تفاصيل الخبر

مبادرة عون ”فرصة أخيرة“ لولادة الحكومة قبل نهاية السنة ونجاحها متوقف على تجاوب حزب الله ودعم بري والحريري لها!

14/12/2018
مبادرة عون ”فرصة أخيرة“ لولادة الحكومة قبل نهاية السنة  ونجاحها متوقف على تجاوب حزب الله ودعم بري والحريري لها!

مبادرة عون ”فرصة أخيرة“ لولادة الحكومة قبل نهاية السنة ونجاحها متوقف على تجاوب حزب الله ودعم بري والحريري لها!

  

هل ستسبق ولادة الحكومة الثانية في عهد الرئيس ميشال عون، والثالثة برئاسة الرئيس سعد الحريري، ولادة يسوع المسيح في 25 كانون الأول (ديسمبر) الجاري، أم ان التعطيل سيبقى سيد الموقف بحيث تحل السنة الجديدة ولبنان بلا حكومة؟

سؤالان قد تحمل الأيام القليلة المقبلة لهما الجواب، وتحديداً بعد عودة الرئيس المكلف من لندن حيث ترأس وفد لبنان الى المنتدى الاقتصادي الذي نظمته الحكومة البريطانية بالتعاون مع رجال الأعمال البريطانيين وشاركت فيه أكثر من 400 مؤسسة ومستثمر ورجل أعمال. ولعل ما جعل احتمال التأليف يعود الى الواجهة بعد انكفاء قسري امتد سبعة أشهر، المبادرة التي أطلقها الرئيس عون مع بداية الأسبوع الجاري على أمل أن <تخرق> الجدار الصلب الذي واجه تشكيل الحكومة تحت حجة امتناع الرئيس الحريري عن الموافقة على تمثيل النواب السنة المستقلين الستة الذين شكلوا <اللقاء التشاوري> وتبنى حزب الله مطلبهم بالتمثيل وجعله شرطاً أساسياً لتسليم الرئيس المكلف أسماء وزراء الحزب الثلاثة في الحكومة والذين من دونهم يتعذر إصدار المراسيم لأن حركة <أمل> ستتضامن مع الحزب حكماً فتمتنع هي الأخرى عن تسليم أسماء وزرائها!

 

أسباب مبادرة عون

 

يقول مطلعون على موقف الرئيس عون، ان القرار الذي اتخذه بطرح المبادرة على الرئيسين بري والحريري، ثم على وفد حزب الله الذي دعاه الى زيارته في قصر بعبدا يوم الثلاثاء الماضي، ارتكز على عوامل عدة لعل أبرزها الآتي:

ــ أولاً: وصول المبادرات والأفكار التي تم التداول بها مع الأطراف المعنيين بتسهيل تشكيل الحكومة الى طريق مسدود بعد تمسك كل طرف بموقفه وعدم <التنازل> لمصلحة ولادة الحكومة العتيدة، فالرئيس الحريري تمسك بما أعلنه سابقاً عن عدم موافقته على توزير أي من النواب السنة الستة لأن أربعة منهم ينتمون الىثلاث كتل نيابية الأولى <كتلة الوفاء للمقاومة> والثانية <كتلة التنمية والتحرير> والثالثة <كتلة المردة>، ولم يحضروا الى الاستشارات النيابية الملزمة في قصر بعبدا، ثم في الاستشارات التي أجراها الرئيس المكلف في مجلس النواب من ضمن <اللقاء التشاوري> بل مع كتلهم الأساسية، لاسيما وأن <اللقاء> الذي يضمهم ولد بعد تكليف الرئيس الحريري تشكيل الحكومة، وأقرن الرئيس الحريري قراره بسلسلة مواقف حملت على النواب الستة مجتمعين ومنفردين، وتناوب نواب في كتلة <المستقبل> على وصف بعض النواب الستة بأنهم <ودائع النظام السوري>، وغيرها من التوصيفات التي زادت الشرخ بين الرئيس الحريري من جهة، والنواب الستة من جهة أخرى.

