تفاصيل الخبر

معهد " ALBI ARABIC LANGUAGE Beirut Institute" لتعليم اللغة العربية واللهجة اللبنانية للأجانب

24/02/2021
معهد " ALBI ARABIC LANGUAGE Beirut Institute"  لتعليم اللغة العربية واللهجة اللبنانية للأجانب

معهد " ALBI ARABIC LANGUAGE Beirut Institute" لتعليم اللغة العربية واللهجة اللبنانية للأجانب

بقلم وردية بطرس

 

صاحبة المعهد جويل جيابيزي: نعلّم الفصحى والمحكية للأجانب وأيضاً نعرّفهم على العادات والتقاليد اللبنانية والأغاني والطبخ اللبناني

[caption id="attachment_86136" align="alignleft" width="257"] المعلمة رانيا فواز مع طلابها الأجانب.[/caption]

كانت لغة لبنان قبل الفتح العربي اللغة الآرامية السريانية. ومع الفتح العربي انتشرت اللغة العربية القريبة من الآرامية مع الاحتفاظ بالكثير من المفردات الآرامية وبعض القواعد اللغوية. ويظهر تأثير الآرامية في الكثير من قواعد اللغة المحكية الحالية، فمثلاً يقلب لفظ الذال الى دال (الكذاب تصبح الكداب)، والثاء تصبح تاء (ثعلب تصبح تعلب). كما تأثرت الضمائر بالآرامية فضمير الجمع المؤنث (هن) يصبح ن (كتابهن تصبح كتابن). أما الأفعال فيكسر حرف المضارع (يَركض تصبح يِركض) وغيرها من الكلمات... واللهجة اللبنانية محببة لدى الأجانب اذ يجدونها لهجة ملونة وفيها الكثير من المعاني، وكثيراً ما نلتقي بأجانب يرددن كلمات باللهجة اللبنانية ومنهم يتكلمونها بطلاقة نظراً لشغفهم بتعلمها واستخدامها في حياتهم اليومية. ولطالما اقبل الأجانب على المعاهد لتعلّم اللغة العربية ولكن معهد " ALBI ARABIC LANGUAGE Beirut Institute" يفسح المجال أمام الأجانب ليس تعلّم اللغة العربية فقط بل أيضاً اللهجة اللبنانية والتعرّف على العادات والثقافة والتقاليد اللبنانية .

 جويل جيابيزي الفرنسية تعلّمت العربية واللبنانية خلال الدراسة الجامعية

وبحسب صاحبة المعهد السيدة جويل جيابيزي ان تعلّم الفصحى والمحكية ليس بأمر سهل على الأجانب ولكن اذا كان لديهم الشغف والرغبة كما فعلت هي كونها فرنسية (والدها فرنسي ووالدتها لبنانية) فسيتعلمها مهما كانت صعبة. وعن رغبتها بتعلم العربية تقول لـ "الأفكار":

- ولدت في لبنان من أب فرنسي وأم لبنانية ونحن خمسة أخوة. لم أتعلم العربية في الصغر، حيث كان والدي يتضايق عندما اردد كلمة بالعربية كونه لا يعرف هذه اللغة، كما أنني تعلمت في مدرسة الناصرة حيث يُلزم التلاميذ التكلم بالفرنسية ليس في الصفوف بل أيضاً في باحة المدرسة. بالنسبة الي تعلّمت العربية عندما دخلت الى الجامعة ، وكنت في البداية استعمل الكلمات بطريقة خاطئة وتطلب الأمر وقتاً طويلاً الى ان تعلمتها. وحتى اللهجة اللبنانية ليست سهلة كونها

[caption id="attachment_86140" align="alignleft" width="188"] طلاب أجانب يغنون الأغاني اللبنانية.[/caption]

تختلف من منطقة لأخرى. لقد درست الاقتصاد في الجامعة اليسوعية من ثم أكملت دراساتي في جامعة (السوربون) في فرنسا، وبعدها عملت في لبنان. وفي العام 1984 تزوجت من لبناني ولكننا غادرنا البلد بسبب الحرب. وبطبيعة الحال منحت زوجي الجنسية الفرنسية وبدوره منحني الجنسية اللبنانية كون والدتي متزوجة من غير لبناني ولا تقدر ان تمنح أولادها الجنسية اللبنانية كما حال الأمهات اللبنانيات اللواتي لا يقدرن ان يمنحن أولادهن الجنسية اذا كن متزوجات بغير لبناني. لم تكن الأمور سهلة كوني لا أحمل الجنسية اللبنانية خصوصاً عندما بلغت سن الواحدة والعشرين، وأردت أن أعمل ولكنني كنت بحاجة لاقامة عمل لأقدر ان أعمل وهذا أسوأ شيء أن يعيشه الانسان في البلد الذي وُلد فيه. عدت الى لبنان في العام 1995، وكان لدي ابنة بعمر السنتين وبدأت العمل فتحسّنت لغتي العربية لأن زوجي أيضاً لم يكن يعرف العربية، اذ إن والده سرياني فكان لدينا مزيج من ثقافات شرقية وغربية... فيما بعد رغبت بتعلم العربية واكتشفت أنني أعرف اللغة أكثر مما كنت أظن مع العلم أنني نلت شهادة البكالوريا اللبنانية والبكالوريا الفرنسية.

