تفاصيل الخبر

لقاء بعبدا بين الرئيس والبطريرك بدّد الهواجس المتبادلة..وفتح صفحة جديدة!

06/05/2020
لقاء بعبدا بين الرئيس والبطريرك بدّد الهواجس المتبادلة..وفتح صفحة جديدة!

لقاء بعبدا بين الرئيس والبطريرك بدّد الهواجس المتبادلة..وفتح صفحة جديدة!

[caption id="attachment_77780" align="aligncenter" width="614"] لقاء الرئيس ميشال عون والبطريرك الراعي في بعبدا[/caption]

 لم تكن زيارة البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي الأسبوع الماضي الى بعبدا للقاء رئيس الجمهورية العماد ميشال عون مثل سابقاتها التي تمت في ظروف أفضل من تلك التي أتت فيها الزيارة الأخيرة. ذلك أن الغيوم تتلبد من حين الى آخر في سماء العلاقة بين رئيس الدولة الماروني ورئيس الطائفة المارونية لأسباب مختلفة كان آخرها، الموقف الذي اتخذه البطريرك ودافع فيه عن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الذي نادى "التيار الوطني الحر" بتحميله مسؤولية تردي الأوضاع الاقتصادية والمالية في البلاد من خلال السياسات المالية التي اعتمدها في السنوات الأخيرة، خصوصاً أن الرئيس عون لم يكن بعيداً عن موقف التيار السياسي الذي أسسه في النظرة الى دور الحاكم ومسؤوليته. وقبل الموقف من سلامة، كان للبطريرك موقفاً آخر دان فيه التعرض لقائد الجيش العماد جوزف عون في وقت كانت فيه العلاقة بين قائد الجيش والوزير جبران باسيل (كان وزيراً آنذاك) تمر في ظروف مضطربة في ضوء ملاحظات ساقها باسيل على أداء القائد مع بداية "ثورة 17 تشرين" وتساهل الجيش في الرد على تحركات "الثوار" ولاسيما قطع الطرق والاعتداء على الأملاك العامة.

 زوار بكركي لاحظوا في الفترة الأخيرة أن البطريرك "منزعج" من استهداف كبار الموظفين الموارنة من دون غيرهم من الموظفين الذين تحوم حولهم شبهات الفساد والرشوة وغيرها من الارتكابات. وكان البطريرك يرى أن الموظفين الموارنة باتوا "بلا ضهر"، فيما غيرهم تتوافر لهم الحماية من مرجعياتهم الروحية والسياسية على حد سواء. ويعطي البطريرك أمثلة على تغيير الرئيس السابق لمجلس القضاء الأعلى القاضي جان فهد من دون سبب معلن لهذا التغيير، وقبله رئيس مجلس شورى الدولة القاضي شكري صادر، وغيرهما من كبار الموظفين المسيحيين وليس فقط الموارنة، وكأن الاصلاح ومكافحة الفساد يستهدفان هؤلاء الموظفين من دون غيرهم من فاحت رائحة الفساد منهم وما زالوا في مواقعهم يتنعمون بـ"الخيرات" التي تؤمنها لهم طوائفهم...ويضيف البطريرك أمام زواره أنه لم يدافع عن حاكم مصرف لبنان لأنه ماروني، بل لأنه يتعرض لحملة تشهير واطلاق اتهامات واسعة بحقه من دون أن يُفسح له في المجال كي يدافع عن نفسه ويبرئ ساحته ويقول ما عنده عن التهم التي تنسب إليه...وهذا الموقف ــ يضيف البطريرك ــ هو نفسه حيال أي موظف كبير أو مسؤول يتعرض لحملات تجريح وتشكيك بأخلاقه وأدائه الوظيفي من دون أي مبرر. ويؤكد البطريرك ان الموقف ليس موجهاً ضد رئيس الجمهورية الذي يصر على دعمه كشخص من جهة وكرئيس للدولة من جهة ثانية، والعظات التي تكررت خلال الأسابيع الأخيرة والتي دعم فيها البطريرك "الانتفاضة الشعبية" ودعا الى التجاوب مع مطالب المشاركين فيها، لم يكن يستهدف رئيس الجمهورية، بل ان الواقع المعيشي المتردي والملاحظات الكثيرة على أداء المؤسسات الرسمية، كانت الدافع الى تأييد بكركي للتحركات الشعبية ولا داعي بالتالي لإبداء السلطة أي غضب حيال هذا التأييد، خصوصاً أن الرئيس عون قال بنفسه إنه يتفهم مطالب "الثوار" ودعاهم الى الحوار معه في قصر بعبدا للوصول الى حلول تخرجهم من الشارع وتعيدهم الى حياتهم اليومية الطبيعية.

البطريرك مع الرئيس

ويستغرب البطريرك أن يقال إن بكركي ضد رئيس الجمهورية بدليل أنه خلال استقباله وفد نقابة الصحافة قبل مدة وحين كان يعلو الصوت بضرورة استقالة الرئيس عون، خرج البطريرك الراعي ليعلن معارضته العلنية لمطلب الاستقالة "حفاظاً على الموقع أولاً، ولعدم دفع البلاد الى الفوضى في ظل غياب الاتفاق على بديل". كل هذه المواقف وتداعياتها كانت مادة الحديث الذي دار بين الرئيس عون والبطريرك وان اتسم بـ"الديبلوماسية" في كثير من الأحيان، أي انه حمل في طياته مصارحة من الزعيمين المارونيين السياسي والروحي بهدف وضع حد لأي سوء تفاهم يمكن أن يحصل، خصوصاً أن المصطادين في الماء العكر هم كثر ويفرحهم رؤية الخلاف بين بعبدا وبكركي. وهكذا تبددت الهواجس وخرج الزعيمان من اللقاء على تفاهم حول الكثير من النقاط التي أثيرت، لاسيما في ضوء اقتناعهما بضرورة الانصراف الى معالجة الهموم الاقتصادية في البلاد واعطاء الأولوية لتنفيذ البرنامج الاصلاحي الذي تمت الموافقة عليه في جلسة مجلس الوزراء التي انعقدت بعد ساعة من لقاء الرئيس بالبطريرك.

 وفي هذا السياق، تشير المعلومات الى أن الرئيس عون أبلغ البطريرك بأنه سيضعه دائماً في صورة المواقف والتحركات التي تجري كي يكون على بينة، طالباً منه مراجعته في أي معطيات تصله الى بكركي قد لا تكون دقيقة وتستوجب التأكد منها منعاً لتكرار "سوء الفهم" الذي حصل بين الرجلين. كما كان اللقاء مناسبة وضع خلالها البطريرك رئيس الجمهورية في صورة التحرك الذي ستقوم به بكركي قريباً لطرح خطة رعاية اجتماعية من الكنيسة لمواجهة الأوضاع الاقتصادية المتردية ودعم العائلات المحتاجة، فضلاً عن المبادرات التربوية والانسانية التي تعتزم بكركي القيام بها بالتعاون مع المؤسسات الاجتماعية المارونية خصوصاً والكاثوليكية عموماً، ومنها "كاريتاس" والرابطة المارونية والمجلس العام الماروني ومؤسسة الانتشار المارونية وغيرها.

 يذكر أنه تعذر على الرئيس عون المشاركة هذه السنة بقداس الفصح بسبب التدابير المتخذة لمواجهة وباء "كورونا" والتزام المنازل وإلغاء الاحتفالات الدينية بمشاركة المؤمنين.