رغم إدعاء بعضنا اننا في ألفية العولمة والحضارة واحترام حقوق الانسان، فإن مفهوم العبيد والرق ما زال شبحاً يطارد أذهاننا، فكم من قصة سمعنا، وضجت بها آذاننا عن الخادمات الأجنبيات اللواتي يعملن في البيوت اللبنانية؟ فالخادمة اليوم باتت، مع انخراط المرأة اللبنانيّة في سوق العمل، حاجة ملّحة لا مفرّ منها، كما تشكل المحور الأساسي والأهم في كل جلسة تعقدها <المدام> مع زميلاتها، سواء في المطعم أو المقهى أو صالون التجميل، أو حتى على <الصبحية>، فمع كل رشفة قهوة قصة جديدة عن <مالي>، <هايمي>، <فريدا>، <كومالي>... ثمة من يتذمر، وثمة من يمدح عمل <بنته> قائلة <الحمد لله توفّقنا بهذه البنت>، والمضحك المبكي في لبنان أن الخادمة باتت تشكل مظهراً من مظاهر الجاه، فهناك فئة من اللبنانيين ليس عندها خادمة في المنزل.....
قبل الحرب اللبنانية، اعتادت الأسر اللبنانية على توظيف شابات لبنانيات من أصل ريفي فقير، أو شابات سوريات وبعض الفلسطينيات والمصريات، فكنّ يدخلن الأسرة ابتداء من سن العاشرة ويتركنها عندما يحين وقت الزواج، وكان الأولياء يزورون بناتهم من وقت الى آخر، أو حتى مرة واحدة في السنة لتحصيل أجرهن، لكن أثناء الحرب ولغاية يومنا هذا، باتت الفتيات العربيات يرفضن هذه الوظائف باعتبارها مهينة، ومنذ توافد النساء الأجنبيات من أفريقيا وآسيا على وجه الخصوص، بات يُنظر نظرة دونيّة إلى وضع الخادمة، ليس فقط بسبب طبيعة المهام وشروط العمل والأجور المتدنية نسبياً، بل أيضاً بسبب ربط الاستخدام المنزلي باعتبار عنصري.
واللافت ان الخادمات، اي النساء اللواتي يرغبن في الهجرة، يضطررن إلى دفع مبلغ من المال لوكالة الاستخدام في بلدهنّ، وغالباً ما تضطر المرأة إلى الاستدانة (من أفراد الأسرة أو المصارف أو المرابين) أو بيع مقتنياتها، كالمجوهرات مثلاً، لتغطية هذا المبلغ، مما يجعلها في حالة نفسية مذرية نتيجة لعدم معرفتها بجدوى رحلتها الى المجهول، علماً ان رب العمل عليه أن يكون قد أخذ فقط موافقة مسبقة من وزارة العمل وفيزا من الأمن العام واقامة عمل ثانوية واجازة عمل ثانوية، اضافة الى مستندات قانونية كعقد العمل وصورة عن جواز السفر.
ومنذ اتخاذها قرار المجيء الى لبنان، يبدأ عذاب هذه العاملة البسيطة، فهي كما عرفنا قد تضطر الى بيع مجوهراتها أو مقتنياتها للمجيء الى أرض الميعاد غير مدركة أنه في بعض الأحيان قد يكون طريقها مزروعاً بالأشواك، على اعتبار ان العديد من هؤلاء الخادمات يتعرضن لشتى أنواع العنف والتعذيب. فخادمة واحدة من أصل 8 خادمات فقط تحظى بيوم عطلة يوم الأحد، ناهيك عن العنف الجسدي الذي قد تتعرض له العاملات الأجنبيات في البيوت اللبنانية.
من جهة أخرى، قد تؤدي هذه الخادمات دور الظالم، فكم من قصة وقصة سمعنا عنها ومفادها فرار خادمة وسرقتها لمنزل مستخدميها، او قصص تتعلق بمحاولة الخدم الانتحار، ناهيك عن قصص قتل الخادمة لرب عملها او للأطفال كحادثة الطفلة سيلين!
