تفاصيل الخبر

ما هي مخاطر نترات الأمونيوم الناجمة عن انفجارمرفأ بيروت على صحة الناس؟

13/08/2020
ما هي مخاطر نترات الأمونيوم الناجمة عن انفجارمرفأ بيروت على صحة الناس؟

ما هي مخاطر نترات الأمونيوم الناجمة عن انفجارمرفأ بيروت على صحة الناس؟

بقلم وردية بطرس

الاختصاصي في الأمراض الصدرية والتنفسية الدكتور صلاح زين الدين: الانبعاثات التي نتجت عن الانفجار تؤثر على الجهاز التنفسي

[caption id="attachment_80168" align="alignleft" width="395"] عناصر الصليب الأحمر ينقلون المصابين من مكان الانفجار في المرفأ[/caption]

 كانت هناك مخاوف من انهيار النظام الصحي في لبنان مع تزايد أعداد المصابين بفيروس "كورونا المستجد"، فإذا بكارثة حلّت بالبلد قضت على الحجر والبشر حيث امتلأت المستشفيات بالجرحى، والأفظع من ذلك أنه لم تعد المستشفيات تتسع لأعداد الجرحى الكبيرة خصوصاً أنها بالأساس كانت تعاني من نقص بالأسرة والأدوية بسبب ازدياد حالات مرضى الـ"كورونا"... الرابع من آب (أغسطس) تاريخ مأساوي لن ينساه اللبنانيون اذ بلحظات تدمرّت بيروت جراء الانفجار الذي وقع في مرفئها وخلّف دماراً كبيراً وأدى الى سقوط أكثر من 150 ضحية و 5000 جريح. لقد استفاق اللبنانيون على هول الكارثة التي حلّت ببلدهم نتيجة الانفجار الذي هزّ كل المناطق اللبنانية ليزيد من حجم المأساة التي يعيشونها. طبعاً الأضرار المادية جسيمة ولكن ما حصل يهدد صحة اللبنانيين إذ إن الانفجار الذي هزّ مرفأ بيروت ناجم عن كمية نترات الأمونيوم وهي مادة كيميائية شائعة الاستخدام في الأسمدة الزراعية، وهي عبارة عن مرّكب خطر يمكن ان يكون شديد الانفجار عند احتراقه (أكاسيد النيتروجين) وهي غازات سامة تهدد حياة الانسان. وينتج انفجار نترات الأمونيوم كميات هائلة من (أكاسيد النيتروجين) وهو غاز أحمر ذو رائحة كريهة ويتسبب في تهيج الجهاز التنفسي، لذا فإن ارتفاع مستويات هذه الملوثات يثير القلق بشكل خاص للأشخاص الذين يعانون من أمراض الجهاز التنفسي. وبشكل عام فإن القدرة الانفجارية العالية لهذا المركب الخطر تنتج عنها مشاكل صحية مختلفة أبرزها في الجهاز التنفسي: استنشاق نترات الأمونيوم او التعرض لمنتجات تحلل (أكاسيد النيتروجين) السامة بسرعة في درجات الحرارة المرتفعة يمكن ان يتسبب في السعال، التهاب الحلق، ضيق التنفس، واستنشاق كميات كبيرة يؤدي الى مشاكل تنفسية حادة تصل حد الاختناق. أما بالنسبة للجهازين الهضمي والعصبي فإن استنشاق او ابتلاع نترات الأمونيوم فيتسبب في الصداع والدوخة وآلام في البطن، والقيء، والاسهال الدموي والضعف والتشنجات. وبما يتعلق بالعين والجلد فإن ملامسة مركب نترات الأمونيوم بأي كمية للوجه خصوصاً العين والأنف او حتى الجلد تتسبب في التهيج، والاحمرار، والحكة والألم.

