تفاصيل الخبر

لبــنان يمنـع شـلل الأطفـال مــن دخول مخيمات اللاجئين!  

02/10/2015
لبــنان يمنـع شـلل الأطفـال مــن دخول مخيمات اللاجئين!   

لبــنان يمنـع شـلل الأطفـال مــن دخول مخيمات اللاجئين!  

 

بقلم وردية بطرس

الدكتور-مايكل-واطسون أول من اكتشف لقاحاً يقي من شلل الأطفال هو العالم الأميركي <جوناس سالك> اذ أجرى أول اختبار عليه في العام 1952. وكان <جوناس> قد أعلن اكتشاف لقاحه هذا وقدمه للعالم في العام 1955، وكان يتألف من جرعة من <فيروس> شلل الأطفال غير النشط، يتم اعطاؤها عن طريق الحقن العضلي. ثم استطاع <ألبرت سابين> التوصل الى لقاح مضاد لشلل الأطفال يُعطى في صورة قطرات عن طريق الفم، وذلك من خلال استخدام <فيروس> شلل الأطفال الضعيف. وقد بدأ <سابين> في العام 1957 بتطبيق تجارب على البشر من خلال اعطائهم هذا اللقاح، وتم اعتماد هذا اللقاح رسمياً في العام 1962.

وأشهر من أصيب بشلل الأطفال هو الرئيس الثاني والثلاثون للولايات المتحدة الأميركية <فرانكلين روزفلت> (1882 ــ 1945) وهو في التاسعة والثلاثين من عمره، فأنشأ هيئة وطنية لمكافحة المرض. ففي العام 1921 تغيرت حياة الرئيس <روزفلت> كلياً بعدما أُصيب بمرض شلل الأطفال حيث أصابه الشلل من وسطه حتى قدميه. اذ كان يقضي عطلته الصيفية حيث شعر ببعض التعب مساءً نام على أثره حتى الصباح، ليستيقظ على حمى أقعدته ثلاثة أيام في السرير، اكتشف بعدها انه لا يستطيع تحريك النصف السفلي من جسده، وقد ظل على أثر ذلك يجلس على كرسي متحرك حتى توفي في العام 1945 بعدما حضر مؤتمر <يالطا> على كرسي متحرك.

شلل الأطفال هو مرض شديد العدوى يسببه <فيروس> من نوع <البيكورنا فيروس> يمكن ان يغزو الجهاز العصبي وقد يسبب الشلل التام في غضون ساعات. يدخل <الفيروس> الجسم عن طريق الفم ويتكاثر داخل الأمعاء. وتتمثل أعراض المرض الأولية في الحمى والتعب والصداع والتقيؤ وتصلب الرقبة والشعور بألم في الأطراف. وتؤدي حالة واحدة من أصل 200 حالة عدوى بالمرض الى شلل عضال يصيب الساقين عادة. ويلاقي ما يتراوح بين 5 و10 بالمئة من المصابين بالشلل حتفهم بسبب توقف عضلاتهم التنفسية عن أداء وظائفها... ووفقاً لمنظمة الصحة العالمية يشكل الأطفال دون الخمس سنوات الفئة الأكثر عرضة للاصابة بمرض شلل الأطفال. هذا المرض شديد العدوى بحيث ينتقل من شخص لآخر. ولقد تراجعت حالات الاصابة بشلل الأطفال بنسبة 99 بالمئة منذ العام 1988. فبعد ان تم تسجيل حوالي ثلاثمئة وخمسين ألف حالة يومئذ، تراجع عدد الاصابات الى 354 حالة في العام 2014. وهذا التراجع هو نتيجة الجهد العالمي لاستئصال شلل الأطفال. لكن طالما هناك طفل واحد مصاب بشلل الأطفال، فإن جميع الأطفال غير الملقحين في مختلف دول العالم يظلون معرضين لخطر الاصابة بهذا المرض. وتبيّن التخمينات بأن الفشل باستئصال شلل الأطفال من معاقله الأخيرة يمكن ان يؤدي الى تسجيل مئتي ألف اصابة جديدة سنوياً في غضون عشر سنوات. وفي معظم البلدان توسعت الجهود العالمية لتتيح للقدرات المحلية امكانية معالجة سائر الأمراض المعدية من خلال بناء نظام مراقبة صحية ونظام تحصين فعال.

 

<واطسون> يشرح

 

<الأفكار> التقت الدكتور البريطاني <مايكل واطسون> الذي يقود فريق <باستور> للتطعيم أثناء زيارته ومشاركته في اللقاء الاعلامي الاقليمي الذي عُقد في بيروت، وذلك بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية، وكان لنا معه حديث خاص حول حملات التطعيم للأطفال في المنطقة، وكيفية تحصين لبنان من انتقال شلل الأطفال من سوريا والعراق عبر اللاجئين، ونسأل الدكتور <واطسن> وهو يرئس حالياً فريق العمل للقاحات في أوروبا أولاً:

ــ كيف تقيّم اللقاء الاعلامي الاقليمي الذي عُقد في بيروت بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية لاعلان انطلاق المرحلة النهائية لاستئصال شلل الأطفال؟

- منذ العام 1988 نجحت المبادرة العالمية لاستئصال شلل الأطفال من خلال تخفيض عدد حالات الاصابة بهذا المرض حول العالم بنسبة تفوق 99 بالمئة. وقد تحقق ذلك بفضل التحصين او التطعيم عن طريق لقاح شلل الأطفال الفموي على نطاق واسع. وطبعاً هذا اللقاء الذي عُقد في بيروت له أهمية كبيرة لمرور ثلاثين عاماً على اطلاق برنامج <Polio Plus> في لبنان، ويجب ان نستمر في ذلك لأنه اذا توقفنا سيعود شلل الأطفال، ولكن بفضل المبادرة العالمية، فنحن أقرب من اي وقت مضى لاستئصال شلل الأطفال كلياً.

