تفاصيل الخبر

لماذا لم تشفع شهادات حسن السلوك الجنبلاطية بـ «النصرة» بمنع المذبحة الإرهابية؟!

18/06/2015
لماذا لم تشفع شهادات حسن السلوك الجنبلاطية  بـ «النصرة» بمنع المذبحة الإرهابية؟!

لماذا لم تشفع شهادات حسن السلوك الجنبلاطية بـ «النصرة» بمنع المذبحة الإرهابية؟!

 

بقلم جورج بشير

ظريفهل ان أحداً من الزعماء العرب شعر بقساوة الصفعة التي قام بها الرئيس الإسرائيلي <رؤوفين ريفلين>، رئيس الدولة الذي لا فاعلية لقراراته ومواقفه على الصعيد الحكومي، عندما قابله الجنرال <مايكل ديمبسي> رئيس أركان الجيوش الأميركية في تل أبيب الأسبوع الماضي، حيث بادر الرئيس الاسرائيلي الى تحذير الجنرال الأميركي من مغبة التغاضي عن الاعتداءات التي يتعرّض لها المواطنون السوريون من الطائفة الدرزية على أيدي الإرهابيين التابعين لـ<جبهة النصرة> في بلدة <قلب اللوزة> عند منطقة السويداء في سوريا، إكراماً لدروز اسرائيل، مطالباً - الرئيس الاسرائيلي - بضمان أميركي يحمي السوريين الدروز من عمليات الإرهاب التي مارسها ضد دروز سوريا إرهابيو <جبهة النصرة> وتوابعها من التنظيمات المسلحة وكان آخرها، لا بل أشنعها المجزرة التي ارتكبتها <النصرة> في ريف إدلب بذبح حوالى 20 مواطناً درزياً سورياً، وسبي شبّان ونساء واغتصاب فتيات وخطف رجال دين دروز...

كان من الطبيعي أن يقوم رئيس دولة عربية مثلاً بمراجعة الأميركيين رئيساً أم جنرالاً من وزن الجنرال <ديمبسي> في شأن دروز سوريا وهم مواطنون سوريون عرب يتعرضون مع سائر مواطنيهم السوريين العرب لاعتداءات إرهابية على أيدي إرهابيي <النصرة> أو <داعش>... أما وان من قام بهذه المهمة رئيس دولة اسرائيل التي ارتكبت المجازر وجرائم التهجير بحق الفلسطينيين من جميع الطوائف واحتلت ممتلكاتهم، فإن هذا الأمر رسم أكثر من علامة استفهام ليس حول علاقة رئيس دولة اسرائيل بالموضوع، كونه يحاول تبييض صفحة اسرائيل مع دروز فلسطين سكان دولة اسرائيل، بل حول علاقة أميركا بـ<جبهة النصرة> وعما إذا كان الأميركيون يمونون الى هذه الدرجة على الإرهابيين وخاصة أولئك الذين يعملون تحت لواء تنظيم <النصرة> الإرهابي؟! ولكون الموقف الأميركي المعلن وهو قيادة الائتلاف الدولي في حربه على الإرهاب، فهل ان لـ<النصرة> مقاماً معيّناً لدى الأميركيين؟ وهل لواشنطن كلمة سواء مع هذا التنظيم الإرهابي كون أميركا هي من يحرّض دول العالم على الإرهاب الدولي، وهي من يقود هذه الحرب ضد الإرهاب، سواء كان إرهاب <النصرة> أو حتى إرهاب <داعش>؟!

هل جاء دور الدروز؟

محمد-الجولاني

لقد نجحت اسرائيل حتى اليوم - رغم وصف جنبلاط للمجزرة بـأنها حادث فردي - في تعاملها مع أوضاع المنطقة الشرق أوسطية ومشاكلها من المحيط الى الخليج مروراً بتركيا وانتهاء بمصر، وبالتعاون والتنسيق مع المخابرات الغربية وخاصة الأميركية والتركية في شرذمة العالم العربي الذي كان يمثل عدواً شرساً لإسرائيل ولاستمراريتها كدولة من دول المنطقة لها مشكلة أساسية مع الشعب العربي الفلسطيني بسبب معروف ألا وهو طرد وتهجير قسم كبير من هذا الشعب وتحويله الى شعب لاجئ في الدول المجاورة، واستمرار احتلال الأراضي المقدسة للمسلمين والمسيحيين على السواء في القدس وبيت لحم... ودول المنطقة هذه ما زالت وفقاً لدساتيرها تعتبر اسرائيل دولة عدوة طردت الشعب الفلسطيني من بلده وأقامت مستوطنات في الأراضي الفلسطينية وحوّلته الى شعب لاجئ، ناهيك عن احتلالها المستمر لأراضٍ سورية وأردنية ولبنانية ومصرية الى اليوم.

