تفاصيل الخبر

لبنان والمصير المجهول.. من هنا تبدأ الحلول

22/07/2020
لبنان والمصير المجهول.. من هنا تبدأ الحلول

لبنان والمصير المجهول.. من هنا تبدأ الحلول

بقلم علي الحسيني

[caption id="attachment_79645" align="alignleft" width="376"] اللواء عباس إبراهيم...رجل المرحلة[/caption]

 تُجمع التقارير الدولية التي تُرسل الى لبنان تباعاً، على مدى خطورة المرحلة المقبلة وتأثر الدولة والشعب بها سواء من الناحية الإقتصادية أو المالية، أو حتّى الأمنيّة. واللافت أن جميع هذه التقارير تتحدث بالإضافة إلى الوضع المعيشي المُزري في ظل ارتفاع سعر الدولار بشكل جنوني، عن دور الأحزاب ورجال السياسة خصوصاً الكبار منهم لجهة ضلوعهم في إفقار الدولة ومساهمتهم بشكل كبير في وصول الأوضاع إلى ما هي عليه اليوم.

الاختبار الأصعب

 في وقت تعكف فيه حكومة الرئيس حسّان دياب على إيجاد مخرج لكل هذه الأزمات التي تُحيط بالبلاد والتي باتت تُهدد مصيره، تتجه أنظار العالم بمعظمه إلى ما ستؤول اليه الأوضاع في البلد وسط تخبّط غير مسبوق في كل القطاعات العامة والخاصة، حتى إن الكلام عن اقتراب موعد انهيار لبنان كدولة، أصبح يتصدر كل العناوين وسط توقّع أن يُناهز سعر صرف الدولار أكثر من أربعين الف ليرة. والأبرز أن مجموعة من هذه الدول باتت تمتلك إحصاءات حول عدد عمليات الفساد التي ارتكبها كل مسؤول سياسي لبناني، بالإضافة إلى عمليات تهريب الأموال التي لجأ اليها هؤلاء السياسيون خوفاً من المحاسبة والملاحقة القضائية.

من الواضح أن الولايات المتحدة الاميركية هي من أكثر الدول التي تعمل على مراقبة الوضع اللبناني الداخلي سواء في الشق الاقتصادي والمالي مع ما يستلزم الأمر من مراقبة دائمة لعمل الحكومة، وأيضاً في الشق السياسي حيث الحظر التي تفرضه على ايران والنظام السوري وما يستتبع من انعكاسات على حزب الله، خصوصاً انه من الواضح بأن التركيبة الحكومية اليوم لا توجد لديها أي مشكلة أو عائق للانفتاح لا على إيران ولا على سوريا. من هنا وجب القول إن لبنان هو اليوم أمام اختبار للقيام بجميع مسؤولياته، أولاً تجاه شعبه لجهة عمليات الإصلاح ومحاربة الفساد، وثانياً تجاه الخارج حيث الدعم الموعود به أبرزه مقررات مؤتمر "سيدر" التي غابت عن الأضواء بفعل الأزمات التي تعصف بلبنان منذ 17 تشرين الأول(اكتوبر) الماضي، والتي يبدو هي أيضاً أنها مُستمرة حتى أجل غير مُسمّى.

دولياً.. المواطن أولاً

[caption id="attachment_79646" align="alignleft" width="438"] تقارير أمنية تحذر من احتمالات الفوضى[/caption]

 تدعو الرسائل التي تتلقاها حكومة دياب منذ أن نالت ثقة المجلس النيابي للقيام بإصلاحات حقيقية وملموسة لكي تستعيد أولاً ثقة الدول، وثانياً ثقة المستثمرين من خلال فتح الباب للقيام باستثمارات في جميع القطاعات، وذلك على قاعدة المصلحة الوطنية لا مصلحة السياسيين والأحزاب. كما تدعو الدول كل من الحكومة والجيش والأجهزة الأمنية إلى ضمان أمن المواطنين لدى مشاركتهم في التظاهرات السلمية، والسماح لهم بالتعبير عن آرائهم، لكن ضمن الحدود والضوابط. وهنا تؤكد مصادر سياسية رفيعة لـ"الأفكار" أنه لا بد للحكومة الوقوف عند هواجس هذه الدول والعمل سريعاً على تبديدها قبل فوات الأوان، لأنه لم يعد أمام الحكومة مُتسع من الوقت لكي تستعيد ما تبقّى لها من أنفاس.