ــ منذ اندلاع الحرب في سوريا بدأنا نسمع عن حالات اصابة بشلل الأطفال، فالى اي مدى أدى ذلك الى ظهوره وتفشيه في المنطقة؟

- ما حصل في اعتقادي كان له جانب ايجابي، وقد تستغربين كيف أقول ذلك، فعندما بدأت حالات الاصابة بشلل الأطفال في سوريا والعراق، حصلت بالتزامن معها ردة فعل لدى الناس واستجابوا لحملات التحصين او التلقيح بشكل هائل، وبذلك بدأت تتراجع حالات الاصابة. وطبعاً بفضل التلقيح والجهود يداً بيد سنتمكن من الحد من تفشي شلل الأطفال في المنطقة، لا بل نسعى لأن تصبح خالية من شلل الأطفال.

عن اللاجئين السوريين

مقابلة-مع-الدكتور-البريطاني-مايكل-واطسونــ ومع تزايد وصول اللاجئين السوريين الى لبنان، الا يشكل ذلك تهديداً صحياً بما يتعلق بتفشي المرض؟

- لبنان يقوم بعمل رائع في هذا الخصوص عن طريق حملات التلقيح للأطفال عند كل المعابر الحدودية بين لبنان وسوريا منعاً لانتقال المرض الى لبنان. لذا لا نرى ان هناك خطراً يحدق بلبنان طالما أنه يتم تلقيح الأطفال النازحين من سوريا، وأيضاً يتم تلقيح الأطفال في مخيمات النازحين. وبالتالي طالما هناك لقاحات لشلل الأطفال ويُعمل على تعزيزها على كامل الأراضي اللبنانية، فلا خوف من انتقال المرض من سوريا الى لبنان. وطبعاً يجب ان تكون التغطية شاملة على كامل الأراضي اللبنانية، اذاً بفضل اللقاح نتمكن من منع انتقال شلل الأطفال من سوريا الى لبنان.

ويتابع:

- انها ليست مسؤولية الحكومة او المنظمات او الجمعيات فقط بل مسؤولية الجميع لاستئصال شلل الأطفال في المنطقة بحيث يصل اللقاح لكل الأطفال أينما كانوا.

ــ وماذا عن لقاح شلل الأطفال المعطل عبر الحقن او <IPV>؟

- تاريخياً، لقد اعتدنا على استعمال لقاح شلل الأطفال الفموي <OPV> لسهولة تعاطيه، ولكن قد يحتاج الطفل أحياناً من 10 الى 20 جرعة من لقاح شلل الأطفال الفموي لحمايته. الا ان لقاح شلل الأطفال المعطل او <اي بي في> فهو لقاح تم اعتماده منذ سنوات في معظم الدول المتطورة، واعتماد جرعة واحدة على الأقل من لقاح شلل الأطفال المعطّل واستبدال لقاح شلل الأطفال الفموي <او بي في> تدريجياً باللقاح المعطل <اي بي في> في السنوات المقبلة يشكل عاملاً حاسماً للقضاء على انتقال <الفيروس> وتعزيز معدلات المناعة. ولبنان والدول المجاورة تستخدم لقاح شلل الأطفال المعطّل <اي بي في> ضمن جدول التحصين الروتيني منذ العام 2010، شأنها شأن العديد من بلدان المنطقة.

ــ ما هي التحديات التي يواجهها فريق <باستور> بما يتعلق بلقاح شلل الأطفال؟

- كون <باستور> رائد في توفير لقاحي شلل الأطفال الفموي والمعطّل، فهو شريك في المبادرة العالمية لاستئصال شلل الأطفال، حيث ساهم بتأمين أكثر من خمسة مليارات جرعة من لقاح شلل الأطفال الفموي لمنظمة اليونيسف في العقدين الماضيين، وفي العام 1982 سجل أول لقاح معطل <اي بي في> معزز الفاعلية ضد شلل الأطفال الذي يتم توزيعه الآن عالمياً بصفته اللقاح الوحيد الكافي ضد <فيروس> شلل الأطفال. وهناك تحديات عديدة ولكننا نسعى دائماً للعمل معاً مع الحكومات لكي يتم التطعيم بشكل أكبر وأوسع، وبالتالي نخطط ونعمل دائماً لتصل اللقاحات الى الجميع، ونأمل ان نصل الى الهدف المنشود الا وهو عالم خال من شلل الأطفال، لما لا؟ قد يأتي وقت لا يعد هذا المرض موجوداً على الاطلاق اذا استمرت حملات التطعيم في كل الدول.