تفاصيل الخبر

"لودريان" في بيروت: قلق ومصارحة ومحاولة منع الانهيار... او تأخيره!

15/07/2020
"لودريان" في بيروت: قلق ومصارحة ومحاولة منع الانهيار... او تأخيره!

"لودريان" في بيروت: قلق ومصارحة ومحاولة منع الانهيار... او تأخيره!

[caption id="attachment_79570" align="alignleft" width="444"] وزير الخارجية الفرنسية جان ايف لودريان يعبر عن قلق شديد إزاء لبنان.[/caption]

 لن يسمع المسؤولون في لبنان من وزير الخارجية الفرنسية "جان ايف لودريان" خلال الايام القليلة المقبلة كلاماً يختلف عن الذي قاله امام مجلس الشيوخ الفرنسي الاسبوع الماضي، وهو قرر زيارة بيروت ليردد الكلام نفسه علّه يحث المسؤولين من اجل الاسراع في معالجة الحال المتردية، سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وتربوياً. ذلك انه عندما قرر "لودريان" زيارة لبنان كان يدرك ان زيارته يفترض ان تعطي للبنانيين أملاً بأن فرنسا الى جانبهم ولن تدع لبنان يسقط او ينهار، والرئيس الفرنسي "ايمانويل ماكرون" طلب من "لودريان" القيام بهذه الزيارة لأنه يعرف مدى تعلقه بوطن الارز ويعرف ماضيه وحاضره ويخشى على مستقبله...

 لقد كـــان "لودريان" واضحاً  امام مجلس الشيوخ الفرنسي في الاعراب عن "قلق شديد" و"حزن" ازاء الوضع اللبناني الذي قال عنه إنه "واقع مأساوي اجتماعيا وسياسيا واقتصاديا وماليا"، لكنه صارح اللبنانيين بأن بلاده لا يمكنها القيام بأي شيء اذا لم يتخذ اللبنانيون انفسهم المبادرة الضرورية للنهوض ببلدهم، وهو اطلق عبارتـــه التي صارت مضرب مثل: "اننا جاهزون لمساعدتكم لكن ساعدونا لمساعدتكم"! وزاد في وضوحه قوله ان السلطات اللبنانية الجديدة (وهو يقصد حكومة الرئيس حسان دياب) لم تقم بشيء حتى الآن، التزمت بتحقيق الاصلاحات التي كان العالم يأمل في تحقيقها خلال مئة يوم، لكن هذه الاصلاحات لم تتحقق....

 وما لم يقله "لودريان"، قالته مصادر ديبلوماسية فرنسية التي عبرت عن يأسها من التعامل مع السلطات اللبنانية والحكومة التي لم تقم حتى الآن بالانجازات التي وعدت المجتمع الدولي بالقيام بها. كما تنتقد تعامل الحكومة مع صندوق النقد الدولي الذي يشكل اليوم المنفذ الوحيد لمد لبنان بالاموال اللازمة لدفع المستحقات المالية، واطلاق العجلة الاقتصادية، واعادة بناء البنية التحتية واعادة الثقة بلبنان.

 وحتى الآن لم يحصل اي تقدم ملموس في هذا الموضوع، ولا توجد في نظر الفرنسيين اي اشارة ايجابية حقيقية من الحكومة اللبنانية وداعميها لاستجابة متطلبات حل الازمة التي تزداد تفاقما ولم تعد تتحمل اي تأجيل، بل يقوم الداعمون للحكومة بتأجيل الاصلاحات التي لا تتوافق مع مصالحهم الحزبية او الشخصية او تعطيلها، ويعملون على تثبيت الوضع القائم من دون اي سعي للقيام بهذه الاصلاحات. وهذا ما يعوق تقديم المساعدات.

 وتنتقد هذه الاوساط اداء الحكومة التي تهتم بالمحاصصة وتعيين قريبين منها في الوظائف العامة من دون اي شفافية، بينما ليس هناك اي اهتمام ملموس في ما يتعلق بحل الازمات المالية والاقتصادية والاجتماعية التي تهم الشعب اللبناني.

محاولة لجم الانهيار

هذا الجو سيعكسه "لودريان" باسلوب ديبلوماسي يجيده وزير الخارجية الفرنسية، خلال محادثاته مع المسؤولين اللبنانيين خلال الساعات القليلة المقبلة على امل ان يتمكن من ايصال الرسالـــة التي جاء الى بيروت لاجل ايصالهــــا وتؤدي الـــى حث المسؤولين اللبنانيين الذين "صدمهم" كلام "لودريان"، لاسيما وان المعطيات المتوافرة تشير الى ان اي مبادرة يمكن ان تحملها باريس بعد التنسيق مع واشنطن والرياض، تتحدث عن محاولة ترتيب ما وليس انقاذاً وحلاً دائماً للازمة الراهنة التي يستعصي حلها يوماً بعد يوم وصارت تتطلب عملية احاطة واسعة تحتاج الى برنامج عمل واضح وشفاف والتزامات اقليمية ودولية لم تحسم بعد، اي ان ما يعمل له حاليا محاولة لجم الانهيار الذي بات حقيقة امام هذه العواصم، والعمل على تأخيره الى اقصى حد ممكن للاشهر المقبلة في انتظار تسوية اقليمية ودولية اكثر شمولا لا تتعلق حصراً بالانتخابات الاميركية بل ايضاً بتطورات سوريا والعراق المتسارعة. اما محلياً، فأمام لبنان مجموعة افكار مطروحة عبر عنها الفرنسيون في صورة "مجمّلة" وتحدث عنها الاميركيون بصورة أوضح.

الهدر والفساد والمحاصصة

 في غضون ذلك، تتوقف مصادر متابعة للموقف الفرنسي عند حجم الفساد والاهتراء والهدر في لبنان خلافاً للتبريرات التي يتناوب على الادلاء بها نواب ووزراء حاليون وسابقون ومراجع سياسية مصرفية. وفي رأي هذه المصادر ان صورة لبنان انكشفت امام كل عاصمة معنية بالشأن اللبناني، تتعلق بحجم التفاهمات التي تجرى حاليا بين قوى سياسية لشد عصبها وتقاسم الحصص، وكأنها تسابق الوقت لتأمين استمراريتها في الادارات والمؤسسات العامة قبل اي تحول مفصلي. وهذا متداول على الصعد المحلية والخارجية والدبلوماسية في شكل واسع، بعدما شهد الاسبوع الفائت محاولات لم الشمل بين الرئيس نبيه بري ورئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل، وتحصيلهما اكبر حصة ممكنة في كل المرافق العامة، وكلاهما يحاول قضم كل ما يمكن قضمه، قبل الوصول الى ساعات الاستحقاق. المشكلة ان هذه القوى السياسية تتصرف في طلبها المساعدة من الخارج، وكأن لا احد يعرف ما تفعله في يومياتها السياسية والمالية من دون الاخذ في الاعتبار حجم الانهيار المؤسساتي، وكأن البلد بألف خير، ولا افلاس وشيكاً ولا انهيار واقعاً. هذا بعض ما حرصت فرنسا في توجهها الجديد على ابرازه، فرمت الكرة في ملعب المسؤولين اللبنانيين بضرورة تحمل مسؤولياتهم، في موازاة عملها الاقليمي والدولي للجم الانهيار، وهذا ما سيقوله "لودريان" ولكن بلغة ديبلوماسية!.

1_ وزير الخارجية الفرنسية "جان ايف لودريان " يعبر عن قلق شديد إزاء لبنان.