تفاصيل الخبر

لماذا سافر رئيس وزراء اسرائيل الى قبرص وتحادث مع زعمائها حول أنبوب النفط؟

07/08/2015
لماذا سافر رئيس وزراء اسرائيل الى قبرص وتحادث  مع زعمائها حول أنبوب النفط؟

لماذا سافر رئيس وزراء اسرائيل الى قبرص وتحادث مع زعمائها حول أنبوب النفط؟

 

بقلم جورج بشير

netanyaho-nicos وقوع لبنان وحكّامه في مطبّ الشغور الحكومي الى جانب تخبّطه في مطب الشغور الرئاسي كان وارداً في الأسبوع الماضي لو ان المحاولات التي بذلها <بعضهم> لتشجيع الرئيس العاقل تمام سلام على الاستقالة من الحكم. وبذلك يكون النقل قد اكتمل بالزعرور كما يقول المثل الشعبي المعروف. لكن الرئيس سلام، والحمد لله، كان على قد المقام، وعلى قدر المسؤولية الملقاة على عاتقه في هذه الظروف الصعبة، لا بل الظروف المصيرية التي يمرّ بها لبنان ومنطقة الشرق الأوسط، فأنقذ رئيس حكومة الـ24 رئيساً البلد والحكم مرة جديدة من الوقوع في المحظور ومواجهة المجهول مرة جديدة.

صحيح أنه كان لعدد من رؤساء البعثات الديبلوماسية المؤثرة كالسفير الأميركي <دايفيد هيل> والسفير السعودي علي عواض العسيري، والسفير الفرنسي الذي غادر الى مقره الديبلوماسي الجديد وسفيرا مصر وإيران دور مشكور في مؤازرة الرئيس سلام كون دولهم وغيرها من الدول أصدقاء لبنان دعمت ولا تزال فكرة إبقاء لبنان بعيداً عن نار الحرب العالمية الضروس التي تجتاح منطقة الشرق الأوسط وعلى حدوده، خاصة في سوريا والعراق وفلسطين، ناهيك عن مصر وهي حرب تخوض عبرها المنطقة والعالم الحضاري معها حرباً أخرى على أبشع إرهاب واجهته البشرية جمعاء في تاريخها. وهذه الدول كانت ولا تزال تعمل في السر والعلن على إبقاء لبنان بعيداً عن الحرب وعن نارها هادئاً مستقراً وتعزيز قواه الأمنية حامي وحارس الأمن والاستقرار في لبنان وفي طليعتها الجيش اللبناني.

طبعاً، وكما أشار الى ذلك الرئيس أمين الجميل متسائلاً: لمن سيقدم رئيس الحكومة استقالته مع حكومته، ومن هي الجهة المخوّلة قبول هذه الاستقالة، أو الجهة التي ستجري الاستشارات بعد ذلك لتكليف من يشكّل حكومة جديدة ومن يوقّع مرسوم قبول الاستقالة وتشكيل حكومة جديدة؟... لكن الله سبحانه أنقذ لبنان مرة جديدة من الوقوع في مطب الشغور الحكومي  بعد الشغور الرئاسي، وفي خضم المناظر والصور المخزية المقزّزة التي أظهرت لبنان بمدنه وقراه بأبشع الصور بفضل <مافيا> النفايات، لا بل نفايات <المافيا> التي انحدرت بالوطن الجميل الغني بحضارته وتراثه ونبوغ بنيه الى هذا المستوى الذي يمكن أن يوصف بأنه مستوى ما تحت التحت، كما كان يردد السفير الراحل فؤاد الترك.

