تفاصيل الخبر

لمصـلحــة مَـنْ الـترويــج المـبرمــج سياسيــاً وإعلامـيــاً عـن ”تغيير حتمي“ لحاكم مصرف لبنان ”خلال أسابيع“؟!

13/01/2017
لمصـلحــة مَـنْ الـترويــج المـبرمــج سياسيــاً وإعلامـيــاً عـن  ”تغيير حتمي“ لحاكم مصرف لبنان ”خلال أسابيع“؟!

لمصـلحــة مَـنْ الـترويــج المـبرمــج سياسيــاً وإعلامـيــاً عـن ”تغيير حتمي“ لحاكم مصرف لبنان ”خلال أسابيع“؟!

سلامة-و-عون----2منذ انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية في 31 تشرين الأول/ اكتوبر الماضي وثمة من <يبث> في الأوساط الإعلامية والسياسية روايات مختلفة تصب كلها في اتجاه واحد وهو أن تغييراً سيحصل على مستوى حاكمية مصرف لبنان مع انتهاء ولاية الحاكم رياض سلامة في 31 تموز/ يوليو المقبل. ويتطوع أصحاب هذه الروايات للحديث عن <فتور> في العلاقة بين الرئيس عون والحاكم سلامة على خلفية أن الأخير كان من أبرز المرشحين لرئاسة الجمهورية لو لم تتجه الرياح وفق ما تشتهيه سفن <الجنرال> فينتقل من الرابية الى قصر بعبدا رئيساً.

ودفعت هذه الروايات التي تتنوع وتتبدل معطياتها الأوساط المطلعة الى التساؤل لمصلحة مَنْ يتم <ضخ> هذا الكم من الأخبار والمعلومات، في وقت لا شيء يشير الى أن تغييراً يمكن أن يحصل على مستوى حاكمية مصرف لبنان قبل أوانه، وبالتالي أي فائدة ترتجى من تناول هذا الموضوع الحساس قبل أكثر من ستة أشهر على حلول موعد انتهاء ولاية الحاكم سلامة، علماً أن مثل هذه الأحاديث من شأنها إثارة ردود فعل قد تنعكس على الوضع المالي ككل في البلاد.

مصادر مطلعة تقول بأن الحاكم سلامة استطاع من خلال مسؤولياته التي تسلمها منذ ما يقارب من ربع قرن، أن ينهض بالواقع المالي في البلاد، وأن يرفع موجودات مصرف لبنان من العملة الصعبة، وأن يرعى مصالح المودعين من خلال التشدّد في مراقبة عمل المصارف، ناهيك بما تحقّق على صعيد حماية الليرة اللبنانية من جهة، والمصارف اللبنانية من جهة ثانية. وهذه العوامل مجتمعة، تضيف المصادر نفسها، فضلاً عن وقائع أخرى لا يتسع المجال للخوض فيها، جعلت ثقة المودعين اللبنانيين ومن خلالهم المودعين العرب والأجانب، تصب كلها حول الحاكم سلامة الذي عرف كيف <يهندس> السياسة النقدية ويقود بالبلاد مالياً واقتصادياً الى برّ الأمان، وإذا كان ثمة من يأخذ على الحاكم سلامة <مراعاته> للقطاع المصرفي في لبنان وتقديم التسهيلات المالية له وكان آخرها ما عُرف بـ<الهندسة المالية> التي استفادت منها المصارف، فإن ثمة من يرى في المقابل انه لولا عناية سلامة بالقطاع المصرفي ما كان لبنان ليتمكن من الصمود مالياً واقتصادياً يوم انهارت تباعاً كل مقومات الدولة السياسية والاجتماعية ووقفت البلاد قاب قوسين أو أدنى من السقوط الكامل، وكل ذلك بفعل الدفع الذي دفعه القطاع المصرفي بمتابعة مباشرة من الحاكم سلامة، والشهادات على ذلك كثيرة ومصدر مفاخرة.

