تفاصيل الخبر

لماذا الحملة على تمام سلام؟!

15/09/2017
لماذا الحملة على تمام سلام؟!

لماذا الحملة على تمام سلام؟!

  

بقلم وليد عوض

salam

أوزار خطف العسكريين العشرة وقتلهم بدم بارد يحاول الخبثاء وأصحاب النيات السيئة إلصاقها بالرئيس تمام سلام (72 سنة) الذي حكم السراي الحكومي أكثر من سنتين. ومدعاة البحث عن هذه الأوزار أن تمام سلام نجح كرئيس وزراء وحاكم بلد عصفت به الرياح وشاء المولى القدير أن يحميه من الكوارث.

ماذا كان على تمام سلام أن يفعل، والجريمة العسكرية تلعب بأطناب الوطن ومدينة عرسال ذات الأكثرية السنية في قضاء بعلبك ولا تسمح لسكان عرسال والجوار أن يستريحوا أو أن يناموا قريري العين، وسط معارك صاخبة تلمع فيها الرصاص، وتهدر فيها الدبابات، ووضع عسكري صعب يختلط فيه الحابل بالنابل، وتدخل إليه دول العالم وعيونها على الأرض والقرار..

تسلم تمام سلام الدفة في بيروت كنائب ووزير حاملاً إرث أبيه الرئيس صائب سلام، طيب الله ثراه، وأمامه عملاق وريث عملاق هو سعد الدين رفيق الحريري. وأشهد أنني بنفسي عشت محاولات وجهاء بيروتيين بالجملة يشدون أزر تمام سلام في وجه السحابة السياسية الكبيرة التي تنقشع يوماً وتعود الى التجمع أياماً. لقد ترك الشاب الصاعد كل المغريات، وتخلى عن أبرز المكاسب في سبيل أن يبني لنفسه زعامة من عباءة بيروت، واحتمل من العواصف والنكبات فوق ما يتحمله البشر. نبت أمامه قيادي من هنا، ومتزعم من هناك، حتى لا يكون لبيت صائب سلام، بيت الاستقلال في المصيطبة مقام ولا كيان، وما استطاعوا الى ذلك سبيلا.

وتكوّنت في بيروت مجموعات اسلامية واسعة المرامي، وحاولت أن تتحلق حول الرئيس تمام سلام، بدون أن تقطف من الشجرة ثماراً. وتسلم تمام سلام رئاسة جمعية المقاصد الخيرية الاسلامية وهي محاطة بدعم عربي، وخصوصاً دعم سعودي. وقد دخل مشاريع في بلدان آسيوية، ولكنه لم يكن يملك حس التجارة، بل يملك قماشة القيادة التي تساند قائداً آخر عندما تقتضي الأمور المشاركة في الدعم السياسي.

لكن الرياح لا تجري بما تشتهي السفن، والمدد المالي العربي لا يحضر كما كان في الماضي، ولا يبدي استعداداً لرفع راية المقاصد، فلم يملك تمام سلام إلا التنازل عن رئاسة الجمعية للمهندس أمين محمد الداعوق، وهو يقود مقاليد الجمعية بكفاءة وشرف وانضباط. والجمعية الآن حاضرة في الشوف، والبقاع، وعكار، من أجل أن تكون فاردة الجناح في كل أطراف لبنان. وأكثر من أربعين بالمئة من الجامعيين هم من خريجي كليات المقاصد.

ومن رموز المقاصد رئيس الوزراء الراحل شفيق الوزان الذي كان واحداً من أبرز الأساتذة، وكان للجمعية امتداد الى مصر، وكان هناك رجال دين أسهموا في تطوير المقاصد، مثل الشيخ صلاح الدين أبو علي ولعبوا دوراً تعليمياً من الأهمية بمكان في مدارس بيروت وطرابلس. وكان اسم تربوي مثل عبد الله المشنوق بارزاً في تأليف الكتب المدرسية للجمعية كما كان انتشار المخيمات الصيفية. كما كان الإمام محمد عبده مؤسساً للجمعية مع نهاية القرن التاسع عشر.

ولم تغب الفكاهة عن اجتماعات الجمعية في مركزها التربوي الرئيسي وهو مركز ساحة الحرج، أمام مستشفى البربير. وقد استضيف في هذا المركز ذات مرة الأديب المصري الكبير ابراهيم عبد القادر المازني، الذي فاجأ الحضور باستهلال خطابي يقول: <أنا حمار>، وإزاء دهشة الحضور قال المازني: <نعم.. أنا حمار لأنني لم أزر بيروت حتى الآن، وهي مدينة النور والتنشئة العلمية>.

وضجت القاعة بالضحك علامة التقدير لتحية ابراهيم عبد القادر المازني.

والرئيس تمام سلام هو الآن الرئيس الفخري لجمعية المقاصد، ومؤهل لنقل الجمعية، بعون عربي، الى واقع تربوي أفضل.

فهل يكون تمام سلام بعد كل ذلك إلا السياسي القيادي الذي يبقى من رموز بيروت ولبنان؟!