تفاصيل الخبر

لوحات في معرض يتآخى فيها النص الإنجيلي مع آيات القرآن الكريم!

16/03/2018
لوحات في معرض يتآخى فيها النص الإنجيلي مع آيات القرآن الكريم!

لوحات في معرض يتآخى فيها النص الإنجيلي مع آيات القرآن الكريم!

 

بقلم عبير انطون

YES--HI-RES-pic-LENA-KELEKIAN-PORTRAITS-025-(2)

لما اعتبر <البابا يوحنا بولس الثاني> لبنان اكثر من بلد رافعاً اياه الى مفهوم الرسالة والنموذج للعيش المشترك، فإنما حمّله وحمّل مسؤوليه وسياسييه وبشكل اول مثقفوه وفنانوه، مسؤولية نجاح هذا النموذج ليس من خلال القول والخطابات فقط، بل في الممارسة اليومية التي قد تتمدد الى مجالات مختلفة. لينا وهيلدا كيليكيان، ومنذ خمس وعشرين سنة، تجسدان هذا المفهوم لقناعة راسخة بأهمية الفن ودوره في هذا الاطار. فعبر عملهما الفني في رسم الايقونات او الرسوم التجريدية تراهما تبلغان الهدف، وها هما تجسدانه من خلال لوحات فريدة يتآخى فيها النص الانجيلي مع آيات من القرآن الكريم، وترجمتها ايقونات ورسوم فريدة في معرض <بيروت مدينة التعايش> الذي سيقام في 20 آذار/ مارس الجاري في <فيلا عودة> لينطلق من بعده في جولة الى العالم كله.

فما هي اهمية هذا المعرض الفني الديني الذي يضم أيقونات، وصلبانًا، وآيات قرآنية ومقاطع من الانجيل على ورق <البارشمنت> الشفاف، كيف تتجسد من خلاله فكرة العيش المشترك في بيروت الحاضنة وما الذي يميزه حتى تستقبله عواصم العالم الكبرى؟

 الفنانتان فتحتا الاوراق لـ<الافكار> قبل موعد قص شريط الافتتاح، وكانت جولة مع لينا التي تخصصت في فن الأيقونة البيزنطي منذ عام 1992، وهيلدا التي اشتهرت بنقل آيات قرآنية وعبارات من الانجيل على ورق <البارشمنت> بأسلوبها الفريد في فن الخط. وسألناهما بداية:

 ــ تجسدان <بيروت مدينة التعايش> من خلال معرضكما. كيف اخترتما العنوان وكيف تجسدانه عبر لوحاتكما؟

هيلدا: هدف هذا المعرض ليس فقط عرض اعمال فنية مرتبطة بالديانتين المسيحية والإسلامية بل يتعداه الى ما هو اسمى، الى جوهر تعاليم الديانتين اللتين تشددان على المحبة والتسامح وقبول الآخر. فمن هذا المنطلق، لهذا المعرض رسالة أساسية تؤكد على أهمية التعايش بين المسيحيين والمسلمين في العاصمة بيروت بصورة خاصة، ولبنان بصورة عامة.

 ــ يأتي هذا المعرض عشية مرور 25 سنة على إنطلاقتكما في عالم الفن المقدس، ماذا تعني لكما هذه المناسبة؟

 لينا: هذه مناسبة مميزة جدا لأنها تأتي لتؤكد ان ما بدأناه منذ 25 عاما والأهداف التي وضعناها منذ ربع قرن كانت صائبة ولا تزال. وما احوجنا اليوم، اكثر من أي وقت مضى، الى ابراز ما يوحد والى التركيز على ما يجمع بين الديانتين السماويتين من خلال الفن.

6-HILDA-KELEKIAN-artworks--1ــ  غاب اسمكما عن الساحة الفنية لفترة علما ان مكانتكما محفوظة فيه، كيف تفسران غيابكما الطويل نوعا ما؟