قصص عديدة، مبرراتها وفقاً للخدم، العنف الجسدي الذي يتعرضن له، فلعلّ العنف الجسدي هو إحدى الصور الأكثر رواجاً لمعاملة الخادمات في لبنان، فثمة حالات خطرة للغاية تناقلتها الصحافة؛ لكن بالإجمال، ليس الضرب رائجاً إلى هذا الحد، فثمة خادمات اجنبيات عوملن معاملة لائقة ومحترمة، وبتن على علاقة محبة مع صاحب العمل، ولا يخفى عن احد أن أسوأ معاملة تتعرض لها الخادمة تحصل في الأشهر الأولى للعمل، ففي هذه المرحلة، تعتقد سيدة
المنزل أن عليها <تدريب> الخادمة تدريباً صارماً حتى لا يحدث أي سوء تفاهم لاحقاً، وهذا ما يعكس صرامة وصعوبة عملية الاندماج في العمل، وضمن هذه العلاقة، يكثر الخوف والشك من الجهتين.
<مغدس> تحت الطلب
ولكن بالمقابل الى جانب هذه الروايات عن تعنيف الخدم، ثمة سيناريوهات ترسمها الخادمات، وقصص كثيرة يروينها، وتبدأ بسوء المعاملة والضرب، والتعذيب النفسي والجسدي، ولا تنتهي بالحرمان من الطعام والشراب والعمل المضني، بل بالاغتصاب والاعتداء الجنسي وغيرها... كل هذه الادعاءات يتذكرنها بعد سنوات من هروبهن من بيت مخدومهن، وفقط عندما يردن مغادرة لبنان، والعودة الى بلادهن، بعد تقاسم الغلة مع <المتعهد>... وهذا الامر يبدو طبيعياً، عندما ندرك أن القانون يجبر الكفيل على دفع ثمن بطاقة السفر، بموجب التعهد وعقد العمل الموقع بين الطرفين، مهما كانت الظروف.
وتجربة <مغدس زيرغا> العاملة الأثيوبية خير دليل على وضع بعض الاثيوبيات في لبنان. <مغدس> قدمت الى لبنان منذ 12 سنة عن طريق مكتب لاستقدام الخدم في منطقة الاشرفية، مكثت في المكتب لمدة ثلاثة اشهر، حيث عملت بشكل مجاني لدى منزل صاحب المكتب، الى ان تم استخدامها من قبل عائلة في منطقة البربير، عملت لديها مدة 7 اشهر متتالية، وكانت معاملتهم جيدة معها، تتقاضى راتبها بانتظام، ولكن ساءت احوال رب العائلة المادية فأعادها الى المكتب من جديد، حيث عملت ولمدة 4 اشهر لدى صاحب المكتب بشكل مجاني، الى ان تم استقدامها من قبل عائلة ش. في عوكر، وهي عائلة مكونة من رب المنزل الذي يملك محل لبيع السمانة، وزوجته ربة منزل واولاده الاربعة الذين تتراوح اعمارهم بين الـ5 سنوات والـ12 سنة. معاملة عائلة <ش> كانت في البداية رائعة بالنسبة لـ<مغدس>، وربة المنزل اوهمتها بأنها تدخر لها اموالها بغية اعطائها اياها بعد انتهاء عقد الاستخدام، واعلمتها ان تحويل الاموال الى اثيوبيا امر غير آمن وقد تخسر من قيمة الاموال في حال القيام بعملية التحويل. اقتنعت <مغدس> بفكرة ربة المنزل على اعتبار ان معاملتها كانت رائعة معها، وبعد مرور اربعة اشهر على مكوثها لدى عائلة ش.،ل لاحظت ماجدة ان ابنهم البكر حزين ويبكي باستمرار، فسألت عن سبب بكائه، فعلمت انه قد تم توبيخه من قبل المدرسة لكون والده بسبب قلة عمله لم يتمكن حتى الآن من شراء الكتب له، فأعطت <مغدس> ربة المنزل مبلغ 100 $ لشراء الكتب لابنها، كما انها ونزولاً عند رغبة الوالد اعطته 130 الف ليرة لشراء الجبنة واللبنة والخضار لمحله، على ان يتولى مهمة تسديد المبلغ بعد القيام بعملية البيع.
