تفاصيل الخبر

لماذا أسرع «نتنياهو » الى زيارة بوتين بعد الهزيمة في الكونغرس وانتصار «أوباما »؟!

23/09/2015
لماذا أسرع «نتنياهو » الى زيارة بوتين بعد  الهزيمة في الكونغرس وانتصار «أوباما »؟!

لماذا أسرع «نتنياهو » الى زيارة بوتين بعد الهزيمة في الكونغرس وانتصار «أوباما »؟!

بقلم جورج بشير

barack-obama يبدو من خلال الحراك الإقليمي والدولي أن منطقة الشرق الأوسط مقبلة، أو هي تتحضّر لسلسلة سيناريوهات قيد التنفيذ تتناول أوضاعها السياسية والأمنية والاقتصادية وبناها الوطنية، وذلك بعد أن لامست تداعيات الأحداث الدراماتيكية الجارية في دولها، وخاصة في سوريا والعراق واليمن وحتى في لبنان ومصر، أمن واستقرار وسلامة الدول المجاورة، وحتى أمن واستقرار الدول الأوروبية وصولاً الى الولايات المتحدة الأميركية وكندا وأوستراليا حتى الصين.

إذاً، فالدول المعنية بالحراك المشار إليه خاصة أوروبا، كانت ولا  تزال الى جانب الولايات الأميركية غاطسة وإن بنسب متفاوتة الى ما فوق أذنيها في المشاكل التي تعاني منها دول المنطقة، تارة عبر التدخل السياسي والمالي واللوجستي المباشر، وطوراً عبر التدخل العسكري كما هو حاصل اليوم، بحيث أن هذه الدول (الأوروبية والولايات المتحدة) على وجه التحديد، وفي ظل ائتلافها لمحاربة الارهاب والمنظمات الإرهابية، وجدت بين ليلة وضحاها أن شعار <الحرب على الإرهاب> الذي رفعته كغطاء سياسي وديبلوماسي وإعلامي أمام مجتمعاتها وشعوبها وأمام المجتمع الدولي لعملية تبديل جغرافي وديموغرافي في المنطقة بهدف تقسيم بعض دولها وبخاصة سوريا والعراق الى دويلات، وذلك بالاتفاق المبطن مع اسرائيل، هذا الشعار المرفوع قد سقط وبدأ يتهاوى مع الانتشار المريع للتنظيمات الإرهابية وتوسّع رقعة عمليات بعضها وخاصة <داعش> و<القاعدة> و<جبهة النصرة> من داخل المنطقة الشرق أوسطية ودولها، وبالتحديد سوريا والعراق، لتمتد الى داخل دول القارة الأوروبية من خلال قوافل النازحين اليها بمئات الآلاف، حتى وصل أمر هذا التهديد الى داخل الولايات المتحدة الأميركية التي شعرت أكثر من غيرها على ما يبدو بهذا الخطر، فبادرت الى اتخاذ إجراءات أمن احترازية مضاعفة في الداخل الأميركي من جهة، وفي المرافئ والمطارات، وحتى في المطارات الأجنبية حيث تنطلق منها رحلات الطيران من جميع أنحاء العالم نحو المطارات الاميركية.

فأميركا ذاقت ولا تزال الأمرّين من الإرهاب، وهي اليوم مستنفرة بكل طاقاتها خصوصاً في مرحلة ما بعد إقرار الاتفاق الأميركي - الايراني الدولي مع طهران، ومعارضة اسرائيل الوقحة لهذا الاتفاق في عقر الدار الأميركية (مجلس الشيوخ والنواب والأحزاب)، مما أدّى بإدارة الرئيس الاميركي <باراك أوباما> الى مقاومة هذا التدخل الاسرائيلي الوقح في شؤون أميركا الداخلية وإلحاق هزيمة شنيعة بـ<اللوبي> الصهيوني - الأميركي وخاصة بالمايسترو لهذا <اللوبي> رئيس وزراء اسرائيل <بنيامين نتنياهو>...

