تفاصيل الخبر

معادلة جديدة تتحكم بالجبهة الجنوبية إسرائيل تهدد... والمقاومة تقلق!

05/08/2020
معادلة جديدة تتحكم بالجبهة الجنوبية إسرائيل تهدد... والمقاومة تقلق!

معادلة جديدة تتحكم بالجبهة الجنوبية إسرائيل تهدد... والمقاومة تقلق!

                                          

[caption id="attachment_80025" align="alignleft" width="400"] دورية لقوات "اليونفيل" عند الحدود الجنوبية[/caption]

 ما شهدته مزارع شبعا الاسبوع الماضي من توتر رافقه قصف مدفعي اسرائيلي على القرى المجاورة، لا يمكن فصله عن حالة التوتر التي يعيشها الجنوب بعد الغارة الاسرائيلية على دمشق وادت الى مقتل احد كادرات حزب الله. لن يكون من السهل، في المدى المنظور على الاقل، معرفة حقيقة ما حصل حتى حصل اطلاق النار بكثافة من قبل الاسرائيليين الذين روجوا عن "سد محاولة تسلل" مقاتلين من حزب الله الى ما وراء الحدود الجنوبية، قابلتها سلسلة بيانات للمقاومة نفت حصول اي تحرك من قبلها في اتجاه الحدود الجنوبية، مؤكدة ان الجيش الاسرائيلي اطلق النار على "سراب" اذ لم يكن في الجهة المقابلة اي حضور مسلح لمقاتلي حزب الله. وفي مطلق الاحوال فإن التوتر الذي تعيشه المنطقة الجنوبية يتزامن مع قرب التمديد للقوات الدولية "اليونيفيل" وسط تجاذبـــات حـــول شروط التمــــديد للقـــوات الدوليـــة "اليونيفيل" وسط تجاذبات حول شروط التمديد تقودها الولايات المتحدة الاميركية في مواجهة فرنسا وروسيا والصين التي تريد تمديداً "تقليدياً" كما يحصل كل سنة.

 وتتوقع مصادر مطلعة ان يستمر التوتر على الحدود حتى موعد التمديد لــ " اليونيفيل" بهدف استعمال هذا التوتر ورقة في يد المنادين بتعديل مهام "اليونيفيل"، تماما كما سوف يستعمله الداعون الى التمديد العادي من اجل الاسراع بالتمديد من دون مشاكل لأن الوضع الامني الهش على الحدود لا يسمح بمغامرات غير مدروسة يمكن ان تعيد الوضع الى حالة تفجر يصعب معها ضبطه من جديد. من هنا تبدو التهديدات التي يطلقها اعلام العدو وشخصياته السياسية والعسكرية عن رد نوعي يستهدف المنشآت الحيوية اللبنانية اذا ما رد حزب الله على مقتل احد مسؤوليه في دمشق، واحدة من وسائل الضغط التي تستعمل حالياً لمواكبة عملية التمديد لــ "اليونيفيل"، علماً ان حزب الله لم يستبعد عملية الرد لكنه يختار هو الوقت المناسب والمكان المناسب ايضاً وإن كان ثمة من يرى ان رد المقاومة لن يكون من منطقة الجنوب حيث الحضور الدولي وانتشار الجيش اللبناني، بل من منطقة لا تحرج اللبنانيين ولا تعطي لاسرائيل مبرر الرد بضرب لبنان. لكن الحزب يرى ان مجرد شعور الاسرائيليين بالخوف والارباك واعلانهم الاستنفار الدائم على الحدود مع لبنان، تكون المقاومة قد ردت بشكل او بآخر على مقتل كادرها قرب مطار دمشق لانها "زرعت الرعب" في نفوس الاسرائيليين وجعلت جيشهم يقف "على رجل ونصف" كما تعهد يوماً الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله.

