تفاصيل الخبر

”لغم الميثاقية“ فجّر الحوار... فعلّق بري جلساته ونتائج ”اتصالات الاستيعاب“ لن تظهر قبل تشرين!  

09/09/2016
”لغم الميثاقية“ فجّر الحوار... فعلّق بري جلساته  ونتائج ”اتصالات الاستيعاب“ لن تظهر قبل تشرين!   

”لغم الميثاقية“ فجّر الحوار... فعلّق بري جلساته ونتائج ”اتصالات الاستيعاب“ لن تظهر قبل تشرين!  

 

frannjeye----2في الأول من شهر أيلول/ سبتمبر 2015، وجه رئيس مجلس النواب نبيه بري دعوة الى 13 رئيس كتلة نيابية للمشاركة في <حوار الإنقاذ> تحت مسمى <هيئة الحوار الوطني> التي عقدت أولى جلساتها يوم 9 أيلول/ سبتمبر في مجلس النواب، (قبل أن تنقل جلساتها لاحقاً الى عين التينة)... وفي يوم 5 أيلول/ سبتمبر 2016، علّق الرئيس بري اجتماعات الهيئة حتى إشعار آخر... وهكذا، بعد سنة ناقصة أربعة أيام، عاش أركان الحوار تجربة جديدة من عدم تمكنهم من الوصول الى أي اتفاق في أي من المواضيع التي كان حددها الرئيس بري في رسالة الدعوة الى الحوار وعددها سبعة. فلا موضوع رئاسة الجمهورية قد حُسم، ولا مجلس النواب استعاد عمله مع مجلس الوزراء، ولا قانون الانتخابات النيابية تم الاتفاق على اسسه قبل الشروع بمناقشة نصوص مواده، أما قانون الجنسية، وهو البند الخامس، فلم تتم مقاربته لا من قريب ولا من بعيد، وكذلك قانون اللامركزية الإدارية، في وقت ظل فيه البند السابع والأخير المتعلق بـ<تعزيز الجيش والقوى الأمنية> مجرد عنوان لمادة يكثر الكلام فيها ولا من ينفذ!

وإذا كانت البنود السبعة التي التأمت طاولة الحوار لدرسها لم تحمل جديداً يمكن التباهي بالاتفاق عليه، فإن الموضوع الذي أطاح <هيئة الحوار الوطني> لم يكن مطروحاً أصلاً على الطاولة، وإذ به يصبح مادة خلافية تضاف الى المواضيع التي تتباين آراء السياسيين في شأنها: إنه موضوع <الميثاقية> الذي حمل لواءه الى الطاولة رئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل بحثاً عن <تعريف> لما يردده الكثيرون من دون تحديد أو توصيف، فكان الشعرة التي قصمت ظهر البعير، <فانفخت دف> الحوار وتفرق <العشاق> في انتظار موعد آخر يحدده راعي الحوار الرئيس بري. وهو ما لم يكن في مقدور أحد مجرد التكهن به وسط مخاوف بدت جدية من أن ينسحب <تعليق> جلسات الحوار على جلسات مجلس الوزراء الى حين عودة رئيس الحكومة تمام سلام من نيويورك يوم 25 من الشهر الجاري بعدما يترأس وفد لبنان الى الدورة العادية للجمعية العمومية للأمم المتحدة، على أمل أن تساهم الأيام المقبلة في إعادة ضبط الوضع السياسي تحت سقف <الحد الأدنى> بدلاً من تصعيد قد يخترق <الحد الأقصى>!

 

<لغم الميثاقية>... والشراكة الوطنية

 

وتظهر العودة الى مسار الجولة 21 من الحوار أن تمسك الوزير جبران باسيل في طرح موضوع <الميثاقية> التي يشكو من غيابها في تعامل <الشركاء> مع المكون المسيحي الاكبر في التركيبة السياسية الراهنة، أي تكتل التغيير والإصلاح معطوفاً على القوات اللبنانية (المقاطعة أصلاً للحوار وغير المشاركة في الحكومة)، هو الذي <فجّر> طاولة الحوار التي لم تكن متماسكة أصلاً، خصوصاً بعدما تولى رئيس تيار <المردة> النائب سليمان فرنجية مهمة الرد على طروحات الوزير باسيل مستعملاً عبارات حادة <كهربت> الأجواء أكثر مما كانت <مكهربة> ووصلت الى حد الاتهام الشخصي للوزير باسيل والتشكيك بتمثيله الشعبي وهو الذي - كما قال فرنجية - سقط في الانتخابات 6 مرات <وعينه> العماد ميشال عون مديراً لحزب <التيار> من دون انتخابات من القاعدة! وما لبث فرنجية أن ذهب بعيداً في تحميل التيار الوطني الحر مسؤولية الخسائر التي قال انها مُنيت بالمسيحيين <نتيجة الإدارة السيئة لمعارك خاسرة>.

