تفاصيل الخبر

لماذا لم يوقع وزير المال اتفاق التدقيق المركز في حسابات مصرف لبنان؟

01/07/2020
لماذا لم يوقع وزير المال اتفاق  التدقيق المركز في حسابات مصرف لبنان؟

لماذا لم يوقع وزير المال اتفاق التدقيق المركز في حسابات مصرف لبنان؟

 

[caption id="attachment_79228" align="alignleft" width="444"] الرئيس حسان دياب وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة[/caption]

 في 26 آذار (مارس) الماضي، اتخذ مجلس الوزراء قراراً كلف بموجبه وزير المال غازي وزني اتخاذ ما يلزم من اجراءات مع مصرف لبنان ومع الجهات ذات الصلة بهدف القيام بعملية تدقيق محاسبية مركزة من شأنها ان تبين الاسباب الفعلية التي آلت بالوضعين المالي والنقدي الى الحالة الراهنة، بالاضافة الى تبيان الارقام الدقيقة لميزانية المصرف المركزي وحساب الربح والخسارة ومستوى الاحتياطي المتوافر بالعملات "الاجنبية"، على ان يرفع وزير المال تقريراً بالنتيجة الى مجلس الوزراء، وذلك خلال مهلة شهر من تاريخ انعقاد الجلسة ( 26/3/2020).

 وقبل اسبوعين سأل عدد من الوزراء زميلهم وزير المال اين اصبح التدقيق في مصرف لبنان، فرّد بأن هيئة التشريع والاستشارات درست العقد مع شركة "كرول" المكلفة التدقيق، وبعد ذلك سيصار الى توقيع العقد مع الشركة كي تباشر مهمتها ...الا انه وبعد مرور اكثر من ثلاثة اشهر على قرار مجلس الوزراء لا يزال الوضع على حاله، فشركة التدقيق التي يفترض ان تتولى التدقيق المحاسبي المركز، لم تبدأ عملها بعد تنفيذاً لقرار مجلس الوزراء، ولا وزير المال اوضح لزملائه الوزراء اسباب التأخير وذلك بعد رسم علامات استفهام حول ذلك.

 ولم يعد سراً ان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس الحكومة حسان دياب يريدان استعجال التدقيق المركز لمعرفة الاسباب التي ادت الى تدهور الاوضاع النقدية في البلاد من جهة، ولتظهير مسؤولية حاكم مصرف لبنان رياض سلامة في ما حصل بعدما باءت المحاولات لاقالة سلامة بالفشل، واستعاد سلامة دوره كاملاً في معالجة الثغرات المالية والنقدية من دون ان يتمكن من لجم تدهور الليرة ازاء الدولار الاميركي الذي وصل سعره في السوق السوداء الى حدود الثمانية الاف ليرة واكثر! وقد اعــــادت هذه الحال، النفـــور الذي ساد العلاقــــات بين رئيسي الجمهورية والحكومة من جهة والحــــاكم سلامة من جهـــة اخرى، مع وجود "اوركسترا" من المستشارين "تحرضّ" على سلامة في القصر كما في السرايا الكبير!.

 

وزني لن يوقع!

 والحقيقة ان وزير المال يتجه الى عدم توقيع العقد مع شركة "كرول" بناء على رغبة "الثنائي الشيعي" الذي اتخذ قراراً يقضي باسقاط  فكرة  تعيين شركة "كرول" للتدقيق في مصرف لبنان على اساس ان مهمة التدقيق في ميزانيات المصرف المركزي ليست بحاجة الى شركة مالية بوجود مفوض الحكومة لدى المصرف الذي يفترض ان يقوم بهذا الدور تحت اشراف وزير المال، وكذلك مع وجود شركتين عالميتين للتدقيق في حسابات المصرف احداهما شركة "ديلويت" العالمية. ويبدو ان "القرار الشيعي" بعدم السماح لشركة "كرول" بالتدقيق يرتكز على معطى آخر بعدما اتضح ان الشركة المذكورة لها علاقات مع اسرائيليين ما سيشكل بنظر "الثنائي الشيعي" خطراً على امن المعلومات في مصرف لبنان لأن الشركة ستتمكن بموجب التكليف المعطى لها من الاطلاع على بيانات مالية حساسة. لكن ثمة من قال ان  التذرع بالاسرائيليين لا يعدو كونه حجة لوقف تنفيذ اجراء التدقيق خصوصاً ان المعروف في الوسط المالي انه لا يمكن العثور على اي شركة استشارية مالية عالمية لا ترتبط بشكل او بآخر بأشخاص يحملون هوية اسرائيلية بما فيها الشركات الاستشارية المالية التي طالما لجأ مصرف لبنان الى خدماتها للاطلاع والمصادقة على حساباته.

