تفاصيل الخبر

لـبـــنـان ســاحــــة حــــرب بــــاردة واللـبـنـانـيــــون فـــي الـخـلـيــــج قـنـبـلــــة مـوقـوتـــــــة!

04/03/2016
لـبـــنـان ســاحــــة حــــرب بــــاردة واللـبـنـانـيــــون  فـــي الـخـلـيــــج قـنـبـلــــة مـوقـوتـــــــة!

لـبـــنـان ســاحــــة حــــرب بــــاردة واللـبـنـانـيــــون فـــي الـخـلـيــــج قـنـبـلــــة مـوقـوتـــــــة!

 

اللبنانيون-في-الخليج. تعصف الأزمات الدولية والمحلية بلبنان واللبنانيين، وتقف الحكومة اللبنانية عاجزة عن فعل اي أمر يُمكن ان يُعيد التوازن الامني والاجتماعي الى ما كان عليه قبل فترة قصيرة، تحديداً قبل الازمة المستفحلة مع المملكة العربية السعودية التي اخذت بُعداً جدياً هذه المرة هدد بقطع علاقات معظم دول التعاون الخليجي مع لبنان الرسمي ككل وليس مع طائفة او مذهب ولا مع حزب او جهة مُحددة، بعدما ظنت الحكومة اللبنانية انها تمكنت من نزع فتيل التوتر مع السعودية من خلال بيانها الوزاري <المُجمع عليه>، الذي جاء أقل من المستوى المطلوب خليجياً.

 

الحكومة بين الاستقالة

والأمر الواقع

يمر لبنان منذ فترة في حالة مرضية بسبب الاعتلال السياسي، ولعل ابرز نتائجها نشوب الأزمة اللبنانية - السعودية وتداعياتها الخطيرة بحيث اصبحت حكومة البلاد عرضة للانفراط منذ ان اعلنت بيانها غير المرضي لبعض الاطراف المحلية والجهات الخارجية، خصوصاً في ظل عجز اعضائها عن اتخاذ موقف واضح وصريح اما بإدانة حزب الله وممارساته وفي طليعتها تدخله في الازمة السورية، او لجهة الاعتذار العلني من السعودية ومن جميع اعضائها ايضاً. هذا في وقت يعتبر البعض ان الاستقالة اصبحت اكثر من ضرورية بعد استفحال الازمات في البلد وعجز الحكومة عن تحمل مسؤولياتها وايجاد اي حلول خصوصا في ملفي النفايات والكهرباء، على ان تتحول بعدها الى حكومة تصريف اعمال، فيما البعض الآخر يعتبر ان الاستقالة غير ضرورية لانه يجب حفظ خط الرجعة، فيبقى هناك تفاهم بين طرفي النزاع في البلد اي قوى 8 و14 آذار وعلى رأسهما حزب الله وتيار <المستقبل>. لكن في حقيقة الأمر، يمكن القول ان الحكومة خرجت من المحنة باقل الأضرار الممكنة بعدما زاوجت بين الاجماع العربي والنأي بالنفس رغم انهما لم يفيا بالغرض، الا انها استطاعت بذلك تجميد فتيل التوتر لكن مع إبقائه قابلاً للاشتعال السياسي والامني في اي لحظة، خصوصا اذا ما بقي التوتير يجد موطئ قدم له على اكثر من ساحة محلية.

لا 7 أيار جديداً وهذه

 هي الضمانات

 