 

الدكتور زين الدين والغازات المنبعثة من الانفجار

 فهل الانبعاثات التي نتجت عن انفجار مرفأ بيروت تهدد صحة اللبنانيين؟ وهل قد تترك أثراً على المدى البعيد؟ وغيرها من الأسئلة طرحتها "الأفكار" على الاختصاصي في الأمراض الصدرية والتنفسية في الجامعة الأميركية في بيروت الدكتور صلاح زين الدين وسألناه:

* ماذا نتج عن انفجار مرفأ بيروت من انبعاثات؟ والى اي مدى تؤثر على صحة الناس في بيروت والمناطق المحيطة؟

- الاجابة عن هذا السؤال صعبة لأنه لغاية الآن ليس هناك تحليل واضح عن كل الغازات التي انبعثت من الانفجار، اذ هناك الكثير من المواد العضوية قد احترقت، والمواد ليست من الانفجار بحد ذاته بل أيضاً من الحرائق التي حصلت وانتشرت في الجو. بالنسبة للانفجار فلسنا متأكدين من كل الجزيئيات التي انبعثت، ولكن هناك احتمال لوجود "أسيد النيتريك" وبقية الغازات والنيترات التي انبعثت في الجو، فهذه كلها موجودة في الجو. وعادة هذه تتبدد بسرعة عندما يكون هناك هواء فتهبط على الأرض لأنها ثقيلة اي أثقل من الهواء العادي، ولكن في هذه الفترة من السنة اي خلال فصل الصيف ليس هناك هواء وبالتالي تأخذ الأمور وقتاً أطول. ولا نعلم كم يأخذ الأمر لأن ذلك غير واضح، ونحن نرتكز على المعلومات الطبية التي تزودنا بها خبيرة في الجامعة الأميركية في بيروت وهي الدكتورة نجاة صليبا، فنحن ننسق معها لمعرفة المعلومات الاساسية عن تحليل الهواء ومن ثم نصدر كأطباء الارشادات الطبية وماذا نتوقع. وحالياً انخفضت هذه النسبة كثيراً.

* وماذا تسبب تلك الانبعاثات من مشاكل صحية؟

- معظم الانبعاثات التي نتجت عن الانفجار اجمالاً تسبب انزعاجاً مباشراً أكثر على المدى الطويل، اذ يظهر إحمرار على سطح الجلد، وحريق في العيون، وحكة. كما يؤثر ذلك على الجهاز التنفسي، حيث يحدث ضيق في التنفس، وسعال، وصفير في الصدر. وعادة نرى نتائج التعرّض لتلك الانبعاثات بشكل مباشر، ولهذا كانت هناك نصيحة أساسية بتفادي الوجود في المناطق خارج البيوت قدر الامكان. واذا كان الناس في مكان قريب من الانبعاثات فيجب استخدام الكمامات لأنها تحمي نوعاً ما، رغم ان هناك أموراً قد تمر، وأيضاً لا بد من غسل اليدين والوجه والأماكن الجلدية المكشوفة بشكل مستمر لكي لا يحصل ترّسب لهذه المواد على الجلد والتسبب بالانزعاج.

 

ضرر نيترات الأمونيوم والانبعاثات على الجهاز التنفسي

* مادة النيترات ماذا تسبب من ضرر على الانسان؟

- كما ذكرت ان "Nit

[caption id="attachment_80167" align="alignleft" width="376"] الدكتور صلاح زين الدين: مع هطول المطر يتم التخلص من الانبعاثات بشكل أسرع[/caption]

ric Acid & Nitric Oxide" عندما تترسّب على الأرض فهذا نوع من الآسيد اذ يسبب "Irritation" او تهيّجاً، اي تظهر العوارض مباشرة. وبشكل عام لا نتحدث عن عوارض طويلة المدى. وفي توقعاتنا انها حصلت ومرّت اي أنه حصل الانفجار ومضى. صحيح ان المواد انتشرت في اليوم الأول من الانفجار ولكن ذلك لا يدوم في الهواء. وبالنسبة للأمونيوم فيكون موجوداً عادة بالعكس اي يكمش النيترات وممكن أن يثقله أكثر ويهبطه الى الأرض ويخفف من ضرره أكثر من النيترات.

