تفاصيل الخبر

”مبادرة الحريري“ أحدثت اهتزازاً في 14 آذار، والاستمرار بترشيح جعجع يحفظ وحدتها... ولو ظاهرياً!

08/01/2016
”مبادرة الحريري“ أحدثت اهتزازاً في 14 آذار،  والاستمرار بترشيح جعجع يحفظ وحدتها... ولو ظاهرياً!

”مبادرة الحريري“ أحدثت اهتزازاً في 14 آذار، والاستمرار بترشيح جعجع يحفظ وحدتها... ولو ظاهرياً!

الحريري-جعجع في الوقت الذي كان فيه رئيس كتلة <المستقبل> النيابية الرئيس فؤاد السنيورة، يؤكد في الاحتفال الذي أقيم في الذكرى الثانية لاستشهاد الوزير السابق محمد شطح في مسجد محمد الأمين في بيروت، أن قوى 14 آذار لا تزال موحّدة ومتماسكة، وأن <الخلافات> في وجهات النظر حيال عدد من المواضيع لا يمكن أن تؤثر سلباً على تضامن <ثوار الأرز> ووحدتهم، كانت مصادر سياسية تؤكد أن تكرار محاولات جمع شمل 14 آذار على مدى الأعوام التي مضت، لم تفلح في إعادة اللحمة الى هذه القوى على نحو فاعل وحقيقي، إذ ظلّت التجاذبات السياسية تباعد ما بين أركانها، الى أن أتت <مبادرة> الرئيس سعد الحريري بترشيح رئيس تيار <المردة> النائب سليمان فرنجية لتضع وحدة قوى 14 آذار على المحك، وتجعل من التباعد قاعدة بعدما كان استثناء، على رغم محاولة الرئيس السنيورة التقليل من مضار هذا التباعد و<استثمار> وجود رئيس القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع في مقدمة المشاركين في ذكرى <الدماغ المفكر> لقوى 14 آذار، كما كان يوصف الشهيد محمد شطح.

 

جعجع باقٍ مرشح 14 آذار...

 

وإذا كانت كل المحاولات التي تمّت في السابق للملمة انقسامات 14 آذار واستعادة نوع من التماسك بين أركانها، لم تحقق النتائج المرجوة، لاسيما في ضوء موقف حزب الكتائب <المتمايزة> عن حلفائه، فإن البرودة التي نشأت بين القوات اللبنانية و<المستقبل> سرعان ما حوّلتها <مبادرة الحريري - فرنجية> الى <صقيع وجليد> لن يكون من السهل إذابتها سريعاً، لأن <الندوب> التي أحدثتـــــــــــــــها <المبادرة> في جسد 14 آذار، ليست من النوع الذي يمكن لأي <جراحة تجميلية> كالتي حاول القيام بها فؤاد السنيورة، ان تخفيها، لاسيما وأنها أحيت جملة اعتراضات تعود الى تاريخ معادلة <س. س> التي حملت الرئيس سعد الحريري الى دمشق وجمعته بالرئيس السوري بشـــــــــــار الأسد لـ<طي صفحة الماضي> وإن كان مضرّجاً بالدم، والتي لقيت حينئذٍ ردود فعل سلبية ظلت <محصورة> - أو <محاصرة> لا فرق - الى حين اندلاع الحرب السورية وما رافقها من تبدّلات أساسية في المواقف والتحالفات. وعليـــــــــــــــــــــــــه، فإن مصادر سياسية تعتقد أن <الشقاق> الذي ضـــــــــــــرب تحالف قوى 14 آذار ليس من النوع الذي يسهل معالجته على رغم المساعي التي تتمّ بعيداً عن الأضواء لترطيب الأجواء بين معراب و<بيت الوسط> وفق معادلة <تنظيم الخلاف> لئلا يستثمر <الخصوم> في 8 آذار - أو من تبقّى منهم - هذا الأمر لإضعاف قوى 14 آذار أكثر مما هي ضعيفة الآن...

وفيما يتحدّث <المتفائلون> في <ثورة الأرز> عن القدرة على تجاوز <قطوع> الخلاف المستجد بين الرئيس الحريري والدكتور جعجع على خلفية التوضيحات الكفيلة بإزالة الالتباسات الحاصلة والتي لن تؤثر على الاستراتيجية التي تحكم العلاقة بين الزعيمين، فإن ثمة من يعتقد في صفوف 14 آذار أن لا شيء يعيد الحرارة الى هذه العلاقة إلا طي صفحة <المبادرة الحريرية> - التي لم تُعلن رسمياً بعد - والتمسك بالدكتور جعجع على أساس أنه المرشح الوحيد لقوى 14 آذار لرئاسة الجمهورية، مع إعادة التأكيد على التزام <القضايا الكبرى> التي توحّد 14 آذار، وهي الدولة القوية والقادرة، والسيادة، ورفض السـلاح غير الشرعي ودعم المحكمة الدولية والتي تناولها الرئيس السنيورة في خطاب ذكرى الشهيد شطح لإعادة جمع الشمل حولها.

 

... والحريري مستمر بمبادرته!

