تفاصيل الخبر

لهذه الأسباب بيفاني مصرّ على استقالته وتعيين خلف له يدخل "بازار المحاصصة"!

22/07/2020
لهذه الأسباب بيفاني مصرّ على استقالته  وتعيين خلف له يدخل "بازار المحاصصة"!

لهذه الأسباب بيفاني مصرّ على استقالته وتعيين خلف له يدخل "بازار المحاصصة"!

[caption id="attachment_79747" align="alignleft" width="444"] مدير عام وزارة المالية المستقيل آلان بيفاني[/caption]

 لن يتراجع المدير العام لوزارة المال آلان بيفاني عن استقالته ولن يقبل مجلس الوزراء هذه الاستقالة أقله في الاسبوعين المقبلين، والى حين البت بهذه الاستقالة لن يحضر بيفاني الى مكتبه في وزارة المال، ولن يشارك في جلسات التفاوض مع صندوق النقد الدولي... باختصار انتهت مشاركة بيفاني مع الدولة اللبنانية وهو يستعد للسفر مع عائلته الى الخارج وسط معلومات تشير الى أنه، بعد فترة راحة قليلة نسبياً، سيتسلم منصباً في إحدى المؤسسات المالية الكبرى خارج لبنان. أما متى سيعين مجلس الوزراء خلفاً لبيفاني في وزارة حساسة مثل وزارة المالية، فالمسألة مرتبطة بأمرين: الأول الاتفاق على البديل، والثاني حصول التعيين ضمن سلة تعيينات لمراكــــز شاغـــرة في إدارات الدولة ومؤسساتهــا حتى تأتي المحــــاصصة مكتملـــة "ومنصفة" لمكونات حكومة الرئيس حسان دياب وفق ما حصل حتى الآن في التعيينات التي تقاسمها الثلاثي: الرئيس نبيه بري، الرئيس دياب، النائب جبران باسيل، واعطي النائب والوزير السابق سليمان فرنجية موقعين للترضية...

 وتقول مصادر إدارية معنية إن الأسماء المتداولة لخلافة بيفاني لا تزال موضع تداول وتشاور: فالمرشحة كارول ابي خليل الموظفة في وزارة المال (مديرة الموازنة) "تنافس" المرشحة الثانية ميرنا باز وهي مفوض الحكومة لدى ادارة الريجي من دون ان يسجل اي تقدم لاي من المرشحتين، فيما يلوح في الافق اسم ثالث هو روجيه لطفي من مديرية الضريبة على القيمة المضافة في الوزارة نفسها، الا ان تعيينه مديراً عاماً للمالية يفرض ترفيعه من الفئة الثالثة الى الفئة الاولى وهو امر صعب في الهيكلية الادارية، علماً ان كل من ابي خليل وباز في الفئة الثانية وطبيعي ترفيع احداهن الى الفئة الاولى، لكن مدير عام المال، وفق المطلعين، منصب سياسي- مالي، وتعيين البديل في هذه المرحلة امر حساس بدرجة كبيرة بفعل المفاوضات مع صندوق النقد الدولي ومواكبة الحكومة في تنفيذ خطتها المالية والاقتصادية. وتوضح المصادر الادارية ان التعيين من خارج الملاك لن يكون عقبة بالنسبة للقوى السياسية لسببين: الاول انه حتى لو الملاك مكتمل، فإن هذه النسبة لم يتم الالتزام بها على مدى العقود المتعاقبة تماماً كما واقع الملاك في السلك الدبلوماسي. وثانياً لأن بيفاني نفسه اختير من خارج الملاك، وبالتالي لن يتعدى الامر واقع تعيين مدير عام مكان آخر من خارج الملاك ايضاً. ووفق المعلومات، لا يزال تمرير تعيين كارول ابي خليل ( قريبة النائب سيزار ابي خليل) يلقــــى رفضاً سياسياً خصوصــــاً من جانب عين التينة بسبب لونهـــا "البرتقالي" الفاقع وقربها السياسي من "التيار الوطني الحر"، ليأتي ذلك "على كعب" تعيينات مجلس ادارة الكهرباء، التي امنت لباسيل "ثلاثية" خالصة له، بتعيين الاعضاء المسيحيين الثلاثة من حصته، ومن بينهم منسق لجنة وآخر عضو لجنة مركزية في "التيار". وثمة واقعة ملموسة بالارقام تكشف جدولاً متخماً بتعيينات مسيحية تحتل نسبة العونيين فيه ما يتجاوز الـــ 90 في المئة وذلك منذ بداية العهد. يقول مطلعون ان باسيل الذي لا يزال يفاوض على اسم كارول ابي خليل سيستفيد ايضاً من بقائها في موقعها وخبرتها كمديرة للموازنة في وزارة المال. وبالتالي قد يلجأ الى خيار الاتيان بشخصية محسوبة عليه من خارج الملاك مستفيداً اولاً من واقع ان بيفاني ايضاً عين من خارج الملاك، وثانياً لتفضيله الاتيان بشخصية محسوبة عليه "وتدوم" اكثر في المديرية العامة للمال، تماماً كما حصل مع بيفاني الذي كان عمره يوم التعيين 30 سنة!.