* يُشبّه انفجار مرفأ بيروت بقنبلة هيروشيما فهل الضرر الحاصل من هذا الانفجار شبيه بما حصل في هيروشيما؟

- لتوضيح الأمر فإن هيروشيما هو انفجار نووي حصل خلال الحرب العالمية الثانية وهو أقوى انفجار حصل على الكرة الأرضية. وعندما نشبّه بيروت بهيروشيما فهم يشبّهونها بقوة الانفجار وليس بنتائج الانفجار. أولاً هيروشيما هو انفجار نووي والدمار كان كبيراً جداً ولم تبق حياة في تلك المنطقة واحتاجت لسنوات طويلة لتستعيد الحياة، ولغاية اليوم لم تسترجع عافيتها. ولكن المقارنة هي بقوة الانفجار بناء على خبراء التفجير اذ يعتبرونها ثالث قوة تفجيرية حصلت على الكرة الأرضية بعد (هيروشيما) و(ناكازاكي) في الحرب العالمية الثانية كقوة انفجار وليس كضرر ناتج عنها.

* الى أي مدى يؤثر هذا الانفجار كونه حصل في فصل الصيف؟

- طبعاً لو كنا الآن في فصل الشتاء والأمطار لكانت الترسبات الهوائية قد هبطت الى الأرض أسرع بكثير مما هو الوضع الآن في فصل الصيف مع ارتفاع درجات الحرارة.

* كيف تؤثر الانبعاثات على الناس الذين يسكنون بالقرب من مرفأ بيروت أكثر من غيرهم؟

- كما ذكرت ان عضوين أساسيين في الجسم يتأثران هما الجهاز التنفسي اذ يحصل انزعاج مثل السعال الشديد، وضيق في التنفس وصفير في الصدر خصوصاً لدى الأشخاص المصابين بالربو أو مشاكل صدرية مسبقة، أما على سطح الجلد فيحدث احمرار، وحكة، وحريق في العيون. وطريقة علاجها هي اذا كان الشخص يأخذ أدوية معينة للربو فعليه ان يأخذها بشكل مكثف. ويجب ان يغسل يديه ووجهه بشكل مستمر لازالة الترّسبات ولكي يخفف الازعاج الذي يشعر به الشخص بسبب تعرّضه لتلك المواد بشكل أساسي. وطبعاً اذا كانت منازلهم قريبة من الانفجار واضطروا الى مغادرتها الى مكان أبعد من مكان الانفجار فعندها يصبحون بأمان أكثر اذ ذلك أفضل لهم من البقاء في منازلهم، والأشخاص الذين تضررت بيوتهم لدرجة معينة ولكنهم لا يزالون يقيمون فيها فعليهم أن يغلقوا نوافذ المنزل او يمكنهم تغطية النوافذ بالنيلون اذا كانت قد تحطّمت جراء الانفجار لمنع دخول تلك الغازات الى داخل المنزل.

* هل يصل الضرر الى أماكن بعيدة عن مكان الانفجار؟

- بصراحة من الصعب ان نعرف ذلك، ولكن كلما ابتعد الناس تدريجياً عن مكان الانفجار، كلما كان الضرر خفيفاً طبعاً لأن الغازات تكون قد تبددت في الهواء.

* لأن الانفجار وقع بالقرب من البحر فالى اي مدى ساعد ذلك بتخفيف الضرر؟

- لقد امتص البحر نسبة 60 في المئة من قوة الانفجار اي ارتجاجات الانفجار، ربما هناك 60 في المئة أو ما يقارب هذه النسبة تحرك مع قوة الانفجار، فهو تحرك فوق سطح البحر، وبالتالي عندما يترّسب فيترسّب فوق المياه ويتبدد في المياه، فطبيعي أن قسماً كبيراً من الغازات ستترسّب في البحر وليس على الأرض.

* لبنان بالأساس كان يعاني من ارتفاع الاصابات بالـ"كورونا"، فالى اي مدى هذا الانفجار سيؤدي الى ارتفاع عدد الاصابات؟

- المشكلة حالياً وتأثيرها على الجهود المبذولة لمكافحة الـ "كورونا" له منحيان: المنحى الأول هو اثناء عمليات الانقاذ والاسراع بمساعدة الناس لأن الكثيرين لم يتنبهوا لموضوع التباعد الاجتماعي ولم يضعوا الكمامات وهذا الأمر مفهوم جداً أمام هول الكارثة. والمنحى الثاني أساسي هو ان المستشفيات استنزفت قدرتها لمساعدة المصابين فهذا أيضاً خفف من قدرتها على استيعاب ومحاولة مساعدة مرضى الـ"كورونا"، اذ نعلم ان هناك مستشفيين تضررا بشكل كبير جداً وأضطرا ان يوقفا العمليات ونقلا مرضاهما الى مستشفيات اخرى ومنهم مرضى الـ"كورونا" وهناك صعوبة كبيرة باستعياب المرضى. ومن المتوقع ارتفاع عدد الاصابات. وعادة نتوقع ان تظهر الحالات بعد ثلاثة الى ثمانية أيام بعد الانفجار ويمكن ان ترتفع عدد الاصابات خلال التشخيص.

