تفاصيل الخبر

لـبــنـان بعـبــاءة انتخـابـيـــة ليــس فيهــا خيــط... خارجــي!

02/03/2017
لـبــنـان بعـبــاءة انتخـابـيـــة ليــس فيهــا خيــط... خارجــي!

لـبــنـان بعـبــاءة انتخـابـيـــة ليــس فيهــا خيــط... خارجــي!

 

بقلم وليد عوض

berry--AAA

آخر معقل للازدهار والاستقرار في لبنان، وهو قطاع المصارف، هو الآن طرف صراع مع الدولة. فالدولة التي تبحث عن موارد لخزينتها وعز عليها فرض واحد بالمئة على ضريبة القيمة المضافة، وعلى أرباح المصارف المنشورة في الصحف اليومية، تواجه الآن جمعية مصارف لبنان التي لا ترى هذا الموجب الكبير لفرض الضرائب، وان لم يكن هناك مناص من اللجوء الى السياسة الضرائبية فليكن فرض الضرائب على أصحاب الثروات أولاً،والبنوك ليست أصحاب الثروات في لبنان دون غيرهم.

والسؤال هنا: أين يعشش الغنى في لبنان؟! ومن أين تنبع موارد لبنان؟!

ليس صحيحاً بالمطلق أن مصارف لبنان هي الكنز الكبير في لبنان. بل هي نتيجة كفاح طويل لرجال أعمال جعلوا خدمة بلدهم هي أساس الجهاد، مثل الشيخ بطرس الخوري، وعبد الغني مسقاوي، وتوفيق عساف، ونجيب صالحة، وريمون عودة، وروجيه تمرز، والدكتور بول خلاط، والدكتور نعمان الأزهري ونجله سعد الأزهري، والدكتور جوزف طربيه رئيس جمعية المصارف، وفرانسوا باسيل منشئ بنك بيبلوس، وسليم حبيب نائب طرابلس السابق ورئيس مجلس ادارة بنك <انتركونتيننتال>، وعلي الجمال ونجله أنور، والدكتور مروان اسكندر، والنائبة السابقة ميرنا اميل البستاني.

في اسم كل من هؤلاء رحلة كفاح مرير لم تأتِ مجاناً، بل جاءت نتيجة سعي ونضال وسهر، وحسن تواصل مع رجال المصارف اللامعي الانتشار في الخارج، مثل كارلوس غصن الذي انسحب مؤخراً من رئاسة شركة <رينو> وشركة <أوبل>، وفيهم من أمضى حياة صعبة وكفاحاً مريراً، حتى أوصل البنك الى ما هو الآن من ازدهار وحضور، ولا يمكن تصنيفه برجل المال الواسع الانتشار.

كان الماضي إذن حالة صراع ضد الفقراء، وها هو الآن في حالة صراع مع الأغنياء بحيث يستوعبهم في مستقبل لبنان الآتي، ويعتمد على ثرواتهم في بناء الحالة الاقتصادية الجديدة في لبنان، بدءاً من توفير نفقات الدولة في المباني الحكومية المستأجرة والأملاك البحرية.

فكيف ستتواجه الدولة مع ثروات الأغنياء؟

المعركة تقضي من أصحاب البنوك أن يتوقفوا عن نشر أرباحهم في الصحف، واستيعاب الوزراء الخالين من أي شبهة مالية، وما سحب الرئيس سعد الحريري أسهم شركاته من البنك العربي في العاصمة الأردنية عمان إلا بارقة طمأنة الى نزاهة الحكومة ووزرائها. وإذا كان الرئيس نبيه بري يتمسك بنائب الجنوب علي حسن خليل كوزير للمال، فليس ذلك لكفاءته المالية فقط، بل كذلك لأن الرجل بعيد عن كل شبهة مالية، وتورط في الصفقات. كذلك فالوزراء الذين اختارهم الرئيس ميشال عون وهم وزير العدل سليم جريصاتي، ووزير البيئة طارق الخطيب، ووزير مكافحة الفساد نقولا تويني، ووزير الخارجية جبران باسيل، ووزير الدفاع يعقوب الصراف، يكادون أن يكونوا كامرأة قيصر فوق كل شبهات، ووزراء الرئيس سعد الحريري وهم الدكتور غطاس خوري، ونهاد المشنوق، ومحمد كبارة، ومعين المرعبي، بعيدون عن كل شبهة مالية. فلا مستقبل نظيفاً بدون حكومة نظيفة، ووزراء القوات اللبنانية الذين اختارهم رئيس الحزب الدكتور سمير جعجع وهم وزير الإعلام ملحم رياشي ووزير الشؤون الاجتماعية بيار أبو عاصي ووزير الصحة غسان حاصباني،لا يشكلون أي عيب مالي أو سياسي.

