تفاصيل الخبر

”ماكرون“ أبلغ عون والحريري ضرورة الاسراع في تفعيل توصيات ”سيدر“ لئلا تضيع ”الفرصة“!

18/10/2019
”ماكرون“ أبلغ عون والحريري ضرورة الاسراع في تفعيل توصيات ”سيدر“ لئلا تضيع ”الفرصة“!

”ماكرون“ أبلغ عون والحريري ضرورة الاسراع في تفعيل توصيات ”سيدر“ لئلا تضيع ”الفرصة“!

الاشارات التي ترد من باريس الى بيروت تلتقي على التأكيد بأن الرئيس الفرنسي <ايمانويل ماكرون> أبلغ معاونيه خلال الأيام القليلة الماضية ان الاهتمام الفرنسي بالملف اللبناني لا يزال يحظى بالأولوية في السياسة الخارجية الفرنسية على رغم <الخيبات> التي أصيب بها المسؤولون في فرنسا من الأسلوب الذي يتعاطى به المسؤولون في لبنان حيال ملف <سيدر> الذي يريد الرئيس الفرنسي ان <ينتعش> من جديد بعد سبات عميق أصابه خلال الأشهر الماضية بفعل التجاذبات السياسية اللبنانية.

ويقول مطلعون على الموقف الفرنسي ان الرئيس <ماكرون> أبلغ الرئيس اللبناني العماد ميشال عون عندما التقاه في نيويورك على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، ما كان أبلغه الى رئيس الحكومة سعد الحريري خلال زيارته الأخيرة الى باريس، بأنه لا يزال أمام لبنان <فرصة> اضافية حدها الأقصى نهاية شهر تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل ليثبت انه قادر على التجاوب مع الدعم الدولي الذي برز في مؤتمر <سيدر> والذي وفّر للدولة اللبنانية استثمارات محتملة بقيمة 11 مليار دولار أميركي على بيروت ألا تضيعها نتيجة المماحكات السياسية التي شلت عمل الحكومة من جهة، وأخّرت من جهة أخرى الاصلاحات التي وعد لبنان الدول المانحة باعتمادها في موازنة 2019، ثم جيّر الوعد الى مشروع موازنة 2020. ويضيف المطلعون ان الرئيس <ماكرون> لا يريد أن يترك لبنان أمام مصير محتوم لأنه لا يزال يرى ان ثمة امكانية للخروج من المأزق الذي وضع لبنان نفسه به من خلال عدم التزامه بما وعد به خلال مؤتمر <سيدر> وان ما تضمنته موازنة 2019 شكل بداية لخطوات موعودة في مشروع موازنة عامة لاسيما في ما خص الاصلاحات المرتقبة وفي مقدمها قوانين جديدة تنظم عمل الادارة اللبنانية وخطة الكهرباء والنظام التقاعدي والقوانين الجمركية، إضافة الى خطوات اصلاحية في مجالي القضاء ومكافحة الرشوة والفساد.

باريس تريد خارطة طريق واضحة!

 

وأوضحت مصادر مطلعة لـ<الأفكار> ان باريس أبلغت المسؤولين اللبنانيين ان بيروت أعطيت الوقت الكافي لإجراء الاصلاحات المرجوة وان <خريطة الطريق> التي تم الاتفاق على انجازها تلحظ تحديد الأولويات للمشاريع المنوي تنفيذها في نطاق <سيدر> من خلال وضع <هرمية أولويات> واضحة، وخطة عملية لتصحيح البنى التحتية، وهذا الأمر ليس لمصلحة فرنسا، بل لمصلحة لبنان واللبنانيين لأن بلداً مثل لبنان لا يمكن أن يستمر في هذه <الفوضى> التي تركت تداعيات سلبية كبيرة على الاقتصاد والحياة الاجتماعية من جهة، وعلى ثقة المجتمع الدولي بقدرة اللبنانيين على الخروج من الأزمات المتلاحقة التي يعيشون في ظلها من جهة أخرى. وأشارت المصادر الى ان باريس استقبلت بـ<ارتياح> الخطوات التي اعتمدتها الحكومة في مجال اصلاح القضاء الذي يشكل المدخل الصحيح لمكافحة الفساد واطلاق عملية النهوض في مناخ من العدالة والشفافية، خصوصاً بعدما تبلغت باريس ان اطلاق ملف النهوض الاقتصادي يحتاج الى مواكبة قضائية تضع حداً للفلتان الذي عانى منه لبنان خلال السنوات الماضية. وفي رأي العاصمة الفرنسية ان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون يريد فعلاً مكافحة الفساد والقضاء على الرشوة في الادارات وفي انجاز الصفقات العمومية، إلا انه اصطدم بعدد من المعوقات الناتجة عن المناخ الذي ساد في لبنان منذ اتفاق الطائف وتوسع خيار <التسويات> وانسحابه على مرافق عدة في البلاد ليست فقط سياسية بل أيضاً اقتصادية مع وجود مجموعات من <المحتكرين> لتنفيذ مشاريع الدولة والالتزامات والصفقات التي وصل صداها السلبي الى العاصمة الفرنسية.

