تفاصيل الخبر

ما هو بديل الصمود والتصدي لـ”صفقة القرن“؟

28/06/2019
ما هو بديل الصمود والتصدي لـ”صفقة القرن“؟

ما هو بديل الصمود والتصدي لـ”صفقة القرن“؟

 

بقلم خالد عوض

منذ قرر الرئيس المصري الراحل أنور السادات الذهاب وحده إلى إسرائيل وانفصل عن المسار العربي عام ١٩٧٧ والفلسطينيون في دوامة. لا العمليات الإرهابية أفادت ولا المواجهات مع إسرائيل نفعت ولا الإنتفاضات المتكررة جاءت بنتيجة ولا مفاوضات <مدريد> و<أوسلو> و<كامب دافيد> وغيرها ألزمت إسرائيل بأي شيء. الإستيطان ظل عنوان كل الحكومات الإسرائيلية، اليسارية واليمينية، والكذب والظلم والترهيب كان على الدوام غداء الإسرائيليين وعشاءهم. حتى عنوان حل الدولتين الذي أيدته الأمم المتحدة تبخر وأصبح الكلام عن السلام مقابل حفنة مليارات، بعد أن سقط مبدأ الأرض مقابل السلام. تأتي اليوم <صفقة القرن> بقالب إقتصادي مغر بالشكل ولكنها في الجوهر صك إستسلام مقابل مليارات، على الأرجح لن تأتي أو ستأتي ببطء مميت. الأهم من كل الأرقام هو معرفة مصدرها. بالنسبة لعائلة <ترامب>، المصدر الرئيس هو نفط العرب وليس أي شخص من دافعي الضرائب الأميركيين.

الفلسطينيون والفرص الضائعة!

عندما تسأل الفلسطينيين عن أنور السادات تنقسم الآراء نصفين. القسم الأول يعتبره الخائن الأكبر ويذهب الى حد تحليل ما قام به <خالد الإسلامبولي> عندما اغتاله في ٦ تشرين الأول (أكتوبر) عام ١٩٨1 خلال العرض العسكري السنوي في ذكرى أكتوبر. الإيرانيون أنفسهم كرموا <الإسلامبولي> وسموا شارعا في طهران بإسمه ثم غيروا الإسم عام ٢٠٠٤ إلى شارع الإنتفاضة حتى لا يكون إسم الشارع سببا مستمرا للخلاف مع مصر. القسم الثاني يستذكر ما حصل عليه يومذاك أنور السادات من <مناحيم بيغن> للفلسطينيين ويتحسر. العرض الذي حصل عليه السادات من الإسرائيليين كان يشمل الحكم الذاتي على الضفة الغربية وغزة وبدء مفاوضات لحل نهائي تحت إشراف أممي وبرعاية الولايات المتحدة. رفض أبو عمار ومحور الممانعة ما حصل عليه السادات عام ١٩٧٨ وقرروا الصمود والتصدي. النتيجة أمامنا اليوم ولا يمكن إخفاؤها أو تجميلها، والحالة الفلسطينية والعربية لا تبشر بوضع جيد في المستقبل القريب. وحدها إيران الدولة شبه المفلسة تعدنا بزوال إسرائيل وبتهيئة السلاح والعتاد لاحتلالها وإسترجاع الأرض الفلسطينية المنهوبة. ولكن، في عالم اليوم، <قل لي كم حجم اقتصادك أقل لك من أنت>، حتى أصدقك وأثق بوعودك. ولا داعي للتذكير بما يعانيه الشعب الإيراني في هذه الأيام.

 

<صفقة القرن>!

 

المهندس هو <جاريد كوشنير> يهودي. صديق والده الحميم ما غيره رئيس وزراء إسرائيل <بنيامين نتنياهو>، الذي كان عندما يزور <نيويورك> ينام في غرفة <جاريد> وينزل <جاريد> لينام في الردهة تحت، مما يعني ان المصدر أساسا غير موثوق به بغض النظر عن المضمون. بالنسبة لـ<كوشنير> إسرائيل لن تتخلى عن الأرض مقابل أي شيء ولن تقبل بعودة اللاجئين الفلسطينيين من أي بلد، لذلك لا بد من تحسين مستوى حياة الفلسطينيين تحت المظلة الإسرائيلية. هذا كل ما في <صفقة القرن>. الأموال لن تدفعها إسرائيل ولا أميركا. ربما القليل من أوروبا والباقي يتكفل به العرب. مشروع تفليسة جديدة وإندب لم تبق لنا من موارد مقابل تحسين مستوى إذلال الشعب الفلسطيني. لا يمكن لعاقل أن يرى في <صفقة القرن> حلا عادلا وكريما لشعب عانى ما عانى من ظلم وإضطهاد، ولكن إذا لم تكن <صفقة القرن> حلا للفلسطينيين فهي تبدو مشكلة للإسرائيليين لأنها تضع إسرائيل أمام خيار مر: إما أن تكون دولة ديمقراطية عليها أن تعطي مواطنيها ومنهم الفلسطينيون كافة الحقوق وبالتساوي أو تصبح دولة عنصرية بنظر العالم كما كانت جنوب أفريقيا قبل <نيلسون مانديلا>. إسرائيل هي الخاسر الأول من <صفقة القرن> لأنها ستفقدها كذبة الديمقراطية التي ما فتئت تضحك بها على العالم.

 

الصمود والمقاومة والتصدي والخيانة والإستسلام للإمبريالية إلخ....!

 

يقال أن القرار الأول والأخير في <صفقة القرن> هو للفلسطينيين. هم يعرفون مصلحتهم وهم الذين يجب أن يقرروا بالقبول أو الرفض. هذه المرة يجب أن يكون القرار عربيا وليس فقط فلسطينيا. بالإجماع أو بالأكثرية ولكن حان الوقت للعرب أن يتحملوا مسؤوليتهم وألا يتركوا الفلسطينيين وحدهم. على الجامعة العربية أن تدعو لقمة تحضرها دول مجلس الأمن الخمس، أي الولايات المتحدة والصين وبريطانيا وفرنسا وروسيا، ومعها اليابان وألمانيا كقوتين اقتصاديتين عظمتين، وتتداول في <صفقة القرن>. المطلوب أن يبادر العرب وألا يتلكأوا بحجة الإنتظار أو ترك الفلسطينيين يقررون مصيرهم، أما الذين سينادون بالصمود والتصدي فما عليهم إلا تقديم البديل. الرفض والتخوين والتهويل كلها لم تعد ذات قيمة... جربناها في قمة بغداد عام ١٩٧٨ وقبلها في طرابلس الغرب وبعدها في قمم كثيرة لجبهة الصمود... الشعارات لم تعد تفعل فعلها الا في بعض مدن إيران واليمن وسوريا وشوارع في لبنان. لا لـ<صفقة القرن>، ولكن هاتوا البديل الذي يحشر إسرائيل كما تربكها هذه الصفقة الملغومة.

يمكن اعتبار الترويج لـ<صفقة القرن> قمة في الخيانة والإستسلام... ولكن من دون بديل أو مسار واضح غيرها نكون اعطينا إسرائيل أكبر هدية برفضنا صفقة مهينة لنا ولكنها ستقضي عليها.