تفاصيل الخبر

لبنان ليس أولوية بعد في ”أجندة“ ”ترامب“ ومقاربة أوضاعه غير منفصلة عن ملفات المنطقة!

18/11/2016
لبنان ليس أولوية بعد في ”أجندة“ ”ترامب“  ومقاربة أوضاعه غير منفصلة عن ملفات المنطقة!

لبنان ليس أولوية بعد في ”أجندة“ ”ترامب“ ومقاربة أوضاعه غير منفصلة عن ملفات المنطقة!

donald-trump-familyليس سراً أن الطبقة السياسية اللبنانية بمكوناتها كافة، كانت تتطلع الى فوز المرشحة الديموقراطية <هيلاري كلينتون> بالانتخابات الرئاسية الأميركية، ما جعل فوز الجمهوري <دونالد ترامب> يشكّل <صدمة> للسياسيين اللبنانيين الذين ارتفع منسوب القلق لديهم من هذه النتيجة بفعل المواقف التي صدرت عن <ترامب> خلال حملته الانتخابية وما سبقها في مناسبات عدة. ولعل نجاح الطبقة السياسية اللبنانية في انتخاب رئيس للجمهورية قبل حصول الانتخابات الاميركية بثمانية أيام فقط، خفّف من وطأة التداعيات التي كان يمكن أن تقع في لبنان لو حصلت الانتخابات الرئاسية اللبنانية بعد الانتخابات الرئاسية الاميركية.

إلا أن السؤال الذي يشغل الأوساط السياسية اللبنانية يبقى حول مدى تأثير وصول <دونالد ترامب> الى البيت الأبيض، على الواقع السياسي اللبناني، واستطراداً على مسار العهد الرئاسي اللبناني الجديد الذي ينسحب ايضاً على المؤسسات الدستورية الاخرى.

مصادر متابعة للملف اكدت لـ<الأفكار> انه من الصعب التكهن بما ستكون عليه انعكاسات فوز <ترامب> على الوضع في لبنان تحديداً بمعزل عما ستكون عليه الانعكاسات بالنسبة الى منطقة الشرق الأوسط ككل، ذلك ان الرئيس الاميركي المنتخب لم يظهر خلال كلمته الانتخابية وفي المواقف التي سبقتها أي توجه محدد بالنسبة الى لبنان، على رغم أن من بين مستشاريه شخصية لبنانية هي الدكتور وليد فارس الذي عُرف بمواقفه المتشددة والداعمة لـ<ثورة الأرز> وتوجهات قوى 14 آذار السابقة التي لم تعد موحدة كما كانت عليه قبل سنوات. من هنا فإن غياب <الاهتمام بلبنان> عن السياسة المعلنة للرئيس الاميركي المنتخب، يعني عملياً ان موقف <ترامب> من بلاد الأرز سيكون مرتبطاً بشكل أو بآخر بمواقفه من دول المنطقة، وإن كانت حصة لبنان من اهتماماته قد تكبر وتصغر حسب الظرف والحدث. لذلك، فإن المصادر نفسها ترى أن <ترامب> المتشدد حيال العلاقات الاميركية - الايرانية والرافض للاتفاق النووي الشهير، سوف يقارب هذا الملف على نحو مغاير لما فعله سلفه الرئيس <باراك أوباما> لاسيما وان <ترامب> قال بوضوح ان هذا الاتفاق <لا يخدم المصالح الاميركية ولا مصالح الحلف في المنطقة>، وبالتالي فإن أي تبدل أميركي في التعاطي مع الاتفاق النووي سيحدث ردة فعل ايرانية قوية، لاسيما وان <القلق> الايراني بدا واضحاً حين دعت طهران الرئيس الاميركي العتيد الى احترام الاتفاقات الدولية.

