تفاصيل الخبر

لبنان في سباق مع رياح "كورونا".. وعين الحكومة مشتتة

09/04/2020
لبنان في سباق مع رياح "كورونا".. وعين الحكومة مشتتة

لبنان في سباق مع رياح "كورونا".. وعين الحكومة مشتتة

 

علي الحسيني

[caption id="attachment_76751" align="alignleft" width="338"] الرئيسان ميشال عون ونبيه بري ..وخلاف حول التعيينات[/caption]

  تجهد حكومة الرئيس حسان دياب في تلميع صورتها أمام شعبها بعد السقطات الاقتصادية والمالية والمطبّات السياسية الكثيرة التي أوقعت نفسها فيها منذ نيلها ثقة خجولة في مجلس النواب. ويبدو أن فيروس "كورونا" مثل لحكومة دياب، خشبة خلاص ولو مؤقتة للخروج من مآزقها، فراحت توزع أنشطتها بين تنظيم عودة المغتربين من الخارج وبين تنظيم عملية السير في البلد على قاعدة "مفرد ومجوز". ويبدو أن هذه الأمور هي أقصى ما يُمكن للدولة اللبنانية أن تقوم به بالشأن المتعلق بحياة الناس التي أصبحت على المحك وسط تلهي السلطة في ملف التعيينات وتناتشها المناصب وإصرارها على تحقيق المكاسب في وقت يئن شعبها من الجوع والفقر والعوز.

 

الخلافات بين أهل الحكم حول التعيينات

 عادت الخلافات التي كانت تشهدها الحكومات السابقة والمتعلقة بتحقيق المكاسب والمناصب بين أفرادها، لتحتل المشهد برمته في الحكومة الحالية وآخرها موضوع تعيين نواب حاكم مصرف لبنان بالإضافة إلى وملء الشواغر في مراكز الفئة الاولى الملحة، ومجلس الجامعة اللبنانية وملء الشواغر الاكاديمية، وإنشاء مجلس أعلى للتخطيط مع الاشارة الى امكانية تحويله لاحقاً الى وزارة، وإجراء مسح وظيفي شامل لقطاعات الدولة، وملء الشواغر في مجالس إدارة المؤسسات والهيئات العامة والشركات المختلطة والعامة والهيئات الناظمة وفي باقي مراكز الفئة الاولى والفئة الثانية. وتناسى أهل الخلاف كل ما يجري في البلاد من إهتراء صحيّ واقتصادي وراحوا يوزعون المغانم في ما بينهم ويُفصلون المناصب والمراكز على قياسهم ومقاسات طوائفهم ومحسوبياتهم.

 ويبدو أن الرئيس دياب كان حاول الى حد ما، نزع عملية توزيع المناصب من جيب البعض عندما طالب بآلية تعتمد النزاهة والكفاءة ضمن الأطر القانونية وضرورة التزام الجميع باللعبة القانونية والدستورية، لكن رئيس الجمهورية ميشال عون قد أعاد التذكير، ووافقه بعض الوزراء، بأن الدستور لا ينصّ على أي آلية لتعيينات الفئة الاولى، فيما أشار وزراء آخرون الى أن الآلية ضرورية حيث يصل الينا ثلاثة اسماء يتم امتحان كفاءتها وخبرتها، وبالنهاية يكون القرار لمجلس الوزراء. والسؤال هنا، هل ما يجري اليوم بين أهل السياسة يعني أن البلاد قد نجت من فيروس "كورونا" حتى يتلهى السياسيون بخلافاتهم السياسية التي لم تنته منذ عشرات السنين والتي حلّت بعد خلافات دامية كان السلاح الجزء الأساسي فيها؟ فهل حقاً أن ما نشهده اليوم بينهم، هو جزء من تصفيات الحسابات القديمة، ام أن لعبة البقاء في السلطة تتطلب هذا المشهد لإيهام الناس بأن حقوق الطوائف والمذاهب لن تضيع، طالما أنهم موجودون في مراكزهم؟.

 

[caption id="attachment_76769" align="alignleft" width="345"] رئيس الحكومة حسان دياب من المطار..مواكبة سياسية وإعلامية[/caption]

عودة المغتربين واستعراضات السياسيين

 بعدما وطئوا أرض الوطن وبعدما أنهوا كل الإجراءات واجتازوا كل المراحل من البلاد التي اتوا منها، انتهت رحلة اللبنانيين العائدين الشاقة في فنادق الحجر التي توجهوا اليها رأساً من مطار رفيق الحريري بعد أن خضعوا لفحوصات أولية عابرة كان بطلها مرة جديدة "ميزان الحرارة". وفي الفنادق جرت عملية توزيعهم على الغرف المعقمة والمجهزة لهم وذلك بحسب وضع كل واحد منهم، فمنهم من كان برفقة عائلته ومنهم من كان بمفرده أو مع أهله. كما أن لكل فرد منهم حالته الصحيّة الخاصة. في السياق تشير إحدى المسؤولات عن عملية تنظيم توزيع اللبنانيين العائدين ومراقبة أوضاعهم الصحية لـ"الأفكار" إلى أن لكل شخص من هؤلاء العائدين ملفاً صحيّاً خاصاً يتم ارساله إلينا من فرقة المتابعة في المطار وداخل كل ملف توجد إشارة إما تشير الحجر وإما الى العزل ويُمنع على أي منهم الخروج من غرفهم طوال 24 ساعة أي الى حين صدور النتائج المخبرية.