 

إلا أن الذين هم على صلة بالرئيس الحريري يؤكدون أن مسألة العودة عن ترشيح النائب فرنجية والتمسك بترشيح الدكتور جعجع، لن تكون سهلة، خصوصاً بعد المواقف الإعلامية والتسريبات التي مهّدت لقرار الرئيس الحريري، وإن أقصى ما يمكن أن يحصل هو عدم الإعلان رسمياً عن ترشيح النائب فرنجية، وإبقاء الأمر قائماً، وتحميل <الطرف الآخر> مسؤولية رفض <مبادرة الحريري - فرنجية>، ولاسيما حزب الله على أساس <الأجندة> الإقليمية التي يعمل من وحيها، على أمل أن تؤدي حالة <الستاتيكو> في ترشيح فرنجية مفعولاً إيجابياً على صعيد إعادة التواصل المباشر بين الحريري وجعجع خلال الزيارة التي يُنتظر أن يقوم بها رئيس القوات اللبنانية للرياض عندما تصله الدعوة الرسمية التي طالب بها للبحث مع المسؤولين السعوديين في ما سُمِي <مبادرة الحريري>، علماً أن هذه الدعوة التي كان ألمح إليها السفير السعودي في بيروت علي عواض عسيري خلال زيارته الأخيرة لمعراب قد تتأخر نظراً للتطورات المستجدة في السعودية بعد تنفيذ حكم الإعدام بالشيخ نمر النمر وردود الفعل الإيرانية على ذلك.

في غضون ذلك، يحرص الرئيس الحريري على إبلاغ زواره في الرياض وباريس أن <الحكيم> يدرك بأن 14 آذار التي نجحت في تجاوز الكثير من الخلافات السياسية لاسيما في شأن المشاركة في الحوار أو تأليف الحكومة أو قانون الانتخابات، قادرة على تجاوز الخلاف حول الملف الرئاسي لأن ما يجمعها أكبر بكثير مما يفرّقها. كذلك يُدرك الدكتور جعجع - والكلام منقول عن الرئيس الحريري - أن سياسة 14 آذار هي الانفتاح على الخصوم من دون أن يعني ذلك التخلي عن الحلفاء، لأن المحصلة الطبيعية لهذا الانفتاح هو التمسك بالحلفاء. ويطمئن الرئيس الحريري <القلقين> بأن القرار داخل تيار <المستقبل> هو واحد ولا توجد أجنحة، وعندما يُتخذ القرار فإن الالتزام به يكون شاملاً... وفيما يقرّ الرئيس الحريري بحصول <اهتزازات> في العلاقة بينه وبين الدكتور جعجع، يشدّد على أن أي تباين في الآراء يبقى <تحت سقف التحالف السنيورةالاستراتيجي> القائم بين <المستقبل> والقوات اللبنانية، ولن يكون على حساب قوى 14 آذار.

في المقابل، نقل زوار معراب الأسبوع الماضي رغبة جعجع في عدم توسيع الشرخ الذي نتج عن <مبادرة الحريري> ترشيح فرنجية، من دون أن يعني ذلك عدم استمرار الملاحظات على <تفرّد> الحريري في قراره، وعدم التشاور مع <الحكيم> في سلوك هذا المسار على رغم أن العلاقة التحالفية التي تربطهما تفرض التنسيق والتعاون في مثل هذا الاستحقاق الأساسي الذي يُعتبر استحقاقاً مسيحياً ووطنياً بامتياز.

ويضيف الزوار أن جعجع يعتبر أن <مبادرة الحريري> تجاوزت الموقف الموحد الذي اعتمدته 14 آذار منذ فترة طويلة، وهو سحب ترشيح جعجع والعماد عون لصالح مرشح توافقي خارج الاصطفاف الثنائي في لبنان، لا بل جاءت تسمية الحريري للنائب فرنجية من دون تشاور بين قوى 14 آذار عموماً والقوات اللبنانية خصوصاً، في وقت كان يُفترض بالحريري أن يعود الى حلفائه المسيحيين مسبقاً قبل الدخول في بحث هذه <المبادرة>، لاسيما وان هؤلاء الحلفاء وقفوا <عند خاطر> الرئيس الحريري في مناسبات عدة، لعلّ كان أبرزها عندما تراجعت <القوات> عن تأييدها لـ<القانون الأرثوذكسي> بعدما كانت أبلغت العماد عون وبكركي موافقتها عليه.

في أي حال، فإن قوى 14 آذار تبدو أمام امتحان جديد لاختبار قدرتها على أن تكون موحدة في موقفها، لاسيما من الاستحقاق الرئاسي، علماً أن ثمة من يعتقد داخل هذه القوى، أن أزمة الثقة التي نشأت بين أركانها سواء بين الرئيس الحريري والدكتور جعجع، أو بين جعجع ورئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل، أو بين <المستقلين> فيها و<القوات> والكتائب على حدٍ سواء، ليس من السهل تبديدها، وإن كانت محاولات حصرها مستمرة، وأن أي لقاء مرتقب على مستوى الأركان لن يكون ممكناً قبل الذكرى الحادية عشرة لاستشهاد الرئيس رفيق الحريري ورفاقه يوم 14 شباط/ فبراير المقبل، لأن المناسبة الحزينة هي التي تجمع شمل <ثوار الأرز>، فيما تفرّقهم المناسبات السعيدة من مثل الاتفاق على انتخاب رئيس جديد للجمهورية!