تمام-سلام-وائل-ابو-فاعور... حتى إشعار آخر

 

إذاً الرئيس سلام باقٍ في الحكم، وهذا قرار في محلّه على الصعيد الوطني وحتى إشعار آخر، مع ان البعض يقول ان بعض أركان الطاقم السياسي باتوا يتخوفون فعلاً من ان يكون الحل للأزمة بالجيش، أو ان يكون الجيش هو الحل بعد اضطرار معظم اللبنانيين للجوء الى استخدام الكمامات في بلد السياحة والاصطياف الذي كان كثيرون من محبّيه يتمنون العيش والإقامة في ربوعه لو أن المسؤولين السياسيين والحكوميين اعتمدوا نظام المساءلة والمحاسبة لأولئك الذين أغرقوه في أطنان النفايات التي سدّت شوارع وأحياء في مدن وقرى لبنان لأكثر من أسبوع، كما سدت أنوف اللبنانيين ودعتهم الى اتخاذ أقصى درجات الحيطة والحذر من انتشار الأوبئة في ربوع لبنان. لكن الجيش اللبناني كما تقول مصادره كان وسيبقى حامي الوطن والنظام الديموقراطي وحرية اللبنانيين وسلامتهم وسيادة وطنهم ولا علاقة له بأي دور سياسي في الحكم والحكومة لأن هذا من مسؤولية القيادات السياسية...

لا شك بأن البلد وصل تجاه ما حلّ به في الأسبوعين الماضيين الى وضع لا يحسده عليه أي بلد آخر، فإن ردود فعل اللبنانيين من جراء تداعيات الوضع المتأزم الذي عاشوه وما زالوا الى اليوم في ظل فشل الطاقم السياسي وسيطرة <المافيا> على مقدرات مؤسسات الدولة وخبرات البلد حارمة إياه من التنعّم بالطاقة التي أغنته بين دول وشعوب المنطقة على صعيد الطاقة المائية، والطاقة النفطية خصوصاً ثروة الغاز وترك الخزينة اللبنانية عاجزة مالياً وهي مدينة داخلياً وخارجياً بحوالى السبعين مليار من الدولارات الأميركية في ظل هجرة الشباب وأصحاب الأدمغة والرساميل والمصطافين والسياح وأزمة الكهرباء المتواصلة، ناهيك عن الأزمة التي يسببها الخلاف السياسي على قانون الانتخابات النيابية ومقاعد مجلس النواب والحيلولة دون محاسبة المقصرين والمهملين للمسؤولية و<المافيا> التي تتحكّم بالاقتصاد الوطني وخاصة السياسة الإنمائية والمشاريع الكبرى وممتلكات الناس ومنع أجهزة الرقابة من تطبيق نظام مساءلة ومحاسبة لهذه <المافيا> التي تستغل البلد ويحقق <أبطالها> ومن خلفهم الثروات الطائلة على حساب اللبنانيين من دون رادع.

 

<نتنياهو> على الأبواب

 

أمام هذا الوضع اللبناني المأزوم سياسياً ومالياً واجتماعياً واقتصادياً وشغور منصب الرئاسة الأولى وخضوع الحكومة لعنعنات الـ24 وزيراً الذين يرى معظمهم أنهم رؤساء البلد، أجرت اسرائيل المناورات الرابعة خلال سنتين وكأن جيشها يتحضّر لحرب جديدة، لبنان أحد أهدافها في مرحلة تخويف اللبنانيين، ولم يأبه <بنيامين نتنياهو> للامتعاض الأميركي الرسمي من مشروع حكومته الجديدة لبناء ثلاثمئة وحدة سكنية جديدة في الضفة الغربية، هذه المرة بشكل علني وهو غير آبه أيضاً برأي المجتمع الدولي أو الأمم المتحدة ومجلس الأمن، فقد توجّه في الأسبوع الماضي الى قبرص في زيارة ليومٍ واحد، مرتاحاً الى انشغال الدول العربية بالصراعات المذهبية، وصفقات السلاح مع دول الغرب، وتداعيات الاتفاق الأميركي - الأوروبي الإيراني الذي أنجزته محادثات فيينا، ليتحادث مع الرئيس القبرصي <نيكوس اناستاسيادس> والحكومة القبرصية حول استثمار ثروة الغاز المكتشفة في قاع البحر قبالة الشاطئ اللبناني، وهي في معظمها ثروة لبنانية من دون منازع يحاول الإسرائيليون السطو على معظمها بطرق غير مشروعة ضد القانون الدولي وعلى عيون المجتمع الدولي وحتى المجتمع العربي... وكما تشير المعلومات السياسية والديبلوماسية الى أن <نتنياهو> والوفد الذي رافقه يبحثان جدياً مع الجانب القبرصي في مشروع خط أنابيب للغاز تنقله من اسرائيل عبر جزيرة قبرص الى بعض الجزر اليونانية ومن ثم الى دول القارة الأوروبية الأخرى التي فيها أسواق غنية لتسويق ثروة الغاز والنفط.