رب قائل ان العاصفة التي أحدثها وقف الهبة السعودية منذ اسبوعين تقريبا من شأنها إدانة لبنان قبل غيره الذي ظهر بعض قادته وكأنهم يتباكون على مساعدة ضاعت منهم وعليهم، وبالتالي لن تعود الى ملعبهم ثانية، وكأنهم كانوا فعلاً يتسولونها مهما كان الثمن، ولكن بيان الحكومة عاد ليضع الأمور في نصابها من جديد من خلال التأكيد على ان لبنان لا يمكن ان يكون امارة سعودية ولا حتى ولاية إيرانية، وذلك انطلاقا من قاعدة <لا غالب ولا مغلوب > التي يحكمها النأي بالنفس والتي تبقى اساس كل شيء. اما ما حُكي عن 7 أيار جديد وغير ذلك، فلا يمت للحقيقة او الواقع اللبناني بصلة طالما أن مظلة الاستقرار التي ينعم بها لبنان لم تسقط بعد، ومن ضمنها استمرار الحوار بين حزب الله وتيار <المستقبل> بالاضافة الى توحيد القرار المسيحي نوعاً ما خلف القطبين الابرز التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية، واستمرار دعم الاخيرة لترشيح الجنرال ميشال عون الى كرسي الرئاسة. ولا بد هنا من القول ايضاً، ان ما حصل منذ اعلان السعودية الغاء هبة الاربعة مليارات دولار مع التلميح بإجراءات اخرى وإعادة النظر في سياستها تجاه لبنان، وتضامن معظم دول الخليج معها، وصدور بيان مجلس الوزير-درباسالوزراء الشهير مع ما رافقه من مطبات وتخوف من الانهيار السياسي، جميعها أمور تؤكد ان لا قرار إقليمياً او دولياً بعد لا بفرط الحكومة ولا باشعال الساحة الداخلية اللبنانية، والدليل الاهم والابرز لتثبيت هذه النظرية ان تحركات حزب الله على الارض بعد تقليد احدى محطات التلفزة الامين العام للحزب السيد حسن نصرالله، لم تخرج عن اطارها التظاهري واشعال بعض الاطارات في الشارع، وهو ما كان يحصل عادة على الارض لدى اعتراض المواطنين على قطع الكهرباء او عدم رفع النفايات. وهنا يُسجل ايضاً لقوى الرابع عشر من آذار وتحديداً <المستقبل> والتي طالبت بعدة أمور تصعيدية، الا انها لم تلجأ الى قطع الحوار القائم مع الحزب منذ فترة طويلة برعاية رئيس المجلس النيابي نبيه بري.

 

مصادر <مستقبلية>: قرار سعودي بعدم السكوت

 

في تجليات هذه اللحظة الحذرة في لبنان المرصود محلياً ودولياً، تدعو اوساط بارزة في تيار <المستقبل> الى ضرورة قراءة المشهد الاقليمي من زاوية عدم وجود مناخ لتسوية اقليمية على الرئاسة في لبنان من جهة، وعلى ان الجهود من أجل تسوية داخلية بين اللبنانيين كانت مبادرة الرئيس سعد الحريري مع رئيس تيار <المردة> النائب سليمان فرنجية إحدى تجلياتها، لكنها أُصيبت بانتكاسة نتيجة عودة حزب الله الى ربط الحلول الداخلية بما يجري في المنطقة، والدليل عودته عن التزامات قطعها لفرنجية بدعم ما يتوصل اليه مع زعيم <المستقبل>، وذلك نتيجة ارتباط الحزب بموجبات تصعيد طهران ضد الرياض بما فيها في لبنان منذ ما قبل موجة التأزم الأخيرة بينهما. وترد الاوساط نفسها التصعيد الايراني الى عوامل عدة منها ان ايران مقبلة على انتخابات حيث يتجه فيها المتشددون الى التصعيد ويجرون منافسيهم إليه لكسب اصوات الناخبين، وتعتقد أنه في حال اتجاه الامور الى التفاوض على الوضع الاقليمي، فإن القيادة الايرانية تريد من التصعيد اضعاف خصومها عبر الهجوم الذي تشنه عليهم، وفي حال إصرار ايران على مواصلة المواجهة فإنها ترمي إلى افتعال المشاكل للسعودية وغيرها في داخلها كما اظهرت الأزمة الأخيرة. لكن الجديد في ما يحصل ومهما كانت الاحتمالات، ان لدى الرياض قراراً حازماً وحاسماً بالرد على أي استفزاز واعتداء قد تقدم عليه طهران. كما وان هناك سياسة سعودية جديدة تقوم على عدم السكوت على اي عمل ينتقص من سيادتها ودورها، فكيف حين يكون الأمر متعلقاً بحرق سفارتها على غرار ما حصل في ايران منذ شهر تقريباً، وهو الأمر الذي ادى الى اشتعال العلاقات بين الطرفين لغاية اليوم.