هيلدا: لغيابنا اسباب عدّة، منها ما يتعلق بالشخصي. بالنسبة لي انخرطت في الزواج والإنجاب (توائم ثلاثة وتربيتهم) وإدارة اعمال شركتي الخاصة. ولكن كل ذلك لم يمنعنا، لينا وانا من ابداع اعمال جديدة، وكانت إستراتجيتنا تتركز على تكثيف المشاركة واقامة المعارض خارج لبنان، و كانت عديدة وانتشرت في جميع انحاء العالم. لطالما آثرنا التشديد على فكرة ان لا تناقض ولا صدام بين الديانتين المسيحية والاسلامية، وتبقى عاصمتنا النموذج الافضل لذلك. فكما تزدان مدينة بيروت بكنائسها وجوامعها جنباً الى جنب، كانت معارضنا تزين صالات المتاحف في انحاء العالم بأعمالنا حيث الأيقونة تعرض الى جانب الآية من القرآن الكريم، ويبدو اننا بلغنا الهدف وتمكنا من ايصال الرسالة، ونتيجة لمعارضنا خارج لبنان تمكنا من حصد جوائز عالمية عديدة تشرّف لبنان والحركة الفنية اللبنانية.

 ــ المتجول في معرضكما، ماذا سيشاهد؟ اي اعمال مميزة اخترتماها بين أخرى ومسيرتكما الفنية غنية؟

لينا: يكتسب معرض <بيروت مدينة التعايش> اهميته الاولى من كونه يعرض للمرة الاولى اعمالاً تم إنجازها منذ بداياتنا في هذا الحقل، اي منذ 25 سنة، وكما ان سمة التطور ترافق اي انسان منا، فكيف بالأحرى للفنان الذي يسعى اليه في كل خطوة وكل لوحة...سيلمس الزائر ذلك، من خلال نضج وفهم اعمق للمفاهيم وكيفية ابرازها بأفضل طريقة.

<طريق الحرير> ايضا...

ــ كانت لك، لينا، مشاركة ورسالة ايضا من خلال <معرض بيانال بيجين السابع للفنون التشكيلية 2017> في الصين تحت عنوان <طريق الحرير وحضارات العالم>. ما كانت اهميته في مسيرتك؟

ــ  إن أهمية موضوع المعرض عن طريق الحرير وحضارات العالم وشموليته أوجبا التفكير بعمل ذات دلالات تاريخية وجغرافية وحضارية يجمع ابرز الحضارات التي مرت بها طريق الحرير واثرت في شعوبها وتأثرت فيها بعملية تفاعل امتدت على مدى قرون عدة، وقد أعطت المثل والمثال على قدرة الشعوب والحضارات على بناء جسور تواصل وتبادل تجاري وثقافي بما يغني الحضارة الانسانية، ولهذا السبب كان التوجه لمجموعة منحوتات تسرد تاريخ حضارات طريق الحرير، وترجمت هذه الفكرة بخمسة اعمدة منحوتة لكل منها لون يمثل واحدة منها: الأحمر يرمز للامبراطورية الرومانية والأزرق للبيزنطية والأخضر للخلافة العربية الإسلامية والبرتقالي للإمبراطورية الأرمنية والأصفر للإمبراطورية الصينية.

HILDA-2012--واضافت لينا قائلة:

- بلغ ارتفاع كل عمود مترين، وتم تغليف كل منها بالسيراميك وتتويج رأسه بخارطة للحدود الجغرافية للحضارة التي يمثلها، كما زخرف كل عمود بعبارة <طريق الحرير> بخط اللغة المتداولة في هذه الحضارة او تلك، اما الرسالة هي ان لبنان نقطة التقاء وتواصل بين الشعوب والحضارات... كان في الماضي وما زال في الحاضر وسيبقى كذلك في المستقبل.

ــ بالعودة الى معرض <بيروت مدينة التعايش> فإنه سيتم برعاية رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري، ما هي دلالات هذه الرعاية؟

لينا: من البديهي ان لرعاية رئيس مجلس الوزراء الشيخ سعد الحريري لافتتاح هذا المعرض اهمية كبيرة لأن هناك الكثير من القواسم المشتركة بين ما نقدمه من رسالة من خلال الفن المقدس، وما آمن به والد الرئيس سعد الحريري الشهيد رفيق الحريري، الأمر الذي يؤمن به هو شخصياً أيضا لناحية اهمية إبراز رسالة التعايش بين المسلمين والمسيحيين حتى تشكل قدوة ليس فقط للبنانيين، بل لجميع شعوب دول المنطقة والعالم اجمع. وباعتقادنا انها رسالة وواجب على جميع اللبنانيين من فنانين ومفكرين ومثقفين من دون ان تكون حكرا على السياسيين.

