تفاصيل الخبر

ماذا عن إعلان بري والحريري بتأييد وانتخاب من يرشحه عون وجعجع ”لو اتفقا“؟!

29/01/2016
ماذا عن إعلان بري والحريري بتأييد  وانتخاب من يرشحه عون وجعجع ”لو اتفقا“؟!

ماذا عن إعلان بري والحريري بتأييد وانتخاب من يرشحه عون وجعجع ”لو اتفقا“؟!

 

بقلم جورج بشير

geagea-aoun  

قبل إعلان معراب التاريخي على لسان الدكتور سمير جعجع رئيس حزب القوات اللبنانية بتأييده مع حزبه ترشيح العماد ميشال عون لمنصب رئاسة الجمهورية بحوالى ثلاثة أشهر، كرّت موجة من التصريحات والتمنيات العلنية بعضها من كبار القادة السياسيين تطالب الزعماء المسيحيين في لبنان <بالحوار والاتفاق بين بعضهم البعض حول رئاسة الجمهورية لتزول لدى الآخرين مطالبتهم بمرشح من الصف الثالث أو من بين من يُسمّون محايدين للرئاسة الأولى>.

بعد تلك المرحلة، ولدى اشتداد الصراع السياسي بين حزب التيار الوطني الحر الذي يرئسه الجنرال ميشال عون وحزب القوات اللبنانية الذي يرئسه الدكتور سمير جعجع، وتسمية بعض فريق 14 آذار الدكتور جعجع مرشحاً عنه للرئاسة، ومن ثم تسمية حزب التيار الوطني الحرّ العماد عون مرشحاً عنه للرئاسة، واشتداد المنافسة، خصوصاً الإعلامية بين المرشحين عون وجعجع وفريقيهما السياسيين، اشتدّت موجة النصائح والتصريحات، لا بل المواقف المعلنة الموجّهة الى عون وجعجع مباشرة بأن يتفقا في ما بينهما على مرشح منهما أي على أحدهما، لكي يسارع الآخرون الى تأييد نتيجة مثل هذا الاتفاق وهذا الترشيح وتنتهي الأزمة الرئاسية، ومعها أزمة الشغور، وينتخب مجلس النواب الرئيس العتيد للبنان....

هذه الموجة من المواقف والتمنيات والتصريحات العلنية التي صدرت عن زعماء وسياسيين ونواب كانت بمثابة التحدي لعون وجعجع بأن يتحاورا ويتفاهما على واحد منهما يرشحه الآخر لكي يلتقط الآخرون الفرصة فوراً وينتخبوه رئيساً للجمهورية..

سفير المملكة العربية السعودية في لبنان السيد علي عواض العسيري الذي يحترمه اللبنانيــــــــــــــــــــــــــــون كثيراً ويواكبون المكرمات والمبادرات الخيّرة للمملكة السعودية الشقيقة تجاه لبنان تأكيداً على العلاقات التاريخية التي تشدّ البلدين الشقيقين منذ تعاونهما المشترك لتأسيس جامعة الدول العربية ووضع ميثاقها، وخاصة ميثاق الدفاع المشترك، السفير العسيري بالذات قال بإن بلاده تحترم إرادة اللبنانيين واتفاق المسيحيــــــــين كون الرئيس يمثلهم في سدّة الحكـــــــــــم وتعتبر أن الدور الأساسي في مسألة رئاسة الجمهورية يعود للبنانيين...

بري والحريري.. وغيرهما!

رئيس مجلس النواب نبيه بري سُئل في خلال اللقاء الذي جمعه مع مجلس نقابة الصحافة اللبنانية قبل شهر ونصف الشهر تقريباً، وهذا مسجل، ماذا سيكون عليه موقفه لو اتفق عون وجعجع على ترشيح أحدهما للرئاسة الأولى؟ كونه هو من دعاهما مراراً الى مثل هذا الاتفاق، فكان جوابه: <عندما يتفقان فأنا أبارك وننزل الى مجلس النواب وننتخب من يتفقان عليه>...

رئيس الوزراء الأسبق سعد الحريري لدى استقباله في <بيت الوسط> قبل شهرين تقريباً خلال وجوده في بيروت، سُئل عن موقفه من ترشيحي الدكتور جعجع والعماد عون فأجاب: <نحن نؤيد الدكتور جعجع للرئاسة، لكن إذا اتفق الدكتور جعجع والجنرال عون على أحدهما مرشحاً للرئاسة الأولى، فمرحى بمثل هذا التوافق وأنا أبارك وألتزم بمثل هذا الاتفاق>..

في الأسبوع الماضي توصّل فريقا التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية نتيجة مشاورات معمّقة وبعد إعلان النيات المعروف، توصلا الى التوافق المنشود حيث أعلن الدكتور جعجع خلال ردّ الزيارة التي قام بها العماد عون الى مقره في معراب عن قراره مع حزب القوات اللبنانية تأييد ترشيح العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية اللبنانية في خطوة جريئة، داعياً الأطراف السياسية اللبنانية المعنية كافة الى الوفاء بمواقفها وتمنياتها، وتأييد هذا القرار للخروج من أزمة الشغور الرئاسي الذي بدت جميع بري-الحريريالفاعليات اللبنانية وكأنها تضيّق ذرعاً به وبتداعياته على مختلف قطاعات الإنتاج في البلاد منذ سنة ونيّف، كما على الإدارات العامة وحتى على القطاع الخاص.