 

السعودية تمنع رعاياها

من السفر الى لبنان

 

في الثالث والعشرين من الشهر الماضي طلبت الخارجية السعودية من رعاياها عدم السفر الى لبنان حرصاً على سلامتهم، كما طلبت من المواطنين المقيمين أو الزائرين للبنان المغادرة وعدم البقاء فيه الا للضرورة القصوى. وقد اتى هذا التطور في الموقف السعودي بشكل مفاجئ رغم محاولات لبنانية حكومية وحزبية لثني الرياض عن موقفها هذا، لكن هذا التصعيد الذي فاجأ كثيرين داخل لبنان وخارجه، قالت عنه الرياض انه أتى ضمن سلسلة إجراءات أمنية اتخذتها ضد كل الجهات او الشخصيات التي تعمل داخل السعودية بطريقة مباشرة او غير مباشرة لمصلحة ايران او حزب الله، ومنها قيام المحاكم السعودية في ايار/ مايو الوزير-المستقيل-اشرف-ريفيالعام الماضي بحصر ومتابعة حسابات مصرفية واستثمارات واصول عقارية في السعودية تابعة لأربعة افراد يحملون الجنسية اللبنانية قالت انهم ينتمون لحزب الله.

وفي السياق نفسه وعطفا منها على القرار الاول، اطلقت المملكة قرارات أخرى منها وضع لائحة بـ 953 اسماً لبنانياً لترحيلهم من السعودية الى لبنان، وانهاء أعمالهم هناك، واكثرية الذين استبعدتهم السعودية وليس كلهم، هم من الطائفة الشيعية. وبدورها حددت دولة الامارات العربية المتحدة لائحة بـ 270 لبنانياً لترحيلهم الى لبنان، ضمنهم 120 شخصاً من البحرين الى لبنان وأكثريتهم من الطائفة الشيعية. وقد وصلت الى <الافكار> رسالة من الجالية اللبنانية في البحرين تقول: <نحن أبناء الجالية اللبنانيّة في مملكة البحرين، نستنكر وندين ما يصدر في لبنان بين الحين والآخر من تصريحات أو تصرفات مسيئة لمملكة البحرين وسائر دول مجلس التعاون الخليجي الشقيقة. ونعبّر عن دعمنا لمملكة البحرين قيادة وشعباً، ونبادلها الوفاء والعرفان على رعايتها وكرمها وحُسن الضيافة.

واذ نعتبر ان اي إساءة او سوء تصرف تجاه مملكة البحرين او المملكة العربية السعودية وسائر دول مجلس التعاون الخليجي الشقيقة بمنزلة إساءة للتضامن العربي المشترك، فإننا نؤكد حرصنا على العلاقات التاريخية الاخوية والقومية العربية بين لبنان والبحرين وسائر الدول العربية، ونناشد المعنيين في بلدنا القيام بما يلزم لإعادة العلاقات اللبنانية - الخليجية الى سابق عهدها.

وفي هذا السياق تؤكد مصادر ان الرئيس سلام يأمل اذا حصلت زيارته الى دول مجلس التعاون الخليجي وتحديداً السعودية، اقناع السلطات بعدم ترحيل المواطنين اللبنانيين من اراضيها. الا ان المجلس يرى في هذه الخطوة الطريقة الافضل للضغط على لبنان، خاصة لعلمه ان الوضع الاقتصادي اللبناني سيئ ولا فرص عمل لهم في لبنان، وعندها ستتحمل الحكومة اللبنانية مسؤولية هؤلاء المبعدين، وذلك كله لجعل الحكومة تقوم بالضغط على حزب الله بشكل يؤدي لاحقا الى مراجعة مواقفه التصعيدية تجاه المملكة، والى الحد من دوره الامني والعسكري في اليمن، ولاحقاً في سوريا التي بدأت تشهد تقدماً في الآونة الاخيرة لمصلحة الحلف الايراني - السوري - الروسي.

لبنان حلبة صراع مفتوحة

 

من نافل القول وفي ظل ما يجري من احداث تربك البلد والمواطنين، ان لبنان اليوم يُعتبر حلبة صراع ما زالت مفتوحة، خصوصاً وان الافرقاء السياسيين في هذا البلد والحزبيين وفي طليعتهم حزب الله، لا يمكن لاي سبب من الاسباب ان يبدلوا في سلوكهم السياسي او مواقفهم ارضاءً للسعوديين. كما وان تيار <المستقبل> سيظل يتصدى لأي هجوم إعلامي من قبل الحزب على دول الخليج، وتحديدا المملكة العربية السعودية التي وبرأي كثيرين ما زالت تملك الكثير من الأوراق للضغط على لبنان مجدداً في حال تعرضت للهجوم في المستقبل القريب او البعيد من قبل الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصرالله، او من وزير الخارجية جبران باسيل الذي اعلن الاسبوع الماضي استعداده لتقديم اعتذار للسعودية ضمن أسس بروتوكولية بين البلدين، وذلك في حال لم تتخذ الحكومة اللبنانية موقفاً مغايراً لموقف الحزب وقادته، او تميز نفسها عن مواقف وزراء 8 آذار، كما فعل الرئيس تمام سلام عندما بادر الى الرد على المواقف التي أعلنها باسيل بعد انتهاء جلسة مجلس الوزراء الشهيرة.

