تفاصيل الخبر

ما الثمن الذي ستقبضه إيران من تسوية مع ”ترامب“؟

13/09/2019
ما الثمن الذي ستقبضه إيران من تسوية مع ”ترامب“؟

ما الثمن الذي ستقبضه إيران من تسوية مع ”ترامب“؟

بقلم خالد عوض

 

بدأ العد العكسي للإنتخابات الرئاسية الأميركية المقبلة، وأبرز إشاراتها إقالة الرئيس الأميركي <دونالد ترامب> مستشاره للأمن القومي <جون بولتون> المعروف بأفكاره المتشددة مع ما سماه الرئيس الأميركي السابق <جورج دبليو بوش> محور الشر، أي كوريا الشمالية وإيران وسوريا. <بولتون> كان قد إستبدل سوريا التي تعاني من حرب داخلية بفنزويلا، مقترحا إرسال قوات عسكرية أميركية لمساندة المعارضة الفنزويلية ضد الرئيس <نيكولاس مادورو>. ولكن في وقت بدأ معه <ترامب> بإحصاء كم من الوعود الإنتخابية قد حققها، على عكس كل الرؤساء السابقين، أصبح وعده بالإنسحاب من الحروب الخارجية نقطة ضعف له من خلال سياسة خارجية مستوحاة من أفكار <بولتون>، فالأخير نصح بعدم إنسحاب القوات الأميركية من <أفغانستان> وبإرسال مئة ألف جندي إلى الشرق الأوسط لمواجهة أي إعتداء إيراني على السفن الأميركية وبالإطاحة عسكريا بالرئيس الفنزويلي. كل هذا هو عكس ما وعد به <ترامب> جمهوره ولا يتماشى مع توجهات الرئيس الأميركي غير المحبذة لأي حرب.

الولايات المتحدة وإيران: أي بديل للحرب؟

 

يضغط <ترامب> بواسطة سويسرا للإجتماع بالرئيس الإيراني <حسن روحاني> على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة التي ستعقد في <نيويورك> في النصف الثاني من الشهر الجاري. الرئيس الأميركي يسعى طبعا إلى الصورة والسبق الإعلامي. ولكن يتوق أيضا إلى مخرج لائق لرفع العقوبات عن إيران والدخول في مفاوضات مباشرة مع الجمهورية الإسلامية من دون أي وسيط وخارج ما يسمى بإتفاق الخمسة زائد واحد أي الخمسة أعضاء الدائمين في مجلس الأمن بالإضافة إلى ألمانيا. أصبح جليا بالنسبة إلى <ترامب> أن لا أفق واضحا للعقوبات الإقتصادية وأن إضعاف إيران بهذه الطريقة جعلها أكثر شراسة ولم يعط الولايات المتحدة أي نتيجة. بالنسبة لإيران المسألة أصبحت تمس الكرامة القومية، والشعب لن يقوم ضد نظامه كما اعتقد <بولتون> خاصة عندما تتعرض الأمة  لحصار دولي.

قيل ان الرئيس الفرنسي <إيمانويل ماكرون> حاول أن يجمع <ترامب> بـ<روحاني> خلال قمة السبع في <بياريتز> ولكن الأخير رفض لأن لا فحوى واضحاً للقاء ولا تصور للنتائج الممكنة منه. وحتى يقتنع <ترامب> بالإجتماع نقلت صحف فرنسية أن الرئيس <ماكرون> سأل نظيره الأميركي خلال غدائهما سويا: <هل يمكن أن تذهب الى حرب مع إيران؟>، وأجاب <ترامب>: <لا أفكر أبدا في ذلك>. فرد <ماكرون>: <يعني أن لا طريق آخر إلا المفاوضات، وتأخيرها لن يفيد أحدا، فإيران لا يمكن أن تتعايش مع تصفير تصديرها للنفط ولن تتوانى عن التصعيد لفك هذا الحصار>. وعندما فشلت مبادرة الرئيس الفرنسي لجأ <ترامب> إلى صديقه الرئيس السويسري <أولي ماورر> لمعاودة الإتصال بالإيرانيين وترتيب إجتماع بينه وبين <روحاني>. الإيرانيون يريدون رفعا كاملا للعقوبات إما قبل اللقاء أو من خلاله، فيما <ترامب> يسعى إلى الصورة وصفقة بيع ستين طائرة <بوينغ> وتهدئة لحرب اليمن وضمان عدم مهاجمة إسرائيل من سوريا أو لبنان. الأرجح أن إيران ستحصل على ما تريد مقابل الصورة والباقي سيخضع لمفاوضات جديدة مضنية  بين الطرفين.

 

<ترامب> عطش إلى... تسويات!

 

إستراتيجية القوة التي اعتمدها الرئيس الأميركي <دونالد ترامب> منذ وصوله إلى البيت الأبيض لم تعط أي نتيجة، بالعكس هي أصبحت عبئا حتى عليه. الحرب التجارية مع الصين لم تبدل في موقف الصين أي شيء، بل أصبح أقصى ما سيحصل عليه <ترامب> من أي تسوية ممكنة هو إعادة إستيراد الصينيين للمنتجات الزراعية الأميركية مقابل رفعه للرسوم الجمركية عن البضائع الصينية. الإيجابية التي ابداها <ترامب> مع الرئيس الكوري الشمالي <كيم يونج أون> قابلها الأخير بمزيد من التجارب الباليستية. الضغط على إيران لم يعط أي نتيجة ملموسة بل أصبحت إيران هي التي تريد فرض الشروط قبل إعادة التفاوض على أي إتفاق مع الغرب، نووي أو تجاري. الحال مع روسيا ليس أفضل بعد إلغاء إتفاقية الحد من الأسلحة النووية وإحتدام سباق التسلح من جديد. باختصار سياسة <ترامب> الخارجية كانت شبه كارثية إقتصاديا وسياسيا. الأمر الوحيد الذي قد يحسب له ربما هو أنه أضاء على مشاكل العالم من خلال الإهتمام الضيق بالمصالح الأميركية. اليوم أصبح <ترامب> بحاجة إلى انجازات خارجية إستعدادا للإنتخابات الآتية بعد أربعة عشر شهرا. والكل في المقابل يحسب جيدا شكل وحجم التنازلات التي يمكن اعطاؤها، هذا في حال أرادوا أساسا إعطاء <ترامب> أي عنوان إنتخابي لنجاحه الخارجي.

الإقتصاد العالمي لا يتحمل حربا. هكذا حرب ستدمر دولا وشعوبا لفترات طويلة مثلها مثل الحربين العالميتين الأولى والثانية. الخـــــــــــــــوف من هكذا حرب هو الذي يتحكم بسياسة <ترامب> وغيره من الرؤساء. فقط عندما تصبح كلفة سياسة الخوف من الحرب باهظة جدا يمكن أن تقرع طبول الحرب. هذه الطبول خفتت تماما مع طرد <جون بولتون> منذ أيام.