بقلم عبير انطون

السيدات وإن كن غائبات عن هواية جمع السيارات، فإنهن اقتحمن مجالها من خلال عرض للسيارات الكلاسيكية القديمة يقدمنه للعامة في شوارع <سوليدير> ما بين 7 و17 أيلول/ سبتمبر في نسخة ثالثة من معرض <Classic Car Show 2017> من تنظيم شركة < Events Production> بالتعاون مع <سوليدير> وأسواق بيروت، وبرعاية رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري. فمؤسستا الشركة المنظمة للحدث رلى دويدي ونيدا زيادة ادارتا محركاتهما ونزلتا الى ساحة عرض شيق للسيارات الكلاسيكية القديمة في معرض هو الأكثر ترقباً لهذا الموسم.. لم هو كذلك؟ بم يتميز، وما الفريد فيه؟

لـ<الافكار> شرحت مؤسستا الشركة المنظمة تفاصيل المعرض وما يتفرد به، بعد نجاحات الموسمين السابقين.

 من ولادة الفكرة تبدأ نيدا زيادة:

 - انطلقنا بفكرة عرض للسيارات المميزة في العام 2011 على ان ينفذ في كل سنتين مرة. اردناها رؤية ثقافية وتبين لنا ان كثيرين في المجتمع اللبناني يحبون السيارات ويهوون جمع الكلاسيكي والقيّم منها، وهو شغف يتشارك به عدد لا بأس به، إذ نجد من يلف العالم لاقتناص فرصة حيازة سيارة فريدة والعودة بها الى ربوع بلدنا، لذلك كانت وجهة معرضنا هذا المجال، بالتعاون مع اصحاب هذه المجموعات ومعارض سيارات كلاسيكية، وبالتعاون أيضا مع الـ<FIVA> أي <الاتحاد الدولي للسيارات الكلاسيكية> (هذا الاتحاد يرأسه روني كرم وهو من هواة جمع السيارات الكلاسيكية القديمة ويملك مجموعة رائعة منها، وهو اخ بيلي او نبيل كرم المعروف في عالم <الراليات> والسباقات، وكان قد دخل مؤخراً كتاب <غينيس> لأكبر مجموعة من مجسمات السيارات من حول العالم). التعاون مع <الفيفا> أساسي للمعرض تزيد نيدا، فهم لهم باعهم من حيث تقييم الحالة التقنية للسيارات، والتأكد من بقائها على قطعها الأصلية القديمة من دون ترميم كبير، كما نتعاون أيضا مع <جمعية مستوردي السيارات في لبنان> <AIA>، ويبقى هدفنا بالدرجة الاولى تنظيم معرض شامل من شأنه ان يعيد اهتمام الجمهور اللبناني بتاريخه وارثه، وحث الحضور والهواة على تقدير السيارات الكلاسيكية.

 وحول الفئات والاعمار التي يجذبها الحدث نتوجه بالسؤال الى رلى دويدي فتجيب:

- جميع الفئات والأعمار مدعوة الى هذا العرض المجاني بالكامل والذي يحمل جانباً ثقافياً مهماً، ان من حيث تاريخ الشخصية المالكة للسيارة او من خلال الحقبة التي تعود اليها، اذ تخبرنا كل سيارة معروضة حكايتها، ما شهدت عليه في الخارج او في لبنان، وتضعنا في اجواء المرحلة التي عرفت عزاً فيها. سيجد الزائر تفاصيل تهمه عبر <كاتالوغ> مفصل عن جميع السيارات المعروضة، كما يمكنه ان يقرأ الى جانب العديد منها لوحة كبيرة ترتع الى جانبها، وقد ترافقها صور من الماضي للجد و<التيتا> مثلاً مع الاحفاد قرب السيارة وقد اصبحوا اليوم رجالاً ونساء.

لا دخل لنا..

 الجانب التجاري من حيث بيع او شراء سيارات معروضة فإنه لا يتم عبر المعرض تؤكد دويدي، بل قد يتم بين المعنيين مباشرة، مؤكدة ان الهدف الاساس ليس تجارياً انما التعريف بالمراحل المختلفة التي مرت بها صناعة السيارات، والاضاءة على تاريخها وتشجيع هواية اقتناء السيارات الكلاسيكية في بلدنا.

بين السيارات الأبرز المعروضة في هذا الموسم والتي تعتبر فريدة من نوعها، سيارة <فورد> تعود للعام 1923 وتعود ملكيتها الى السيد شارل قرم، وكان الوحيد الذي منح من شركة <فورد> اجازة جمع سيارة في بيروت (usine de montage) فكانت اول سيارة يتم جمعها في لبنان. وكانت هذه الـ<فورد> معروضة في متحف <سانت لويس ميوزيوم> في الولايات المتحدة الأميركية، فما كان من اولاد قرم إلا ان اشتروها من المتحف واعادوها الى بيروت، وهي ستزهو في المعرض مع قصتها الكاملة وقصة عائلة قرم التي اقتنتها.