وتتابع مغدس:
- ما هي الا شهور حتى تحسنت اوضاع العائلة المالية، فطالبت السيدة بأموالي، فوبختني قائلة: لقد اعلمتك بأنني اتولى مهمة تجميع الاموال العائدة لك وسأضيف عليها مبلغ 190 دولار لأعطيك اياها فور مغادرتك لبنان، وذلك لكي لا تقعي ضحية الخسارة المالية اثناء تحويل هذه المبالغ لأهلك في اثيوبيا. لا تخافي إن اموالك بأمان معي.
وتستطرد <مغدس>:
- في تلك الفترة، كانت لدي صديقة تدعى <كومالي> وهي تعمل لدى المنزل المجاور لمنزلنا، اعلمتها بما يجري معي، فحذرتني من الوقوع ضحية عدم اعطائي الاموال من قبل عائلة <ش>، فإتفقت معي على انها ستتولى عملية اخباري واخبار عائلة <ش> بكون شقيقي قد تعرض لحادث سيارة في أثيوبيا وهو بحاجة لمبلغ 1000 دولار كمصاريف علاج، وهذا الامر سيكون بمنزلة امتحان لعائلة ش.، وبالفعل تولت <كومالي> ابلاغي امام العائلة بأن شقيقي في المستشفى وهو بحاجة لمبلغ 1000 دولار، فطالبتهم بأموالي فحدث ما كان غير متوقع، اذ اجابني صاحب المنزل: <الظاهر ان شقيقك عديم المسؤولية وبحاجة لطبيب عيون فهو لا يرى جيداً وقد عرض حياته وحياة الآخرين للخطر>. فعدت وطالبته مراراً وتكراراً بالمبلغ ولكن دون جدوى، وبعد مطالبتي بأموالي، بدأت رحلة عذابي مع عائلة <ش>، فإضافة الى احتجازهم للأجر، عمدوا الى تقييد حركتي واعتمدوا اسلوب المضايقة بالضرب من قبل الاولاد والام بداية، وصولاً الى الضرب من قبل رب المنزل.
وتتابع مغدس:
- ان تقييد حرية التنقل من أبشع أشكال التحكّم في الخادمة الأجنبية في لبنان، وهذا الامر يؤثر سلباً على نفسيتنا، فإن لم يقفل علينا باب الشقة، نادراً ما نعطى مفتاح المنزل الذي نمنع من مغادرته من دون إذن صريح، وهذا ضرب من ضروب السجن الذي بات بديهياً في علاقة العمل، فحتى لو عوملت الخادمة معاملة حسنة على الصعد الأخرى كلها، يبقى تقييد الحركة معمماً، وذلك يؤدي حكماً الى زعزعة علاقتنا مع ارباب عملنا.
وتستطرد مغدس:
- إضافة الى تقييد حركتي وضربي، عمد آل <ش> الى مضاعفة عملي، واجبروني على العمل داخل المحل، ومساعدة صاحب المنزل على نقل البضائع من السيارة الى المحل، كما لجأوا الى تجربة العزل التام، بمعنى عدم وصولي إلى الهاتف للتكلم مع عائلتي، وعدم ايصال البريد وضبط مراسلاتي مع أفراد أسرتي، كما تم عزلي تماماً عن المجتمع، فعمدوا الى اقفال باب المنزل حتى اثناء وجودهم في المحل الذي يقع في اسفل البناية، ومنعوني من التكلّم مع صديقتي <كومالي> حتى عبر الشرفة.