ــ ثانياً: تعثر المبادرات التي سعى رئيس <تكتل لبنان القوي> وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل الى الترويج لها، وخصوصاً رفع عدد الوزراء الى 32 وزيراً (بدلاً من 30 وزيراً) بحيث يوزر علوي وآخر من الأقليات المسيحية من حصة الرئيس الحريري، في مقابل تنازله عن مقعد سني يُعطى لممثل عن <اللقاء التشاوري> لا يكون نائباً من النواب الستة المنضوين تحت ولائه. وفي هذا السياق فإن أول رافضي اقتراح الوزير باسيل، هو الرئيس الحريري الذي أبلغ باسيل مباشرة، والرئيس عون مداورة، بأنه لا يريد توسيع حكومته، كما لا يرغب باقتطاع وزير من حصته لمصلحة خصومه. وما شجع الرئيس الحريري على التمسك بموقفه الرافض شعوره بأنه محصن بدرع ممانعته، وبقناعته ان لا سبيل لانقاذ حكومته إلا من خلال تبرع الكتلة العونية من حسابها الوزاري خصوصاً أنها الأكبر عدداً بين نظيراتها ويمكن بالتالي ان تضحي بوزير لمصلحة الوزير السني من خارج السرب <المستقبلي> لحل الأزمة الحكومية. وهذا الموقف جاراه فيه الرئيس بري الذي أبلغ من يعنيهم الأمر بأن الرئيس عون قادر على <التنازل> عن الوزير السني الذي من حصته لمبادلته بآخر يمثل <اللقاء التشاوري>، وهذا الموقف عاد الرئيس بري وكرره للرئيس عون مباشرة مع بدء التحرك الرئاسي لكسر الجمود في الملف الحكومي.

أضف الى ذلك إصرار الوزير باسيل على ضرورة زيادة عدد الوزراء الى 32 وزيراً، وعدم قبوله بأي تراجع عن هذا الموقف.

 

<عملية الخنادق> الاستفزازية

ــ ثالثاً: التطورات المتسارعة على الحدود الجنوبية بعد مباشرة القوات الاسرائيلية عملية بحث عما سمتها <الخنادق> التي استحدثها حزب الله داخل الأراضي المحتلة انطلاقاً من بلدات لبنانية جنوبية تقع قرابة الحدود وضمن منطقة العمليات الدولية، وقد جاء من يعلم الرئيس عون بردود فعل اسرائيلية تصعيدية في حال ثبوت وجود هذه الأنفاق واستعمالها من قبل المقاومة لمراقبة اسرائيل من الداخل. ورأى رئيس الجمهورية في هذه التطورات الحدودية مناسبة لطرح مبادرته لأن الوضع في الجنوب يتطلب معالجــــة وطنيـــــــة شاملــــــــة لتفـــــــادي الوقــــــــــوع بأيـــــــة <مغامرة> تــــــفجّر الاستقــــرار الــــذي ينعـــم بـــه الجنوب، ولو نسبياً، بعدما تكاثــــــرت المعلومــــــات حـــــــول <جديــــــة> التهديدات الاسرائيلية في المناطق اللبنانية الحدودية وصولاً الى حد الحديث عن <حرب شاملة> هدفها <تطهير> المنطقة الحدودية من وجود مقاتلـــــي حـــــزب الله الذيـــــــن يؤتمرون من طهران، واعتبر الرئيس عون ان أية انتكاسة على الحدود يُفترض أن يواجهها لبنان بحزم، فكيف يفعل من دون حكومة قوية قادرة على المواجهة؟!

ــ رابعاً: الأوضاع الاقتصادية المتردية التي تمر بها البلاد، والتراجع الحاد في الحركة التجارية التي استحضرت تحركاً للهيئات الاقتصادية وللمسؤولين الماليين والنقابيين الذين رفعوا الى رئيس الجمهورية <تقارير مقلقة> حول الواقع المالي في البلاد، وضرورة الاسراع في معالجة الوضع من خلال تشكيل حكومة تحدث صدمة ايجابية وتعيد تفعيل القطاعات الاقتصادية والمصرفية على حد سواء، إضافة الى إعادة النشاط الى الادارات الرسمية والعامة لزيادة مداخيل الخزينة اللبنانية التي افتقدت الى الحد الأدنى من الواردات الضرورية لتقف الدولة <على رجليها> وتتمكن من الوفاء بالالتزامات المالية المطلوبة منها مع نهاية 2018 وبداية 2019. وقد بدا من خلال <إحياء> الدعوات الى الاضراب والتظاهر بحجة تردي الأوضاع الحياتية والاقتصادية ان البلاد متجهة الى حالة من الفوضى تضاف الى حالات الضياع وتراجع الانتاجية، يمكن أن يدفع الحكم ثمنها بحيث تتحول الأزمة الحكومية الى أزمة نظام من جهة، ومقاربة الافلاس من جهة أخرى. ويقول المطلعون ان حاكم مصرف لبنان الدكتور رياض سلامة صارح المسؤولين بخطورة استمرار البلاد دون حكومة وتأثير ذلك على السمعة المالية للبنان في الخارج، وبدء المؤسسات المالية الدولية تحركها لإعادة النظر في التصنيف المعطى للبنان في الأسواق النقدية العالمية.