ــ  كيف تم جمع هذا العدد الكبير من الأعمال؟

هيلدا: يجب التذكير ان هذا عمل تراكمي امتد على فترة 25 سنة وهناك عدد معين من الأعمال التي لا تباع وهي جزء اساسي من اعمالنا وتبقى للعرض فقط، كذلك تمت استعارة بعض الأعمال التي تم بيعها من الأصدقاء الذين اقتنوها حتى تنضم الى هذا المعرض.

ــ  نعلم انكما تعرضان اعمالكما الفنية التجريدية في جميع انحاء العالم وقد احرزتما جوائز عالمية من خلال هذه الأعمال. كيف تستطيعان الجمع او الفصل بين الفن المقدس والفن التجريدي؟

لينا: لكل واحد مكانه ومكانته وتقنياته. من الصحيح انه في السنوات الماضية كانت لدينا نشاطات مكثفة في المعارض التشكيلية خارج لبنان وقد مثلنا بلدنا في عدة <بيانالات> عالمية، كذلك قمنا بتنظيم معارض بمشاركة فنانين عالميين واحرزنا جوائز عالمية، واذكر هنا على سبيل الذكر وليس الحصر ميداليتين ذهبيتين في الفنون الجميلة في دورتي بيجينغ ولندن للألعاب الأولمبية عامي 2008 و2012 وجائزة اللجنة الأولمبية العالمية في الفنون التي منحت للبنان عام 2014 تقديراً لإنجازاتي، لكن يبقى الفن المقدس هو الأساس ونعود اليه حيث شكّل نقطة الانطلاق.

4-LENA-KELEKIAN-artworks--1 ــ سينطلق معرضكما هذا من بيروت ليجول في بقاع العالم. ماذا عن تفاصيل هذه الجولة؟

لينا: كان من الاساسي لنا ان نبدأ من مدينتنا بيروت... من حيث كانت بداياتنا ومنها انطلقنا الى العالم. وهذا ما سنعيد القيام به بحيث سيتم نقل المعرض وعرضه في دولة الإمارات العربية المتحدة، وهناك جهود تبذل للعرض في <متحف اللوفر الجديد> في ابو ظبي ومن ثم ينتقل المعرض ليحطّ في مدينة لندن البريطانية وتحت رعاية احد افراد العائلة البريطانية الحاكمة الأمير <وليام>، ومن بعد ذلك الى فرنسا وعدة عواصم ومدن اوروبية، كما سينتقل بعدها ليعرض في الولايات المتحدة الأميركية.

ــ  ما اهمية هذه الجولة لـ<بيروت مدينة التعايش> خارج لبنان؟

هيلدا: عرض هذه الأعمال خارج لبنان يكتسب اهمية فائقة إن لجهة إبراز مستوى الفن في لبنان، وان لجهة نشر رسالة المعرض المهمة للعالم اجمع عن اهمية لبنان ودوره كنموذج لتعايش الديانتين السماويتين، وتعايش اللبنانيين المنتمين الى الطوائف المسيحية والإسلامية مع بعضهم البعض، ولدحض فكرة صراع وصدام الديانات والثقافات والحضارات بل على العكس ابراز حقيقتها كمصدر جامع وموحد وهي في الوقت عينه مصدر غنى وتنوع فريد من نوعه.

ــ  سيتم بمناسبة هذا المعرض إصدار كتاب يجمع صورا لعدد كبير من أعمالكما مع شهادات كثيرة من شخصيات محلية وعالمية، ماذا عن تفاصيل هذا الكتاب؟

لينا: إن تجميع محتويات هذا الكتاب وتوثيقها استغرقا عدة اشهر وقد تم عرض نماذج من اهم اعمالنا التي لم يعد البعض منها بحوزتنا، كما يكتسب هذا الكتاب اهمية فائقة لأن فيه تم تجميع شهادات صادقة ومؤثرة لشخصيات لبنانية وعالمية منهم الرئيس سعد الحريري، وعدد كبير من السياسيين والمثقفين اللبنانيين المرموقين، وسفراء حاليون وسابقون واساتذة جامعيون وعلماء فضاء وفنانون وموسيقيون عالميون ولبنانيون فضلا عن شهادات مهمة من سيدات ورجال في المجتمع اللبناني ينشطون في مجال حوار الأديان والحضارات... والى كل هذه الشخصيات اتوجه باسمي وباسم شقيقتي هيلدا بالشكر الجزيل والعميق لكلماتهم المعبّرة.