تفاصيل الخبر

"ماكرون" يبقي مبادرته "اللبنانية" حية ويراهن على "بايدن" لنجاحها...

25/11/2020
"ماكرون" يبقي مبادرته "اللبنانية" حية  ويراهن على "بايدن" لنجاحها...

"ماكرون" يبقي مبادرته "اللبنانية" حية ويراهن على "بايدن" لنجاحها...

    

[caption id="attachment_83375" align="alignleft" width="375"] الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون لم يطوِ صفحة مبادرته لحل الازمة اللبنانية[/caption]

 كل الاشارات الواردة من باريس الى بيروت، تؤكد ان الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون لم يطوٍ صفحة مبادرته لحل الازمة اللبنانية على رغم "النكسات" التي اصيب بها نتيجة مواقف المسؤولين والقيادات اللبنانية والتي دفعته ذات مرة الى اتهامهم بــ "الخيانة الجماعية".... الا انه مع ذلك راغب في الاستمرار على رغم العقبات لأنه يريد لمبادرته ان تكون "انقاذية" انطلاقاً من حرصه على مستقبل لبنان واللبنانيين من جهة، وعلى الدور الفرنسي في المنطقة الذي لم يبد له اي حضور باستثناء لبنان بعدما بات من الواضح ان المنطقة العربية سوف تقسم الى نفوذين: اميركي وروسي... وعليه لن يبقى لفرنسا سوى لبنان الذي تستطيع من خلاله ان تستعيد دورها تدريجياً خلال السنوات المقبلة خصوصاً اذا ما حصل "تطاحن" بين الدولتين الكبيرتين والمؤشرات في هذا القبيل كثيرة جدا، بدءاً من سوريا وانتهاء بالعراق.

 وتؤكد مصادر ديبلوماسية على صلة مباشرة بالمبادرة الفرنسية ان مهمة الوفد الفرنسي باتريك دوريل التي "غرقت" في المستنقع السياسي اللبناني، لم تدفع الرئيس ماكرون الى تغيير رأيه بل هو ماض في جهوده لمساعدة لبنان مهما كانت ردود فعل الرسميين والقياديين اللبنانيين التي "صدمته" من خلال ما سمعه دوريل خلال وجوده في بيروت على رغم اطلاقه ما يشبه "الانذارات" على امل ان تترك فعلها في اذهان المسؤولين السياسيين اللبنانيين الذين اساؤوا الى المبادرة الفرنسية كثيرا على رغم انهم وافقوا عليها خلال لقاءي "قصر الصنوبر" خلال وجود ماكرون مرتين في لبنان. من هنا فإن الزيارة الرئاسية الثالثة للبنان الشهر المقبل لا تزال في موعدها لكن الشكل الذي ستأخذه مرتبط بالتطورات اللبنانية على حد ما ذكرته المصادر نفسها.

كذلك بقي مطروحاً المؤتمر الذي وعد ماكرون بالدعوة اليه لتوفير المساعدات الى لبنان في نهاية تشرين الثاني (نوفمبر) الحالي، الا ان محتوى هذا المؤتمر يبقى هو الاخر خاضعاً للتطورات اللبنانية ومدى قدرة الطبقة السياسية اللبنانية على انتاج حكومة جديدة يريد الفرنسيون ان توحي

[caption id="attachment_83376" align="alignleft" width="417"] وزير الخارجية الاميركي "جورج بومبيو" يبحث الوضع اللبناني مع "ماكرون" خلال اللقاء الباريسي في الاسبوع الماضي.[/caption]

بالثقة وتوفر معطيات على مدى قدرتها على القيام بالاصلاحات المرجوة التي باتت معروفة.

اما بالنسبة الى المؤتمر الاوسع الذي يحتاج اليه لبنان لتوفير المساعدات المالية واعادة اطلاق المشروعات التنموية والسير بما وفره مؤتمر "سيدر" فلن يكون ممكن الحصول اذا ما استمرت المراوحة على حالها علماً ان المبادرة الفرنسية هي "الوحيدة المطروحة اليوم على الطاولة من اجل انقاذ لبنان". كما تقول المصادر التي تضيف بان تمسك ماكرون بمبادرته مردها الاول الى الالتزامات التي قطعها للشعب اللبناني ولمجتمعه المدني، وذلك رغم العوائق القائمة على طريقه، واولها امكانية ان تحصل، فيما الطبقة السياسية ما زالت تتخبط في تناقضاتها وتتقاتل على الحقائب والمنافع وتراهن على التغيرات الاقليمية او الاميركية.