 

جوّ ضبابي يؤثر سلباً

 

غير أن المصادر نفسها تعتبر أن وراء رمي الشائعات عن <تغيير حتمي> في منصب حاكم مصرف لبنان خلق جوّ ضبابي حول الشخص أولاً ثم الموقع ثانياً، والواقع المالي والمصرفي ثالثاً، وهذه عوامل تدعو الى طرح علامات استفهام كثيرة حول الغاية منها من جهة، والتوقيت من جهة ثانية، علماً أن العلاقة بين الرئيس عون والحاكم سلامة لم تكن وليدة الانتخابات الرئاسية، بل هي تعود الى سنوات خلت حرص خلالها الحاكم سلامة على زيارة العماد عون من حين الى آخر والتعاون معه في مختلف المجالات لاسيما في بعض المسائل الوظيفية التي واجهت قريبين من <الجنرال> عون آنذاك. لا بل أكثر من ذلك، تضيف المصادر نفسها، فإن الحاكم سلامة كان يحيط الرئيس عون لياقة حتى قبل انتخابه بكل ما يتصل بالشأنين المالي والمصرفي، ثم تطور الأمر الى إحاطة كاملة بالملف وما يمكن أن يترتب معه من عوامل إيجابية أو سلبية. وقد استمرت تلك المقاربة بعد انتخاب الرئيس عون وذلك حين تعددت زيارات الحاكم الى قصر بعبدا للقاء رئيس الجمهورية والاستماع الى توجيهاته.

عون يثق بسلامة

وفي هذا السياق، يقول قريبون من رئيس الجمهورية إن الحاكم سلامة يحظى بثقة الرئيس عون وكل ما يُقال عكس ذلك لا يمثل الواقع، وبالتالي لا حاجة للدخول في جدال مع <التسريبات> التي تتناول علاقة رئيس الجمهورية وأحد أبرز منافسيه في الانتخابات الرئاسية من دون أن تحصل أية مواجهة مباشرة بين الرجلين، إذ ظلت العلاقة بينهما متينة ومميزة. من هنا يدعو هؤلاء القريبون الى عدم الأخذ بما يتردد من حين الى آخر، والتركيز دائماً على أجواء اللقاءات التي تجمع الرئيس عون مع الحاكم سلامة والتي تتصف دائماً بـ<الإيجابية>، علماً أن الوقت لا يزال مبكراً للحديث عن تغيير على مستوى حاكمية مصرف لبنان، ورغم أن الحاكم نفسه قال خلال إطلالته عبر <المؤسسة اللبنانية للإرسال> أنه عندما تنتهي ولايته في 31 تموز/ يوليو 2017، فمن الطبيعي أن تدرس الحكومة إعادة تسمية حاكم جديد بناء على اقتراح وزير المال، إلا أن ذلك التسليم بالامر الواقع الذي يظهره سلامة لدى مقاربته موضوع ولايته واحتمال التمديد له أو تعيين بديل عنه، لا يلغي حقيقة قائمة وهي أن كثرة الحديث صعوداً ونزولاً عن العلاقة <الفاترة> بين الرئيس عون والحاكم سلامة يمكن أن تؤذي القطاع المصرفي والوضع المالي على حد سواء، لأن الثقة هي أهم عنصر في الشؤون المالية ولا يجوز التفريط بها تحت أي اعتبار وفي أي ظرف، فكيف إذا كان الترويج لتغيير مرتقب لحاكم مصرف لبنان لا يرتكز على معطيات محددة، بل على انطباعات تتكون تباعاً من خلال رصد بعض ردود الفعل التي تشي بإمكانية حصول تغيير ما، لكن ليس الآن وقته حتماً لاسيما وأن الوضعية النقدية مستقرة راهناً في البلاد وإن أي تبديل على مستوى الحاكمية قد يبدّل المشهد المالي الاقتصادي ككل!