أسباب الاستقالة

 وبالعودة الى استقالة بيفاني، فإن المدير العام السابق للمال، لا يزال يتكتم عن الاسباب الحقيقية لاستقالته، على رغم ما اعلنه في الاطلالات الاعلامية المتتالية التي قام بها بعد استقالته، فضلاً عما ادلى به امام مجلس الوزراء يوم دعي لاستيضاحه أسباب الاستقالة.

 وفي هذا الاطار، يقول احد الوزراء إن بيفاني قرأ مطالعة خطية عن أسباب الاستقالة استهلها بالقول إنه لم يكن يوماً من "النظام" الذي كان قائماً، وإنه مرّ بمراحل عاصفة مع ممثلي هذا النظام طوال فترة وجوده في وزارة المال، واعتبر ان لبنان امام مفترق طرق اساسي، " فإما ان نبني دولة متطورة تحاكي مطلب اللبنانيين، وإما ان ندع القوى التي نهشت المال العام والخاص تتفوق وترمي مرة جديدة بالثقل على مواطنينا ومجتمعنا وتجعله يتحمل الخسائــــر التي انتجها". وفي رأي بيفاني ان الانقضاض على الخطة الحكومية جاء لأن الخيار الآخر هو بعدم تحميل اي خسارة لمن استفاد من النظام، بل رمي الخسارة على الشعب عبر تدهور العملة وممارسة "الهيركت" عند كل عملية مصرفية، وضرب اي امكانية للنمو وخلق فرص العمل على سنوات عديدة، وأي امكانية للمودعين بالوصول الى كامل ودائعهم، مهما كان حجم الودائع. إن هذا الأمر جريمة لا يمكن السكوت عنها، وتيرة طباعة العملة تؤشر الى انهيار الليرة مع ما يعني ذلك من مآس للشعب. "والهيركت" وصل الى 70 في المئة واكثر، وفرص العمل تنهار، ونحن في هذا الوقت نشهد كل ما يؤكد على الاستمرار في المماطلة حتى التوصل الى اخفاء الخسائر على حساب المواطن، والوقت الذي يضيع يزيد من العوز وانهيار مستوى المعيشة وتغيير لوجه لبنان. وانتقد بيفاني "أن تقف الدولة مكتوفة الايدي في هذا الوقت دون الدفاع عن المشروع الاصلاحي، فهذا لم يكن سهلاً عليّ ان افهمه. لنكن صريحين. لم يأت اي دعم للخطة من الحكومة، وهذا ما كرره صندوق النقد بشكل دائم. ولم تفسر هذه الخطة للجمهور على الاطلاق، ولما جاء صندوق ليؤكد مراراً وتكراراً، على صحة مقاربتنا وارقامنا، لم تقف الحكومة لتقول كفى لمن يتلاعب بمصير البلد. لا يمكن ان نتكل على دعم الخارج فقط في هذا الاطار. موقف صندوق النقد والأسرة الدولية انتصار لنا، لكن تقهقر موقف الحكومة ضرب الانتصار في الصميم".