المعلومات المشار إليها لم تحدّد ماهية المشروع وإن هي أوضحت بشكل لا يقبل الشك نيات ومشاريع اسرائيل على صعيد استخراج وجرّ وتسويق طاقة الغاز من شواطئها عبر قبرص واليونان الى الأسواق الأوروبية، الى النية المبيتة لنهب وسرقة ما يتوافر لها من حصة لبنان، كون <المال السائب يعلّم الناس الحرام>... فالسياسيون اللبنانيون منشغلون بصراعاتهم على مراكز النفوذ والثروة وغارقون بالنفايات بعد أن أغرقوا بلادهم فيها، والحكم في لبنان فارغ وشاغر من القمة الى القاعدة ناهيك عن الإدارة. ولِمَ لا؟ فإن اسرائيل ماضية في خطتها للاستيلاء على ثروة لبنان من الغاز، وهو غارق بالزبالة والدّين وأزماته الاقتصادية والمالية وهذا أفضل مناخ يؤمن لإسرائيل النجاح في خططها.

القاضي-علي-ابراهيم 

لماذا شدّت فرامل النيابة

العامة المالية؟

في الأسبوع الماضي، اغتبط اللبنانيون في ظل أزمة النفايات التي اجتاحت مدنهم وقراهم والأحياء الشعبية، عندما أعلن ان النائب العام المالي الرئيس علي ابراهيم حاول ان يمارس مهامه في حماية مصالح اللبنانيين والدولة والمال العام واكتشاف خفايا <مافيا> النفايات على الأقل، فعيّن خبراء رسميين مختصين في هذا المجال وهذا أبسط الأمور في أداء القضاء اللبناني وواجبه المبدئي في حماية المصلحة العامة والمال العام وتطبيق القانون، لكن بعض السياسيين وحتى بعض الحكام تحركوا لأسباب لا أحد يفقه جوهرها لمنع مبادرة القضاء هذه، وكأنهم بذلك يريدون الحيلولة دون الكشف عن خفايا <المافيا> التي باتت أسماء أبطالها معروفة من جميع اللبنانيين لوقف قطار المساءلة والمحاسبة ومنعه من التحرّك...

... <ربّ ضارّة نافعة>، يقول المثل. فانفجار أزمة النفايات بهذا الشكل المريع والمُقرف وإن ألحق أضراراً فادحة بالبلد وصورته في الخارج وبالبيئة، فإنه فتح عيون الجميع وخصوصاً الرأي العام اللبناني والقضاء بالتحديد على <مافيا> النفايات الشبيهة بـ<مافيا> استثمار المنطقة الحرة في مطار بيروت الدولي وعلى غيرهما ايضاً. كما فتح عيون الجميع على طرق ووسائل أخرى متقدمة تقنياً توفر المال على الخزينة وعلى الشعب وعلى البلديات واتحاداتها التي كانت في معظمها تمارس في الماضي وحتى اليوم دور المتفرج على الهدر والفساد والفاسدين، وبات البحث في حلول بديلة لـ<المافيا> تؤمن الجمع والفرز وإنتاج الطاقة والطمر بكلفة أقل، وهذا متوافر.

يبقى المهم أن لبنان مرّ بالقطوع الأخطر، وبات عليه ان يفرز الشعور المسؤول للشعب والحكم معاً كتخليص البلد نهائياً من <مافيا> النفايات وغيرها وحمل القضاء على أداء واجبه في مساءلة ومحاسبة المتطاولين على المال العام والمستفيدين منه مهما علت مقاماتهم... والباقي تفاصيل.