تفاصيل الخبر

":Live love Beirutإيدي بيطار من جمعية " كثرت الجمعيات لما غابت الدولة ومؤسساتها !

26/08/2020
":Live love Beirutإيدي بيطار من جمعية " كثرت الجمعيات لما غابت الدولة ومؤسساتها !

":Live love Beirutإيدي بيطار من جمعية " كثرت الجمعيات لما غابت الدولة ومؤسساتها !

  

بقلم عبير أنطون 

[caption id="attachment_80610" align="alignleft" width="444"] الأولويات[/caption]

 إنه الانفجار الرابع الاقوى في العالم، ذاك الذي حصل في الرابع من آب (أغسطس) الجاري في مرفأ بيروت وحصد بعنفه ودماره الأرواح والممتلكات . وإذا ما قصّر المعنيون في حماية العاصمة وأهلها وقمحها ومواردها من "القنبلة الموقوتة" فلا عجب أن يقصّروا في ادارة تداعياتها الكارثية على غير صعيد.

 الجمعيات المدنية، على اختلافها هبّت للمساعدة . هذه الجمعيات تختلف النظرة اليها، وهي عند البعض مثار جدل وشك حول أعدادها ومهامها وتوجهاتها، فيما يجد البعض الآخر فيها وجه لبنان الحقيقي، الانساني والحضاري المتمدّن . هذه الجمعيات على اختلافها، كانت أول من نزل الى الساحة وشمر عن سواعده بعدما كفر الناس بالدولة وحجبوا عنها أي نوع من الثقة، حتى إن الجهات الدولية المانحة وجدت في العديد من هذه الجمعيات "أماناً أكبر" حتى تصل المساعدة الى المكان الصحيح لا الى الجيوب والحسابات.

 بين الجمعيات التي ترفع القبعة لعملها جمعية "ليف لاف ليبانون" (عيش حب لبنان) التي تأسست في العام 2012، بهدف تطوير العاصمة وازدهارها في مختلف الميادين . اليوم ومع العصف الذي ألمّ بنا، وجدت نفسها في قلب الوجع تداوي هذا وترفع الركام مع ذاك، الأمر الذي تعتبره واجباً في جرعات أمل ودعم .

 إدي بيطار، من جمعية "عيش حب لبنان" وأحد أعضائها المؤسسين، يتحدث لـ"الافكار" عن عملها الحالي بعد الإنفجار الرهيب:

[caption id="attachment_80612" align="alignleft" width="393"] المساعدات[/caption]

 - مبادرتنا حالياً تهدف الى تكوين خلية ازمة تعالج المشاكل التي تعاني منها الناس على الارض. لدينا مركز يتلقى طلبات المواطنين عبر 8 خطوط ساخنة، ومن خلالها يتم التحويل بحسب الطلب الى الجمعية المختصة . وإذا لم تتوفر جمعية مختصة، نبادر نحن الى محاولة إيجاد الحل، أكان على صعيد الاستشفاء، أو السلامة الغذائية أو تأمين المأكل أو حتى بيت جديد، وإيصال المساعدات، وبالأسلوب المناسب .

ويضيف بيطار:

 - نحن أيضاً نعمل على ما يتعلق بالسلامة العامة، ونسعى في الأيام القليلة المقبلة الى المساهمة في إعادة إعمار ما تهدم .هناك منازل قابلة للانهيار، وبيوت تراثية تهدمت كلياً او جزئياً، فضلاً عن الوحدات السكنية حيث مئات آلاف الأشخاص بلا بيوت، يحتاج ابناؤها الى العودة اليها بأسرع وقت ممكن، فنحاول أقله تأمين الحدّ الأدنى بانتظار وصول المساعدات الاكبر. التنسيق يتم مع الجهات المانحة، او مع السفارات او المنظمات الدولية الموجودة على الأرض، كما وأيضاً المنظمات المحلية، فضلاً عن توجيه المبادرات الفردية لأن  الكثيرين يريدون المساعدة.

 كذلك، يضيف بيطار، فإن الدعم المعنوي مطلوب، وهو اساسي ونوعي لمختلف الأعمار، وبشكل خاص الأولاد الذين يعيشون في بيوت ليست بيوتهم التي اعتادوا عليها، فنساندهم ونحافظ عليهم ليكونوا في بيئة سليمة، ولا يتأثروا بعوامل او اضرار معنوية او جسدية يمكن أن تطالهم. كذلك، فإن المتضررين على اختلافهم بحاجة الى من يكون الى جانبهم ويستمع إليهم والأهم أن يكلّمهم بواقعية واستحالة تلبية الطلبات بغمضة عين . فالتطلعات عند الجميع هي أن تجري الأمور بسرعة، لكن الى أي مدى سيكون تنفيذها بسرعة

[caption id="attachment_80609" align="alignleft" width="375"] إدي بيطار في الوسط[/caption]

أمر معقول؟ الفاجعة كما تداعياتها كبيرة جداً !