 وقبيل وصول الطائرات، جال رئيس الحكومة حسان دياب ومعه وزير الصحة حمد حسن في مطار رفيق الحريري واطلعوا على الإجراءات والترتيبات لاستقبال اللبنانيين العائدين. بدا المشهد وكأن عملية استعراضية تجري على الأرض أو ربما أرادت الحكومة ان تستثمر هذا "الإنجاز" لتضمه الى ملفاتها في وقت لاحق وذلك عندما تستدعي الضرورة ذلك. البعض قال إنه كان الأجدى بالحكومة أن تلتفت الى الداخل وما يجري فيه في ظل الوضع المُخيف الذي يلف البلد وفي ظل غياب الإجراءات التي تُمكن الشعب من الصمود في منزله لأطول فترة ممكنة، لكنها وبدل القيام بخطوات عملانية ومدروسة للتخفيف من كل هذه الأعباء، راحت تبتكر على طريقتها، حلولاً مجتزأة مرّة في الشارع، ومرّات باستهداف الفقير ولقمة عيشه بعد أن منعته من مزاولة عمله بحجة الفايروس من دون حتى أن تقدم له البدائل ولا أن تذكره ولو بدواء أو غذاء.

 لكن برأي دياب أن هدف الإجراءات التي اتخذت في أرض المطار وخارجه هي لضمان سلامة العائدين والمقيمين على حد سواء، للحيلولة دون ارتفاع أعداد المصابين في لبنان، معتبراً أن المراحل المقبلة لعملية إعادة اللبنانيين، ستتقرر تفاصيلها بناء على تقييم المرحلة الأولى. ورداً على سؤال عن قدرة الدولة على التعامل مع الأعداد الكبيرة للذين سجلوا أسماءهم للعودة، أشار دياب إلى أنه لا بد من تجزئة هذه المشكلة للتعامل معها بشكل آمن للجميع. وأكد دياب أن العملية ستستغرق وقتاً، خصوصاً أن الملايين من اللبنانيين منتشرون في مختلف دول العالم.

 

[caption id="attachment_76771" align="alignleft" width="367"] وزير الصحة حمد حسن من أرض المطار..التعويض عن التقاعس[/caption]

وللوزراء حصة من الاستعراض

 هكذا إذاً تحول المطار منذ صباح الأحد 5 نيسان، إلى منبر يتسابق إليه وعليه السياسيون في البلاد، فمن الرئيس الى الوزير والمقصود هنا وزير الصحة حمد حسن الذي صرّح مرة ومرتين وثلاث وأربع، إطلالة تلفزيونية وراء إطلالة، مكرراً الكلام نفسه بقدرة فائقة على الإعادة. باختصار، ما كان مفيداً في كل هذا المهرجان الإعلامي الخاص به قوله: لن نعجز عن تتبع حالة 10 آلاف وافد لبناني. وندعو أهلنا لأن يكونوا مطمئنين إنما متعاونين كذلك. وأن المطلوب التركيز على الالتزام بالارشادات ومنع التجمعات ومظاهر الاحتفال بعودة هؤلاء اللبنانيين من الاغتراب. وهذا الأمر يحمي الجميع ويسهل عملية عودة الآخرين.

 وأكد حسن من المطار أن الإجراءات المتخذة لمتابعة عودة المغتربين جدية وعلى مستوى عالٍ من المهنيّة، شارحاً الاجراءات المتخذة على متن الطائرات التي تنقل اللبنانيين من الخارج، إضافة الى التدابير التي ستعتمد فور وصولهم، بالنسبة لإجراء الفحص الخاص بـ"كورونا" والحجر الصحي، وقال: إن فرق وزارة الصحة ستتوجه إلى الطائرات وستواكب المسافرين طبياً كما ستواكب أخذ العينات حيث سيتوجه المسافرون الى فنادق معينة ونتائج الـPCR تصدر بعد 6 ساعات، وبعدها يمكن لمن صدرت نتيجته سلبية التوجه إلى المنزل بمواكبة القوى الأمنية. وشدد على أن الخطة التي وضعت هي لحماية المسافرين على متن الطائرة. وأشار إلى أنه سيتم مراقبة مدى التزام الوافدين بالحجر الصحي وبناء على ذلك يتخذ القرار بشأن الرحلات المقبلة.