مقاربة حزب الله

 وترى مصادر متابعة لتفكير حزب الله في حالات مماثلة ان الحزب لا يريد جر قوات الاحتلال الاسرائيلي الى مواجهة عسكرية واسعة بل يريد فقط ابقاء المعادلات الامنية التي ارساها معهم خلال السنوات القليلة الماضية قائمة اي ان سقوط عناصر له في اي مكان على يد الاسرائيليين سيقابله استهداف مباشر لقوات الاحتلال، على ان يكون رد الفعل في كل مرة موازياً لحجم الفعل نفسه. وفي تقدير المصادر نفسها ان "الحزب" يريد ايضاً من خلال التحرك عسكرياً في الجنوب، تأكيد عدم صوابية طرح حياد لبنان في ظل الصراع المفتوح مع حكومة العدو، علماً ان هذه الاخيرة تريد بدورها الاستفادة من اي توتير امني على الحدود للضغط اكثر في اتجاه تعديل مهمات قوات "اليونيفيل"، واضافت المصادر ان هذا الامر يأخذه "الحزب" في الحسبان، وسيعمل على افشاله، لأن رئيس وزراء العدو "بنيامين نتنياهو" الغارق بمشاكله الداخلية، قد يستغل اي عملية امنية للمقاومة في الجنوب، لتوسيع نطاق المواجهة ولو ضمن ضوابط وسقوف محددة، وذلك بهدف توظيف الامر اعلامياً على مستوى دولي، عشية التجديد الدوري لقوات الامم المتحدة العاملة في الجنوب والمرتقب في نهاية شهر آب (اغسطس) الجاري لاسيما وان الاميركيين والاسرائيليين يمارسون ضغوطاً  كبيرة، في محاولــــة لتعجيل مهمــــات قوات "اليونيفيل" في محاولة فاشلة سلفاً للتضييق على تحركات مقاتلي حزب الله ما بين نهر الليطاني والحدود الجنوبية، وتوقعت المصادر ان يحاول الاسرائيلي اللجوء الى تصعيد عسكري محدود جنوباً للوصول الى هذا الهدف، وبالتزامن مع الضغوط الدبلوماسية والسياسية والمالية التي تمارسها الادارة الاميركية لعرقلة التجديد بسلاسة للقوات الدولية. وانه لولا معارضة روسيا، ولولا خشية الدول الاوروبية على امن قواتها المنتشرة في لبنان، لكانت واشنطن ربما نجحت في مسعاها، خاصة وانها تهدد بوقف تمويلها لمهمات القوات الدولية في حال عدم تعديل مهام هذه القوات وحجمها.

 

"القلق" ثمن غال

[caption id="attachment_80024" align="alignleft" width="400"] الوسيط الأميركي مساعد وزير الخارجية الاميركية لشؤون الشرق الادنى "دايفيد شينكر"[/caption]

 في اي حال، "القلق" الذي يعيشه الاسرائيليون قد يكون الثمن التي يريد الحزب ان يدفعه العدو في هذه المرحلة في انتظار ظروف افضل يكون فيها الرد موازياً لاغتيال مسؤول الحزب في سوريا لأن لا معطيات كافية لرد واسع خصوصاً ان لا مصلحة في الوقت الحاضر لا لاسرائيل ولا لحزب الله في اشعال الجبهة الجنوبية ولكل طرق تبريره لموقفه. فاسرائيل تعرف جيداً ان الادارة الاميركية منهمكة بالانتخابات المقبلة في تشرين ولن يكون في استطاعتها وضع امكاناتها في تصرف الاسرائيليين من اجل وقف للنار كما في كل مرة وكان آخرها في تموز (يوليو) 2006، اضافة الى ان واشنطن تعارض بشدة اي توتير على الحدود اللبنانية يمكن ان يورط الجيش اللبناني في مواجهة غير متكافئة مع اسرائيل. كذلك فإن اسرائيل تعرف ان اي مواجهة مع حزب الله لن تكون على مستوى الحدود فحسب بل ستتجاوز "الخط الازرق" والخطوط الحمر كلها في ردود فعل قاسية تطاول المستعمرات الاسرائيلية وما بعد هذه المستعمرات. لذلك ترتفع التهديدات الاسرائيلية للبنان كبديل عن اي عمل عدواني واسع للنطاق. اما من جهة حزب الله، فإن الرد الذي يمكن ان يحصل لن يتجاوز اطاراً ضيقاً لأن فتح الجبهة على نطاق واسع يعني اشعال الحرب على لبنان وهو امر غير مستحب في الوقت الراهن لاسيما وان لبنان يعيش في ظروف اقتصادية ومالية صعبة ويسارع الخطى نحو الانهيار المتوقع، فضلاً عن ان الارضية الشعبية ليست هذه المرة كما كانت عليه في حرب تموز (يوليو) 2006 ونظراً للظروف اللبنانية الراهنة من جهة، ولحصول تراجع في دعم المقاومة لدى القواعد الشعبية التي تعاني من الازمة الاقتصادية لذلك قد يكون خيار "الاقلاق" الدائم للعدو هو الخيار المناسب في الوقت الحاضر الــــى ان يحلّ الوقت المناسب لرد نــــوعي "يقلق" الاسرائيليين في مجرد الاشارة اليه ولو عن بعد....

