تفاصيل الخبر

لـبــــنان يـفــــرض وجـــوده عـلـــى الـساحــــة الـدولـيــــة بـانتـظــــار الـقـمـــة الاقـتـصاديـــة فــي كانــــون الـثـانــــي!

18/10/2018
لـبــــنان يـفــــرض وجـــوده عـلـــى الـساحــــة الـدولـيــــة بـانتـظــــار الـقـمـــة الاقـتـصاديـــة فــي كانــــون الـثـانــــي!

لـبــــنان يـفــــرض وجـــوده عـلـــى الـساحــــة الـدولـيــــة بـانتـظــــار الـقـمـــة الاقـتـصاديـــة فــي كانــــون الـثـانــــي!

 

بقلم وليد عوض

الحقيقة مثل القناعة كنز لا يفنى، وعلى ضوئها يجري اتخاذ القرارات المصيرية. والحقيقة تدب الآن في ثياب رئيس الوزراء المكلف سعد الدين الحريري. فهو يريد حكومة على مقاس أماني الناس ومشاربهم، وقد يكون قد أخطأ بتحديد مهلة عشرة أيام لتأليف الحكومة. فالشريك الذي يفرض حضوره في المشكلة ليس مستعداً للتنازل، وإذا تراجع عن تأليف الحكومة، فهو لن يقبل التكليف مرة أخرى.

الحقيقة إذن هي أن الحكومة ينبغي أن تكون برئاسة سعد الدين الحريري، لأنه صاحب أكثرية المقاعد السنية، وعند الرئيس الحريري ثلاثة مستشارين خبروا الحياة السياسية عن كثب، وعرفوا مواطن الضعف والقوة عند أهل السياسة، والمستشارون الثلاثة هم: الوزير السابق باسم السبع، والوزير الحالي في حكومة تصريف الأعمال الدكتور غطاس خوري، ونادر الحريري. والثلاثة ينصحون بأن لا يتخاصم الحريري مع الرئيس ميشال عون، وإلا فإن عاصفة طائفية ستهب في الأفق، كما ينصحونه بأن لا يعيش خلافاً مع الرئيس نبيه بري وإلا نشأت عاصفة مذهبية.

تلك هي الحقيقة السياسية التي يتعين أن يفطن إليها أهل السياسة، وقل ربي زدني علماً!

ولكن الحقيقة العارية تطرح السؤال: إذا لم يشكل سعد الحريري الحكومة، فمن يتولى التشكيلة؟

في لائحة رؤساء الحكومة السابقين الرئيس نجيب ميقاتي الذي يمسك مقاليد العمل النيابي في طرابلس، ويرئس جامعة <العزم والسعادة>، والرئيس فؤاد السنيورة الأقل تواصلاً مع الناس، والرئيس تمام سلام حامل وهج الرئيس صائب سلام، ونائب البقاع الغربي عبد الرحيم مراد. لكن الثلاثة يحتاجون الى الظروف التي ترجح قبولهم عند الناس، إضافة الى ما لكل من الثلاثة من حضور في المحيط العربي، وتحديداً المحيط الخليجي.

إنها الحقيقة العارية التي يتعين أخذها بعين الاعتبار، مع العلم ان كلاً من الثلاثة إذا سئل عن الشخصية المؤهلة لتسلم دفة الحكم، أجاب: إنه سعد الحريري. والمرحلة هي مرحلة كتم السر، وتلك هي ميزة العمل السياسي في الدرجة الأولى. ومن شطارة رجل السياسة أن يجعلك تحاول استكشاف ما يدور في خلده، وفي الحقيقة أنت تريد أن تسأل: <من هو رئيس الوزراء الآتي إذا اعتذر أصحاب الدولة عن قبول التكليف>؟!

واقع الأمر ان سعد الحريري هو المؤهل لخلافة سعد الحريري، وفي هذه الدائرة ينبغي أن تجري الاتصالات. وتتكيف المشاورات. صحيح أن جحا أحق بلحم ثوره، وأن الحكومات بعد زوال الوصايات يجب أن تكون من صميم النسيج اللبناني، إلا ان الحقيقة العارية تقتضي حصول التفاتة الى المحيط الخليجي، بدءاً من المملكة العربية السعودية كفيلة اقتصاد لبنان، وراعية جالية لبنانية لا يقل عددها عن ثلاثمئة ألف انسان.

كلمة الكويت

ولكن ليس هناك دولة عربية واحدة تلقي برغبتها في المرمى الحكومي. فقد سمع وزير الخارجية جبران باسيل كلاماً طيباً من أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد وهو يسلمه من الرئيس ميشال عون دعوة رسمية لحضور القمة العربية الاقتصادية في بيروت خلال كانون الثاني (يناير) المقبل، ومثله كان حديث الملك الأردني عبد الله الثاني، أي تأييد لكل مساعي الخير في لبنان، مع الاعلان عن عدم التدخل في شؤونه الداخلية.

وسلة وزير الخارجية جبران باسيل ليست خالية بعد هذه الجولة الخليجية، وإن كان بعض رؤساء الدول الخليجية سيتمثلون برئيس وزراء أو ولي عهد. وهذا بطبيعة الحال شأن المسؤول رئيس الدولة، وإن كان أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد لم يقل انه سيحضر شخصياً، أو سيرسل ممثلاً عنه، ولكن مسعى الرئيس عون، ومثله مسعى الرئيس الحريري يركزان على أن يكون الحضور العربي للقمة الاقتصادية بأعلى مستوى، وتكون مقرراتها لصالح الاقتصاد اللبناني الذي يمر في حالة صعبة.

