تفاصيل الخبر

لبنان يلبي الدعوة الروسية لمؤتمر النازحين سواء عقد في دمشق أو...كازخستان!

04/11/2020
لبنان يلبي الدعوة الروسية لمؤتمر النازحين سواء عقد في دمشق أو...كازخستان!

لبنان يلبي الدعوة الروسية لمؤتمر النازحين سواء عقد في دمشق أو...كازخستان!

[caption id="attachment_82689" align="alignleft" width="375"] الرئيس ميشال عون يستقبل وفد الرئيس الروسي برئاسة "الكسندر لافرنتييف".[/caption]

 لا يبدو ان موسكو راغبة في الدخول في الملفات الداخلية للبنان، ولا هي تريد ان تتدخل في مسألة تشكيل الحكومة العتيدة او ان تكون طرفاً في الخلافات المحلية ولا حتى في مسار المفاوضات غير المباشرة لترسيم الحدود البحرية الجنوبية... ذلك ان الوفد الروسي الذي حل في بيروت منتصف الأسبوع الماضي حصر بحثه مع المسؤولين اللبنانيين في الأوضاع في المنطقة بصورة عامة وفي ملف النازحين السوريين وذلك استكمالاً للمبادرة التي كانت روسيا الاتحادية أعلنتها بعد لقاء هلسنكي بين الرئيسين الأميركي دونالد ترامب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين لكنها  لم تبصر النور عملياً بسبب عدم توافر الدعم المالي المطلوب من جهة، وعدم حماسة الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأميركية ما ابقى المبادرة مجرد حبر على ورق.

الوفد الروسي الذي رئسه موفد الرئيس الروسي الخاص الى سوريا الكسندر لافرانتييف وضم في عضويته رئيس المركز القومي لادارة الدفاع في روسيا ميخائيل ميزينتساف وعدداً من كبار المسؤولين العسكريين الروس، حرص على ابلاغ المسؤولين اللبنانيين ان زيارة بيروت هي للتعبير عن التضامن مع الشعب اللبناني في الظروف الصعبة التي يمر بها مع الثقة بإمكانية الخروج من هذا الوضع، لافتاً الى استعداد موسكو لتقديم الدعم الذي يطلبه لبنان للخروج من الضائقة الاقتصادية التي يمر بها لبنان. وبوضوح قال رئيس الوفد الروسي ان جهوزية روسيا قائمة لمواصلة تقديم الدعم للشعب اللبناني الصديق سواء من خلال المبادرات الروسية المباشرة او من خلال المحافل الدولية والاتصالات الثنائية حيث لروسيا التأثير لاسيما مع الدول الأوروبية. وشدد الموفد الروسي على ان لا رابط بين المساعدات واي اعتبارات سياسية او مطالب من لبنان لاسيما وان المنادين بالإصلاحات يجب ان يعلموا ان هذا هو شأن لبناني لا يجوز لأي طرف خارجي التدخل فيه. وقد بدا واضحاً من خلال  كلام لافرانتييف ان موسكو "غير راضية" على التدخل الفرنسي المباشر بالازمة اللبنانية ولاسيما في الحلول السياسية المطروحة والتي عرفت بمبادرة الرئيس ايمانويل ماكرون. لكن عدم الرضا الروسي لا يتجاوز تسجيل الموقف فقط . كذلك لم يخف الموفد الروسي الانزعاج من "السياسات غير البناءة" لواشنطن والهادفة، حسب الموفد - الى الضغط على سوريا وخنقها اقتصادياً ما يؤثر سلباً على لبنان الذي يرزح أيضا تحت عبء النازحين السوريين.

ولعل هذه الإشارة الى قضية النازحين جعلت الجانب الروسي يتطرق في حديثه الى مسألة معالجة هذه القضية انطلاقاً من بعدها الإنساني بعيداً عن التسييس، ويأتي المؤتمر الدولي الذي دعت اليه روسيا في دمشق الخاص بعودة النازحين السوريين والذي تقرر عقده، حسب الموفد الروسي، في 11 و12 تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري انطلاقاً من حرص روسيا على تنظيم حوار مفيد في العاصمة السورية يجمع الدول المعنية بملف النازحين، وفي مقدمها دول الجوار لسوريا بهدف مناقشة السبل المناسبة للعودة الطوعية للنازحين السوريين الى مناطقهم. وحرص الموفد الروسي على تأكيد رغبة بلاده في مشاركة لبنان في هذا المؤتمر "على ارفع مستوى ممكن" لوضع برنامج العودة وتوفير الظروف المناسبة لذلك. لكن لافرانتييف اقرّ امام المسؤولين اللبنانيين الذين التقاهم بأن ثمة دولاً غير مهتمة بإيجاد حل إيجابي لمسألة النازحين لاسيما الولايات المتحدة التي قال انها دعت الى عدم المشاركة في مؤتمر دمشق، وهي تعمل على تفشيله قبل انعقاده! ويتهم الروس بوضوح واشنطن باستخدام ملف النازحين السوريين لاسباب سياسية وانتخابية لذلك يعرقلون كل مسعى يضمن تنظيم عودتهم طوعاً. وفي يقين الموفد الروسي ان نتائج هذا المؤتمر تسمح بتحريك عملية انتقال النازحين من الأراضي اللبنانية وعودتهم الى سوريا ما يخفف من العبء الذي يحدثه هذا الوجود على لبنان.

