تفاصيل الخبر

لـســـان حـــال الـــرئـيـس بـــري هـــو: ليس المهم اسم الرئيس بل أن يكون هناك رئيس!

11/08/2016
لـســـان حـــال الـــرئـيـس بـــري هـــو:  ليس المهم اسم الرئيس بل أن يكون هناك رئيس!

لـســـان حـــال الـــرئـيـس بـــري هـــو: ليس المهم اسم الرئيس بل أن يكون هناك رئيس!

 

بقلم وليد عوض

الحريري-ميقاتي-----3

أكثر ما ينطبق على أكثر أقطاب طاولة الحوار عنوان أغنية المغني العالمي <شارل أزنافور> وهو <لقد سقطوا ils sont tombés>، وهو يقصد بذلك الضحايا الأرمن في أحداث تركيا عام 1916. و<أزنافور> الآن سفير فوق العادة لجمهورية أرمينيا في سويسرا، أي انه ليس مغنياً عالمياً فقط بل هو كذلك ديبلوماسي عالمي.

والسقوط لا يعني الاستنكاف عن النهوض. فلكل جواد كبوة، ولكل فارس زلة. وإذا كان أبطال طاولة الحوار الذين نجح أكثرهم في الحياة العامة والكفاح الاقتصادي والمهني، قد عجزوا على مدى ثلاث جلسات أن يخرجوا على الناس بما يثلج صدورهم، ويطيّب خاطرهم، بدءاً من الاتفاق على انتخاب رئيس جديد للجمهورية، والوصول الى قانون انتخاب جديد يصحح أخطاء القوانين السابقة، وإحياء الخلايا النائمة في اتفاق الطائف، وأولها مجلس الشيوخ، واللامركزية الادارية، فليس معنى ذلك ان الجواد لن ينهض من كبوته، ولنا في يوم الخامس من أيلول (سبتمبر) المقبل، موعد الجلسة الرابعة، أو جلسة تصويب البوصلة، المحاولة الجديدة للتفوق على أغنية <شارل أزنافور>.

فالرئيس نبيه بري هو الآن حامل الأمانة التاريخية لتوليد لبنان جديد من رحم اتفاق الطائف، ولن يتساهل في هذا الدور، وليس المهم عنده من يكون الجالس سعيداً على كرسي الرئاسة في قصر بعبدا، بل المهم أن يكون هناك رئيس يوقع المراسيم الصادرة عن مجلس الوزراء، والقوانين التي يقرها مجلس النواب، أو يعيدها الى مصدرها، إضافة الى تسلم أوراق اعتماد السفيرات والسفراء الجدد، وما أكثر السفيرات في المجموعة الديبلوماسية الجديدة وأولهن سفيرة أميركا <اليزابت ريتشارد>.

والرئيس تمام سلام، القطب الآخر في طاولة الحوار لا يقبل أن يمر في جلسات مقر عين التينة مرور الكرام، بل لا بد أن تكون له بصماته في أي هيكلية دستورية جديدة، مثل مجلس الشيوخ أو قانون الانتخاب والاثنان: الرئيس بري والرئيس سلام بدعم من الرئيس سعد الحريري، لا يمكن أن يعودا الى الوراء، أي الى قانون الستين، أو أن يتركا البلاد نهباً للمخالفات الدستورية والادارية، والتصرفات العشوائية، لأن لكل منهما موقعه السياسي غير القابل للتساهل أو التنازل.

بصمات عون وفرنجية وميقاتي

  

والعماد ميشال عون زعيم الأكثرية البرلمانية المسيحية، صاحب حق في كرسي بعبدا، مثلما الرئيس نبيه بري صاحب حق في كرسي رئاسة المجلس، والرئيس سعد الحريري صاحب حق في كرسي رئاسة الوزارة بأكثرية الأصوات النيابية، وغير مستعد للتنازل عن هذا الحق. فعمره الآن 82 سنة، والانتظار حتى الاستحقاق الرئاسي بعد ست سنوات يجعله في عمر الثمانية والثمانين، أي عمر المستشار الألماني بعد الحرب العالمية الثانية <كونراد اديناور>، كما ان السواد الأعظم من التيار الوطني الحر لا يرى في أفق قصر بعبدا رئيساً غير ميشال عون.