الذين أعدوا لولادة هذا <التزاوج> بين حزبي التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية لا بل هذا الالتحام بين الجنرال والحكيم، وفي طليعتهم النائب ابراهيم كنعان ومشروع النائب والوزير ملحم الرياشي، قاموا بعمل شاق ونتج عن عملهم هذا توافق بين الجنرال والحكيم ظهر وكأنه مستحيل، لكنه بعد إعلان معراب أصبح امراً واقعاً وحقيقة لا شك بأنها شكلت حدثاً سياسياً ضخماً في البلاد، خصوصاً على الصعيد المسيحي، ووضعت معظم الفاعليات السياسية وحتى الديبلوماسية أمام حقيقة لم تكن متوقعة، لا بل إنها لم تكن منتظرة لأنها أظهرت بعد ردود الفعل الفورية من بعض السياسيين، خصوصاً منهم أصحاب التمنيات على جعجع وعون بأن يتوافقا، ان أصحاب تلك التمنيات والمواقف والتصريحات أطلقوها وكأنهم كانوا يراهنون على أن الحكيم والجنرال لا يمكن أن يتفقا أو يتوافقا أو يتنازل أحدهما للآخر، فجاء إعلان معراب بمثابة الصدمة الكهربائية للوسط السياسي والديبلوماسي لأنه وضع الجميع أمام التزاماتهم ومواقفهم المعلنة إن لم يكن تعهداتهم، إذ ان الجميع يسلّمون بأن العماد عون بالنتيجة هو أقوى المرشحين المسيحيين للرئاسة، وهو رئيس أقوى كتلة نيابية في البرلمان، وأن من حق المسيحيين أن يطالبوا بمرشح قوي من المرشحين الأربعة المعلنين نتيجة لقاءات بكركي... وأظهرت ردود الفعل الفورية أيضاً أن الذين أيدوا ترشيح الدكتور جعجع أصلاً، كان مبعث تأييدهم له يقف عند تغيير الموقف من هذا التأييد عندما تدعو الحاجة والمصلحة، كما جرى بعد التخلّي عن ترشيحه في <لقاء باريس> وفي مبادرة الرئيس الحريري لمصلحة النائب فرنجية، كما أظهرت ردود الفعل أيضاً بأن الوزير وليد جنبلاط يمكنه مثلاً أن يؤيد ترشيح النائب فرنجية للرئاسة ويتجاهل بين ليلة وضحاها ترشيحه مع كتلته أحد أعضائها النائب هنري الحلو، ويولم في دارته في كليمنصو للنائب فرنجية المرشح من دون دعوة النائب الحلو... وهذا الأمر ينطبق على الرئيس الحريري بتجاهله مرشح 14 آذار وتأييده للدكتور جعجع عندما قام بـ<مبادرة باريس> الشهيرة من دون خسارة ولو كلمة على مرشحه الدكتور جعجع...

 

الوعود شيء، والالتزام؟!

لا شك بأن أركان الطاقم السياسي اللبناني في معظمهم أثبتوا عبر مواقفهم ووعودهم وعهودهم وحتى التزاماتهم، أن هذه كلها في كفة الميزان، وأما الوفاء والإلتزام بالوعود والعهود شيء آخر. ولعلّ هذا ما دفع بعدد لا يُستهان من الديبلوماسيين المعتمدين في لبنان للإصابة بالحيرة من هذه المواقف المعلنة، وتلك المبطّنة.

أمر واحد يجب الاعتراف به وهو أن ما قام به الدكتور جعجع رئيس القوات اللبنانية من مبادرة معلنة على الرأي العام من مقره في معراب وفي حضور العماد عون بتأييد ترشيحه للرئاسة، اتّسم بالجرأة والقرار المستقل لبنانياً من دون أي تأثير خارجي، وهذا ما أثبتته ردود الفعل المختلفة، خصوصاً تلك التي احترمت هذه الاستقلالية في القرار الذي كشف عن أبعاد استراتيجية على صعيد التنسيق والتعاون الانتخابي في المستقبل، خصوصاً في الانتخابات البلدية المقبلة، كما في الانتخابات النيابية. وهذا التنسيق والتحالف بدأا يصيبان بالأرق الفاعليات المسيحية وخاصة حزب الكتائب، والمستقلّين الكثر الذين بدأوا يضربون أخماساً بأسداس تفتيشاً عما يمكن أن يحصلوا عليه من مقاعد نيابية وبلدية، وحتى إدارية في حال أصبح تحالف <التيار> و<القوات> طويل العمر وعلّق في عنقه <الخرزة الزرقاء> لاتقاء مخاطر الحساد...

قرار <التيار> و<القوات> الموحد باعتماد ترشيح العماد عون للرئاسة لا يعني أن الأزمة الرئاسية ستضع أوزارها قريباً جداً، بل إن تداعيات هذا التحالف تبدأ أولاً وأخيراً بمدى استعداد الرئيس بري والوزير جنبلاط والرئيس الحريري للقبول بمبدأ وضع قانون جديد للانتخابات النيابية يحقق العدالة ويصحّح التمثيل في المجلس النيابي. وهذا هو بيت القصيد لأن أحد العناوين الرئيسية للتحالف الرئاسي الثنائي بين <التيار> و<القوات> على ترشيح العماد عون هو القانون الجديد للانتخابات..الانتخابات سواء كانت في ظل رئاسة عون، أم رئاسة غيره، والباقي تفاصيل.