لكن من هو شارل قرم الميلياردير المالك لهذه السيارة الفريدة؟

هو ابن داوود قرم الذي ولد في بيروت وتوفي فيها العام 1963. درس لدى الآباء اليسوعيين وجنى ثروة طائلة من التجارة التي انصرف اليها باكراً وكان شديد الميل الى عالم الادب في الوقت عينه، فأسس دار نشر بعد ان اصدر <المجلة الفينيقية> بالاسم عينه وكانت مهمته نشر تراث اللبنانيين باللغة الفرنسية. وقد عُرف قرم بكتب مهمة نشرها واعيد طبعها لأكثر من مرة، بينها <الجبل الملهم> عن ثلاث مراحل من تاريخ لبنان ونال عنه جائزة <ادغار الن بو> الشعرية الشهيرة، وكان الشاعر اللبناني الفذ سعيد عقل قد ترجمه الى العربية ناقلاً عبره الروح اللبنانية العظيمة.

عائلات واجيال..

الى سيارة قرم، يتميز المعرض لهذا العام ايضا بما يحمله من تكريم الى العائلات التي عملت في قطاع السيارات منذ العام 1920 والجميع يعرفها، من <غرغور> الى <سعد> و<توتل> و<حمصي> و<رسامني يونس> و<بسول وحنينه> وغيرها من العائلات المعروفة اباً عن جد في هذا المجال، وتاريخ هذه الشخصيات مع عالم السيارات شيق وفيه الكثير من الجهد والتعب والنجاح والتألق يوجزها جميعها كتيب مميز، تقول زيادة وتضيف:

 - كذلك التفتنا الى ابراز الاجيال المختلفة في عالم السيارات نفسها، فنعرض في بعضها نوع السيارة عينها في طرازيها القديم والحديث وصولا الى الأحدث، وذلك للاطلاع على التطور الذي طرأ على صناعتها والتقنيات الجديدة التي عملت عليها الشركة وأدخلتها في نطاق هذا العالم الذي تشتد فيه المنافسة والكل يسعى فيه نحو الافضل. كما ونعرض ايضا سيارات بقيت على اسمها منذ القدم كسيارة <سيتروين دي اس> مثلا وكانت سيارة رؤساء الجمهورية في فرنسا، والأمر عينه بالنسبة الى سيارات عرفت شهرة كبيرة مثل <الجاغوار> و<الرولس رويس> وغيرها، فضلاً عن سيارات ما عادت تنتج مثل <لانشستر> و<ام جي اي>، وتلك النادرة التي لم يبـــــع منهــــــا ســــوى عدد قليل جداً لاشخاص معدودين من حول العالم وبينها مالك لبناني..

 سبعون الفاً..

اذاً، أكثر من تسعين سيارة كلاسيكية فريدة من نوعها تعود صناعتها الى القرن الماضي بالاضافة الى فئة الدراجات النارية ستكون منتشرة في شوارع بيروت المختلفة تحت عيون عشاق السيارات وهم في لبنان كثيرون.. جميعها يمكنها السير وقد تم التأمين عليها، وستكون مسيجة بحيث يكون العرض واضحا وآمنا في الوقت عينه.

ماذا عن عدد الزوار المرتقب، نسأل دويدي فتجيب:

 - العام 2013 امّ معرض السيارات أكثر من 70 ألف زائر بحسب الكاميرات المنتشرة في المنطقة ونأمل ان يرتفع العدد في هذا الموسم نظراً للفئات الجديدة المضافة، خاصة وان المعرض يترافق مع برنامج فني يعلن عنه في حينه سيشكل واحة فنية حلوة نتركها مفاجأة للزوار.

لا تخشى زيادة ولا دويدي من التكرار في المعرض من موسم لآخر، فعدد السيارات التي لم تعرض بعد كبير جداً، وعددها مرشح دوماً الى الارتفاع مع سيارات جديدة تدخل على المجموعات، كما انه في كل موسم سيكون الموضوع مختلفاً، فبعد ان كان لسيارات رؤساء الجمهورية والوزراء في المعرض الاول العام 2011، القى المعرض الضوء على سيارات <الرالي> اي السباقات في العام 2013، وها هو يلقي الضوء في هذا العام على العائلات التي أسست شركات حصلت على وكالة كبريات الماركات العالمية الى لبنان.

 أما ما قد يحمله الموسم المقبل من عنوان عريض فالاقتراحات عديدة، بينها مثلاً اقتراح عرض السيارات التي استخدمت في تصوير افلام عالمية، ولهذا الموسم فإن واحدة منها موجودة في المعرض الحالي وكانت قد استخدمت في احد افلام الممثل الفرنسي الشهير <لويس دو فينيس>، وهي سيارة <مرسيدس> قديمة العهد ومعروفة جداً.

لا يدعي معرض السيارات الكلاسيكية القفز الى ما هو ابعد بكثير من هدفه والدخول في عالم <ما حول السيارات> وعرضها الى ما هو بيئي مثلاً، في التشجيع على اقتناء وعرض السيارات الصديقة للبيئة أو تلك الكهربائية التي بتنا نلحظها في شوارع العواصم الغربية بشكل لافت... وتعلق المنظمتان: <فليأتوا لنا بالكهرباء في لبنان اولا حتى نشجع على السيارات الكهربائية>، اما ما يدخل من ضمن الحض على السلامة المرورية والتقيد بقانون السير والاشارات الضوئية خاصة وان طرقاتنا تحصد يومياً قتلى وجرحى ومعوقين، فإن هذا الهدف موحد عند الجميع ودائم بمن فيهم منظمتا معرض السيارات الكلاسيكية بشكل اكيد.