[caption id="attachment_86109" align="alignleft" width="444"] حكومة حسان دياب في آخر جلسة لها قبل تحولها الى حكومة تصريف أعمال.[/caption]
أكثر من ملف يحتاج الى موافقة مجلس الوزراء، وأكثر من قضية تتطلب انعقاد المجلس ليس اقلها مشروع موازنة 2021 بدلاً من الاستمرار في الصرف على أساس القاعدة الاثني عشرية. لكن انعقاد مجلس الوزراء في حكومة تصريف الاعمال دونه رفض رئيس الحكومة حسان دياب "تعويم" حكومته مع علمه اليقين ان تشكيل حكومة جديدة ليس بالامر السهل، وان تصريف الاعمال قد يستمر فترة زمنية إضافية ستشهد المزيد من تعليق شؤون الدولة وامور الناس وحاجاتهم، وكأن الازمات الاقتصادية والاجتماعية والصحية والمالية لا تكفيهم، لتأتي ازمة عدم انعقاد مجلس الوزراء لتضاف الى الازمات الأخرى.
عبثاً حاول وزراء في حكومة تصريف الاعمال اقناع الرئيس دياب بالدعوة الى جلسة لمجلس الوزراء لاسيما وان ثمة سوابق في حكومة الرئيس نجيب ميقاتي التي انعقدت مرتين وهي في فترة تصريف الاعمال، لكن "عناد" الرئيس دياب لا يزال يحول دون الدعوة الى جلسة ما احيا ازمة صامتة بينه وبين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الذي يرى من الضرورة انعقاد المجلس في جلسة او جلستين لاقرار المواضيع الملحة بدلاً من الاستمرار في اعتماد ابتكار "الموافقة الاستثنائية" غير الدستوري.
الحجة المعلنة التي يرددها الرئيس دياب امام مراجعيه بأنه لا يريد خرق الدستور، وانه بموقفه هذا يسرع في تشكيل حكومة جديدة، لكنه يشير الى إمكانية "حلحلة " موقفه اذا ما أجاز له مجلس النواب في تفسيره للدستور توجيه الدعوة الى عقد جلسات للحكومة لمناقشة الموازنة وإقرارها بصيغتها المعدلة. لكنه في انتظار أي موقف من المجلس النيابي يحضر بصورة متقطعة الى مكتبه في السراي، بعد ان انتقل فور استقالته الى منزله في منطقة تلة الخياط في بيروت ولا يزال يصر على موقفه المبدئي بعدم دعوة مجلس الوزراء للانعقاد والاكتفاء بترؤسه لاجتماعات اللجان الوزارية بغية تصريف الاعمال في حدود ضيقة للغاية.
وكشفت مصادر وزارية ان دياب يحرص لدى انتقاله من حين لآخر الى مكتبه في السراي على اتخاذ تدابير امنية مشددة غير مسبوقة ويحيط ذلك بسرية تامة، وهذا ما أكده لعدد من الوزراء المقربين منه بقوله إن هناك ضرورة لرفع منسوب التحسب والحذر، وعزا هؤلاء "تمرده" على الحاح الرئيس عون بدعوة مجلس الوزراء للانعقاد الى مجموعة من الاعتبارات ابرزها ان الرئيس دياب بعد الادعاء عليه في ملف تفجير مرفأ بيروت غير دياب في ضوء الادعاء الذي استهدفه بلا أي ادلة تستدعي مثوله بصفة المتهم في ملف التفجير.
كذلك أتاح له الادعاء في ملف تفجير المرفأ، الدخول في مهادنة مع الشارع السني من جهة، والتواصل مع نادي رؤساء الحكومات السابقين باعلانهم تضامنهم معه، وبالتالي فهو لن يفرط بورقة التصالح مع شارعه بدعوة مجلس الوزراء الى الانعقاد. ويقول دياب انه يتطلع الى تشكيل الحكومة الجديدة اليوم قبل الغد، وهو بات يتهيب التداعيات السلبية المترتبة على إعاقة تشكيلها في ضوء الحديث عن أن تصريف الاعمال سيستمر حتى نهاية ولاية الرئيس عون... ويقول مطلعون على موقف الرئيس دياب إن مجرد انصياعه لرغبة عون بدعوة مجلس الوزراء للانعقاد سيدفع باتجاه دخوله في صدام سياسي مع شارعه الذي سيتعامل مع موافقته على انه يشارك رئيس الجمهورية في تعطيل تشكيل الحكومة الجديدة وصولاً الى الاستغناء عنها. ناهيك ان رئيس المجلس النيابي نبيه بري ليس على استعداد للدخول في "الكمين" المنصوب للبرلمان بتفسير الدستور كذريعة لانعقاد مجلس الوزراء، ويعود السبب الى ان موافقته تتعارض مع إصراره على تسريع ولادة الحكومة، وبالتالي الاستغناء عنها لمصلحة تعويم الحالية. ويضيف المطلعون ان دياب لن يغامر بما تبقى لديه من رصيد ويأخذ على عاتقه توفير الغطاء السياسي لموازنة منفوخة يراد منها حجب الأنظار عن ارتفاع حجم العجز فيها في مقابل انخفاض الواردات لغياب الخطة الإصلاحية.
لذلك فان دياب بموقفه "يحشر" عون لافتقاده الى البدائل لتعويم ما تبقى من ولايته رغم ان خصومه يتهمونه بالتناغم مع موقف عون لئلا يضطر للتصويت الى جانبه في مجلس الوزراء تجنباً لاحراجه في الشارع السني من جهة ولقطع الطريق على ما يترتب عليه من احتقان مذهبي وطائفي.
وتنفي مصادر قصر بعبدا ان يكون الرئيس عون ينوي ان يستعيض عن حكومة تصريف الاعمال بحكومة بديلة تتمثل في المجلس الأعلى للدفاع برئاسة عون شرط الاستعانة بالحكومة المستقيلة لتوفير غطاء سياسي لاجتماعات المجلس، رغم ان قراراته غير نافذة وتبقى في اطار رفع توصياته الى مجلس الوزراء، إضافة الى انعدام المردود العملي لاجتماعاته التي تبقى دون المستوى المطلوب وتغيب عنها المداولات ويحل مكانها تبادل تسجيل المواقف بين عون ودياب وتفتقد أحياناً الاقتداء بالمعايير القانونية في توجيه الدعوات.
غير ان ذلك لا يلغي وجود رغبة في إعادة تفعيل حكومة تصريف الاعمال في انتظار توافر الظروف الإقليمية والدولية التي قد لا تتبدل في وقت قريب، بينما التوازنات الداخلية ليس من السهل تجاوزها. الا ان تفعيل الحكومة يتطلب قبل أي شيء آخر اقتناع الرئيس دياب بهذا التوجه لأنه لا يزال على موقفه الرافض، ويحرص على تطبيق مفهوم تصريف الاعمال بالمعنى الضيق جداً!.