لقد سجّل الإسرائيليون ودول الغرب وتركيا نجاحاً في إقناع بعض الدول العربية بأن اسرائيل لم تعد عدوّة للعرب، بل ان ايران هي العدوّ، وبفعل هذا المناخ العدائي نشأ مناخ عدائي، لا بل صدامي من نوعٍ آخر بين السنّة والشيعة، فعل فعله في العلاقات العربية والعلاقات الشرق أوسطية بين مختلف الأوساط الشعبية والرسمية، حاول الأتراك من خلاله لعب دور سياسي ومذهبي واستخباراتي استراتيجي هدفه محاولة استعادة أمجاد الامبراطورية العثمانية الغابرة كتوطئة للعب دور أكبر على صعيد المنطقة وعلى الصعيد الدولي، وأصبح للرئيس التركي ولرئيس وزرائه شبه مقعد في كل مؤتمر قمة عربي أو في مؤتمرات وزراء الخارجية العرب ناهيك عن مؤتمرات الدول أصدقاء سوريا في جنيف وباريس ولندن والدوحة، الى ان انكسرت شوكة حزب الرئيس التركي رجب طيّب أردوغان ورئيس الوزراء التركي أحمد داوود أوغلو في الانتخابات التركية الأخيرة، مما سينعكس حتماً على طموحات أردوغان ورئيس حكومته وحزبه، ليس في الداخل التركي فحسب، بل في العراق وسوريا وبالتحديد في سوريا نظراً للتأثير السلبي الذي مارسه الأكراد والعلويون في تطور الاحداث السياسية أخيراً في تركيا وفي المنطقة، مما أدى الى نتيجة إيجابية لم تكن في المطلق لصالح أردوغان وأوغلو.

 

فرّق ... تسد؟!

 

واقع الصراع السني - الشيعي في المنطقة، ونموّ الحركات الأصولية وخاصة التنظيمات الإرهابية وتوسع نفوذها وانتشار الإرهاب في سوريا والعراق وليبيا ومصر، والتهديد الذي مثله هذا الإرهاب سواء أكان من <داعش> أو من <النصرة> على لبنان في الشمال والبقاع وعلى طول الحدود المشتركة مع سوريا كان من نتائج الدعم السياسي والمالي واللوجستي الذي تتلقّاه هذه التنظيمات الإرهابية بطرق متعددة من دول خارجية لها مصالح ومراكز نفوذ ومطامع اقتصادية، ومن دول إقليمية وعربية لكل منهــــا أجندتــــه ومصالحه ومراكز النفـــــوذ التي يتطلع إليها. ولعلّ الدعم المطلق وغير المحدود الذي يتلقّاه الاسرائيليون من الولايات المتحدة من دون حساب هو ما ساهم الى حدٍ كبير في الواقع الخطير الذي سيطر اليوم على أجواء المنطقة، بحيث ان اسرائيل هي الدولــــة الوحيــــدة بين دول العــــالم التــي تطلّع على المحاضر السريــــة للمحادثــــات الأميركية - الايرانيـــــة بشأن السلاح النووي وتتحكم حتى إشعار آخر بمشروع الاتفاق المنوي التوصل إليه بين واشنطن والدول الخمس زائداً واحداً من جهة، وإيران من جهة ثانية، فيما اسرائيل قطعت بفعل هذا المناخ السائد أخيراً في المنطقة شوطاً متقدماً لفرض نفسها دولة ليهود العالم كأمر واقع من دون تمكين الفلسطينيين والعرب من تحقيق أي تقدم على صعيد وليد-جنبلاطإخراج الدولة الفلسطينية من القمقم وإعلانها كما كان متفقاً عليه.

العالم كله اعتبر<داعش> و<النصرة> و<القاعدة> تنظيمات إرهابية لا بد من محاربتها ومقاومتها لكونها تشكل خطراً على الحضارة الإنسانية، فيما يتكشف يوماً بعد يوم أن دولاً كبرى وأخرى صغيرة غنية تقدّم الدعم المادي والمعنوي لهذا الإرهاب المتمادي الذي أوصل دول المنطقة وخاصة سوريا والعراق وحتى لبنان الى هذا الدرك. والذين استمعوا الى النائب وليد جنبلاط خلال الشهور الأربعة الماضية رسموا  أكثر من علامة استفهام حول اعتباره تنظيم <النصرة> غير إرهابي وجب التعامل معه، وناشد جماعته من دروز سوريا مساندته ضد النظام السوري؟! كما ان المراقبين هؤلاء استغربوا بعد حين أي في الأسبوع الماضي كيف ان <النصرة> التي اعتبرها جنبلاط غير إرهابية هي من نفذ المجزرة الرهيبة بحق دروز ريف إدلب <قلب اللوزة>، وانها من بات يهدد الدروز السوريين في منطقة السويداء السورية، فيما الرأي العام أصغى بانتباه في نهاية الأسبوع الماضي الى ما قاله في هذا المجال الأمير طلال ارسلان والوزير السابق وئام وهاب وشيخ عقل الطائفة الدرزية في السويداء، راسماً هذا الرأي العام أكثر من علامة استفهام حول ما جرى ولا يزال يجري في المنطقة، ليس في شأن ما يتعرض له الدروز السوريون فحسب، بل حول دور اسرائيل في هذا المجال، وتركيا أيضاً، ناهيك عن الدور الأميركي والتركي والأوروبي.

لقد تعرّض المسيحيون المشرقيون في سوريا والعراق لمجازر بشعة وعمليات تهجير وتعذيب، أين منها ما يتعرض له الدروز اليوم على أيدي الإرهابيين، سواء كانوا من <داعش> أم من <النصرة> أم من <القاعدة>... وصور هذه المجازر لا بل هذه المذابح المخزية لا تزال عالقة في العيون والضمائر، خصوصاً تجاهل المجتمع الدولي بما عرف عنه من حضارة وإنسانية وغيرة على حقوق الإنسان لما أصاب مسيحيي الشرق ويصيبهم، وما أصاب الكرد واليزيديين معهم في عصر <حضارة الذبح بالسكين>.... والجميع باتوا يطرحون سؤالاً واحداً: دول المنطقة العربية الى أين؟ الى التقسيم بعد الشرذمة، أم الى توسع للإرهاب ولنفوذ الإرهابيين وحاضنيهم في شرق أوسط جديد، على حساب الشرق الأوسط القديم؟!... المؤامرة مستمرة...