وفي تقدير المصادر نفسها ان <استهداف> إدارة <ترامب> للعلاقات مع ايران ومحاولة تبديلها، سيستتبعان تصلباً على الساحة اللبنانية من قبل حلفاء ايران، وتحديداً حزب الله الذي لم يرَ في رئاسة <ترامب> أو <هيلاري كلينتون> على حد سواء أي فارق في التعاطي معه الذي يتوقع أن يستمر سلبياً، لا بل قد تزداد حدته وفق ما ستكون عليه التطورات الميدانية في سوريا، إذ يعتبر الاميركيون - سواء إدارة <ترامب> المرتقبة أو إدارة <أوباما> الحالية - أن تدخل ايران مباشرة أو مداورة في الحروب في سوريا والعراق واليمن ونفوذها في لبنان غير مرحب بهما، وبالتالي فإن واشنطن في عهد <ترامب> لن تختلف مقاربتها لهذا الملف عن إدارة <أوباما>، وإن كانت التوقعات أن تكون مقاربة <ترامب> أكثر حدة مما كانت عليه مقاربة <اوباما> الذي غض الطرف في كثير من الحالات عن <تصلب طهران> ومضى في الاتفاق معها، الأمر الذي أدخله التاريخ من بابه العريض وإن كان أزعج الحلفاء الأقرب الى اميركا أي اسرائيل ودول الخليج على حد سواء.. إلا أن المصادر نفسها لا تتوقع أن يكون <الصدام> عنوان العلاقات المقبلة بين واشنطن وطهران لأن في السياسة الأميركية ما يشبه <الاستمرار> وأي تبدل فيها لا بد أن يحصل بهدوء وليس دفعة واحدة، وفي هذه الحال، فإن عامل الوقت يلعب في أحيان كثيرة دوراً إيجابياً في <تهدئة الخواطر> والحد من الانفعالات..

هل يستمر <ترامب> في حماية لبنان؟

ولدى مقاربة الشأن اللبناني المباشر بعيداً عن الإطار الإقليمي، فإن ثمة مراجع ديبلوماسية قريبة من ملف العلاقات اللبنانية - الاميركية، تدعو الى التواصل المباشر مع الرئيس <ترامب> حتى قبل تسلمه سلطاته الدستورية في شهر كانون الثاني/ يناير المقبل، والاستفادة من وجود مستشارين من أصل لبناني الى جانبه، بهدف إقامة علاقات واضحة المعالم مع إدارته المرتقبة خصوصاً إذا أظهرت المعطيات أنه ستكون لـ<ترامب> سياسة مختلفة في تعاطيه مع أزمات المنطقة، على أن تقوم هذه العلاقات على دفع إدارة <ترامب> الى الاستمرار في التزام تطبيق القرارات الدولية المرتبطة بلبنان، والى عدم اتباع سياسة اللامبالاة حيال الجهد الذي سوف يبذله الرئيس اللبناني ميشال عون في استعادة سيادة الدولة اللبنانية وبسط سلطة قواها الأمنية الشرعية، والى دعم الجيش الذي يعمل حالياً على مواجهة الإرهاب وتأمين الاستقرار في البلاد.

وترى المراجع نفسها ان الرئيس عون وحكومة الرئيس سعد الحريري أمام تحديات مرتقبة في العلاقة مع الإدارة الاميركية العتيدة لإقناعها بأن تستمر بسياسة عزل لبنان عن الحرائق المحيطة به، وتوفير كل ما من شأنه تعزيز القدرة اللبنانية على ذلك، سواء من خلال دعم الجيش والمؤسسات الأمنية الأخرى، أو من خلال منع أي مساس بالاستقرار الأمني فيه وإبقاء المظلة الدولية فوق أراضيه.

بكلمة مختصرة، تضيف المراجع نفسها، على رئيسي الجمهورية والحكومة في لبنان ترجمة مواقفهما المعلنة بشأن <تحييد> لبنان عن الصراعات في المنطقة عموماً والاحداث في سوريا خصوصاً، ترجمة عملية لا لبس فيها أو اجتهادات، وذلك لن يكون إلا من خلال احترام القرارات الدولية التي يعتبر تنفيذها جسر عبور الشرعية اللبنانية الجديدة الى الشرعية الأميركية الجديدة ايضاً، ذلك ان الرئيس عون الذي انتخب قبل أيام قليلة من انتخاب الرئيس الاميركي <دونالد ترامب> تعمّد في برقية التهنئة التي وجهها الى سيد <البيت الأبيض> الحديث عن ان انتخابه <علامة ناصعة في سجل الديموقراطية> معرباً عن أمله في تعزيز التعاون المشترك بين البلدين في سبيل إحقاق السلام في الشرق الأوسط ومواجهة الارهاب والتوصل الى وضع حد للحروب والعنف عبر الطرق السلمية. فهل يدرك <ترامب> حقيقة ما رمى إليه الرئيس عون في برقيته ويتصرف تجاه لبنان وفق ما يتناغم مع تمنيات الرئيس اللبناني؟ أم يبقى لبنان خارج الأولويات الرئاسية الاميركية؟ سؤال لا جواب عليه قبل بداية السنة الجديدة، ومعها بداية عهد الرئيس <دونالد ترامب>!.