وعن اللهجة اللبنانية تقول:

- لم أتعمّق بالفصحى بل تعمقت بالعامية وبدأت أسال نفسي لماذا نقول كذا وكذا، فاللبناني يولد في بيئة يتعلّم الفصحى والمحكية ولكنهم لا يعرفون مثلاً لماذا نقول: (ليكي وليكو)، عندما أبحث عن مراجع والفرق بين الكلمات مثلاً كنت احتاج لفترة من الوقت الى ان فهمت ان كلمة (بدّي) مثلاً أتت من كلمة (بوّدي)، الفعل هو: ودّ و يوّد وأصبحت باللبناني (بدّي). وهكذا اكتشفت ان لدي أفكاراً،  لذا أردت أن أقدمها للأجانب لأنني كأجنبية عانيت الكثير في هذا الخصوص. وحاولت أن أجد المراجع عن أصول الكلمات اللبنانية. وفي العام 2007 أتيحت لي الفرصة أن أعمل ضمن وظيفة جديدة تتعلق باللغة العربية، لأنه لم يكن لدي الرغبة أن أعود الى عالم الأعمال والمنافسة والتسويق لأنه عالم قاس وعلى الشخص ان يظل بحالة تأهب وتوتر. ولأنني أحب اللغة العربية عندما أُتيحت لي فرصة في العام 2007 أن أتولى ادارة معهد يعلّم اللغة العربية وأيضاً المحكية للأجانب تحمسّت ، حيث كان المطلوب مني تنمية المنهج والاهتمام بالتسويق كوني حائزة  شهادة في التسويق، وهكذا انطلقت المدرسة ، حيث  كنت اهتم بالحسابات والخطط الاستراتيجية ولكن نطاق العمل الذي هو اللغة كان مختلفاً اذ كنا نهتم بالثقافة وليس فقط تعليم اللغة العربية بل نعلّم الثقافة اللبنانية، مثلاً تعليم الأجانب الأمثال اللبنانية، ومسرح زياد الرحباني واغاني فيروز، والعادات اللبنانية والتقاليد الاجتماعية، ونعلمهم الطبخ اللبناني بشرط ان يتكلموا العربية، وأيضاً القليل من التاريخ لأن هناك بعض الكلمات مستخدمة منذ العهد

[caption id="attachment_86137" align="alignleft" width="141"] تعابير وجمل باللهجة اللبنانية.[/caption]

العثماني.

إقبال الأجانب على تعلّم العربية واللبنانية

* قبل جائحة الـ"كورونا" واغلاق البلد هل كان هناك اقبال من الأجانب على المعهد لتعلّم اللغة العربية واللهجة اللبنانية؟

- قبل الجائحة كان يتعلّم العربية واللبنانية تقريباً مئة شخص من مختلف البلدان، ويبلغ عدد الأساتذة عشرة، وكنا نعمل من الساعة 8 صباحاً لغاية 8 مساءً انما طبعاً بأوقات تناسب الأشخاص. بالنسبة لمنهجنا فالأجنبي يحتاج تقريباً 360 ساعة لكي يتحدث اللهجة اللبنانية ولكن طبعاً يتعلم قراءة اللغة العربية، أولاً نعلمهم الألف باء ليقدروا ان يربطوا الأحرف ببعضها البعض.

* أي فئة من الأجانب تهتم بتعلّم الفصحى والمحكية؟ ولماذا يتعلمون العربية؟

- هناك فئات من الطلاب الأجانب. في السنوات العشر الأخيرة ومنذ أن بدأت الأزمة السورية انتقل عدد كبير من اللاجئين الى الغرب وبالتالي أتيحت فرص عمل جديدة للأجانب ليتواصلوا مع اللاجئين فبدأوا يتعلمون العربية لكي يساعدوهم أثناء تعليمهم اللغة الأجنبية او من حيث اجراء معاملات قانونية، كما انضم قسم منهم الى منظمات غير حكومية للتواصل مع اللاجئين وبالتالي أصبحت هناك أسباب اقتصادية لكي يتعلّم الأجانب اللغة العربية،  لذا يقبلون على المعاهد لتعلّمها. وهناك فئة من الديبلوماسيين يأتون الى لبنان ليتعلّموا الفصحى ولكنهم يكتشفون أن الفصحى لا تسمح لهم ان يتواصلوا مع الشعب اللبناني ولهذا يقبلون على تعلّم اللهجة اللبنانية. وهناك فئة اخرى هي أولاد المغتربين الذين يبحثون عن جذورهم وطبعاً اللغة، ولذلك يأتون الى لبنان بلهفة للتعرّف على جذورهم وبالتالي يحتاجون أن يتعلّموا اللهجة اللب