 ليس دوراً سهلاً، يعقب إيدي، ولا ندعي أننا "نشيل الزير من البير" لكن من الضروري البدء بخطة ما، ووضع خارطة طريق لأن هناك ضياعاً وإرباكاً كبيرين، والمتضررون مزعوجون من تعدّد الجهات التي تلقي عليهم الأسئلة، وتطلب المعلومات . فميدان العمل ليس منسقاً . في "عيش حب بيروت" وحّدنا بعض الطلبات، ولدينا حوالي 15 الفاً، وقد عالجنا منها ما يفوق الألف حتى الآن . وعبر ما يصلنا من خلية الأزمة، تمكّنا من أن نتلمّس الحاجات، من غير أن نحمل الورقة والقلم وندخل البيت فنعرف الأولويات بحسب ما يضعها اصحابها . أعطيكم مثالاً : هناك من يبدّي إصلاح سيارته على جدران بيته، لأنه يعمل سائق أجرة، فهذه تلزمه أكثر ليؤمّن قوته، وذاك بحاجة قبل أبواب بيته الى جهاز كومبيوتر فقده،  ليسيّر عمله عبره، والأمر سيان بالنسبة لبعض الذين فقدوا هواتفهم وهي أساسية لهم في عملهم ايضاً، هذا فضلاً عن المصالح الحرّة والعيادات ومكاتب العمل التي تعدّ أولوية للحصول على لقمة العيش، وهذه الطلبات نسعى الى تأمينها بطريقة او بأخرى . الناس لبعضها، وثبت ذلك في خلال هذه الأزمة. فقد وصلتنا مساعدات من مرجعيون، من بعبدات والعديد من المناطق .

 وعن مطالب رفعت من قبل بعض الاهالي بالسير بحسب الاحياء، فتكون لائحة المطالب حياً بحي وشارعاً بشارع بحيث توزع هذه على الجمعيات فلا تتداخل يقول إيدي:

- الواقع ليس بهذه البساطة . ليس اسهل من أن نأخذ خريطة بيروت ونقسم المنطقة المتضررة شوارع وأحياء. لكن الجمعيات كثيرة، ومختلفة المهام. في الأسبوع الأول نزلت الناس حتى تشعر بنفسها افضل معنوياً، وقامت بواجبها الانساني تجاه من تضرروا . اليوم بات التنسيق مطلوباً بشكل أكبر، ونرى بعضاً منه . فهناك مبادرة تجمع كل الداتا، واخرى حول الجمعيات التي تعمل على الارض ونطاق عملها، وثالثة تعمل على "زونينغ" إلا أن هذا كله يأتي من دون خريطة طريق وخطة هي من واجب الدولة في العادة . فإذا ما قصروا في حمايتنا من الامونيوم وكان الجميع يعلمون به، فهم أيضاً مقصرون في معالجة التداعيات . الجمعيات تقوم بعمل الدولة وإدارة الكارثة يجب أن تكون وفق خطة طوارئ.  و"لو كان في دولة ما كان في كل هالجمعيات"، وهذه ليست من مسؤولية الجمعيات .

 

 ونسأل إيدي:

[caption id="attachment_80613" align="alignleft" width="188"] نساعد من تضرر[/caption]

 كثيراً ما نسمع من المتضررين أين المساعدات ؟ لم نر منها شيئاً حتى الآن؟ ما الجواب لهم؟

- هذا أمر نسمعه طبعاً، لكن الامور ليست بهذه السهولة. فحتى تصل الاموال من الخارج في مساعدات فردية مثلاً، فإنه يلزمها من اسبوع الى اثنين لتدخل الى الحسابات، ومن ثم يتطلب الامر سحبها من البنك، والعديد من الفروع في محيط الانفجار تضررت، هذا فضلاً عن البحث الجدي عمن هم الأكثر حاجة وهذا كله يتطلب وقتاً. كذلك فإن المانح يأمل أن يعرف اين أنفق ماله وأين اتجهت مساعدته. حتى الجمعيات اللبنانية الموجودة في الخارج والتي فتحت باب التبرع، كجمعية في لندن مثلاً، فإنها تتطلب وقتاً بعد اقفال باب التبرع ليتأكد القيمون عليها عبر دراسات واحصاءات أين يوجهونها، والأمر سيان بالنسبة الى الدول المانحة التي تبغي أن تعرف بدقة أين تصرف اموالها . من هنا يقوم الجميع بالمسح والاحصاءات . 

ويضيف إيدي:

- المجال الوحيد الذي يمكن للجمعية العمل السريع من خلاله هو أن يكون لديها استقلال ذاتي وتدخل المساعدة بشكل مباشر في حسابها .. واكثرية الجمعيات اليوم، حساباتها في الداخل اللبناني. و جراء الازمة الاقتصادية والنقدية في المصارف بات التعامل في هذا المجال صعباً، حتى إن من له مال في المصرف لا يمكن له أن يسحبه. معدودة هي الجمعيات التي لها حسابات في الخارج .