 في ذلك الوقت كان يُقام مؤتمر للجنة مكافحة "كورونا"، فتخرج وزيرة الاعلام منال عبد الصمد داعية لاتخاذ أقصى درجات الحيطة والحذر. والمرض ليس مزحة. والخطوة التي نقوم بها اليوم أي تسيير رحلات لإجلاء اللبنانيين ستكون مثلاً لاعتماده بالنسبة للرحلات المقبلة.   أمّا زميلها في الحكومة الوزير رمزي المشرفية فقد قال: إن الشرطة السياحية ستواكبنا بالنسبة للإجراءات المتخذة في الفنادق التي ستستقبل الوافدين من الخارج وأدعو للتقيد بتعليمات وزارة الصحة. كما وأسرع وزير الأشغال العامة والنقل ميشال نجار، للإعلان نقلاً عن رئيس مجلس إدارة شركة طيران الشرق الأوسط محمد الحوت، أنه قام بمبادرة تقديم حسم على تذاكر السفر للطلاب اللبنانيين المحتاجين الراغبين بالعودة، وأن وزيري الخارجية والصحة أبلغاه عن وجود متبرعين لبنانيين لاستكمال النصف الباقي من سعر التذكرة.

 

[caption id="attachment_76770" align="alignleft" width="381"] زحمة السير على الطرقات يوم الاثنين الماضي.. ونظام المفرد والمجوز[/caption]

هل شارف لبنان على نهاية أزمة كورونا؟

 هل يُمكن فعلاً طرح هذا السؤال اليوم في لبنان؟ الإجابة رهن بالأّيام المقبلة وبشفافية المسؤولين اللبنانيين الذين يتعاطون مع هذا الفيروس على أنه فرصة لإلهاء الناس عن أولوياتهم الحياتية والمعيشية. قد يجوز من ناحية أخرى طرح السؤال إذا ما اعتمدنا مقارنة الإصابات في لبنان مع باقي دول العالم. لكن ما هو مؤكد أن الحديث عن الإحصاءات لا تعكس الواقع تماماً، فضلاً عن أن حالة واحدة يمكن أن تصبح "بؤرة" متنقلة، وتعيدنا إلى حالة التفشي الاجتماعي المجهول المصدر خصوصاً وأن عدد الفحوصات اليومية هزيل جداً مع ما يجب أن يكون عليه بالإضافة إلى وجود خوف من أن تنفجر قنبلة التفشي في وجه اللبنانيين في أي لحظة. في هذا السياق تؤكد مصادر مقربة من وزارة الصحة لـ"الافكار" أن الوقت لم يفت بعد بالنسبة إلى محاصرة الفيروس هذا في حال كان عدد الإصابات حقيقياً كما تدعي الدولة.

 وتشير المصادر إلى أن أزمة لبنان المالية أدت إلى نقص في اللوازم الطبية الضرورية لمواجهة تفشي فيروس "كورونا" وهناك خوف وخشية لدى المستشفيات والطواقم التمريضية إزاء عجز الحكومة والمستشفيات عن القيام بالتجهيزات اللازمة التي سبق أن وعدت بها. كما يوجد خوف كبير من تفشي الفيروس بين الطواقم الطبية خصوصاً وأن الأعداد التي تعمل ضمن هذا النطاق قليلة نسبة مع ما هو متوقع لجهة ازدياد عدد الإصابات خلال الاسابيع القليلة المقبلة. وتشدد على أن من واجب الحكومة اللبنانية الحرص على حق الجميع في الصحة، بما يشمل تأمين حصولهم على ما يلزم من رعاية طبية وعلاج من المرض.

 ولا يوجد أدنى شك أن الأزمة المالية في البلاد المتعلقة بنقص في الدولار، قيدت الى حد كبير قدرة مستوردي اللوازم الطبية على استيراد اللوازم الضرورية مثل الكمّامات، والقفازات، وغيرهما من معدات الوقاية، بالإضافة إلى أجهزة التنفس وقطع الغيار. وتؤكد المصادر أنه حتى اليوم لم تسدد الحكومة مستحقات المستشفيات الحكومية والخاصة، بما فيها تلك المتوجبة على الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي والصناديق الصحية العسكرية.