[caption id="attachment_86139" align="alignleft" width="323"] طلاب أجانب خلال صف اللغة العربية.[/caption]

نانية أيضاً. وهناك ايضاً فئة من الأجانب المتزوجين من لبنانيين ويريدون ان يتواصلوا مع الأقارب فيأتون خلال العطلة الصيفية لمدة شهر او شهرين ويتعلمون العربية.

وتتابع:

- مع العلم أنه كان هناك دروس "أونلاين" لكي يتمكن الأجانب ان يتعلموا اللغة اذا لم يتمكنوا من المجيء الى لبنان، ولكن العدد كان قليلاً لأن معظمهم يحضرون الصفوف ليتفاعلوا مع الأستاذة وفيما بينهم. طبعاً مع بداية جائحة "كورونا" غادر الطلاب الأجانب لبنان ولكننا تأقلمنا مع الوضع بسرعة لاكمال الصفوف "اونلاين"، وبالتالي انتقلنا بسرعة من منهج مع صور وغيرها الى منهج "الاونلاين" وطبعاً نرسل لهم كل ما يحتاجون اليه لتعلّم اللغة. ولأن الكثير من طلابنا في الخارج اصيبوا بالـ"كورونا" لذا خلقنا لهم نمط تعليم جديداً وما يحتاجه الطالب. والأستاذة أبدوا اهتمامهم لمواصلة التعليم "أونلاين". وتعلمين ان بعض الكتب بالعامية التي ألفتها تُباع اليوم في فرنسا، وفي الشهر الماضي كان عدد الطلاب الأجانب الذين يتعلمون العربية واللبنانية 20 طالباً والآن بلغ عددهم 35 طالباً نظراً لاهتمامهم باللغة العربية.

وتختم قائلة:

- حب الثقافة يدفع الانسان لتعلّم أي لغة، ولكي ينجح بذلك عليه أن يربط ما بين اللغة والثقافة وعادات البلد. بصراحة الأجنبي ينجذب لتعلم اللهجة اللبنانية، اذ يجدها ملونة وخيالية وانها تتحدث بصور، وبالأغاني تجدين أيضاً الصور، ويرى الأجانب اللهجة اللبنانية مميزة ومعظمهم لديهم لهفة ليس لتعلمها فقط بل لاستخدامها في حياتهم اليومية. فعلى سبيل المثال أحد طلابنا وهو فرنسي يبحث عن مطاعم لبنانية في فرنسا لكي يتحدث باللبناني نظراً لحبه لهذه اللهجة. ونحن نحاول ان نبني الجسور بين الغرب والشرق،  وطبعاً سنواصل التعليم لأن هناك اهتماماً بتعلم الفصحى والمحكية معاً. وعلى الصعيد الشخصي تعلّم اللهجة اللبنانية ساعدني لأتصالح مع لبنانيتي، فهذه لهجة مميزة ومحببة وتستهوي الكثير من الأجانب لتعلمها بلهفة وهذا نلمسه في المعهد.

المعلمة زيزي اسطفان: تجربة تعليم الأجانب اللهجة اللبنانية مميزة وغنية

 

[caption id="attachment_86141" align="alignleft" width="166"] معلمة اللغة العربية زيزي اسطفان.[/caption]

وكما ان الأجانب يستمتعون بتعلّم العربية واللبنانية يجد الأساتذة والمعلمات متعة بتعليمهم من جهة والتفاعل مع ثقافات مختلفة وفي هذا الاطار تقول المعلمة زيزي اسطفان:

