تفاصيل الخبر

لهذه الأسباب ألغى الرئيس "هولاند" زيارته للبنان حتى إشعار آخر!

09/10/2015
لهذه الأسباب ألغى الرئيس "هولاند" زيارته للبنان حتى إشعار آخر!

لهذه الأسباب ألغى الرئيس "هولاند" زيارته للبنان حتى إشعار آخر!

image المعلومات التي جعلت <الأفكار> ترجح في أعدادها السابقة تأجيل الرئيس الفرنسي <فرانسوا هولاند> للزيارة التي كان أعلن عن رغبته القيام بها بعد مشاركته في اجتماعات الجمعية العمومية للأمم المتحدة، تأكدت خلال الأسبوع الماضي من أكثر من جهة لاسيما بعد جولة المشاورات التي أجراها الرئيس الفرنسي مع فريق عمله اللصيق من جهة، والشخصيات اللبنانية التي زارت باريس مؤخراً والتقت الرئيس الفرنسي أو وزير خارجيته <رولان فابيوس> أو عدداً من معاونيه. وقد تقاطعت هذه المعلومات مع الأجواء التي لمسها سياسيون لبنانيون زارهم السفير الفرنسي الجديد في لبنان <إيمانويل بون> خصوصاً ان السفير الجديد لم يكن <متحمساً> لهذه الزيارة وقد <نصح> قصر <الإليزيه> بتأجيلها. وهذا الخيار برز بوضوح خلال لقاء الرئيس <هولاند> مع رئيس الحكومة تمام سلام على هامش اجتماعات نيويورك حيث اتضح ان <رغبة> الرئيس الفرنسي لم تعد <حارة> كما كانت عليه قبل أسابيع وأن ثمة تراجعاً حصل في منسوب <الحماسة> الرئاسية الفرنسية لاتمام هذه الزيارة التي كان يفترض أن تشمل لقاءات مع رسميين وسياسيين وروحيين لبنانيين، إضافة الى تفقد نازحين سوريين في لبنان يلقون عناية خاصة من مؤسسات رعاية فرنسية.

لا جديد في الاستحقاق الرئاسي

   وعلى الرغم من عدم صدور أي اعلان رسمي عن قصر <الإليزيه> بتأجيل زيارة <هولاند> لبيروت على أساس انه لم تصدر أي بيانات رسمية حول هذه الزيارة منذ بدء الحديث عنها، فإن مصادر ديبلوماسية معنية تؤكد ان صفحة الزيارة الرئاسية قد طويت في الوقت الحاضر لأكثر من سبب، وستبقى كذلك الى حين تطرأ مستجدات جديدة تعيدها الى واجهة الاهتمامات من جديد، أي بمعنى آخر ان الزيارة <ألغيت> في الوقت الراهن ريثما تتوافر معطيات أخرى. واعتبرت المصادر نفسها ان أسباب إلغاء الزيارة متعددة لكن أبرزها الآتي:

   ــ أولاً: اقتناع الجانب الفرنسي ان زيارة على هذا المستوى لا تحمل جديداً في ما خص الاستحقاق الرئاسي اللبناني المجمّد حالياً ستكون لها انعكاسات سلبية على الدور الفرنسي في هذا الملف، إضافة الى <الصدمة> التي يمكن أن يشعر بها اللبنانيون الذين كانوا يعتقدون ان <الأم الحنون> قادرة على تسهيل حصول الاستحقاق الرئاسي من خلال الدور الذي يمكن أن تضطلع به في هذا المجال. ومن الواضح ان المعطيات التي توافرت لدى الرئيس الفرنسي وفريق عمله اللصيق به دلت على ان الملف الرئاسي اللبناني لن يفتح في المدى القريب لأن العوامل التي يمكن أن تؤدي الى فتحه لم تتوافر بعد في ظل مواقف القيادات اللبنانية المليئة بالتجاذبات والخلافات.

   ــ ثانياً: لم تتمكن الرئاسة الفرنسية من إحداث أي <خرق> في موقف الجانب الإيراني الذي ظل يردد ما كان سمعه الموفد الرئاسي الفرنسي السفير <جان فرانسوا جيرو> الى طهران حول <مسؤولية اللبنانيين> في انتخاب رئيسهم وعدم رغبة إيران بالتدخل في الشؤون اللبنانية. إلا ان العامل الأبرز في هذا السياق كان الموقف الذي أبلغه الرئيس الإيراني <حسن روحاني> الذي التقى نظيره الفرنسي في نيويورك وتداول معه في مواضيع عدة منها الاستحقاق الرئاسي اللبناني من زاوية <المساعدة على تفعيل المؤسسات الدستورية في لبنان وانتخاب رئيس للجمهورية>، فكان رد <روحاني> دعوة نظيره الى طهران في زيارة رسمية منتصف الشهر المقبل <لاستكمال> البحث في هذا الموضوع، علماً ان <هولاند> كان يرغب في أن يزور <روحاني> باريس الشهر المقبل، إلا ان الجانب الإيراني أبدى رغبة بأن تكون الزيارة لطهران. ووفقاً للمصادر الديبلوماسية، فإن ما سمعه معاونو الرئيس <هولاند> من مساعدي الرئيس <روحاني> كان أكثر وضوحاً حيال الموضوع الرئاسي اللبناني وخلاصته <ان لا فرص متاحة في الوقت الحاضر> لانتخاب رئيس جديد للجمهورية اللبنانية.