 

الحرب اشتعلت ديبلوماسياً

hassan-rouhani

يمكن القول إنه نتيجة لنجاح إدارة <أوباما> بتمرير الاتفاق النووي مع إيران، بعد نجاحها في تجميد أي عمل عسكري اسرائيلي ضد مفاعل إيران النووي، ونتيجة  لإقرار الاتفاق النووي داخل مبنى <الكابيتول> بأقل ما يمكن من الأضرار على الإدارة وعلى الحزب الديموقراطي وحتى على العلاقات الأميركية - الإسرائيلية المميزة عن علاقات واشنطن مع باقي الدول الأخرى، فإن انتقال <نتنياهو> من تل أبيب هذا الأسبوع وبهذه السرعة، بعيد هزيمته في الكونغرس الى موسكو للتشاور مع الرئيس الروسي <فلاديمير بوتين> والإدارة الروسية، لا يعني أن <نتنياهو> يتعمّد نقل البارودة من الكتف الأميركية، أي من واشنطن، الى الكتف الروسية أي الى موسكو، بل إنها محاولة يائسة للتمريك على إدارة <أوباما> والحزب الديموقراطي الأميركي من جهة، ومن جهة أخرى لأنه لا يمكنه - <نتنياهو> - الاستغناء عن أميركا ودعمها الأعمى لإسرائيل، ولا عن <اللوبي> الصهيوني - الأميركي، تأتي - الزيارة - كمحاولة لتحريك <اللوبي> اليهودي الصهيوني الروسي في وجه إدارة <بوتين> ولإشعاره مع هذه الإدارة بأن آلية الصهيونية ليست في أميركا فحسب، وإن لم تكن بالقوة نفسها والتأثير المعنوي والمادي والسياسي نفسه، فإن هذه اليد طائلة في الداخل الروسي وبإمكانها أن تجلب المتاعب للإدارة الروسية وللرئيس <بوتين> شخصياً في سياسته الشرق أوسطية، وبإمكان اسرائيل أن تخلط حسابات موسكو الشرق أوسطية إن هي مارست ضغوطاً على الحكومة الاسرائيلية يمكن أن تهدّد وبنظر <نتنياهو> أمن اسرائيل عبر التعاون مع ايران ومحورها في المنطقة، وذلك على أثر الزلزال الذي أحدثه إقرار الاتفاق الدولي مع إيران داخل اسرائيل، وفي هيكل العلاقات الاميركية - الاسرائيلية كما بناه <اللوبي> الصهيوني الأميركي، والذي جاء نتيجة للمفاوضات الشاقة التي قادتها الدول الخمس زائد واحد مع الإيرانيين.

لا شك بأن هذه المعركة القائمة حالياً بين واشنطن وتل أبيب، وربّما بين تل أبيب وموسكو، بعد زيارة <نتنياهو> للعاصمة الروسية، وبين <نتنياهو> والدول الأوروبية التي ساندت الاتفاق الاميركي مع طهران بقوة، هذه المعركة الديبلوماسية ستنتقل من دواوين العواصم الكبرى هذا الأسبوع الى مبنى الأمم المتحدة في نيويورك حيث تلتئم جمعيتها العامة على مستويات عالية في مبنى المنظمة الدولية، لأن منبرها سيعتليه رؤساء دول وحكومات على مدى أربعة أسابيع وتُعلن منه مواقف تمسّ المشاكل والعلاقات الدولية، خاصة مشاكل الشرق الأوسط والحرب الدائرة في ربوعها من سوريا الى العراق الى اليمن ومصر وليبيا وصولاً الى وضع لبنان الهش، فضلاً عن اللقاءات الدولية التي ستشهدها أروقة المنظمة الدولية على هامش هذه الدورة بالنسبة لمنطقة الشرق الأوسط ولأوضاعها، وبالاخص الحرب على الإرهاب والإرهابيين، والحجم الكبير لمسلسل النازحين الى دول المنطقة (لبنان والأردن) والى دول القارة الأوروبية من المدنيين من سوريا والعراق عبر الأراضي التركية بتسهيل من سلطاتها الى دول هذه القارة، بعد أن سهّلت تركيا مرور مقاتلي <داعش> و<جبهة النصرة> و<القاعدة> الى سوريا والعراق من الدول الأوروبية قبل ذلك خلال السنوات الخمس الماضية تحت شعار مقاتلة النظام السوري والرئيس بشار الأسد واقتلاعهما في خلال شهرين أو سنتين...