وأضاف: "منذ ان وضعت الخطة واقرت بالاجماع، انهار سعر صرف الليرة وطبعت 14 تريليون ليرة، وما زلنا بانتظار تنفيذ اي من بنودها، وكان من المفترض، لو نفذت، ان تستقر الليرة على 3500. ما زلنا نمارس سياسة تعدد اسعار الصرف، فتتهاوى مؤسساته من جراء الخسائر الناتجة عن ذلك، ويفقد مواطنونا ومواطناتنا فرص العمل بالالاف. وما زلنا ننتظر الكابيتال كونترول، الذي احيل الى اللجنة النيابية منذ وقت طويل، وبعد اشهر عديدة تم تحويل اموال المحظوظين خلالها وحبست اموال الناس، وما زلنا نؤجل.

 في هذا الوقت، اتحفنا بتقصي الحقائق في ارقام الخسائر، وهي من اوضح الارقام، صادق عليها المجتمع الدولي بأكمله، وحتى بعض المصرفيين اللبنانيين المحترفين، الا اننا حتى الامس، ما زلنا نسمع بأن هذه الارقام خاطئة بمحاولة يائسة لتزوير الحقائق. وقد اضعنا وقتاً ثميناً جداً من جراء ذلك، وخسرنا مصداقية الدولة".

 وبعدما يطرح بيفاني سلسلة اسئلة قال امام مجلس الوزراء " شهدنا خوفاً من البعض، وتواطؤاً من البعض الآخر، وقد حذرت في كلمتي عند استقالتي من الـ" LIRIFICATION" وهي تحصل الآن، وأحد مشاريع الكابيتال كونترول يلحظها بوضوح. لقد حذرت من الحلول التي لا ينتج عنها دخول الدولارات الى السوق، وها نحن نرى تراجع امكانية البرنامج مع صندوق النقد، ومشروع لوضع اليد على الاملاك العامة الذي لا يأتي بدولار واحد من الخارج، وسوف نشهد على الارجح اقتراحاً للتصرف بالذهب، وقد يمارس الابتزاز على المودعين ليقبلوا ببيعه مقابل استعادة قسم من اموالهم. نعم الذهب لأنه لا قدرة للخطة البديلة على استقطاب اي دولار سوى عبر بيع الذهب، وهذا لن يكفي، وهذه جريمة.

واعتبر ان "الالتزام بالتفاوض ليس فقط غير كاف، بل ان اضاعة الوقت تغير بالمعطيات وتحتم الخيارات القاسية. في هذا الوقت، تسحق الطبقة المتوسطة وينتقل المجتمع الى مجموعات تطمح الى الهجرة، واخرى تتعلق بالزعماء على شكل اشباه الميليشيات، كما ان المال الذي يمكن ان يتدفق باتجاه بلد من هذا الصنف هو مال السارقين والفاسدين والمبيضين، فيصبح البلد ملاذاً للجريمة. وعندها، يجب اعتماد الــ FORENSIC التدقيق الجنائي في كل اتجاه، هذا الذي ما زلنا ننتظره ونكتشف ان شركة طرحت من هنا او هناك ليتبين امكانية وجود عامل التواطؤ بسرعة قياسية. نحن نعرف أن شروط نجاح البرنامج المسبقة هي بادخال الكابيتال كونترول وتوحيد سعر الصرف وانجاز التدقيق المحاسبي واقرار موازنة معدلة جذرياً ووضع برنامج لشبكات الامان الاجتماعية وقانون لتصحيح اوضاع المصارف وغيرها من الامور الضرورية. فأين نحن منها؟ قد يكون الجواب الصحيح ان هذه التركيبة اللبنانية لا يمكنها ان تنجز افضل من ذلك. خلال عشرين سنة في الوظيفة العامة، حققت ما استطعت، ولكن، ان اشهد على حدوث ما ذكرته اعلاه، فهذا ليس شيئاً ارغب به. لذلك اتمنى من حضراتكم قبول استقالتي بشكل نهائي خلال هذه الجلسة، متمنياً لكم جميعاً النجاح في خدمــــة الوطن والمواطن".

 ويروي أحد الوزراء، ان الاسئلة التي طرحت على بيفاني جعلته يوسع في أجوبته الأفكار التي اوردها في كلمته المطبوعة، لكن كلمات الاطراء التي سمعها بيفاني من الوزراء لم تجعله يبدل قراره بل أصر على الاستقالة.... "ودبروا حالكم"!.