أميركا تعترض على مؤتمر النازحين

 وبدا من خلال كلام الموفد الروسي ان موسكو وسعت اطار تحركها لضمان نجاح المؤتمر إذ أشار الى اتصالات مع الأردن والعراق وكان جواب الدولتين إيجابياً وهو ما شجع موسكو على المضي في توجيه الدعوات على رغم الرفض الأميركي الذي ابلغ الى الدول المدعوة "والنصيحة" الأميركية بعدم تلبية الدعوة. ووافق الجانب الروسي مع الاقتراح اللبناني بأن توزع المساعدات الدولية على النازحين العائدين في سوريا وليس في أماكن وجودهم، لانهم بذلك "يتشجعون" للعودة الى وطنهم بدلاً من البقاء في دول أخرى. لذلك يرى الموفد الروسي ان مثل هذا الاقتراح سيطرح في المؤتمر للنقاش واتخاذ قرار بشأنه.

 ويبدو ان التحرك الأميركي الرافض لانعقاد المؤتمر بدعوة روسية ترك اثره على بعض الدول المدعوة التي عبرت عن ترحيبها بالفكرة من حيث المبدأ مع ابداء التحفظ على انعقاد المؤتمر في دمشق، واقترحت هذه الدول نقل مكان المؤتمر من العاصمة السورية الى دولة أخرى، ومنهم من اقترح كازخستان التي تستضيف عاصمتها الاجتماعات للبحث عن حل سياسي للأزمة السورية من دون الوصول حتى الآن الى مثل هذا الحل....لذلك تبدو الفكرة الروسية لانعقاد المؤتمر في دمشق متعثرة التطبيق الامر الذي طرح بدائل لا تزال موسكو تدرسها لأنها حريصة على نجاح فكرة المؤتمر بصرف النظر عن مكان انعقاده، بدليل ان التاريخ لم يتغير وان كانت إمكانية تغيير المكان واردة في أي لحظة خصوصاً ان فرنسا تعمل مع الأردن على إيجاد بديل بالتفاهم مع الروس، كما تقوم مصادر ديبلوماسية وذلك بهدف تأمين مشاركة أوروبية واسعة فيه.

بقي السؤال ماذا سيكون الموقف اللبناني؟

من الواضح ان المسؤولين اللبنانيين الذين التقاهم الوفد الروسي في بيروت رحبوا بفكرة انعقاد المؤتمر وإن كانوا تريثوا في تحديد المشاركة في حال انعقد في دمشق للاعتبارات السياسية المعروفة. من هنا كان اعلان وزير الخارجية والمغتربين شربل وهبه ان لبنان معني بهذا المؤتمر مباشرة لكنه ينتظر معطيات أوضح عن طبيعة الوفود التي ستشارك، أي على صعيد أي مستوى ومن هي الدول المانحة التي ستحضر. ان لبنان يستضيف نحو مليون ونصف مليون لاجئ، وهو معني بدرجة أولى بهذا الموضوع، الى جانب دول أخرى كالاردن والعراق. من هنا، فإن ترحيبنا ينبع من هذا الامر".

وعن مستوى المشاركة وزارية ام ديبلوماسية على مستوى سفراء، يقول وزير الخارجية : " ننتظر لنرى حجم الوفود الأخرى، ومستوى التمثيل، نحن ما يهمنا اننا نريد العودة الكريمة والآمنة للاجئين، ومساعدة لبنان للتخلص من هذا العبء، لأننا معنيون بأي اقتراح او مؤتمر او مساعدة".

لبنان لن يغيب

في أي حال، تؤكد مصادر رسمية ان لبنان لن يغيب عن مؤتمر النازحين سواء عقد في دمشق (حيث يمكن للسفير اللبناني في العاصمة السورية سعد زخيا تمثيل الحكومة اللبنانية) او في كازخستان او أي دولة أخرى وعندها يكون مستوى التمثيل مماثلاً لباقي الدول المشاركة، علماً ان لبنان له تجربة غير مشجعة بالمؤتمرات الخاصة بالنازحين ذلك انه في العام 2016 انعقد مؤتمر في لندن وتعهد لبنان بمراجعة الأطر التنظيمية المتعلقة بشروط الإقامة للنازحين السوريين وتصاريح العمل... الا ان الواقع خالف التوقعات. وفي العام 2017 تقرر ان يعفي لبنان بعض السوريين من رسم الإقامة السنوية. اما آخر مؤتمر فقد انعقد في بروكسيل العام 2018 حين التزم لبنان مجدداً توسيع الاعفاء من الرسوم ليشمل جميع اللاجئين من دون ان يحصل في المقابل على أي وعد بالعمل على تسهيل عودة النازحين الى بلادهم. فهل يكون المؤتمر المقبل مثل غيره من المؤتمرات ام يحمل بداية جديدة لعودة النازحين السوريين الى بلادهم؟ إن غداً لناظره قريب!.