تفاصيل الخبر

ما أحوجنا الى فؤاد شهاب آخر والى حكومة انقاذ بعيدة عن ”أكلة الجبنة“!

24/01/2020
ما أحوجنا الى فؤاد شهاب آخر والى حكومة انقاذ بعيدة عن ”أكلة الجبنة“!

ما أحوجنا الى فؤاد شهاب آخر والى حكومة انقاذ بعيدة عن ”أكلة الجبنة“!

ولادة حكومة الرئيس حسان دياب بعد مضي شهر ونيّف على تكليفه، حصلت بعد فكفكة العقد وشروط الحصص والثلث المعطل ونوعية الحقائب رغم ان الاكثرية النيابية التي سمته هي من فريق واحد، يجعلنا نستحضر تجربة الرئيس الراحل فؤاد شهاب الذي تسلم الحكم بعد ثورة 1958، حين عمد الى تشكيل حكومة رباعية برئاسة الراحل رشيد كرامي وعضوية كل من الراحلين حسين العويني وبيار الجميل وريمون اده عُرفت بحكومة <الانقاذ> ورفعت شعار <لا غالب ولا مغلوب> دون اشراك باقي الطوائف والمذاهب، لتعدل بعد سنة تقريباً وتضم وزراء آخرين، وكان بيانها الوزاري لا يتجاوز الصفحة الواحدة، جاء فيه ان البلد يعيش في ظروف استثنائية عصيبة، وان المحنة الدامية التي عشناها جميعاً جعلت كل اللبنانيين يشعرون بالحاجة الى ايجاد مخرج عاجل للأزمة، ولسنا يحاجة للعودة الى الماضي، بل عقدنا العزم على غسل هذا الماضي. وترى الحكومة ان واجبها الاول هو العمل على غرس مبادئ الوحدة الوطنية، وتحقيق التعاون والثقة بين المواطنين، وعلى هذا الاساس، يمكننا تسمية هذه الحكومة بحكومة إنقاذ وطني بكل ما تتضمنه هذه الكلمة من معنى وما ترمي اليه من اهداف، وسنعمل، ونتساند، ونتكاتف، لإزالة الشكوك التي علقت في النفوس، وذلك بالعمل المجرد لتحقيق فكرة المساواة بين الجميع في ظل سيادة القانون، وإشاعة روح العدل، مستلهمة خطاب الرئيس شهاب الذي قال ان الضرورة الاساسية الملحة لبناء الدولة بناء سليماً على أسس وقواعد ومقاييس مستمدة من تصميم النخبة، ومصلحة الشعب، وطموح المواطن، حيث لا بد ان يطمئن المواطن الى تجرد الحاكم، وعدل القاضي، وأمانة الموظف، ولا بد من ان يكون للحكم فيه كل هيبته، وللقانون كل سلطته.

فما الذي كان يمنعنا من تشكيل حكومة على الاكثر من 6 وزراء تضم الطوائف الست الكبرى بدل من حكومة العشرين الجديدة كي لا يشعر أحد بالغبن وتكون انتقالية تعمل على انقاذ الوضع المالي والاقتصادي والمعيشي وتساهم في تجاوز الازمة التي نعيشها بدل التناتش على الحصص والحرد بحجة غبن هذا الطائفة او تلك او البحث عن جنس الملائكة في ثلث لن يكون ضامناً لأحد إذا استمر البلد في انحداره نحو الهاوية لأن المركب سيغرق بالجميع آنذاك؟

فالرئيس فؤاد شهاب كان شجاعاً وحكيماً وصادقاً ومستقيماً، وكانت تجربته خشبة الخلاص للبلد الممزق الخارج من ثورة شعبية كادت تطيح به، واستطاع تحقيق الانجازات على كل الاصعدة، واقرت في عهده مئات مشاريع واقتراحات القوانين وبنيت المؤسسات لاسيما الادارية منها والتي لا نزال ننعم بها حتى الآن ولم نجددها بل عشنا فيها فساداً ومحاصصة وصرف نفوذ. وشهد عهده حقبة من الازدهار الاقتصادي والبحبوحة والأمن والتنمية الاجتماعية، لكن ذلك جعله في صراع مع الإقطاعية السياسية التقليدية ومع العصبيات الطائفية، ما دفعه للتلويح بالاستقالة بسبب ممارسات بعض اهل السياسة ممن سماهم <أكلة الجبنة>، لا بل رفض تعديل الدستور بشكل قاطع قبل انتهاء فترة ولايته عام 1964 للسماح له بالترشيح لولاية ثانية رغم وجود اكثرية نيابية مؤيدة له، ومات عام 1973 فقيراً كما ولد ومن دون أولاد تاركاً زوجته الفرنسية الأصل <روز رينه بواتيو> التي توفيت عام 1992 وكانت ثروتها تتألف من بيت صغير بحاجة إلى إصلاحات وترميم، وسيارة قديمة وحساب مصرفي يبلغ مليوناً ونصف مليون ليرة.

فما أحوجنا الى فؤاد شهاب جديد والى حكومة انقاذ بعيدة عن <أكلة الجبنة>، لكن مع ذلك نعول على حكمة الرئيس دياب بأن يعبر حقل الألغام وينقل البلد الى بر الأمان.