ولم يكن النائب فرنجية وحيداً في الرد على الوزير باسيل، إذ اشترك الوزير بطرس حرب في التوجه نفسه مكرساً بذلك <تحالفاً> مستجداً بينه وبين النائب فرنجية بدأت ملامحه منذ الانتخابات البلدية والاختيارية، وسبّب فتوراً في العلاقة بين حرب والقوات اللبنانية التي لم توجه إليه الدعوة للمشاركة في قداس ذكرى <شهداء المقاومة اللبنانية> الأسبوع الماضي في معراب!

وفيما كانت مداخلات أركان طاولة الحوار الآخرين محدودة أو خجولة، بدا واضحاً أن ثمة من عمل على <تظهير> الخلاف المسحيي - المسيحي كي يكون هو سبب تعليق جلسات الحوار أو فرطها لا فرق. ولعل تبادل الاتهامات بعد انفراط عقد الجولة الحوارية بين التيار الوطني الحر وتيار <المردة> أبلغ دليل على أن <السعي> لجعل الخلاف المسيحي - المسيحي هو الأساس، قد حقق غايته، لاسيما وأن مصادر <المردة> تحدثت أن خطاب باسيل كان <في غاية الخطورة> وانطوى على نَفَس طائفي متعصب يعيد المسيحيين عشرات السنين الى الوراء ويحيي حالة متطرفة في بيئتهم، في وقت حرص فيه الوزير باسيل على القول بأنه أراد من خلال مطالبته بتحقيق <الميثاقية> البحث عن معنى حقيقي وثابت لـ<الشراكة> المسيحية - الاسلامية بعد سلسلة من <الاستهدافات> التي وضعت هذه <الشراكة> على المحك، ما رفع الازمة الراهنة الى مستوى <الوجودية>. وفي رأي باسيل أن كلامه <صادق وصريح> لا مراوغة فيه أو <لبس كفوف> لأنه حذّر من أن استمرار تجاهل دور المسيحيين وحضورهم، <يفقدنا القناعة بأن نستمر في العيش سوياً مع بعضنا البعض، خصوصاً إذا ما استمر هذا الاستهتار والاستخفاف بحقوق مكوّن لبناني أساسي>.

نصر-الله------3

وبعيداً عن وقائع ما جرى خلال الجلسة الحوارية، فإن الواضح أن الرئيس بري الذي استشعر خطورة المنحى الذي ذهب اليه <الحوار> بين الوزير باسيل من جهة، والنائب فرنجية والوزير حرب من جهة أخرى، لاسيما بعدما أعلن رئيس <التيار> تعليق مشاركته بجلسات الحوار المقبلة، لم يشأ أن يكون قرار تعليق الحوار في يد التيار الوطني الحر، فبادر هو الى إعلان تعليق الجلسات قائلاً للوزير باسيل انه لن يترك المبادرة له. إلا أن مصادر شاركت في الحوار أكدت لـ<الأفكار> أن موقف الرئيس بري كان موقفاً <استباقياً> و<احترازياً>، لأنه لو وصل الكلام الى الرئيس سلام كان يمكن ان يعلن استقالته أمام المشاركين في <هيئة الحوار الوطني>، لأن رئيس الحكومة بدا منزعجاً، لا بل مستاءً، من نوعية النقاش الذي دار بين باسيل وفرنجية وحرب، لاسيما العبارات التي تطايرت في سقف القاعة على نحو غير مسبوق!

وتقول مصادر متابعة ان الأجواء التي سبقت انعقاد الجلسة الحوارية الـ21 كانت توحي أن <المواجهة> حاصلة بعدما فشلت كل المساعي التي بُذلت لـ<ترطيب> الأجواء، خصوصاً أن الوزير باسيل كان قد اعلن قبل الجلسة، وفي أكثر من مناسبة أنه آتٍ الى الحوار بمطلب واحد وهو تحديد معنى <الميثاقية>، ما أشّر مسبقاً الى <حماوة> ما سيحصل في الجلسة بينه وبين النائب فرنجية الذي تمر علاقته بالوزير باسيل بمراحل صعبة حتى قبل إعلان ترشيحه لرئاسة الجمهورية في وجه العماد عون، وفي الظروف المعروفة الذي تم فيها الترشيح، إلا أن ثمة من راهن على قدرة الحاضرين على ضبط إيقاع النقاش، إلا أن حساب الحقل لم يطابق حساب البيدر، فحصلت المواجهة وعُلّق الحوار الذي تصفه المصادر نفسها أنه <حوار حائر> في الأساس وهو علق منذ بدايته في نفق المراوحة الى درجة أنه بات بحاجة الى إنقاذ، فيما كانت غايته أصلاً إيجاد قوارب النجاة من الأزمة الخانقة التي تتخبط بها البلاد وأدت الى شلل تام في السلطتين التشريعية والتنفيذية، وصل الى <سلطة الوصاية> على هاتين السلطتين، أي سلطة <هيئة الحوار الوطني>!