محاولة انتحار
وتتابع مغدس:
- ولكن لم يتم حرماني من الطعام، فشكرت ربي على ذلك، ولا انكر انه قد راودتني ولأكثر من مرة فكرة القفز من المنزل الى الشارع بغية الهرب الى مكتب الاستخدام لاعلامهم بما يحدث معي، ولكن خوفي من تعرضي للأذى على اعتبار ان المنزل يقع في الطابق الثالث هو ما ردعني عن القيام بذلك، وقد تحملت عناء المكوث لدى عائلة ش. بالقهر والعذاب والضرب مدة 8 اشهر، وكنت احاول دائماً انتهاز الفرصة المناسبة للهرب، ففي احد الايام انتهزت اصطحاب السيد لأولاده الى المدرسة، وانشغال ربة المنزل بالتكلم على الهاتف في المطبخ، ولاحظت ان الباب مازال مفتوحاً، فهرولت بسرعة، وقصدت صديقتي <كومالي> واخذت منها مبلغ 10 دولار من اجل اصطحاب تاكسي الى الاشرفية، فقصدت مكتب الاستخدام، واعلمته بمعاناتي، فطلب مني الاتصال بآل <ش>، لاعلامهم بمكان وجودي لكي لا نتعرض للملاحقة القانونية، فأبلغتهم بأنني هربت ولا اريد ابداً العودة الى منزلهم، وطالبت السيدة بأموالي، فطلبت مني اعطاءها صاحب المكتب للتكلم معه، وتكلمت معه مطولاً، ولم اعلم ما كان محتوى المكالمة. وبعد انتهاء المكالمة، اعلمني صاحب المكتب بأنه سيتولى شخصياً مهمة تحصيل اموالي، وطلب مني المكوث فترة في منزله على ان يصار الى ايجاد رب عمل جديد، يتولى مهمة استخدامي. لم يطل مكوثي كثيراً لدى صاحب المكتب حتى تم استقدامي لدى شيخ في منطقة الزيدانية، بيته كبير جداً ولديه ستة اولاد، امضيت عنده اربع سنوات، وكانت معاملته لي معاملة رائعة جداً فزوجته لطالما عاملتني باحترام، ومعاملتها الحسنة جعلتني اتغاضى عن التعب الجسدي الناتج عن الاهتمام بالأولاد، وتنظيف المنزل، وتحضير الاكل، وتضيف <مغدس>: لم يعمد الشيخ اطلاقاً ولا زوجته الى توبيخي او حتى حبسي داخل المنزل، حتى انني كنت احصل على راتبي مع مطلع كل شهر. بعد مرور 3 اشهر على مكوثي لدى الشيخ، طالبت صاحب المكتب بأموالي فرفض اعطائي اياها، متحججاً بكونه لم يتمكن من اخذها من آل <ش>، فعندئذٍ علمت ان هناك تواطؤاً من الاساس بين المكتب وآل <ش>، تواطؤ وقعت ضحيته، فحزنت لما جرى معي، ولاحظ الشيخ وعائلته مدى حزني فعرضوا فكرة التعويض علي لما خسرته، فرفضت الفكرة ولكنهم بالمقابل عمدوا الى شراء هدايا واحتياجات عديدة لي تقريباً بقيمة ما خسرته لدى آل <ش>.
حكاية سيلين
قصة <مغدس>، واحدة من القصص المتداولة بين الخدم، والى جانبها هناك قصص تتكلم عن تحول الخدم من مظلوم الى ظالم، من بينها قصة مقتل سيلين على يد الاثيوبية، وقصة طعن جانيت واختها سهى من قبل الخادمة الاثيوبية، قصص عديدة دفعتنا الى مقابلة نقيب مكاتب استخدام العاملات الاجنبيات الاستاذ هشام البرجي لاستيضاح نقاط عديدة تثار حول وضعية المكاتب في لبنان.