وسجل الفرنسيون، في هذا المجال، <ارتياحهم> لتوجهات حكومة الرئيس سعد الحريري بخفض الانفاق وترشيده من خلال مشروع موازنة 2020، لاسيما وان مسألة فرض ضرائب جديدة غير مستحبة، والتجربة الفرنسية في هذا المجال أعطت دروساً لإدارة الرئيس <ماكرون> خصوصاً خلال تعاطيه مع ظاهرة <السترات الصفراء> التي بدأت تنحسر تدريجاً في فرنسا. كذلك فإن زيادة مداخيل الدولة من خلال ضبط الهدر وتنظيم الانفاق ووضع أولولية له، من المسائل التي تجعل الفرنسيين يثقون بامكانية الحكومة اللبنانية معالجة الثغرات في نظامها المالي. ولا تزال باريس ــ وفق المصادر المطلعة ــ تصر على ضرورة تطبيق مسألة الهيئات الناظمة خصوصاً في مجالات الخدمات مثل الكهرباء والاتصالات وقطاع النفط، وهي ــ أي باريس ــ لم تدرك بعد الأسباب الحقيقية التي تحول دون تشكيل هذه الهيئات، علماً ان وجودها يشجع على الاستثمار إذ يبعد التدخل السياسي في المشاريع الانمائية التي تعيرها الادارة الفرنسية أهمية خاصة.

لماذا <تجرجر> خطة الكهرباء؟

 

ويتوقف المسؤولون الفرنسيون عند الأسباب التي حالت حتى الآن دون تنفيذ خطة الكهرباء التي <تجرجر> منذ سنوات ولم تُحسم بعد، على رغم الوعود التي أعطيت للموفد الفرنسي السفير <بيار دوكان> خلال زياراته المتتالية لبيروت ولقاءاته مع المسؤولين اللبنانيين علماً انه ــ أي <دوكان> ــ شكا من <الانقضاض المفاجئ> على الاصلاحات في قطاعي الكهرباء والطاقة في محاولة مكشوفة للمحافظة على عدد من الامتيازات التي استفادت منها عبر السنوات الماضية طبقة من رجال الأعمال الذين لهم <روافد> سياسية في التركيبة الوطنية اللبنانية. وتذكر المصادر بما أعلنه السفير <دوكان> خلال وجوده في بيروت من بروز <شكوك> متزايدة لدى المانحين حيال التزام الحكومة تحقيق الاصلاحات بأسرع ما يمكن حى تنجح الخطة الاستثمارية التي تعلق باريس أهمية كبرى عليها.

وتؤكد المصادر ان الرئيس <ماكرون> أبلغ كل من الرئيسين عون والحريري ان بلاده مستعدة للتدخل عند الضرورة لتذليل العقبات أمام انسياب الخطط الاصلاحية المتفق عليها في مؤتمر <سيدر>، لكنها لن تفعل ذلك إلا إذا طلب لبنان رسمياً ذلك لأن باريس لا تريد التوغل في <الوحول> اللبنانية لأن تجربتها السابقة غير مشجعة. غير ان عدم حماسة باريس للدخول مباشرة على خط الاصلاحات لا تعني انها ستخلي الساحة لتدخل أميركي مباشر أو غير مباشر خصوصاً ان واشنطن تريد من خلال العقوبات التي تفرضها على لبنان أن يكون لها <موطئ قدم> في الحياة الاقتصادية اللبنانية بالتزامن مع دخول لبنان في مجال التفتيش عن النفط والغاز بعدما انكفأت الشركات الأميركية عن الدخول في هذا المجال المهم لدى طرح استثمار <البلوكات> النفطية والغازية، ما جعل شركات فرنسية وايطالية وروسية تتحالف للفوز بهذا القطاع بدءاً من <البلوكين> 4 و9 في الجنوب والشمال، والدليل على الرغبة الأميركية في العودة الى مجال الطاقة، الايعاز الذي أعطته الادارة الأميركية لشركات أميركية مهمة بالاشتراك في عمليات تلزيم <البلوكات> الأخرى وتقديم أسعار تنافس الشركات الأوروبية (والفرنسية تحديداً) والروسية.

تشكيل اللجنة التوجيهية!

 

من هنا، تضيف المصادر، فإن باريس تراهن على <سيدر> كي تُبقي حضورها في الحياة الاقتصادية اللبنانية الأبرز والأفعل، وهي تتكيف الى حد ما مع المعايير التي تضعها الدولة اللبنانية على رغم اقتناعها بأن بعض هذه المعايير ليست كلها اقتصادية ومالية، وقد دفعت باريس الى الأمام مسألة تشكيل <اللجنة التوجيهية> (Comité de pilotage) خلال الأسابيع القليلة المقبلة التي من مهامها الأساسية مراقبة الآليات المعتمدة لتطبيق توصيات <سيدر> واختيار المشاريع الأكثر الحاحاً وفائدة في آن، وقد باشرت لجنة مصغرة من معاوني الرئيس سعد الحريري اتصالاتها مع الجانب الفرنسي الذي طالب بلجنة موسعة تضم اضافة الى فرنسا كلاً من المملكة المتحدة وكندا والأردن وبنك الاستثمار الأوروبي وصندوق النقد الدولي والحكومة اللبنانية ومجلس الخصخصة والانماء والإعمار، وهذا ما يفسر الاندفاعة البريطانية نحو السوق اللبنانية من خلال تسمية مندوب بريطاني كممثل للحكومة يتابع الملف من بيروت، ثم زيارة وزير الدولة للشؤون الخارجية والتنمية والبيئة في الحكومة البريطانية في الأسبوعين الماضيين الى بيروت واللقاءات التي عقدها مع المسؤولين اللبنانيين وأعرب خلالها عن رغبة بريطانية في المشاركة في المشاريع الاستثمارية التي وردت في توصيات <سيدر>، كما سُجل في الآونة الأخيرة دخول ألماني على خط الاهتمام بالمشاريع اللبنانية وهو ما لمسه وزير الخارجية جبران باسيل خلال زيارته الأخيرة لبرلين.