 وتشدد المصادر عينها على أن عمليات الاصلاح ومكافحة الأسماء المتورطة بعمليات الفساد والذهاب إلى إصلاحات لا لبس فيها تضبط المالية العامة وتوقف التهرّب والتهريب عبر الحدود والمرافئ والمرافق، هي المدخل الصحيح لاستعادة الثقة الدولية، وإلا فالإنهيار على بعد أمتار قليلة ولبنان الغارق بكل هذه الأزمات، لن يجد بعد ذلك من يمد له يد العون. هذا بالإضافة الى أن الوعود الكثيرة التي يراهن عليها السياسيون في لبنان، فهي لا تزال مجمّدة بانتظار تجاوز الاختبارات التي يضعها الخارج وتحديداً الولايات المتحدة الأميركية التي تُصرّ على عدم فتح خزنة "سيدر" ما لم تلتزم حكومة دياب أو غيرها من الحكومات، بالإصلاحات التي وعد لبنان بها والتي هي مطلوبة منه بالأصل كشرط أساسي لتحقيق النتائج المرجوة من "سيدر".

الأمم المتحدة تُحذر.. الوضع يخرج عن السيطرة

[caption id="attachment_79644" align="alignleft" width="375"] الرؤساء ميشال عون ونبيه بري وحسان دياب مدعوون لاخراج لبنان من التخبط قبل فوات الأوان.[/caption]

على ضفّة المفوضية العليا للأمم المتحدة فقد حذرت المفوضة السامية لحقوق الإنسان "ميشيل باتشيليت" نهاية الاسبوع الماضي من "الأثر المعوق للأزمة الاجتماعية والاقتصادية على سكان لبنان، وحثت الحكومة والأحزاب السياسية والقطاع المالي على "العمل معاً لضمان الحماية من الأشد فقراً وضعفاً، وقالت إن اللبنانيين الضعفاء، بالإضافة إلى الفئات الضعيفة الأخرى مثل اللاجئين والعمال المهاجرين، عاجزون بشكل متزايد عن تلبية احتياجاتهم الأساسية، مضيفة أن هذا الوضع يخرج بسرعة عن السيطرة، حيث يعاني الكثيرون بالفعل من الفقر ويواجهون المجاعة كنتيجة مباشرة لهذه الأزمة".  وأوضحت أن "عدم الرضا عن سوء الإدارة المزمن والفساد والمأزق السياسي اشتعل في احتجاجات الشوارع في تشرين الأول (اكتوبر) الماضي، لذلك فإن لبنان يتأرجح الآن على حافة الانهيار الاقتصادي حيث خسرت الليرة أكثر من 80 في المئة من قيمتها، وأغلقت آلاف الشركات وأصبحت انقطاع التيار الكهربائي المزمن هو القاعدة". ودعت الأحزاب والقادة السياسيين في البلاد إلى "سن الإصلاحات التي تمس الحاجة إليها، وإعطاء الأولوية لتوفير الاحتياجات الأساسية مثل الغذاء والكهرباء والصحة والتعليم".

تحذيرات وتحميل السياسيين المسؤولية

 بدوره أعلن معهد التمويل الدولي، أن تهريب جزء كبير من المواد الأساسية خصوصاً المازوت المدعوم من قبل مصرف لبنان (المركزي)، من لبنان الى سوريا يجعل الاحتياطيات المتضائلة أساساً لمصرف لبنان تدعم الاقتصاد السوري بشكل فعال. وأشار المعهد في تقرير تحت عنوان "أسواق الصرف الموازية في الشرق الأوسط"، إلى ان أصحاب المصالح في الحكومة ومجلس النواب يحجمون عن تنفيذ إصلاحات مالية مطلوبة وإعادة هيكلة الاقتصاد، الأمر الذي جعل اللبنانيين يعانون من أسوأ انهيار مالي واقتصادي منذ استقلاله عام 1943.