بالمصادفة علمت بمعهد "ALBI" من خلال صديقة اميركية تقيم في لبنان اذ أخبرتني عن هذا المعهد، وشعرت برغبة بمعادوة تدريس اللغة العربية، وأحببت ان ادرّس من جديد اللغة العربية، كما وجدتها فكرة جميلة خصوصاً تعليم الأجانب، اذ سأقوم بتعليمهم والتفاعل مع اناس من مختلف الثقافات والحضارات، وهذا غنى ويزيد من المعرفة والثقافة. وبالفعل تقدمت بالطلب وطلبت آنذاك صاحبة المعهد جويل جيابيزي انه علي ان اتدرّب لأن هناك طريقة معينة لتعليم اللهجة اللبنانية، اذ لها نظام وتركيبة وقواعد معينة تختلف كثيراً عن الفصحى، اي كان الأمر يحتاج لشخص مثل جويل التي عملت على ايجاد هذا النمط المعين بالأفعال وبتركيبة الجمل وقواعد الهجة المحكية. وطلابي من مختلف البلدان لديهم رغبة كبيرة بتعلّم العربية وخصوصاً اللهجة اللبنانية. والتواصل والتفاعل مع بعضنا البعض جميل وممتع، وطبعاً يتعلّمون الأحرف العربية لكي يتمكنوا من القراءة وربما أصعب شيء ان تعلميهم الفرق بين الحركة وحرف العلة، أي بين الفتحة والألف، وبين الضمة والواو ، اذ تكون صعبة نوعاً ما عليهم، وأصعب شيء الهمزة ولكن تتحسّن اللغة لديهم فيما بعد.

وتتابع:

- هناك طلاب يتعلمون بسرعة ويلفظون كل الأحرف، وهناك طلاب يجدون صعوبة بتعلمها خصوصاً الأشخاص الذين لا يتكلمون سوى لغتهم الأم، وهناك طلاب يتعلمون بسرعة هائلة ويبدأون بالتكلم، اي كان لدي طالب خلال سنة واحدة أصبح يتحدث باللهجة اللبنانية. وخلال جائحة الـ"كورونا" نتحدث مع طلابنا ونعلّمهم عبر السكايب أو "الزوم" في أي بقعة وجدوا في هذا العالم. ومن خلال تعليمهم تنشأ صداقة معهم وطبعاً بالحفاظ على دوري كمعلمة، واذا لم يتمكن أحدهم من فهم أمر ما يرسل عبر "الواتساب" وأقوم بشرحها له. ويتميز المنهج المتبع في المعهد بأنه مرن، فاذا أراد الطالب ان يتعلّم بأسلوب آخر نساعده بالطريقة التي يريدها. وبقدر ما يتعلمون منا كأساتذة نتعلّم منهم اكثر لأننا نتعرّف على ثقافات مختلفة ونسافر اليهم عبر "الاونلاين". ومن جهتنا كأساتذة نكتشف كم ان اللهجة اللبنانية غنية بالكلمات والمعاني وهذا ما يجذب الأجانب لتعلّمها مع العلم أنها ليست سهلة كون اللهجة تختلف من منطقة لأخرى ولكن من خلال تواصلنا مع الطلاب الأجانب نلمس مدى اهتمامهم ولهفتهم بتعلّمها والتحدث بها أيضاً.

[caption id="attachment_86138" align="alignleft" width="271"] صاحبة المعهد جويل جيابيزي[/caption]

المعلمة رانيا فواز: اللهجة اللبنانية غنية بالكلمات والتعابير

بدورها تعتبر المعلمة رانيا فواز انها تجربة مميزة وغنية وتقول:

- عندما علمت بأن الأجانب يودون تعلم اللهجة اللبنانية استغربت الأمر ولكن لاحقاً ادركت مدى انجذاب الاجانب لهذه اللهجة لأنها بالفعل لهجة غنية بالكلمات والتعابير، وفي الوقت نفسه أعزز لغتي الفرنسية والانكليزية من خلال التواصل معهم. ومعظم الطلاب لا يكتفون بتعلّم اللهجة اللبنانية بل يتكلمون مع الناس في أي مكان وجدوا فيه باللبناني. طبعاً يختلف الأمر بين طالب وآخر أحياناً يتعلّم أحدهم العربية بسرعة وأحياناً أخرى يحتاج لفترة أطول لتعلّمها. لا شك ان تعلّم اللغة العربية في وقتنا هذا يتيح الفرص للأجانب للعمل في مجالات مختلفة خصوصاً ان البعض يعمل مع اللاجئين وبالتالي تسهل عملية التواصل معهم اذا تعلّموا العربية، وهذا لا يساعدهم من ناحية العمل فحسب بل يعزز الشعور الانساني لديهم عندما يتواصلون مع اللاجئين باللغة العربية. وطلابنا لا يتعلّمون العربية واللبنانية فحسب بل يتعلمون أغاني فيروز ويقصدون مطاعم لبنانية لتذوق المأكولات اللبنانية ويتعرفوّن على العادات اللبنانية. ولا عجب ان يحب الأجانب اللهجة اللبنانية لأنها غنية جداً وفي الوقت نفسه ممتعة بالنسبة للمتحدث بها وهذا ما يقولونه لنا الطلاب، وهذا يسعدنا كثيراً.