طبقة سياسية فاسدة

ولا تخفي المصادر نفسها استياء فرنسي من اداء الطبقة السياسية في لبنان وتقول عنها انها "غير قادرة وفاسدة"، لكن في الوقت نفسه فإن الادارة الفرنسية "ملزمة" بالتعاطي معها لسببين، الاول يتعلق بسيادة لبنان ورفض فرنسا المساس بها واعتبار ان اهتمامها بلبنان لا ينبع من رغبة في الهيمنة بل في المساعدة والثاني مبدأ الواقعية السياسية اذ ان هذا هو الموجود سياسياً، وهؤلاء يمثلون اللبنانيين الذين انتخبوهم في انتخابات نيابية حصلت قبل عامين بصرف النظر لما رافقها من ملابسات يكثر الحديث عنها فيما الادلة الثبوتية قليلة. وانطلاقا من هذا المفهوم الواقعي لدى الادارة الفرنسية لا يزال الرئيس ماكرون ومعه الديبلوماسية الفرنسية على تواصل مع الاطراف اللبنانيين، ومع الجهات المؤثرة على الوضع في لبنان. لذلك كان البحث الاسبوع الماضي في الشأن اللبناني بين ماكرون ووزير خارجيته جان ايف لودريان من جهة، ووزير الخارجية الاميركية مايك بومبيو من جهة ثانية، على رغم التعتيم الذي ضرب حول هذا اللقاء.... الا ان مصادر مطلعة اشارت ان باريس التي تعي ان تغير الادارة الاميركية ستكون له انعكاساته على الملف الشرق اوسطي واللبناني، تشير الى امرين: الاول، التنبيه لخطورة المراوحة والانتظار، بما له من انعكاسات على اهتراء الوضع اللبناني، حيث هناك عاملان متداخلان، وباء "كوفيد 19" والوضع المأساوي لشرائح واسعة من المجتمع اللبناني.

والثاني ان ادارة ترامب ستبقى في الاحوال كافة حتى 20 كانون الثاني (يناير) المقبل، اي لاكثر من شهرين. من هنا، تعتبر باريس ان المصلحة اللبنانية تكمن في "تحصين" الوضع الداخلي، وعنوانه الاول اليوم سد الفراغ المؤسساتي، وتشكيل حكومة فاعلة وقادرة ومتاح لها ان تقوم بالاصلاحات المطلوبة، وثمة من يرى في باريس ان الجانب الفرنسي لا يملك ما يكفي من الاوراق الضاغطة التي تدفع السياسيين اللبنانيين الى التعاون.

في اي حال، وعلى رغم عدم ملكية باريس اوراقاً كثيرة للضغط، فإن ماكرون مصر على المضي في مبادرته مع علمه اليقين ان واشنطن غير مرتاحة للدور الذي يلعبه في لبنان بعدما كانت وافقت في السابق على ان يقوم به نتيجة انشغالها بالانتخابات الرئاسية. لكن عندما رأت واشنطن ان ماكرون "بالغ" بالاهتمام بلبنان حاولت فرملته من خلال العقوبات التي فرضت على الوزراء السابقين جبران باسيل وعلي حسن خليل ويوسف فنيانوس ما ترك اثراً مباشراً على تشكيل حكومتي مصطفى اديب وسعد الحريري. ويبدو ان باريس بعد وصول الرئيس المنتخب جو بايدن الى البيت الابيض سوف تمد جسور العلاقات مع ادارته لــ "الانتقام" من ترامب وادارته، وهي- اي باريس- تعمل لموقف اوروبي موحد من ادارة بايدن علها تتمكن من فتح صفحة جديدة مع الولايات المتحدة الاميركية وهذا ما سوف يترك اثرا مباشرا على الاوضاع في لبنان. لذلك يقول كثيرون ان لا حكومة جديدة قبل تسلم بايدن رئاسة الولايات المتحدة في 20 كانون الثاني (يناير) المقبل حيث يفترض ان تكون "حلحلة" الازمة الحكومية اللبنانية من اولى ثمار العهد الاميركي الجديد المنفتح اوروبياً بعد المعاملة السيئة التي لقيتها دول اوروبا من ترامب الذي كان يتصرف مع القادة الاوروبيين بتعال وفوقية.