 

<نموذج> حل العقدة الدرزية!

كل هذه المعطيات، وغيرها أيضاً، جعلت الرئيس عون يبادر الى <الخطوة الانقاذية> التي دعا الرئيسين بري والحريري وحزب الله الى المشاركة في اتخاذها، خصوصاً بعدما بلغت التجاذبات السياسية حداً كبيراً عكس عمق الهوة التي من الصعب ردمها إذا ما استمرت البلاد من دون حكومة. وتقوم مبادرة الرئيس عون على تأمين الأجواء المناسبة لتشكيل الحكومة من دون <تحديات> من هنا، وتهديدات من هناك، شرط التزام المعترضين الحل الذي يراه مناسباً وتفويضه تسمية الوزير السني السادس من خلال اختياره اسماً غير استفزازي يرضى به الأطراف المعنيون بما بات يعرف بـ<العقدة السنية>، أي الرئيس الحريري وحزب الله والنواب الستة السنة. وهذا الخيار يشبه الى حد ما الحل الذي اعتمد بالنسبة الى <العقدة الدرزية> التي حُلت بعد تسليم كل من رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط والوزير طلال ارسلان الرئيس عون لائحة بخمسة أسماء، اختار منها رئيس الجمهورية شخصية رضي بها الزعيمان الدرزيان هي رجل الأعمال صالح الغريب. ويعترف المتابعون لمسار المبادرة الرئاسية بأن هذه المهمة لن تكون سهلة، وهو ما دفع الأوساط الرئاسية الى القول بان نجاح مبادرة الرئيس عون رهن تجاوب المعنيين أي الرئيس الحريري وحزب الله والنواب السنة الستة ومساعدة رئيس الجمهورية للوصول الى الحل المنشود بعيداً عن الحسابات الخاصة والاعتبارات التي تحكمت بمسار عملية تشكيل الحكومة.

ولعل ما زاد في قناعة الرئيس عون بضرورة طرح مبادرته اعتقاده، وعن حق، ان تشكيل حكومة في ظل التجاذبات السياسية الحادة السائدة، يعني جعل مجلس الوزراء <متاريس> موزعة بين أفرقاء الحكومة ما سوف يجعلها غير منتجة وغير فاعلة، والأفضل أن تبقى البلاد بحكومة تصريف الأعمال على أن تتفجر الحكومة الجديدة من الداخل ومعها <يتفجر> الوطن. مع الإشارة الى ان ثمة استحقاقات تنتظر لبنان أبرزها متابعة تنفيذ قرارات مؤتمر <سيدر>، وانعقاد القمة العربية التنموية الاقتصادية في 20 كانون الثاني (يناير) المقبل، وغيرها من الأحداث التي تتطلب وجود حكومة فاعلة وقادرة ومنسجمة في آن. وقد التقت وجهة نظر الرئيس عون في ضرورة <تهدئة> الخواطر وتذويب التشنجات، مع القناعة التي تكونت لديه بأن توجيه رسالة الى مجلس النواب لعرض الواقع الذي وصلت إليه البلاد لن يحقق النتيجة المرجوة منها، لا بل ستزيد الرسالة من حدة الاحتقان السياسي وتضيف الى العراقيل في وجه ولادة الحكومة، حجة جديدة ما يبقي الحال على ما هو عليه، هذا إذا لم تتراجع الأوضاع أكثر فأكثر.

ويعتقد المراقبون ان موقف حزب الله حيال المبادرة الرئاسية سوف يحدث فارقاً في المسار الحكومي فإما أن يسهّله وإما أن يزيده تعقيداً، وذلك انطلاقاً من قدرة الحزب على التأثير على موقف النواب السنة الستة من أي تسوية يتم التوصل إليها من خلال المبادرة الرئاسية التي يمكن وصفها بـ<خشبة الخلاص> الأخيرة و<جسر العبور> الى حكومة جديدة باتت حاجة ملحة من غير الجائز انتظار ولادتها أكثر من سبعة أشهر.

في 18 كانون الأول (ديسمبر) 2016 ولدت الحكومة الأولى في عهد الرئيس عون... فهــــــل تولــــــد الحكومـــــة الثانيــــة في مثـــــل هذا التاريخ من سنة 2018 أو قبله أو بعده... أو لا تولد أبداً؟