تفاصيل الخبر

لمـاذا اختيــر أستاذ الجامعــة الأميركيــة ســاري حنفـــي لجائزة عبد الحميد شومان للباحثين العرب؟

02/10/2015
لمـاذا اختيــر أستاذ الجامعــة الأميركيــة ســاري حنفـــي  لجائزة عبد الحميد شومان للباحثين العرب؟

لمـاذا اختيــر أستاذ الجامعــة الأميركيــة ســاري حنفـــي لجائزة عبد الحميد شومان للباحثين العرب؟

بقلم وردية بطرس

الاستاذ-ساري-حنفي فاز الدكتور ساري حنفي أستاذ كلية الفنون والعلوم في الجامعة الأميركية (بيروت) ورئيس قسم علم الاجتماع والأنتروبولوجيا والدراسات الاعلامية في كلية الفنون والعلوم بجائزة مؤسس البنك العربي عبد الحميد شومان للباحثين العرب عن أبحاثه حول التأخر في الإنتاج المعرفي في المجتمعات العربية وتأثيره على التغيير الاجتماعي.

ولقد تسلم الدكتور ساري حنفي هذه الجائزة تقديراً لعمله في مجال التغيير الاجتماعي وتحديداً علاقة هذا التغيير بالثورة المعرفية وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، انطلاقاً من كتابه بالعربية <البحث العربي ومجتمع المعرفة: رؤية نقدية جديدة> (2015)، والطبعة الانكليزية تصدر عن <روتلدج> في كانون الثاني (2016)، وهو الكتاب الذي وضعه بالاشتراك مع <ريغاس أرفانيتيس> عالم الاجتماع وأحد كبار الباحثين في معهد بحوث التنمية. وقد تشارك الدكتور حنفي جائزته مع الدكتور معتز عبد الكريم الدبهي من جامعة الأردن.

وتُمنح جائزة عبد الحميد شومان للباحثين العرب التي أُطلقت في العام 1982، لأصحاب الدراسات العلمية المتميزة التي يقود نشرها واطلاع الجمهور الواسع عليها، الى تعزيز المعارف التطبيقية والعلمية، وزيادة الوعي حول ثقافة البحوث العلمية، والمساهمة في إيجاد حلول لمشكلات أساسية على المستويات المحلية والاقليمية والدولية. وتهدف الجائزة الى تعزيز البحوث العلمية العربية ودعمها. وقد تسلم 370 أستاذاً وباحثاً هذه الجائزة منذ انطلاقها حتى أواخر العام 2013، ويمثلون معاً جامعات ومؤسسات علمية عربية من بلدان عربية مختلفة. اما غاية جائزة عبد الحميد شومان فهي: دعم البحث العلمي العربي وتفعيله، وإعداد جيل من الباحثين والخبراء والاختصاصيين العرب في الميادين العلمية المختلفة. وفي العام 2013 وُضعت أسس جديدة للجائزة اتاحت الترشح لفئات الباحثين جميعهم دون التقيد بشرط السن، وأصبح اسم الجائزة <جائزة عبد الحميد شومان للباحثين العرب>، وحُصرت التخصصات العلمية كلها في ستة حقول رئيسية بدلاً من اثني عشر تخصصاً، تُمنح فيها الجائزة كل عام ويُطرح تخصص واحد او أكثر في كل حقل. وتُمنح الجائزة سنوياً في ستة حقول علمية تحددها الهيئة العلمية للجائزة وتحدد التخصصات التي تُعلن للتنافس في كل حقل منها. اما حقول الجائزة فهي: العلوم الطبية والصحية، والعلوم الهندسية، والعلوم الأساسية، والآداب والعلوم الانسانية والاجتماعية والادارية، والعلوم الزراعية، والعلوم التطبيقية بما فيها المياه والطاقة والبيئة.

 

حنفي بين الواقع المحلي والواقع الدولي!