 أما عن التقرير اليومي التي تُصدره مستشفى رفيق الحريري الجامعي، عن آخر المستجدات حول فيروس الكورونا  Covid-19، فقد لفتت إدارة المستشفى يوم الأربعاء الماضي إلى أن مجموع الحالات التي ثبتت مخبرياً إصابتها بفيروس "الكورونا" والتي عزلت في منطقة العزل الصحي في المستشفى وصل إلى 30 إصابة. وذكرت في التقرير أنه تم استقبال 15 حالة مشتبه بإصابتها بالفيروس نقلت من مستشفيات أخرى. وأشارت إلى أن مجموع الحالات التي شفيت تماماً من فيروس "كورونا" منذ البداية بلغ 60  حالة شفاء، وتماثلت 5 إصابات بفيروس "الكورونا" للشفاء بعد أن جاءت نتيجة فحص الـ PCR سلبية في المرتين وتخلصها من كل عوارض المرض.

 

انخفاض نسبة الإصابات وتوزيعها وأعمارها

 عاد عدد الإصابات الجديدة المكتشفة بفيروس "كورونا" لينخفض، ووصل الأحد في 5 آذار (مارس) إلى 7 حالات فقط. إلا أن إيجابية انخفاض الحالات بددتها وفاة أخرى، ما رفع عدد الوفيات إلى 18 شخصاً. وأظهر التقرير الصادر عن غرفة العمليات الوطنية لإدارة الكوارث، في السرايا الحكومية الكبيرة، حول فيروس "كورونا" في لبنان، أن عدد الفحوص ما زال قليلاً ويتقدم ببطء شديد وانخفض عن يوم أمس. فبينما بلغ عدد الفحوص يوم السبت 550 فحصاً، انخفض يوم الأحد إلى نحو 300 فحص فقط. ووصل العدد الإجمالي إلى 9411 فحصاً، الأمر الذي يؤدي إلى عدم الكشف عن الحالات الجديدة بشكل سريع، لاحتواء الوباء.

 وأشار التقرير إلى أن الحالات التي آلت إلى الشفاء باتت 54 حالة، وأن مجموع الحالات التي تم تسجيلها من 21 شباط (فبراير) إلى غاية 5 نيسان (ابريل) هي 527 حالة. أما الإصابات الجديدة فهي 7، وعدد الوفيات استقر على 18 شخصاً. كما تضمن شرحاً للوضع الصحي للمصابين وتبين أن 69 في المئة من المصابين يعانون من أعراض خفيفة إلى متوسطة و8.8 في المئة حالتهم حرجة، و21.4 في المئة لا يعانون من أي أعراض. وظهر من خلال التوزع الجغرافي للمصابين أن عدد الإصابات في المتن 115 حالة، وفي بيروت 98 حالة، وكسروان 67 حالة، ثم بعبدا 50 حالة، وجبيل 45 حالة، وفي زغرتا 33 حالة. بينما تراوح عدد الحالات في بقية المناطق من حالة واحدة إلى 21 حالة مثل بشري و15 حالة في طرابلس ومثلها في البترون و14 حالة في عكار، و13 في الشوف، و9 في عاليه، و8 في صيدا. وهناك 3 حالات غير محددة بعد.

 وتضمن التقرير شرحاً لتوزع المصابين بحسب الجنس والعمر، عبر استخدام وسائط الرسوم البيانية الإحصائية. وأظهر التقرير أن 54 في المئة من الإصابات ذكور، و46 في المئة إناث. كما أظهر أن نسب الإصابات بحسب الأعمار مستقرة نوعاً ما، وهي على سبيل المثال: 5.4 في المئة فقط من المصابين تفوق أعمارهم الثمانين عاماً، و16 في المئة للأعمار التي تتراوح بين 40 و49 عاماً. بينما ارتفعت نسبة الإصابات بين الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 20 و29 عاماً، بشكل طفيف وبلغت نسبتهم 24 في المئة بعدما كانت في الأيام السابقة 23 فقط.

 إلى ذلك، أظهر التقرير أن نسبة اللبنانيين من المصابين هي 93 في المئة، ومن أبرز الجنسيات المصابة 4 مصريين وثلاثة أشخاص سوريين، بينما توزع المصابون لدى باقي الجنسيات بين إصابة واحدة إلى اثنتين. اما بالنسبة إلى عدد أجهزة التنفس الاصطناعي المؤمـنة فـي المستشفيات الحـكـومـيـة والخاصة، فـهـي موزعة على: الأجهـزة الـمخـصص للأطفال 42 جهازاً في المستشفيات الحكومية و237 في المستشفيات الخاصة. وعدد الأجهزة للبالغين هي: 123 جهازاً في المستشفيات الحكومية و783 جهازاً في المستشفيات الخاصة، بما مجموعه 1185 جهازاً. أما عدد الأسرة فهي: أسرة الطوارئ 215 في المستشفيات الحكومية و878 سريراً في المستشفيات الخاصة، وعدد أسرة العناية الفائقة فهي 336 سريراً في المستشفيات الحكومية، و1972 في المستشفيات الخاصة، بما مجموعه 15195 سريراً.