حرب-باردة-جديدة-مسرحها-لبنان

ريفي: لهذه الاسباب قرعت جرس الإنذار

 

وزير العدل المستقيل أشرف ريفي يرى ان ما يحصل هو عبارة عن مؤشر لأزمة وطنية كبرى، فإما نحن عرب أم لا. طبعاً نحن لبنانيون بالدرجة الأولى وعندما نحتار كيف نخرّج انتماءنا العربي فهذه أزمة، مشيراً الى ان من يظن اننا سنكون فرساً ام إيرانيين فهو واهم تماماً. وعن اسباب استقالته اوضح ان الاستقالة هي لأسباب سياسية موضوعية، البعض منها له علاقة بالأمن الوطني وعلاقات لبنان العربية وعروبة لبنان، مشدداً على انه استقال لأنه شعر ان الحكومة لا تقوم بواجباتها تجاه الدول العربية، ولديها ضعف اتجاه المواطنين اللبنانيين، وخصوصاًً في ما يتعلق بالنفايات. وعندما نصل الى ان نقضي سبع ساعات امام سبعة اسطر، فنعم نحن امام ازمة كبيرة، وهناك عجز امام إنتمائنا العربي وامام وضعنا الاجتماعي وامام وضعنا الأمني.

 واكد ريفي ان حزب الله درب الكثير من المقاتلين في البحرين وسوريا والعراق واليمن وشارك في عمليات ارهابية ولا أستغرب موقف الدول العربية منه، وقال: <لقد خدمت اربعين عاماً في الأمن وكانت لدينا معلومات ان حزب الله قام بتدريب مقاتلين في اليمن والعراق والبحرين وقاتل في سوريا، وليتحمل كل منا مسؤوليته، قد نغفر لحزب الله قتاله إسرائيل ولكن ليس أي دولة عربية>، مشيراً الى اننا في المراحل الاخيرة كنا حكومة ربط نزاع، واليوم فلنسقط هذه الحكومة اذا ارادت ان تشكل غطاء لحزب الله. وأضاف: <اننا في وضع غير طبيعي وكنا نساير الأمور بالتي هي أحسن. اليوم البلد لم يعد يحتمل نهائيا، والجريمة الأخيرة كانت التعدي على الدول العربية وعدم إدانة ما حصل في السفارة السعودية في إيران، لذلك قررت أن اقرع جرس الانذار لأقول ان لبنان لم يعد يتحمل هكذا إجراءات>.

حرب ايرانية - سعودية باردة مسرحها لبنان

تؤكد وقائع الصراع في المشرق الممتد من العراق مروراً بسوريا ولبنان وصولا إلى الساحة الفلسطينية، ان كلا من الرياض وطهران تعتمدان في مواجهتهما اسلوب الحرب الباردة. ففي العراق يشجع السعوديون الديموغرافية السنية للانقلاب على الحكومة العراقية المنقادة من قبل حليف ايران. وفي مقابل ذلك يدعم الحرس الثوري الإيراني في الخفاء حرب حكومة حيدر العبادي على معارضيه القاطنين في المثلث العراقي السني. اما في سوريا فإن دعم ايران لبقاء نظام الرئيس السوري بشار الاسد وتسليحه لا يوازيهما من حيث الثقل إلا دعم السعودية للمعارضة السورية السنية التي تتشكل من سلفيين وضباط منشقين التحقوا بـ<الجيش السوري الحر>، ويُعتبر ابرزهم رئيس أركانه الجنرال سليم إدريس وتنظيم <جيش الفتح> الذي يتمركز في العاصمة دمشق.