يشرح رئيس نقابة أصحاب مكاتب استقدام الخادمات في لبنان هشام البرجي في حديث لـ<الافكار> ان الخطورة تبدأ مع العاملة من المكاتب نفسها، والتي يتراوح عددها في لبنان ما بين 560 الى 580 مكتباً، وهي تنقسم الى ثلاث فئات: مكاتب مرخصة وتمارس المهنة بطريقة قانونية، بينما النوع الثاني والخطير والذي يحصل على ترخيص، ويقوم بتأجير الرخصة الى شخص آخر، وهذا مخالف للقانون، فمن ضمن شروط الترخيص عدم اعطاء الرخصة لغير صاحبها، ويمنع استثمارها او تأجيرها، بينما النوع الثالث وهو اخطرها، حيث نشاهد في الشوارع والطرقات اعلانات لمكاتب استقدام عاملات وهي غير مرخصة، لتصل الامور الى حد توزيع اعلانات <مندوبنا في خدمتكم>، حيث يكون بحوزته عدة سير ذاتية لعاملات، ومن باب الجهل لدى بعض المواطنين انهم يعتبرون من الاسهل انجاز المعاملات من المنزل، ولكن عندما تقع الكارثة ويكون هناك اشكال، يصبح من المستحيل الوصول الى الموظف، فمن المنطق اللجوء الى مكاتب مرخصة، ولو لزم الامر بعض التعب.
ويتابع البرجي:
- اما الاخطر من ذلك فهو لجوء بعض الاجانب في لبنان الى الدخول على خط هذه المهنة (مصريون ــ عراقيون ــ سوريون ــ فيليبينيون ــ بنغلادش...) ونحن لا نعارض دخولهم بسبب المنافسة، بقدر ما هو تشكيل هؤلاء لتجمعات فئوية تسمح لهم بارتكاب الكثير من الانتهاكات تحت ستار مكاتب الاستخدام، حيث يتولون مهمة تسهيل فسخ العقد والفرار للعاملات، ويعمدون الى انشاء مجموعات تعمل في شتى المجالات، دعارة ــ فنادق ــ معامل ــ مطاعم.... وهذه الظاهرة بالرغم من عدم شرعيتها هي بتعاظم مستمر، ولا يوجد عليها رقابة أو تشديد من قبل السلطات المحلية في لبنان.
ويضيف برجي:
- ولكن المهمة الاصعب والاخطر تبقى في مكاتب ما يسمى <التنظيفات> والتي تقوم بتهريب العاملات، ولديها اكبر مافيا في لبنان، وتشكل خطورة حقيقية، فعلى سبيل المثال فتاة مريضة يستقدمونها ويبرمون عقد عمل معها، ويتم تشغيلها في الفنادق وفي بعض الاحيان في المستشفيات، مما جعل ظاهرة طرد العامل اللبناني واستبداله بعامل اجنبي غير شرعي تتفاقم، وهذا يسبب ما يمكن تسميته بظاهرة الخطر الاجتماعي على العمال اللبنانيين، وللأسف يحدث ذلك بعلم اصحاب المؤسسات التي يبدو وكأنها قد فقدت ما يمكن تسميته بالحس الوطني، و هذه القضية اطلع عليها الامن العام ووزارة العمل، علماً انها تدخل ضمن اطار الاتجار في البشر.
وعن العوائق التي تعترض عمل النقابة يقول البرجي: من اهم العوائق هو الحظر المفروض علينا من قبل بعض الدول(الفيليبين ــ اثيوبيا ــ النيبال ــ مدغشقر...)، وسبب الحظر عائد الى عدم تلبية مطالب تلك الدول على صعيد رفع مستوى الحماية لمواطنيها وتوقيع مذكرات تفاهم مع لبنان. وهذا الامر يعتبر من احد اهم مسببات المشاكل لقطاع الاستخدام، اولاً على صعيد عدم اشرافنا على نوعية العاملات، حيث تتولى بعض المافيات تهريبها الى لبنان، مما جعل المشاكل تتكاثر، من انتحار، الى هرب وحتى قتل ارباب العمل، ناهيك عن ارتفاع الكلفة للاستخدام بسبب الحظر واضطرارنا للخضوع الى المافيات التي تعمل في الدول المرسلة لتجاوز هذا الحظر، وللأسف مع الشخصيات الرسمية لهذه الدول.
