تفاصيل الخبر

ما هو ثمن بقاء النظامين في إيران وتركيا؟!

09/08/2018
ما هو ثمن بقاء النظامين في إيران وتركيا؟!

ما هو ثمن بقاء النظامين في إيران وتركيا؟!

 

بقلم خالد عوض

هل هناك حقيقة أي منتصر في سوريا حتى اليوم؟

بالمقياس الاقتصادي والمالي لا يمكن اعتبار كل من إيران أو تركيا منتصرتين، فالليرة التركية تترنح وإنجازات الرئيس التركي <رجب طيب اردوغان> منذ ٢٠٠٢ أصبحت في مهب الريح. كذلك تدهور الريال الإيراني (التومان) الى مستويات كارثية وتحول الرئيس <حسن روحاني> من رمز الأمل بالإصلاح الإقتصادي وتحقيق الرخاء إلى مدير لأكبر أزمة سياسية وكيانية تواجه إيران منذ عقود. يبقى الرئيس الروسي <فلاديمير بوتين> هو وحده الذي يمكنه الكلام عن إنجاز في سوريا، رغم أن ثمن انتصاره هناك لم يتبين حتى اليوم، فكلفة الوجود الروسي العسكري واللوجيستي التي لا يتحدث عنها الروس والتي تشير التقديرات إلى أنها تجاوزت ثلاثة مليارات دولار في أقل تقدير لا يستطيع الإقتصاد الروسي أن يهضمها إلى ما لا نهاية.

تركيا: بداية نهاية <أردوغان>؟

الرئيس التركي بنى شعبيته على الإنجازات الإقتصادية وتمكن عبرها من الإمساك بكل مقدرات تركيا. قبله كانت الليرة التركية تتهاوى كل أسبوع، وكانت مؤشرات التضخم والبطالة والدين العام في أسوأ حال. ورغم كل الظروف الداخلية والخارجية الصعبة إستطاع <رجب طيب أردوغان> أن يصعد بالإقتصاد التركي من ناتج محلي يساوي ٢٠٠ مليار دولار عام ٢٠٠٢ إلى ناتج تجاوز ٨٠٠ مليار دولار عام ٢٠١٧. مداخيل الصناعة والسياحة حققت مستويات قياسية حتى أن الزعيم التركي تبجح عام ٢٠١٥ أن تركيا سددت ديونها لصندوق النقد الدولي، وأصبح الأخير هو بحاجة إلى أن يستدين من تركيا.

الحال اليوم في تركيا هو مشابه لفترة ما قبل <أردوغان>. التضخم في تصاعد وميزان المدفوعات كما الميزانية في عجز متنام والرساميل تهرول هربا من تركيا. وجاءت العقوبات التجارية الأميركية الأخيرة على خلفية إحتجاز القس الإنجيلي الأميركي <أندرو برونسون> لتزيد من الطين بلة. ورغم إجراءات ضخ السيولة التي يحاول البنك المركزي التركي من خلالها وقف تدهور العملة إلا أن الإتجاه الوحيد الواضح للإقتصاد التركي هو المزيد من التراجع وصولاً إلى اللجوء من جديد للاستدانة من صندوق النقد الأولي ومؤسسات دولية أخرى لن تتهاون في وضع الشروط القاسية على <أردوغان>.

ولو كان هناك بديل واضح في المعارضة التركية المأزومة لربما كانت شهور سلطان تركيا الحديثة معدودة. لم يعد الاقتصاد هو ما يبقي الرئيس التركي في السلطة اليوم قويا بل هو مجرد غياب البديل الموثوق به القادر على النهوض بالبلد من جديد.

 

إيران... يبقى نظام الثورة... وتذهب فلسطين؟

إيران في وضع مشابه جدا لتركيا. منذ أن خسرت الحرب مع العراق قبل ثلاثين سنة بالتمام والكمال (وافقت إيران على وقف كامل لإطلاق النار في ٢٠ آب (أغسطس) ١٩٨٨)، لم يواجه النظام الإيراني التهديد الكياني الذي يهزه اليوم. العقوبات الأميركية الأولى بدأ تطبيقها منذ أيام والرزمة الثانية التي تتضمن النفط والغاز ستطبق في ٤ تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل. لا الصين ولا أوروبا ولا روسيا قادرة أن تنقذها من ورطتها الإقتصادية والمالية. في الوقت نفسه ما يريده الأميركيون سياسيا لا يمكن القبول به. ليس الموضوع هو اليمن أو سوريا أو لبنان، ولا طموحات إيران التوسعية ولا حتى صواريخها البالستية أو برنامجها النووي. المسألة تتعلق بصفقة القرن التي يريد <دونالد ترامب> أن يحققها بين

الفلسطينيين والإسرائيليين. عناوين الصفقة لم تعد مخفية: دولة واحدة أو دولتان، لا يهم ذلك بالنسبة لمهندس الصفقة صهر الرئيس <غاريد كوشنير>، يحصل الفلسطينيون من خلالها على حقوق المواطنية الثانية إن من خلال اللامركزية أو من خلال حكم ذاتي مع دعم اقتصادي ومالي كبير لهم. تختفي حدود ١٩٦٧ من خلال ذلك ويبقى اللاجئون (عددهم أكثر بقليل من خمسة ملايين موزعين في العالم) حيث هم، في سوريا ولبنان والأردن والدول الأخرى. لا مؤسسة <أونروا> ولا من يحزنون. يعترف العرب بهذه الدولة بعد التأكد من حصول الفلسطينيين على <حقوقهم> ويأتي التطبيع الشامل ليتوج هذه الصفقة. هذا هو الثمن المطروح أمام الإيرانيين. لهم اليمن إن هم أرادوا، والدليل ما حصل في <الحديدة> منذ شهر حيث منع الأميركيون سقوط المدينة والميناء في يد الجيش الشرعي، كما يمكن التعايش معهم في سوريا ولبنان والعراق بأشكال مختلفة. روسيا والصين ليستا ضد الفكرة بالمطلق ولذلك لن تدعما إيران من دون أثمان سياسية وإقتصادية كبيرة ربما لن تقل كلفة عن العرض الأميركي.

 

لبنان... التوطين.... أو الشلل؟

 

لم يعد مستغربا أن نسمع من الغرب والأميركيين ما يشير إلى رغبتهم في توطين اللاجئين والنازحين في لبنان. الكلام يأتي بطرق عديدة والرسالة الدولية أصبحت واضحة. وبغض النظر عن صحة وصوابية معسكر <٨ آذار> بقيادة حزب الله من عدمهما في مسائل كثيرة إلا أن مقاربته لمسألة النازحين أكثر سيادية من المعسكر المبعثر المواجه له. ليس الموضوع فقط هوية لبنان والوجود المسيحي بل قدرة لبنان أن يصبح دولة حديثة وهو مثقل ثقافياً وبنيويا ًبمليوني شخص فوق الأربعة ملايين ونصف المليون لبناني الموجودين. لم تعد قضية النازحين وجهة نظر بل هي في صلب شكل لبنان المستقبل وإمكانية وجوده.

من الأكيد أن الحرب السورية لم تضع أوزارها وأن الخاسرين والرابحين فيها ومنها لم يتوضحوا بعد.