وسليمان فرنجية وريث شعار جده سليمان فرنجية الكبير <وطني دائماً على حق>، جاهز في معركة الرئاسة للتنازل للوطن لا لأي مرشح رئاسي آخر، والتنازل للوطن، يعني في نظرة حكمة سليمان الانضمام الى الأكثرية التي تتفق على رئيس يماشي المصلحة اللبنانية العليا، وفي غير هذه الحالة يبقى مرشحاً للرئاسة على سن ورمح!

والرئيس نجيب ميقاتي جزء من الورشة ولا يرضى أن يكون مثل غيره <شاهد ما شافش حاجة>، بل ما يزال متمسكاً بمشروع قانون الانتخابات الذي أقره مجلس الوزراء في عهده، وهو القانون الجامع بين الأكثري والنسبي، كما لا يرضى إلا أن يكون من سادة القرار المتعلق برئاسة الجمهورية، ومجلس الشيوخ، خصوصاً وهو نائب عن طرابلس قبل أن يكون رئيساً للوزراء. ولطرابلس حقها التاريخي على الدولة، وتأبى التفريط بهذا الحق، وهو حق مكتسب أولاً من الرئيس عبد الحميد كرامي، ثم من الرئيس الشهيد رشيد كرامي الذي له بصمته في اتفاق الطائف، على أساس انه بالتوافق مع الرئيس كميل شمعون نزيل مستشفى <أوتيل ديو> يومئذ كان صاحب الدعوة لنقل صلاحيات رئيس الجمهورية الى مجلس الوزراء مجتمعاً.

وكان موفد الرئيس كرامي في هذه الرسالة العميد سمير شعراني، بينما كان موفد الرئيس شمعون هو الوزير السابق جوزف الهاشم، واسترجاع دور اتفاق الطائف أمانة في عنق الرئيس نجيب ميقاتي خصوصاً لجهة اللامركزية الادارية التي تدخر بري-جنبلاط-----1لطرابلس والشمال مناخاً انمائياً لا يتوفر لهما حالياً ولاسيما بالنسبة للبلديات.

بماذا يمكن ليوم الاثنين 5 أيلول (سبتمبر) أن يأتي بجديد غير مبدأ عقد الجلسات الماراتونية؟ غياب ميشال عون وسليمان فرنجية عن الجلسة الثالثة لطاولة الحوار يمكن أن ينسحب على أقطاب طاولة آخرين، منهم رئيس الكتائب سامي الجميّل الذي يرى ان طاولة الحوار ذهبت بعيداً عن الموضوع الأساس وهو إنهاء الشغور الرئاسي بانتخاب رئيس جمهورية جديد، ولم يدخل الى طاولة الحوار للبحث في مواضيع أخرى. وبذلك يكون دور الرئيس نبيه بري يوم 5 أيلول (سبتمبر) هو رص صفوف المتحاورين وعدم ترك المجال لانسحاب أي قطب من أقطاب الطاولة، ولاسيما سامي الجميّل الذي قد يشكل انسحابه من طاولة الحوار اخلالاً بالميثاقية، خصوصاً وان ميشال عون عبر رئيس وفده في طاولة الحوار جبران باسيل ضاق صدره هو الآخر برتابة الجلسات وعدم الوصول الى نتيجة تاريخية.

وأوساط سليمان فرنجية تعبر عن تململه حتى لا نقول قرفه من مسار مباحثات الطاولة، وعدم الوصول الى اتفاق وطني حول اسم الرئيس العتيد.

فتش عن.. حلب!