 

وطن بلا.. عمالة!

 

وفي الاهتداء بهذه النظافة الوزارية يتم الآن التحضير للقانون الانتخابي الجديد الذي يجب أن يكون هو الرباط المقدس بين اللبنانيين، فلا يشعر المسلم انه تحت رحمة المسيحي، ولا يشعر المسيحي انه تحت رحمة المسلم، ويكون هناك اهتمام مميز بمسيحيي الجنوب اللبناني، لأنهم هم الحربة الوطنية ضد اسرائيل، وفي وجه أي تغلغل اسرائيلي. كما يقتضي القانون الانتخابي الجديد طمأنة مسيحيي الشمال، رغم بعدهم عن اسرائيل، وعدم ترك المجال لأي فريق منهم لفتح جسور سياسية مع سوريا، فيكون للرئيس السوري بشار الأسد قاعدة في عكار يعتمد عليها، ويوجهها كما يشاء في الانتخابات النيابية اللبنانية.

ولا بد من توضيح الفارق بين النأي بالنفس عن الارتباط بالرئيس السوري بشار الأسد، والتعاطي مع السوريين كأهل وجيران، خصوصاً وأنهم الممر الاقتصادي الأول للمنتوجات اللبنانية، واضطرار رجال الأعمال اللبنانيين الى الاستعانة بالشحن البحري بعدما تعذر الشحن البري.

فمنذ العشرينات، بعد سقوط الامبراطورية العثمانية، ورجال السياسة في سوريا أساس في سياسة لبنان العربية،وما كان زعيم طرابلس الراحل عبد الحميد كرامي يعود الى سرب المنضمين الى دولة لبنان الكبير، لولا مسعى لطفي الحفار، وشكري القوتلي، وصبري العسلي. وما كان رئيس جمهورية لبنان الشيخ بشارة الخوري يشق طريق لبنان الى الدول العربية والأجنبية لولا مسعى الرئيس شكري القوتلي، ورئيس وزراء سوريا فارس الخوري. أي يجب التفريق في هذا المجال بين لبنان كرهينة لسوريا، وبين لبنان صديق سوريا ومرجعه في الملمات. وإذا كان لبنان قد وقع رهينة الوصاية السورية منذ عهد الرئيس الياس الهراوي، وفرار رئيس الوزراء ميشال عون من قصر بعبدا الى حضن السفارة الفرنسية في الحازمية سنة 1990، فليس معنى ذلك أن يتعامل مع سوريا كبلد خصم أو عدو، بل ينبغي أن يتعامل معها كالوسادة الخالية، كما هي قصة احسان عبد القدوس، وذلك متروك للفترة الانتقالية التي ستمر بها سوريا بعد مؤتمر جنيف 4، وتتحدد فيه معالم سوريا الجديدة بعد هذا السيل الطويل من الدماء، والهدم المتواصل للآثار التاريخية في بلاد سيف الدولة الحمداني.

ضوء... جنيف الحريري-مروان-حمادة---A4!

 

أي ان مؤتمر جنيف 4 يتواصل مع الانتخابات النيابية التي وقع وزير الداخلية نهاد المشنوق مذكرة اجرائها، ومنحها الرئيس سعد الحريري توقيعه.