هل يتحرك مسار الترسيم؟

 في هذه الاثناء ثمة من يرى ان على الحكومة اللبنانية التي قررت تقديم شكوى ضد اسرائيل الى الامم المتحدة، الاستفادة مما حصل لاعادة تحريك مسار ترسيم الحدود والمطالبة بتطبيق بنود القرار 1701 كاملة لاسيما ما يتعلق منها بانسحاب القوات الاسرائيلية من الاراضي المحتلة خصوصاً من مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والجزء الشمالي من بلدة الغجر، فاذا حصل التوافق على الترسيم فإن ذلك يقفل اي خلاف حدودي بين لبنان والعدو الاسرائيلي الذي لا تعود امامه اي ذريعة للاعتداء حين ما يشاء على السيادة اللبنانية وثروات لبنان الطبيعية. لكن ثمة من يرى ان تحريك مسار الحدود صعب حالياً، لاسيما وان الوسيط الاميركي غير مهتم بمتابعة المفاوضات التي كان بدأها مساعد وزير الخارجية الاميركية لشؤون الشرق الادنى السابق السفير"دايفيد ساترفيلد" الصيف الماضي، ولم يشأ خلفه "دايفيد شينكر" المضي فيها كونه لا يتمتع بصبر سلفه، على ما سبق واعلن، غير ان الولايات المتحدة يهمها الحفاظ على الامن والسلم في المنطقة، ولهذا ضغطت على اسرائيل لتأجيل عملية الضم التي كانت هذه الاخيرة تود تمريرها قبل موعد الانتخابات الرئاسية الاميركية في تشرين الثاني ( نوفمبر) المقبل.

 واشارت مصادر ديبلوماسية الى ان تسجيل لبنان شكوى لدى الامم المتحدة، لا يؤدي على غرار الشكاوى الكثيرة السابقة الى تغيير الواقع على الارض، الا انها تذكر الامم المتحدة بموقف لبنان من الاعتداءات الاسرائيلية عليه، ومن خرقها السيادة اللبنانية كما القرار الدولي 1701 بمندرجاته كافة، كما يتم عبرها تجديد مطالبة لبنان بضرورة تطبيق بند انسحاب الاحتلال الاسرائيلي من الاراضي اللبنانية التي لا تزال تحتلها "اسرائيل" رغم انسحابها من جنوب لبنان وغرب البقاع منذ العام 2000.

 في اي حال، تقول مصادر رسمية لبنانية انه لا يمكن الركون للنيات الاسرائيلية تجاه لبنان عموماً والمقاومة خصوصاً، لكن الواقعية تفرض التأكيد بأن اي اعتداء اسرائيلي على لبنان لن يمر مرور الكرام وهذا ما تعرفه اسرائيل جيداً، وكذلك تدرك المقاومة خطورة اي مغامرة في الظرف الراهن لبنانياً، الامر الذي يبقي لغة التهديد الاسرائيلية قائمة وتقابلها سياسة "الاقلاق" الدائم للاسرائيليين.... انه توازن الرعب من جديد!.