 

نصر الله على خط التهدئة

 

وطرحت المصادر المتابعة بقوة السؤال الذي هو عادة من <خصائص> النائب وليد جنبلاط: الى أين؟

ثمة مراجع سياسية ترى أن لا داعي لـ<الهلع> من تعليق جلسات الحوار، والمبالغة في تصوير الأمور بسوداوية، لأن اشتداد الأزمة قد يكون سبباً في انفراجها لاحقاً لأن الجميع محكوم بسقف الحوار مهما حصل، وتجارب الماضي القريب والبعيد على حد سواء تؤكد أن لا خيار للبنانيين غير عودتهم الى طاولة الحوار، وإن كانت لا مقومات واقعية متوافرة راهنا لحصول الانفراج المنشود. وتراهن هذه المراجع على أن التصعيد الذي بدأ بمقاطعة جلسات مجلس الوزراء وتسلل الى جلسات الحوار، سوف ينحسر تدريجاً إذا ما غابت المواقف الاستفزازية من الأطراف المعنية بعدما يصل الى قمته مع حلول ذكرى 13 تشرين الأول/ اكتوبر (الإطاحة بحكومة العماد عون العسكرية في العام 1990)، علماً أن فتيل التمديد للقيادات العسكرية الذي أشعل نار التصعيد العوني، لم يعد وحده السبب الأساسي الذي انتقل الى داء <الميثاقية> الذي لا يمكن معالجته إلا بأدوية سياسية لأنه في الأساس ذو أبعاد سياسية وليس إدارية او تنفيذية، خصوصاً أن تأجيل تسريح قائد الجيش العماد جان قهوجي بات واقعاً قائماً لاسيما إذا استمر تعطيل جلسات مجلس الوزراء، وهو - أي سلام-و-بري-1------1التأجيل - سيشمل ايضاً رئيس الأركان العامة اللواء وليد سلمان إذ سيكون من المتعذر تعيين خلف له في مجلس الوزراء.

ولعل الاتصالات السياسية التي نشطت بعيد تعليق جلسات الحوار لـ<استيعاب> ما حصل والحد من التصعيد، الدليل على أن <تفاهم الحد الأدنى> لا يزال ممكناً بعد عودة الرئيس تمام سلام من نيويورك، علماً أن قيادة حزب الله كانت أول المبادرين في هذا الاتجاه انطلاقاً من معادلة مركبة قوامها تفهّم <هواجس> العماد عون <المشروعة> وضرورة عدم الاستخفاف بها أو تجاهلها عمداً، والتنبه في الوقت نفسه الى مخاطر تعطيل الحوار والحكومة كونهما يضبطان الايقاع في ظل استمرار شلل المؤسسات الدستورية وشغور رئاسة الجمهورية. وثمة من أكد بأن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله دخل شخصياً على خط المعالجة.

وتتحدث المصادر المتابعة عن <كلام كبير> سيقال في الآتي من الأيام بهدف <امتصاص> ردود فعل معينة والتحضير لإعادة الأمور الى نصابها تدريجاً، وأول الغيث سيكون معاودة اجتماعات <هيئة الحوار الوطني> ولو <من أجل الصورة> فقط! إلا أن زوار الرئيس بري غداة تعليق الحوار نقلوا عنه رغبته في <الانكفاء> لأن الكرة لم تعد في ملعبه بعدما استنفد الكثير من <طاقاته الإيجابية> في سبيل بقاء الحوار قائماً. وبدا من خلال موقف بري أنه لن يدعو مجدداً الى جلسات من دون جدوى <إلا إذا حصل تبدل في الشكل والمضمون وتغيرت المقاربات وصار الجميع جاهزاً لحوار مجدٍ وجدي>. إلا أن بري متمسّك - كما نقل عنه زواره - بضرورة التفاهم مسبقاً على مرحلة ما بعد رئيس الجمهورية لأن ذلك يسهل انتخابه، لكنه مع ذلك فهو قلق <للعجز> الذي وصلت إليه البلاد وسقوط خيار <لبننة الحل> وانتظار الترياق من الخارج!