[caption id="attachment_79648" align="alignleft" width="428"] مقر الأمم المتحدة .. تحذيرات دولية من قرب الانهيار[/caption]

 وفي إطار التحذيرات الخارجية للبنان من مغبة مواصلة سياسة الهدر والفساد والمضي بإفقار الشعب على حساب راحة السياسيين، فقد أعلنت "اللجنة الدولية لحقوق الإنسان" أنها تلقت تقريراً سيئاً عن الواقع المعيشي الرديء الذي يعيشه اللبنانيون نتيجة الغلاء الفاحش الذي يضرب البلاد يُشير إلى أن البطالة طاولت غالبية المجتمع اللبناني والتي أوصلت الى فقدان آلاف الوظائف نتيجة الوضع المعيشي الصعب أولاً، وثانياً بسبب الحراك الذي أقفل على خلفية التظاهرات، مئات المؤسسات بشكل كلّي وجزئي، ومن دون أن ننسى المسببات التي خلفها وباء "كورونا" على المجتمع اللبناني ككل.

 وحذرت اللجنة من انفجار اجتماعي غير محدود الملامح، إذا ما اتخذت الحكومة اللبنانية إجراءات استثنائية للحد من الوضع المتفاقم على مستوى تحديد سعر الصرف للعملة اللبنانية، وإطلاق عناصر المراقبة على أسعار السلع غير الثابتة نتيجة التلاعب بتسعير العملة الصعبة، كما حذرت المؤسسات المالية الإبقاء على سياستها غير المسؤولة تجاه عدم القيام بتحمل المسؤولية والاكتفاء بالنهج المتبع في سياسات هندستها المالية التي حملت الجزء الأكبر من خسائرها للدولة اللبنانية.

هنا سيبدأ الإنهيار

[caption id="attachment_79647" align="alignleft" width="486"] حكومة "مواجهة التحديات" مطالبة بالعمل على ضمان الحماية للأسر الأشد فقراً وضعفاً.[/caption]

 سياسي "عتيق" يكشف لـ"الأفكار" عن مجموعة تقارير دولية كانت تسلّمتها في الآونة الأخيرة جهات رسميّة في لبنان بالإضافة إلى أجهزة أمنيّة، تُحذر من انزلاق الوضع مما هو أخطر وسط معلومات تؤكد وجود محاولات عديدة لتنظيمات إرهابية تسعى من خلالها لتنفيذ مجموعة اعتداءات ضمن مناطق مُحددة، مُستغلّة بذلك الوضع الداخلي المُهترئ والموزّع بالتساوي بين السياسة والوضعين الاقتصادي والإجتماعي، بالإضافة إلى الضياع والتخبّط الكامل الذي تعيشه حكومة الرئيس حسّان دياب.

هذا في الجانب السياسي والأمني، أما من الجانب الإقتصادي فيكشف السياسي "العتيق" أن البلاد ذاهبة بكل تأكيد نحو ما هو أصعب طالما أنه لا توجد خطوات جديّة للحد من الهدر والفساد وطالما أنه لا توجد سياسات واضحة يُمكن الركون اليها، خصوصاً بما يتعلّق بموضوع شدّ الحبال مع الغرب، كاشفاً أن ما نراه اليوم من تخبّط على الصعد كافة، هو مجرد بداية السقوط الى الهاوية لأن الإنهيار الحقيقي لم يبدأ بعد.

أما بالنسبة إلى حزب الله ودوره في كل ما يُحصل، ونسبة المسؤولية التي يتحملها في وصول لبنان إلى الأوضاع هذه، يُجيب السياسي بالقول إن "الحزب" هو مكوّن لبناني ولاعب أساسي في التشكيلة السياسية التي تحكم لبنان وتتحكّم به، وهو يتحمّل المسؤولية بالتكافل والتضامن مع بقيّة الأطراف، لكن هذا لا يعني أن نُحمله المسؤولية وحده، فهناك أطراف أخرى يقع عليها ما يقع على حزب الله وبالتالي فإن السبيل الوحيد للخروج مما نحن فيه، ذهاب كل هذه الطبقة الحاكمة واستبدالها بوجوه جديدة من أصحاب الإختصاص، وإلّا فالانهيار بانتظارنا.

وبالعودة إلى التقارير التحذيريّة، يكشف السياسي أن المدير العام للأمن العام اللواء عبّاس ابراهيم كان وضع جميع السياسيين أمام مسؤولياتهم وطالبهم بمواقف موحدة ومُحددة لإخراج لبنان من التخبّط، وذلك بناءً على معلومات ومُعطيات دولية، تُنذر بخطورة الوضع في لبنان وتدعو للإسراع بتصحيحه، وإلا فإن الأمور ستكون مفتوحة على كل الإحتمالات، بما فيها الإستقرار الأمني.