والعالمون ببواطن الأمور يربطون بين أجواء طاولة الحوار وأجواء الأحداث الدائرة في سوريا، ولاسيما مدينة حلب التي تكاد تسقط نهائياً في قبضة المعارضة، وهذا يهدد بجعلها خارج الشرعية السورية، ويهدد سوريا بالشرذمة الجغرافية، فإذا حسم الأمر في حلب من الآن وحتى الخامس من أيلول (سبتمبر) لفح طاولة الحوار في عين التينة هواء جديد من شأنه فتح باب اختيار رئيس الجمهورية الجديد، وإذا استمر الاحتقان الكبير في حلب، فلن يكون في إمكان طاولة الحوار في عين التينة، أن تسجل القفزة النوعية التي يتمناها اللبنانيون، إلا إذا توصل <رجب طيب أردوغان> و<فلاديمير بوتين> الى تسوية تاريخية في سوريا!

ونحن الآن أمام استحقاقين مقبلين علينا في أيلول (سبتمبر) المقبل: الجلسة الثالثة للحوار يوم 5 الشهر المقبل، والجلسة المخصصة لانتخاب رئيس الجمهورية يوم الأربعاء 7 أيلول (سبتمبر) أو الجلسة أم أربع وأربعين. ومن الآن، وما دامت الأحداث في سوريا آخذة في التفاقم، نستطيع أن نقول بلسان المواطن اللبناني حيال جلسة 7 أيلول (سبتمبر): <قال هذا حصرم رأيته في حلب> رجوعاً الى الأمثولة الابتدائية عن <الثعلب والعنب>. كذلك فإن جلسة الحوار الرابعة يوم 5 أيلول (سبتمبر) جلسة عاقر سلفاً، وبدون أي مولود ينتظره اللبنانيون، إلا إذا جرى اتفاق حول مجلس الشيوخ وتعينت لجان لدرس تفاصيل تحويله الى واقع دستوري.

سلام الجبل سلامة لبنان

عون-فرنجيه----2

ولبنان الذي تغطيه حتى الآن مظلة دولية، وتمنع فيه أي انفجار، يستجمع كل سبل النجاة من المكاره المقبلة. وما تدشين كنيسة سيدة الدر في المختارة ضمن ذلك المهرجان الوطني التاريخي إلا أصدق إنباء بأن سلام الجبل يعني سلامة لبنان. والعودة الى التاريخ منذ أحداث 1860 بين بيت الدين ودير القمر، تكشف بوضوح ان انقسام اللبنانيين بدأ من الجبل، وما حرب الجبل عام 1976 إلا الدليل الثاني على أن الثورة على النظام تأتي من فوق، من الجبل، والسلام مع النظام يأتي من الجبل.

ويستذكر المخضرمون يوم اشتدت الأزمة السياسية بين رئيس الوزراء رشيد كرامي، طيب الله ثراه، والرئيس كميل شمعون، فكان التراشق السياسي مشتعلاً بين كمال جنبلاط وكميل شمعون، دون أن تنتقل الشرارة الى الجبل، مما حمل الرئيس كرامي على أن يقول عبارته المشهورة: <كميل وكمال مختلفان في المنطق ومتفقان في المنطقة>.

وقد أراد بذلك أن يعزز الواقع الذي يقول ان انفجار الموقف العسكري بين دير القمر، معقل كميل شمعون، والمختارة معقل كمال جنبلاط من آخر المستحيلات.

وحتى لا يذكر التاريخ ان الطبقة السياسية الحاكمة قد سقطت، وتصح فيها أغنية أزنافور> <لقد سقطوا ils sont tombés>، فالجهود بدءاً من جهود ومسعى الرئيس نبيه بري المتفنن في تدوير الزوايا، لا بد أن تؤتي أكُلها من أجل أن يكون أيلول (سبتمبر) شهر الانفراج، لا شهر المزيد من العقد السياسية لأن اقتصاد البلد، مروراً باقتصاد المصارف، لم يعد يتحمل المزيد من... النكبات!

واللهم اشهد اننا... بلغنا!