* وهل يمكن الصمود امام هذه الكارثة الصحية؟

- حالياً أعتقد انه بالتعاون بين المؤسسات الصحية والجمعيات غير الربحية او المؤسسات غير الحكومية ربما هناك نوع من القدرة الآن على الاهتمام او تقديم العناية المطلوبة للمرضى سواءً المصابين بفيروس "كورونا" او الجرحى، على أمل ان لا تتزايد حالات المصابين.

* اذاً لا تجد ان هناك خطورة على صحة الناس على المدى البعيد؟

- وفق المعلومات التي نعرفها وبالتوقعات الموجودة عن الانبعثات فإن الخطر هو على المدى القصير، ولكن نحن طبعاً لا نعرف ماذا انتشر في الهواء مئة بالمئة جراء هذا الانفجار، وعلينا ان ننتظر التحاليل لاحقاً.

الارشادات الوقائية وارتداء الكمامات للحماية من الغبار

* ما هي أهم الارشادات المطلوبة للحفاظ على صحة الناس سواء في بيروت او المناطق القريبة منها؟

- الارشادات هي البقاء داخل المنازل قدر الامكان مع اقفال النوافذ والأبواب، واذا خرج الناس من منازلهم عليهم ان يرتدوا الكمامات، ومن الضروري غسل الوجه واليدين باستمرار. وتنظيف ومسح الغبار في البيوت بقماش رطب لأنها تمتص الرواسب أكثر، وبعدها يجب تجفيف الأسطح بقماش جاف لأنه اذا تُرك المكان رطباً ممكن ان يستوعب جزئيات جديدة من الترّسب. بالنسبة للمناطق خارج البيوت ومن حول البيوت مثل السطوح و(البلاكين) من خلال رشها بالماء لأنها تساعد أيضاً. وجراء هذا الانفجار عند التنظيف يجب التنبّه من الردم والزجاج المحطّم في كل مكان وبالتالي يجب ارتداء الكمامات أثناء التنظيف، وأن لا يتم استخدام المكانس قدر المستطاع واستعمال المكانس الكهربائية او الشفاط الكهربائي وذلك حسب الردم الموجود.

* كما رأينا الشبان والصبايا يقومون بتنظيف الشوارع ومنازل الناس التي تدمرت جراء انفجار مرفأ بيروت فهل الكمامات تحميهم أثناء التنظيف؟

-  طبعاً الارشادات التي تحدثنا عنها تحميهم اذا تقيّد الشباب بها لأن الكمامات تحميهم من الغبار الموجود في الهواء والأماكن المتضررة. طبعاً نحيي جهودهم ووطنيتهم لمساعدة الناس في هذه الظروف القاسية والصعبة التي يمرون بها. 

* وماذا عن الأشخاص الذين يوجدون في مرفأ بيروت حيث وقع الانفجار سواء الدفاع المدني او الذين ينظفون الردم وغيرهم فهل ارتداء الكمامات كاف لحمايتهم في مكان الانفجار؟

- ارتداء الكمامات يقدم الحماية لهم ان شاء الله، وبالتالي يجب ان يلتزم الجميع بارتداء الكمامات.

*  كنا نتحدث دائماً عن نسبة التلوث العالية في بيروت ولكن اليوم مع هذا الانفجار فهل التلوث يزيد من الضرر الحاصل في المدينة أكثر؟

- بصراحة من الصعب تقدير الموضوع خصوصاً أن أملنا كبير بأن الترسبات ستهبط الى الأرض سريعاً ولن تترك أثراً طويل الأمد. ومع هطول المطر يتم التخلص من الانبعاثات بشكل أسرع.