وبالنسبة للدكتور حنفي وفريقه تعاني الأبحاث العربية صراعاً بين الارتباط بالواقع المحلي والانعكاس على الواقع الدولي ويقول:

- لقد استكشفنا في بحوثنا الشوائب المنهجية خلف التصنيفات الأكاديمية ومعنى مفاهيم أساسية وتطبيقها مثل المجتمع والاقتصاد المعرفي. اذ كشفت أبحاثنا النقاب عن التقدم الهائل الذي أُحرز في مجالي البحوث والنشر في المنطقة العربية، لكنها أظهرت أيضاً ان الجامعات منفصلة الى حد ما عن المجتمعات والاقتصادات التي توجد فيها، وأنها تنأى بنفسها عن النقاش العام. ان مثل هذه الجائزة تُمنح لبحوث التقدير والاندفاع اللذين تستحقهما. في الواقع، في حين سعت البلدان العربية الى الانضمام الى العالم المعولم للبحوث والتحول الى <اقتصاد معرفي> ويُعرّف <اقتصاد المعرفة> بأنه استخدام للتقنية وتوظيفها بهدف تحسين نوعية الحياة بمجالاتها وأنشطتها كافة من خلال الافادة من المعلومات والانترنت وتطبيقاتها المعلوماتية المختلفة بحيث أصبحت المعرفة محرك الإنتاج والنمو الاقتصادي في العالم وقد تمت الاستفادة من التقنية في إنتاج وتجهيز ومعالجة وتوزيع وتسويق السلع والخدمات وتحويلها الى اقتصاد معرفي، اما بتحويل المعلومات الى سلع وخدمات، او بتطوير السلع التقليدية عن طريق استخدام التقنية والاستفادة من الوسائل التقنية في تجاوز الحدود الجغرافية وعمليات التسويق والإنتاج للبضائع المختلفة، وتجسيد مفهوم ذهاب السلعة او الخدمة الى العميل وليس العكس. ويُعدّ <الاقتصاد المعرفي> توجهاً عالمياً حديثاً تسعى الى تحقيقه الدول والمجتمعات من خلال الاستفادة من معطيات العصر والتحول من اقتصاد الصناعات الى اقتصاد المعلومات ومن إنتاج البضائع الى إنتاج المعلومات، وإيجاد اقتصاد رقمي يكون عموده الفقري شبكات الاتصالات والمعلومات، والاعتماد على قوة المعلومات والمعرفة ورأس المال البشري أكثر من الاعتماد على المواد الخام والثروات الطبيعية.

كذلك مُنحت جائزة عبد الحميد شومان للباحثين العرب للدكتورة لارا ناصر الدين من كلية العلوم الزراعية والغذائية وهي رئيسة قسم التغذية وعلوم الطعام وأستاذة مشاركة في كلية العلوم الزراعية والغذائية في الجامعة الأميركية عن بحوثها حول البدانة والأمراض المرتبطة بالحمية الغذائية. وقد تشاركت الجائزة مع الدكتور ناصر بن محمد الداغري الأستاذ في جامعة الملك سعود السعودية.

وهذه الجائزة التي أُطلقت في العام 1982 تقدّر الدراسات العلمية المتميزة التي يؤدي نشرها وتعميمها الى تعزيز المعرفة العلمية والتطبيقية وزيادة الوعي بثقافة البحث العلمي، والى المساهمة في حل المشاكل ذات الأولوية محلياً واقليمياً ودولياً. وتهدف الجائزة الى تشجيع ودعم البحث العلمي العربي.

وقد تم اختيار بحث الدكتور لارا ناصر الدين ضمن فئة <الصحة والعلوم الطبية> حول موضوع <التغذية الصحية، بما في ذلك اتباع نظام غذائي والسمنة>.

الدكتورة ناصر الدين والبدانة

وبالسؤال عن موضوع البحث الذي أجرته تقول الدكتورة ناصر الدين:

- هذه المنطقة بما فيها لبنان تواجه وباء السمنة الذي يحمل تداعيات بعيدة المدى على صحة السكان والتطور الاقتصادي. ويحدد بحثنا العوامل الغذائية وأنماط استهلاك الطعام التي يمكن ان تخفف من خطر زيادة الوزن والسمنة، مع تركيز على الأطفال والمراهقين. ان النتائج التي توصلنا اليها يمكن ان تكون بمثابة حجر الزاوية لتطوير استراتيجيات وقائية وتدخلات تختص بثقافات محددة تهدف الى الحد من وباء السمنة في لبنان وفي المنطقة.