اليوم قررت السعودية اماطة اللثام بالكامل عن وجهها المناوئ لحزب الله في لبنان، وصنفته على انه الحليف الاستراتيجي الاهم لايران في المشرق. وفي حين يقوم الحزب حالياً بأخطر مهمة ايرانية في المشرق وهي تعزيز صمود نظام الاسد في وجه المعارضة السورية ورغبة دول الخليج، فإن السعودية قررت التعامل معه على أنه خصم يصل في بعض الاحيان الى درجة العدو، وانه احد أبرز أهداف حربها في المشرق مع ايران. فتنتهج الرياض اليوم في لبنان سياسة عزل حزب الله داخلياً، كذلك تشدد الضغط عليه لإرغامه على الانسحاب من سوريا. اما في ما يتعلق بالساحة الفلسطينية، فإن إيران تعتمد في مواجهة الرياض وواشنطن على إمساكها بورقة <حماس> بالاضافة إلى <تنظيم الجهاد الإسلامي>. لكن بعد الاحداث السوريّة وانحياز <حماس> للمعارضة هناك، اصبحت هذه الاخيرة حليفا ملتبساً لطهران، لكن على الرغم من ذلك قررت من-يعيد-توحيد-قرارهاإيران عدم التخلي عن علاقتها بها، وهي تسير بحرص نحو هدف ارساء صيغة تحالف جديدة معها لا تتأثّر بخلافهما حول الأزمة السورية.

وفي حين يُتوقع على نطاق واسع ان يستمر استعار الحرب الباردة الإيرانية - السعودية حتى وقت غير قريب، تزداد في المقابل المؤشرات على ان ميدانها المستعر والمتلقي لتعبيراتها العملية هو المشرق العربي. وضمن هذا الميدان يقع لبنان الذي بدأ يبث اشارات تدل على عدم قدرة مناعته الداخلية على تحمل تبعات هذه الحرب الباردة على ارضه التي تُعتبر خصبة، الى درجة يمكن ان تشتعل فيها بذور الفتنة في وقت قياسي، وهو ما يعمل على تجنبه كافة الافرقاء السياسيين في البلد، وذلك ضمن منظومة تقول لا صلح ابدياً ولا حرب قريبة، وانما مشاكسات سياسية قد تنجم عنها في بعض الاحيان توترات امنية، ويعود للجيش اللبناني والقوى الامنية فقط السيطرة على شراراتها في حال اندلاعها، قبل ان تمتد الى الاماكن الاكثر حساسية كالضاحية الجنوبية والطريق الجديدة، وطبعا طرابلس وصيدا.

درباس ينتفض على الواقع المزري

 

في جلسة مجلس الوزراء الشهيرة قال وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس للوزير جبران باسيل: <انت لم تأخذ تفويضاً من مجلس الوزراء لتتحدث بهذا الخطاب امام وزير الخارجية الإيراني عن حماية الأقليات، فإنت وزير كل لبنان ولست وزير خارجية الأقليات...>، رد باسيل سائلاً: <هل ما يقوله الرئيس تمام سلام أمام المحافل الدولية يعود فيه لأخذ موافقة مجلس الوزراء؟>.

وفي هذا السياق يرى درباس ان هناك من يريد ان يخرب العلاقات العربية. ويشدد على ان لبنان، الدولة العربية التي تتفرد بصمودها رغم انها كانت توصف بـ<الكيان المصطنع>، وتعيش على مدخرات قاعدة الديمقراطية، هو بلد مظلوم منذ العام 1967، ومنذ ذلك الوقت يدفع أفدح الاثمان من حرب اهلية الى وصاية سورية سيطرت على كل البلد. ولا بد من الاشارة والتنويه بان الحكومة اللبنانية والرئيس سلام فعلا كل ما في وسعهما لتصحيح العلاقات اللبنانية - السعودية، وهما ماضيان بخطواتهما من اجل عودتها الى طبيعتها، وقد ارسل سلام رسالة واضحة الى القيادة السعودية شرح فيها موقف لبنان الرسمي من التطورات الأخيرة، واكد وقوفه الى جانب الإجماع العربي وضد الاعتداء على امن المملكة او ما يمس بها، لافتاً الى أن سلام فَعل كل شيء حتى الساعة، وتصدّى لأي محاولة لخروج الوزير جبران باسيل عن البيان الحكومي وعبّر عن موقف لبنان الرسمي الذي لا يحتمل التأويل.

واوضح درباس ان الوضع كما يبدو ذاهب نحو التصعيد، لكن ذلك لن يؤثر في عمل الحكومة، والدليل جلستها الاخيرة التي اقرت بنودا انمائية، لافتا الى ان مجلس الوزراء سيستمر بعمله ومعالجة الشؤون الحياتية والابتعاد عن الازمات السياسية التي قد تفجّره. واستبعد ان توقِف السعودية ودول الخليج تقديماتها الى لبنان في ما خص ملفّ النازحين السوريين.