وأضاف: هذا كله جعل الناس على اعصابها وجعل المساعدة اصعب . في الاسبوع الاول بعد الانفجار كنا يداً واحدة، همنا أن نقف الواحد جنب الآخر ونستفيق من الكابوس . لو كان هناك دولة لكانت لها خطة طوارئ من اليوم الأول، أقله "خطة تواصل" تشرح للناس ما الذي سيجري وعلى اية مراحل، الامر الذي نقوم به كجمعية، ولم نكن نريد أن نتحدث الى الإعلام قبل أن نضع خريطة طريق تساعد الجميع في فهم ما نحن مقبلون عليه .

 

 ويعود ليقول:

- من ناحية اخرى، الأمر الجيّد أن الشركات الخاصة الدولية الكبيرة، وهذا أمر مهم، بدأت تتوجه الينا من خلال المسح الأولي الذي قمنا به وهذا لا يتطلب المعايير التي تطلبها الدول المانحة . وفي هذا المجال نحن بصدد تأمين التمويل لـ 35 بيتاً سكنياً تضررت عند منطقة مار مخايل فضلاً عن خمس بيوت تراثية سنباشر بها. كذلك فإن هناك بيوتاً تضرّرت عند منطقة الدورة، ولم يشملها المسح، وظروف اهلها المعيشية متواضعة ونسعى الى مساعدتهم. فالبيت بقي وحده الملاذ الآمن بعد ما فقد اللبناني عمله او جزءاً من راتبه مع الازمة الاقتصادية والنقدية الضاغطة، وبعد أن اهتزّ امانه الصحي بسبب "الكورونا"، والآن أنهدم البيت او تضرر . فما الذي بقي لهذا الانسان؟ واليوم، الغني والفقير تساويا في الحاجة، ولم يعد بامكان الاول مد يد العون لأخيه، والمنازل الكبيرة التي تهدمت تكلف اضعاف البيوت الصغيرة . فالمشكلة واقعة على الجميع .  

[caption id="attachment_80611" align="alignleft" width="193"] الخطوط الساخنة[/caption]

وعن تعاونهم مع المبادرات والجمعيات الأخرى بينها مثلاً تلك التي اعلن عنها نقيب المحامين ملحم خلف من المرفأ يجيب ايدي:

- هناك اليوم سباق إعلامي سياسي- لإعلان مبادرات. لا أقصد النيل من أية مبادرة . إنه ماراتون سيشترك فيه الجميع، نتسابق ليس للوصول الأولين بل لنصل جميعاً بالنهوض ببيروت .نحن بحاجة لأي دعم، ونعم، هناك تشبيك أكثر من الازمات التي سبق ووقعنا بها المهم أن يوضع القطار على سكة الخطة الصحيحة، ولما يسير القطار الكل سيطلع فيه. هناك ما يفوق على 30 الف وحدة سكنية متضررة هذا بغير المجالات الاخرى، نحن جميعاً صغار أمام هول الفاجعة التي ألمت بنا.

ونقول لإيدي :علمنا أن الفاجعة لم تستثنك أيضاً .. أخبرنا عن تلك اللحظات في ذاك اليوم المشؤوم .

 بيتي تهدم كله. وهو عند منطقة الجميزة شارع باستور . كنت على بعد مئتي متر مقابل الاهراء، والعائلة كانت في البيت . أخي كاد أن "يصفى دمه" بين يدي. اثنان من بنايتنا لقيا حتفهما، وعلى بعد 50 متراً منا، أكثر من 15 شخصاً توفوا، وأعرفهم شخصياً . ما بين مار مخايل والجميزة خسرت الكثير من أصدقائي ومعارفي، ولي أصحاب خضعوا لأكثر من 700 قطبة . أنا "مقطب" في رأسي وفي ظهري وفي يدي والعناية الإلهية مدتني بالقوة . تركت المستشفى دون أن اضمد كل جراحي، وركضت عند والدي مريض القلب والسكري، والذي بقي مصدوماً لا يستوعب ما يجري، يجلس على الشرفة وبيته مهدماً، والبناية التي ورثها عن اهله في وضع كارثي . وبعد أن إطمأننت على أمي التي فقدنا الاتصال بها وكانت نقلت الى المستشفى حيث زوجتي ايضاً، دخلتُ مع أخي الى غرفة العمليات حتى افسر للطبيب ما الذي جرى له ومن بعدها عدت الى الطوارئ ليكملوا لي التقطيب . بعد ذلك، كنت على الأرض، بين الناس، نقوم بما يمكننا القيام به . وحالياً وبالتعاون مع "دي أتش أل" وضعنا مستودعات تفوق العشرة آلاف متر مربع في تصرف الناس والجمعيات التي تريد أن تضع اغراضها فيها، كما نقوم بالتنسيق اللوجستي لتوزيع مساعدات حملها ما فوق الـ25 كونتينر الى لبنان .