والموقف الآن بيد الرئيس ميشال عون. فإذا وقع المذكرة كانت هناك انتخابات نيابية يوم 24 أيار (مايو) المقبل، وان لم يوقع المذكرة، يكون أمام الرئيس نبيه بري فرصة لدعوة النواب الى جلسة خاصة يراجعون فيها هذا المنزلق قبل الوصول الى الموعد المحظور على سن أي قانون.

حالة الهيمنة السورية على لبنان يجب أن تذهب الى غير رجعة، وزمان تدخل حسني الزعيم في الشؤون اللبنانية، كما حصل في إعدام أنطون سعادة زعيم الحزب القومي السوري، ينبغي ألا يتكرر، وقيام نائب الرئيس السوري عبد الحليم خدام بتأليف حكومات لبنان واختيار رئيس الوزراء عهد ينبغي أن لا يعود. وقد شهدت بنفسي خلال مأدبة عشاء في قصر رفيق الحريري، أو قصر قريطم، كيف تحرك عبد الحليم خدام مع وزيرين ليعيدهما الى حضن الحكومة. وقد كلفت أنا شخصياً، بجاري الوزير بسام مرتضى، لكي يعود الى السرب الحكومي، مثله مثل الوزير نقولا فتوش، وهكذا كان.

مع الرئيس ميشال عون يتعين على لبنان أن يتلبنن، أي أن تكون قراراته نابعة من لبنان، ومن مجلس الوزراء بالذات، وهذا يتوقف على الرئيسين عون والحريري، ويتكامل بالرئيس نبيه بري سيد السلطة التشريعية، وحامي حمى الدستور مثل رئيس الجمهورية.ولذلك فإن الانتخابات المقبلة، ولأول مرة منذ العام 1970، يجب أن تكون انتخابات بعباءة لبنانية فيكون كل نائب محسوباً على محور داخلي وبريئاً من شائبة أي محور خارجي.

 

نزوح على ضفتين

 

والرئيس ميشال عون هو الآن أمام حالتين لا يمكن حلهما بالكلام: الأولى هي مشكلة النزوح السوري الذي يتكاثر من غير التفاتة رسمية، والوجود الفلسطيني الذي يمثل بين الحين والآخر بؤرة صدام مع الدولة. فلا هذا النزوح الآتي كالبركان المشتعل هو في قدرة لبنان على الاستيعاب، خصوصاً وأنه نزوح يعادل ثلث السكان اللبنانيين تقريباً، ولا الوجود الفلسطيني في عكار والضنية وطرابلس والبداوي وميناء طرابلس، مسألة بسيطة وهامشية بل جزء من الأخطاء التي تهدد الوجود اللبناني.

على المسؤول اللبناني ألا يغفل عن مسألة النزوح السوري، كما غفل عن مسألة النزوح الفلسطيني عام 1948، وأدى النزوح الفلسطيني الى مشكلة نفسية وعسكرية وديموغرافية. كذلك فالنزوح السوري يشكل قنبلة موقوتة ينبغي التنبه لها منذ الآن.

فما جرى خلال الأسبوع الماضي في مخيم عين الحلوة يشكل وطأة على السلام العام في لبنان، وكان غريباً أن تشتعل الأحداث في ذلك المخيم، بعد زيارة الرئيس الفلسطيني محمود عباس، والسيدة فدوى البرغوتي زوجة الأسير الفلسطيني مروان البرغوتي.الأول جاء لترتيب العلاقة بين <فتح> و<حماس> والثانية جاءت تحتج على اختيار محمود العالول نائباً للرئيس الفلسطيني بدلاً من زوجها الأسير.

وكما سمى الصحافي الكبير الراحل غسان تويني حرب لبنان بحرب الآخرين على أرضنا، نسمي نحن الآن ما جرى في مخيم عين الحلوة بالحرب الفلسطينية على أرضنا..

وإذا لم نتعظ من الماضي.. فمن أين ستأتي العظة؟!