وفيما يتعلق بجهود النقابة لرفع الحظر، يقول البرجي:
- نحن كنقابة سعينا لتقريب وجهات النظر بين دولتنا والدول التي فرضت الحظر، ولكن عدم الجدية والمتابعة الحثيثة لهكذا ملفات ادت الى تأخير رفع الحظر حتى تاريخه، ولكن مؤخراً وبعد مقابلتي مع وزير العمل سجعان قزي شرحت له هذا الواقع بجوانبه كافة، وتطرقت للضرر اللاحق بنا كنقابة، وصولاً الى سمعة لبنان في الخارج، وقد التمست استجابة من معالي الوزير حيث شكل خلية عمل مؤلفة من كوادر ملمة بهذا القطاع وعلى رأسها الدكتورة ايمان خزعل، والسيد محمد رمال والسيدة مارلين عطاالله، وجومانا حيمور، واعطاهم الوزير الصلاحيات الكافية بغية رفع هذا الحظر، وبالفعل باشرت هذه الخلية اتصالاتها بشكل مكثف ونتوقع نهاية سعيدة والاعلان عن رفع الحظر الذي سيشكل افضل هدية للعاملات وللأسر المستخدمة قبل ان تكون هدية لمكاتب الاستخدام.
وعن جهوزية النقابة للتعامل مع الدول لاستخدام الخدم بشكل صحيح يقول البرجي:
- نحن كمكاتب منتسبة للنقابة نتفوق على الدولة وباعتراف من وزارة العمل، فقد سبقناها برفع مستوى المهنة ولا سيما على مستوى المعاهدة 189 والتي تعتبر مستقبل واساس العمل في هذه المهنة، وهي صادرة عن منظمة العمل الدولية عام 2011.
ويتابع البرجي:
- كما ان لدينا مدونة قواعد سلوك لممارسة هذه المهنة وضعت تحت الاشراف المباشر لمنظمة العمل الدولي، وللأمن العام ووزارة العمل، وكنقابة نلتزم بهذه المدونة، مع بعض الصعوبات بالتطبيق لبعض البنود، وسببها تضاربها مع المذكرات المعمول بها لتسيير هذا العمل، مثال عدم احتجاز العاملة في حال عودتها للعمل واعطائها حرية التنقل، لايجاد كفيل آخر.
ويضيف البرجي:
- كنقابة شاركنا بمؤتمرات دولية في عدة دول بدعوة من منظمة العمل لشرح هذه الامور ورددنا ان معاهدة 189 بحاجة الى تعريب لتتطابق مع شروط وبيئة المجتمع الشرقي التي لا تتعارض مع حقوق الانسان ولكن لدينا نظرة مختلفة عن الغير مثل عدم تقبلنا للحرية الجنسية.
ــ ولكن ما نفع كل ذلك، في ظل عدم وجود قانون لتنظيم عمل الاجانب، فلا تعتقد ان سبب الفوضى عائد لغياب هذا القانون؟
- الفوضى عارمة، وحتى الآن لا يوجد قانون لتنظيم العمل، فالقانون الذي سمي بقانون بطرس حرب والذي يحارب من قبل البعض، لم يطبق، علماً ان وجوده يبقى افضل من عدمه، على الاقل يمكن محاربة تلك المكاتب غير الشرعية بالقانون، فعند الملاحقة حالياَ يقوم الامن العام بالاستناد الى المادة 75 من قانون العمل، ولكنه غير كافٍ، فالقانون يخفف الفوضى وما يتبعها من جرائم سرقة وقتل وهرب للعاملة بالإضافة الى رفع الحظر من قبل العديد من الدول على القدوم الى لبنان.
ويستطرد البرجي:
- ولكن الاهم يبقى في وعي المواطنين اذ يتوجب عليهم عند طلب اي عاملة المطالبة بالإطلاع على الرخصة، بالإضافة الى ضرورة تحرير عقد استقدام رسمي، فالأهم هو عدم الوقوع في فخ التوفير المادي بـ200 او 300 دولار، فمن ابسط الامور هو مراجعة موقع النقابة على الانترنت ومعرفة ما هي المكاتب المرخصة وغير المرخصة، من هنا تبدأ الاخطاء لتنتهي بالجرائم متعددة، آخرها الطفلة سيلين، وقبلها حالات انتحار العاملات.