وخلال فترة زمنية معينة قد لا يشعر الشخص بالعوارض ولكن مع مرور الوقت فيشعر بأنه عصبي المزاج او بالتعب.

ويتابع:

- يتعرض الانسان في لبنان كثيراً لمادة الرصاص وبشكل كبير بسبب حرق الوقود، كما ينتشر الرصاص بشكل كبير في الهواء، وينتشر في بعض الأعشاب والبهارات، وكذلك في الدهان الذي كان يُستخدم قديماً، اذ ان الدهان الجديد لم يعد يحتوي على الرصاص. وأذكّر دائماً بالكحول خصوصاً الويسكي او البيرة لأنه أثناء تحضير اي منهما او حتى النبيذ فالسبيكة المعدنية الحديدية تكون مطلية بالرصاص، وفي المطاعم أيضاً اذا كانت هناك صحون فخار مطلية بدهان يلمع فهو أيضاً يحتوي على الرصاص، وبالتالي يجب التنبه لذلك خصوصاً اذا كان الطعام ساخناً اذ يخرج الرصاص منه مباشرة وهذا مضرّ بصحة الانسان. ويدخل الرصاص الى جسم الانسان عن طريق تنشقّه او تناوله كما ان قسماً من مستحضرات التجميل تحتوي على الرصاص.

ــ وكيف يؤثر <الزئبق> على صحة الانسان؟

- يُعرف <الزئبق> انه يقتل الخلايا العصبية، ويوجد <الزئبق> في السمك، وأيضاً في الرصاصة السوداء التي يضيفونها في حشوة الاسنان، وهناك دراسات تبين ان <الزئبق> يزيد من خطر الاصابة بالسرطان، و<الزئبق> يغير شكل الخلايا او البروتينات في الجسم، وأيضاً يوجد <الزئبق> في اللقاحات وفي ملونات الطعام، كما ان مستحضرات تبييض الوجه تحتوي على <الزئبق> اذ ان قسماً من تلك الكريمات يحتوي بداخله على <الزئبق>. وتجدر الاشارة هنا الى انه في الصين يستعملون <الزئبق> في تصنيع الأواني، وكما يعلم الجميع ان الناس يشترون تلك الأواني لأن أسعارها متدنية ولكنهم لا يدركون مدى الضرر الذي يلحق بهم جراء استخدام تلك الأواني... يجب ان نحذّر بأن <الزئبق> يلتصق بالأنزيمات والبروتينات ويعطلها، ويسبب سوء الهضم، ويضّر بالبكتيريا الجيدة، ويقوي الفطريات في الامعاء، ويضعف جهاز المناعة، وهناك الكثيرون ممن يقصدوننا في العيادة نرى ان كريات الدم البيضاء لديهم تخف تدريجياً مع مرور الوقت، اذ تموت خلايا المناعة فتخف المناعة بداخل كريات الدم البيضاء، وهذا دليل فعلي ان هناك تسمماً يحدث بفعل المعادن الثقيلة لأن خلايا الكريات البيضاء عندما ترى بروتينات غريبة تأكلها فتدخل السموم الى داخلها سواء الرصاص او <الزئبق> فتتعطل وتموت تلك الكريات البيضاء بشكل أسرع ويؤثر ذلك على نخاع العظم. ويتم التشخيص اما من خلال فحص الدم او البول او فحص الشعر او فحص كريات الدم. ويتخلص الجسم من <الزئبق> من خلال تناول فيتامين <س> اذ انه مهم ويساعد على تفكيك الرصاص و<الزئبق>، كما يمكن لجسم الانسان ان يحمي نفسه من <الزئبق> من خلال تناول الكزبرة في الطعام وأيضاً الثوم، وبعض الأعشاب البحرية التي تنبت حول البحيرات اذ تساعد على اخراج المعادن الثقيلة من الجسم. في الماضي كان السمك من أنظف الأطعمة تاريخياً، اما اليوم وبسبب تلوث البحار فقد أصبح خطراً أحياناً حتى ان هناك تحذيرات للمرأة الحامل بألا تأكل السمك الا بين الوقت والآخر لأنه يضّر بالجنين من ناحية تكوين الدماغ، كما ان هناك كريمات تُستعمل للبواسير تحتوي على <الزئبق>، وهناك منظفات معطرة تُوضع في الغسالة لكي تصبح الثياب أكثر انعاشاً وطراوة وهي تحتوي على <الزئبق> أيضاً، كذلك تحتوي ملونات الطعام على <الزئبق>.