 

الدخول الروسي في الحرب السورية

   ــ ثالثاً: ادراك الجانب الفرنسي ان الأوضاع في المنطقة ولاسيما في دول الجوار وخصوصاً سوريا والعراق مقبلة على تطورات عسكرية متسارعة لاسيما بعد الدخول الروسي على خط <محاربة الارهاب والارهابيين> في سوريا، وعدم <نضوج> أي اتفاق أميركي ــ روسي حول مستقبل الوضع في المنطقة، فضلاً عن <تعطّل> لغة الكلام الديبلوماسي الهادئ بين الرياض وطهران وإحلال لغة تصعيدية غير مسبوقة زادتها حدة حادثة التدافع في مشاعر مِنى التي أوقعت مئات القتلى بينهم أكثر من 400 حاج إيراني.وتقول المصادر الديبلوماسية ان المناخات المتشنجة التي تسود المشهد الاقليمي جعلت الجانب الفرنسي <يصرف النظر> عن الضغط لإتمام الاستحقاق الرئاسي اللبناني، لأن الاهتمامات الدولية والاقليمية في مكان آخر، ما يجعل مساري الحرب السورية والأزمة اللبنانية طويلين في انتظار <مستجدات> غير مضمونة الحصول راهناً.

   ــ رابعاً: تبلّغ الجانب الفرنسي ان الاتصالات التي أجرتها دوائر الكرسي الرسولي مع القيادات اللبنانية عموماً والمسيحية خصوصاً خلال الأسابيع الماضية لم توفّر معطيات ايجابية يمكن أن تؤدي الى <حلحلة> ما في العقدة الرئاسية اللبنانية، لاسيما وأن باريس والفاتيكان شاركا معه في التحرك الاستطلاعي الذي سُجل قبل أشهر على خط باريس ــ بيروت ــ الرياض ــ طهران سواء من خلال <حركة> المبعوث الفرنسي السفير <جيرو>، أو من خلال زيارات معلنة وأخرى غير معلنة لوزير الخارجية البابوية السابق الكاردينال <دومينيك مامبرتي> الذي عاد من بيروت بجملة <خيبات> عن محادثاته اللبنانية والمسيحية تحديداً. ولأن باريس تتحرك على وقع <البركة الرسولية> في ما خص الملف اللبناني، فإن المعطيات التي توافرت لدى الكرسي الرسولي زادت الجانب الفرنسي قناعة بإلغاء الزيارة للبنان في الوقت الحاضر على الأقل، علماً ان الكاردينال <مامبرتي> كان واضحاً بإبلاغ البابا <فرانسيس> وأركانه بأن لقاءاته مع القيادات المسيحية اللبنانية ومحاولاته اقناعهم <بالتنازل> من أجل انجاز الاستحقاق الرئاسي، لم تثمر وبالتالي جمّد الكرسي salam-and-hollandeالرسولي مساعيه راهناً.

   ــ خامساً: <تفهّم> الرئيس <هولاند> للملاحظات التي أبداها عدد من معاونيه حول الانعكاسات السلبية على <صورة> الرئيس التي يمكن أن تنتج عن زيارة مخيمات النازحين السوريين في لبنان، في وقت يشهد هذا النزوح تناقضاً في مواقف الفرنسيين خصوصاً والأوروبيين عموماً الذين انقسموا بين تيارين متنافرين: واحد يدعو الى <استيعاب محدود> للنازحين السوريين (يسمونهم <مهاجرين>)، وآخر يرفض رفضاً قاطعاً انتقال النازحين الى الأراضي الفرنسية أو الأوروبية لاعتبارات مختلفة. وفي رأي معاوني الرئيس <هولاند> ان زيارة رئيس الوزراء البريطاني <دايفيد كاميرون> قبل أسابيع لبيروت وتفقده أماكن وجود نازحين سوريين لقيت نسبة كبيرة من البريطانيين المعترضين انعكست على نسبة التأييد التي سُجلت لهذه الزيارة، ما يجعل من <الخطأ> القيام بمثلها في ظل المناخ الشعبي غير المشجع.

...والاهتمام الفرنسي بلبنان مستمر!

   في المقابل تؤكد المصادر الديبلوماسية المعنية ان عدم زيارة الرئيس <هولاند> للبنان لن يعني تراجعاً في الاهتمام الفرنسي ببلد الأرز، بدليل ان الرئيس الفرنسي حرص خلال لقائه مع الرئيس سلام والوفد اللبناني المرافق، على تجديد الاهتمام الفرنسي لاسيما في ما خص تعزيز امكانات الجيش وقدراته على مواجهة الارهاب عبر توفير دعم واسع له، إضافة الى حرص واضح أبداه <هولاند> بضرورة استمرار المؤسسات الدستورية اللبنانية وانتظام عملها والمحافظة عليها، فضلاً عن استمرار توفير الدعم لرعاية شؤون النازحين السوريين <وتوفير ظروف انسانية واجتماعية مناسبة> لوجودهم في لبنان. وفي المعلومات أيضاً ان <هولاند> أكد على التواصل مع واشنطن وموسكو في سبيل <تنسيق> المواقف لتكون المظلة الدولية للاستقرار في لبنان <مفتوحة> بالكامل لأن لبنان الآمن والمستقر لا يزال هدفاً أساسياً يعمل المجتمع الدولي على استمراره، لاسيما وأن العلاقات الفرنسية ــ الأميركية ــ الروسية عادت الى طبيعتها بعد فتور سُجل في الأشهر الماضية.