وبالاستناد الى أبحاثها طورت الدكتورة لارا ناصر الدين وفريقها دليل مبادىء توجيهية حول غذاء الأطفال والمراهقين اللبنانيين، كما أنتجت كتيبات مختلفة حول مبادىء التربية الغذائية المتخصصة بثقافات محددة، والتي تهدف الى تعزيز ممارسات التغذية الصحية لدى الأطفال اللبنانيين ممن هم دون الخمس سنوات.

وعن أهمية الجائزة تقول:

- شرف كبير ان أُقدر بمثل هذه الجائزة المرموقة من إحدى المحافل النادرة التي تقدر وتدعم وتشجع البحث العلمي في هذا الجزء من العالم. وأشكر زملائي وأهنأهم على مساهماتهم البحثية. هذا التقدير دفعة الى الدكتورة-لارا-ناصر-الدينالأمام، وحافز لمواصلة السير على طريق البحث العلمي.

وتجدر الاشارة الى ان الدكتورة لارا ناصر الدين كانت في العام 2011 خلال المؤتمر العلمي حول <أسس الغذاء المتوازن والسليم> الذي كانت قد نظمته دائرة التغذية والعلوم الغذائية في كلية الزراعة في الجامعة الأميركية بالتعاون مع <الجمعية اللبنانية للتغذية والعلوم الغذائية>، والمنظمة العالمية للتثقيف الغذائي، قد أشارت آنذاك الى ان معدل السعرات الحرارية التي يأخذها الفرد في دول الشرق الأوسط ازداد من 2200 وحدة حرارية في اليوم في العام 1970، الى 2930 وحدة حرارية في اليوم في العام 2005، وان تناول الدهون قد تضاعف خصوصاً في لبنان وسوريا والجزائر.

وتعتبر <منظمة الصحة العالمية> ان نسبة السكريات يجب الا تتجاوز العشرة في المئة من اجمالي السعرات الحرارية التي يتناولها الفرد خلال النهار، لكن نتائج الدراسات التي أجراها الفريق البحثي في دائرة التغذية والعلوم الغذائية في الجامعة الأميركية، بالتعاون مع كلية الصحة العامة في الجامعة نفسها، تشير الى ارتفاع تلك النسبة عند الأفراد في دول الشرق الأوسط لتصل الى عشرين في المئة.

كما تشهد بعض دول الشرق الأوسط انخفاضاً في معدل تناول الحبوب وارتفاعاً في معدل تناول الزيوت. فعلى سبيل المثال في العام 1967 شكّل تناول الحبوب نسبة تسعة وأربعين في المئة من اجمالي السعرات الحرارية التي يتناولها الفرد في لبنان، بينما انخفضت تلك النسبة الى ثلاثة وثلاثين في المئة في العام 2002. وفي المقابل، ارتفعت نسبة تناول الزيوت في المجتمع اللبناني من ثمانية في المئة في العام 1967 الى ثلاثة عشر في المئة في العام 2002.

أما على مستوى الخضار والفواكهة، تلفت النتائج الى ان نسبة خمسة وأربعين في المئة من الشعب اللبناني، وستة وتسعين في المئة من الشعب السوري، وأربعة وتسعين في المئة من الشعب السعودي، وتسعين في المئة من الشعب الأردني، لا تتناول الفاكهة والخضار بالكمية المطلوبة اي خمس حصص في اليوم.

وفي ما يتعلق بالنشاط البدني الذي يُعتبر احدى الركائز الأساسية في الحفاظ على حياة صحية سليمة، تبين نتائج الدراسات العلمية ان نسبة ثلاثة وخمسين في المئة من اللبنانيين لا تمارس الرياضة بالطريقة المفترضة، اي حوالي نصف ساعة يومياً.

كما بينت الدكتورة لارا ناصر الدين آنذاك ان مشكلة السمنة في بلدان الشرق الأوسط لا تقتصر فقط على البالغين، بل ان خطر السمنة يواجه الأطفال والمراهقين على حدّ سواء، ففي لبنان تلحظ النسب ارتفاعاً في معدلات السمنة عند الفئة العمرية بين الستة والثمانية عشر عاماً من نسبة سبعة في المئة في العام 1997 الى نسبة أربعة عشر في المئة في العام 2009، ويشكل الذكور والأصغر سناً والذين يملكون موروثاً عائلياً يتعلق بالسمنة الشريحة الأكبر من الأطفال والمراهقين الذين يشكون من السمنة.