 

الدبّ الروسي في

putin-netanyahoالمياه الدافئة

 

زيارة <بنيامين نتنياهو> لموسكو كانت تحت ستار تأثيرات ومفاعيل وتداعيات الاتفاق النووي مع إيران، لكن السبب الحقيقي لهذه الزيارة هو معرفة الأسباب التي دفعت بموسكو لتأكيد رغبتها تلبية أي طلب يأتي من دمشق للتدخل العسكري الروسي في سوريا، ومسارعة العاصمة الروسية للإعلان في الأسبوع الماضي استعدادها لتلبية مثل هذا الطلب إذا ما ورد إليها من سوريا لمواجهة ومكافحة الإرهاب والإرهابيين، لأن موسكو أقـــــرنت هــــــذا الإعــــــلان باستمــــــرار دعمهـــا وتأييدها للرئيس السوري بشار الأسد، وبتأكيدها أن مواجهة الإرهاب ومنظماته وخاصة <داعش> و<جبهة النصرة> و<القاعدة> لا يمكــــن لهــــــا أن تحقـــــق النجاح إلاّ عن طريق دعم الجيش السوري بقيادة الرئيس الأسد...

هذا الإعلان الروسي كان بمنزلة البلاغ رقم واحد بالنسبة للإسرائيليين وحتى للأميركيين بأن الدبّ الروسي أصبح في طريقه الى المياه الدافئة في المتوسط، وبالتحديد في سوريا والعراق، وأن قلق الأميركيين والإسرائيليين من هذا الأمر، لا يعالج بالهلع ولا بالبيانات، لأنه أصبح أمراً واقعاً، بل بالحوار المباشر... ولذلك كان الاتصال الأميركي السريع بموسكو والاتفاق على حوار بين الرئيسين <أوباما> و<بوتين> من جهة، وبين وزيري خارجيتهما <جون كيري> و<سيرغي لافروف> من جهة ثانية، في مقر الامم المتحدة وخارجها، ولذلك كان قرار <نتنياهو> القيام بالزيارة السريعة لموسكو والتحادث مع الرئيس <بوتين> والوزير <لافروف> هذا الأسبوع، ناهيك عن الحوارات السريعة التي تلازمت واتصالات واشنطن بموسكو، بينهما من جهة،وبين عواصم الدول الأوروبية <الممتعضة> لا بل المتخوفة من جهة أخرى، مع <الترحيب> المشوب بالحذر من عواصم هذه الدول، خصوصاً منها تلك التي اخترقت حدودها قوافل النازحين السوريين والعراقيين طوال الأسابيع القليلة الماضية..

طبعاً، الدبّ الروسي مع قواته العسكرية والمخابراتية وجحافله الاقتصادية، بات على قاب قوسين من الحلول بيننا، وعلى حدودنا في سوريا وفي العراق وفي شمال لبنان وعلى طول الحدود الشرقية حتى فلسطين، أي في المنطقة العربية <المشغولة> بالدفاع <إعلامياً> عن <المسجد الأقصى> وما يمثله هذا الموقع، وبالنسبة للبنان حيث ان الطبقة السياسية والحاكمة والحراك المدني غارقون في تلال النفايات، وكل يغني على ليلاه، ولا حياة لمن تنادي....