لنضع النقاط فوق الحروف ونقدمها بكل حقيقة عارية: ما كانت الأجواء الاقتصادية في لبنان سيئة بالنسبة للقمم العربية السابقة، وهذا يستدعي عرض المشكلة الاقتصادية على بساط أحمدي..

لو دخلنا البيوت من أبوابها لاكتشفنا الآتي:

ــ رب العائلة حائر في الحصول على مصدر مالي يسدد بموجبه ما عليه من ضرائب، وما يتوجب من ضرورات حياتية.

ــ أولاد العائلة بدءاً من عمر السادسة عشرة يبحثون عن باب رزق يعين الوالد في حيرته.

ــ طلبة المدرسة في العائلة يريدون الاعتماد على أنفسهم في المواصلات وسد الحاجات.

ــ البنات يأخذن فساتينهن القديمة الى الخياطة، لتعديل قياس الفساتين حسب الموضة.

ــ الاعتماد في المدرسة أو الكلية على الكتب المستعارة فيصبح الطالب المقتدر مرجع مساعدة لكل طالب ضعيف الدخل.

ولا ننسى أن نقيم حساباً للطبيب المعالج والصيدلي والدواء والحذاء. وأعرف عائلة يتبادل صبيانها الحذاء الواحد.

وأعرف كذلك عم عائلة يتقدم لأخذ الروشتة وصرفها من الصيدلية، ليحمل عن أخيه وأولاد أخيه مؤونة المصروف.

وإذا دخلت مكتبات عريقة في بيروت أخبرك الجالس وراء المنصة بأن نسبة البيع تراجعت كثيراً عما كانت عليه في السبعينات والثمانينات. وحتى في عز الوصاية السورية كانت مبيعات الكتب والمؤلفات في أحسن حال.

 

اللبناني وسعر الفائدة

وتبقى المصارف..

صحيح ان رفع سعر الفائدة في سوق نيويورك، وعواصم أخرى، قد أفسح المجال لأصحاب الودائع في الحصول على مردود إضافي، إلا ان حجم المصاريف صار يفوق حجم المداخيل، ولم يعد المصرف مصدراً كافياً للدخل، برغم سياسة حاكم مصرف لبنان الدكتور رياض سلامة، ورئيس جمعية المصارف الدكتور جوزف طربيه.

يبقى المدد الآتي من الخارج.

إن وجود الرئيس ميشال عون في العاصمة الأرمنية <ياريفان> وسط المؤتمر الدولي للفرانكوفونية، لا بد أن ينتج اتصالات مع الدول الفرانكوفونية الغنية بدءاً من فرنسا وبلجيكا لفتح باب الاستثمارات في لبنان، ومثله الرئيس نبيه بري في حضوره لقمة الاتحاد البرلماني في سويسرا. ولأن رئيس مجلس النواب صاحب دور رئيسي في تشكيل الحكومات، فقد سئل عن رأيه في التشكيلة الحكومية التي لم تأتِ حسب مهلة العشرة أيام التي حددها الرئيس سعد الحريري فقال: ما تقول فول ليصير بالمكيول!

وقد استعان الرئيس بري ببلبلين من نواب اجتماع الأربعاء للشرح والتفسير هما قاسم عمر هاشم ابن شبعا، وعلي بزي ابن بنت جبيل، ولكن أحداً لم يأخذ منهما حقاً أو باطلاً.

في <ياريفان> كانت التشكيلة الحكومية موضع مناقشة وتداول بين الرئيس ميشال عون والرئيس الفرنسي <ايمانويل ماكرون> الذي يعتبر فرنسا دعامة سياسية للبنان، وكان هناك حديث عن مشكلة تسليم حقيبة وزارة الصحة الى حزب الله الذي يربط وجوده في الحكومة بتسلم هذه الوزارة. وحرص حزب الله على امتلاك مفاتيح وزارة الصحة نابع من أن قواعده الانتخابية مرتبطة بالحضور الصحي مع الدولة، وخصوصاً في منطقة البقاع الشمالي حيث يواجه الحزب متطلبات صحية تفوق قدرته وحده على الاضطلاع بها.

ودور الرئيس <ماكرون> في هذا السبيل أن يحصل على ضمانات من رئيس البيت الأبيض <دونالد ترامب> على عدم وضع العراقيل أمام حزب الله في القبض على مفاتيح وزارة الصحة. ويرى الزعيم الاشتراكي وليد جنبلاط فرصة له لدخول الحكومة بثلاثة وزراء دروز محسوبين على خطه السياسي وهم مروان حمادة ووائل أبو فاعور وفيصل الصايغ. ولكن الأمير طلال ارسلان لا يريد أن يضع عنقه السياسي تحت سكين الحزب الاشتراكي، ويوكل الى الرئيس عون أمر اختيار الوزير الدرزي الثالث الذي لن يكون محسوباً على وليد جنبلاط. ويبرز هنا اسم وزير سابق في حكومة الرئيس سليم الحص، واسم مصرفي موصوف بحسن العلاقة مع كل من ارسلان وجنبلاط.

وفي هذا المأزق السياسي تكمن عوائق تشكيل الحكومة ويضطر الرئيس بري الى القول: <ما تقول فول ليصير بالمكيول>، وهي إشارة الى مدة العشرة أيام التي حددها الرئيس سعد الحريري.