  مطلعون على الملف يقولــــون إن مسألة اقالة حــــاكم مصرف لبنان سوف تصطدم مجدداً بمعـــارضة "الثنائي الشيعي"، وبالتالي اذا كان الهدف من تحريك التدقيق المالي المركز الوصول الى " ادانة" الحاكم سلامة او القاء ظلال من الشبهات عليه، فإن هذا الامر لن يتحقق وسيبقى الحاكم في موقعه. ولعل ما قاله الرئيس بري في قصر بعبدا قبل اسبوعين في اعقاب الاجتمـــــاع الثلاثي الذي ضمه والرئيسين عون ودياب بأن الوقت "ليس للاستغناء عن احد بل الاستفادة من الجميع"، يحمل في طياته الجواب على محاولات اقالة الحاكم تمهيداً لتعيين بديل عنه يتفق الرئيسان عون ودياب على اسمه وهو سيكون حتماً من خيار رئيس الجمهورية، وهو امر لن يقبل به "الثنائي الشيعي"، لاسيما وان حزب الله الذي جاهر في وقت من الاوقات بــ "انزعاجه" من اداء سلامة، بدل رأيه بعد ورود اشارات "طمأنته" الى ان اداء سلامة "لن يزعج الحزب" وبالتالي لا داعي من الخوف على دوره ومسؤولياته لاسيما لجهة توفير الدعم للمواد الاساسية مثل الطحين والمحروقات والمستلزمات الصحية والدواء، وغيرها من المواد الضرورية.

الحاكم.... صامد

 ويرى آخرون ان الحكومة لم تملك اي قدرة على معالجة الوضع النقدي وبالتالي سوف تسلم ببقاء الحاكم وتحميله مسؤولية معالجة الازمة وهو ما اشار اليه الرئيس دياب عندما قال في جلسة مجلس الوزراء في السرايا ان الوضع النقدي من مسؤولية حاكم مصرف لبنان وليس الحكومة، لكنه اردف قائلاً بوجود "مؤامرة على الليرة" ما اعتبره المراقبون رسالة الى سلامة لينصرف للقضاء على "المؤامرة" وتحديد السبل التي سوف يسلكها الحاكم لمعالجة هذه المشكلة المستعصية. ويستذكر المتابعون ان سلامة كان ابلغ الرئيس دياب عدم جدوى ضخ الدولار في السوق اذا لم يترافق ذلك مع خطوات اخرى على المستوى الاقتصادي من عمل الحكومة وهو ما تبين صحته مؤخراً.

 وقالت مصادر " الثنائي الشيعي" انه في ظل غياب الطروحات الواقعية لدى الحكم والحكومة حيال ازمة الليرة ارتفعت اسهم سلامة مجدداً ما يجعل الحديث عن اقالته في غياب البدائل خطوة عبثية. علماً ان الحاكم عرف كيف يظهر اهمية دوره في هذه المرحلة اضافة الى لقاءات اجراها كانت لها امتدادات مفيدة له منها استقبال السفير السعودي في لبنان وليد البخاري له في دارته في حضور نائبه السابق محمد بعاصيري الذي طالب الاميركيون بتعيينه في مصرف لبنان او في رئاسة لجنة الرقابة على المصارف، من دون ان تتجاوب الحكومة. وثمة من طرح بعاصيري كي يكون "وسيطاً" بين الحكومة الاميركيـــــة ولبنان للبحث في تداعيات "قانون قيصر" على الاقتصاد اللبناني...

 في اي حال، بين التدقيق المركز في حسابات مصرف لبنان ومحاولات اقالة حاكم.... خيط رفيع يتنافس فريقان على قطعه فلمن ستكون الغلبة؟!.