تفاصيل الخبر

لبنان أمام مرحلة مفصلية: الفوضى أو الفيدرالية أو التسوية الإقليمية الشاملة!

15/11/2019
لبنان أمام مرحلة مفصلية: الفوضى أو الفيدرالية أو التسوية الإقليمية الشاملة!

لبنان أمام مرحلة مفصلية: الفوضى أو الفيدرالية أو التسوية الإقليمية الشاملة!

 

بقلم خالد عوض

 

هل ينزلق لبنان إلى أسوأ من سيناريو ١٩٧٥ والحرب الأهلية وتوابعها؟ وأي وضع إقتصادي أو مالي سيتظهر مع المشهد الحالي؟ هناك عدة مستفيدين من حلول الفوضى في لبنان وهؤلاء يزيدون كل يوم لأن الفراغ في الشارع كما هو اليوم يحمس على الإستثمار فيه. حتى أهل الفساد بدأوا يرون في الفوضى أملا للهروب من المحاسبة وها هم يتخفون بأشكال مختلفة ليتسللوا إلى الثورة وبين شبابها.

ولكن من كل تجارب التاريخ وخاصة تجارب <الربيع> العربي الأخير الذي لم يزهر، ما يحصل في لبنان على مستوى الشعب لا بد أن يودي بالطبقة السياسية الحاكمة ولو طال الوقت قليلا. هذا لا يعني أن الآتي أو البديل هو أفضل وهذا هو التحدي الكبير أمام المنتفضين: أولا لكي لا يذهب البلد في مسار الفوضى، وثانيا لإنتاج قيادة جماعية قادرة على إدارة البلد والسير به إلى شاطئ الأمان، وثالثا لنبذ رموز الفساد الذين تسللوا إليهم ليركبوا الموجة من جديد عندما تنجلي الأمور.

ولكن في ظل كل ذلك وتأكد طول أمد الأزمة، ما هي الخيارات المالية والإقتصادية المتاحة؟

هل كان مؤتمر <سيدرز> فخا للسلطة السياسية في لبنان؟

 

منذ ١٣ شباط (فبراير) ٢٠٠١ أي موعد مؤتمر <باريس ١> كان المجتمع الدولي يحاول إعادة لبنان إلى مصاف الدول <المنتظمة> وكان يشرط الدعم المالي بإصلاحات مختلفة. أخذت الدولة اللبنانية المال (حوالى ٥٠٠ مليون يورو) ولم تقم بالإصلاحات. ثم جاء مؤتمر <باريس ٢> وتكررت وعود لبنان الذي حصل على حوالى ٤ مليارات يورو مقابل تعهده بخفض الدين وخصخصة جزء من قطاع الكهرباء وتحقيق إصلاحات هيكلية في الإدارة. في ٣١ آب (أغسطس) ٢٠٠٦ جاء مؤتمر <ستوكهولم> ليعد حوالى ٩٠٠ مليون دولار لمساعدة لبنان جاء منها حوالى ٧٠٠ مليون دولار خلال بضعة أشهر. ثم جاء مؤتمر باريس ٣> ليغدق على لبنان حوالى ٧,٦ مليار يورو جديدة مقابل إلتزام لبنان بإصلاحات شاملة. لم يف لبنان بأي من وعوده خلال كل هذه السنوات بل بالعكس قامت الدولة بعكس كل ما وعدت به. ثم جاء مؤتمر <سيدرز> الذي وعد لبنان بأكثر من ١١ مليار يورو من القروض مقابل إصلاحات كبيرة لا يمكن أن تتحقق في ظل الإدارة السياسية للبلد وفي جو حكومي موبوء بالطائفية وشد الحبال والفساد. هذه المرة لم يرضخ المانحون والمقرضون للأعذار اللبنانية وتلطي الدولة وراء النازحين بل أصروا على أن يروا الإصلاحات قبل أن يفرجوا عن أي قرض. كان الإصرار على لمس الإصلاحات وتأجيل أموال <سيدرز> مثل الشعرة التي قصمت ظهر البعير. الإقتصاد اللبناني كان أساسا ينوء تحت كل أنواع العجز والمؤشرات تهبط اليوم بعد الآخر وتنفيذ الإصلاحات شبه مستحيل. هناك من يقول اليوم أن البعض أخذ <سيدرز> رهينة سياسية في الداخل ليضغط على البعض الآخر فضاع البلد. لبنان بطبقته السياسية وأسلوب ادارتها للبلاد لم يكن مؤهلا لمؤتمر <سيدرز>. المشكلة أن رئيس الحكومة المستقيل سعد الحريري كان يعلم ذلك.

 

المنقذ الصيني؟

 

كلام السيد حسن نصر الله حول ضرورة الإستقلال عن الإملاءات الغربية والأميركية والبحث عن خيارات جديدة منها الصين فيه تبسيط للواقع اللبناني والإقليمي وحتى الصيني. لا الثقافة ولا الفكر ولا القوانين ولا المواصفات الوطنية تسمح بهكذا إنتقال. تحول كامل كما يعرض أمين عام حزب الله يلزمه سنوات وربما عقود. أما إقليميا فالصين عاجزة حتى الآن أن تأتي بـ<حريرها> الى سوريا ناهيك عن إيران بسبب العقوبات الأميركية المفروضة على البلدين. الشركات الصينية غير مستعدة لأن تجازف بمراكزها التجارية العالمية إلا اذا كانت هناك صفقة كبيرة في هذه البلدان. مثلا طلبت من <جيبوتي> أن يكون لها قاعدة عسكرية وحصلت عليها. وأصرت أن لا تشتري من إيران النفط والغاز إلا بعملة غير أميركية بينها عملات أفريقية وعلى إبقاء خمسة آلاف عنصر أمني صيني داخل الأراضي الإيرانية والحصول على سعر أرخص بـ١٢ بالمئة من أسعار السوق لكل المنتجات النفطية الإيرانية. إيران وافقت في البدء ثم استمهلت الصين قبل الشروع في هكذا إتفاقية. أما في سوريا فالدب الروسي واللوبي الأميركي لن يسمحا بالخروج خاليا الوفاض من حفلة النفط والغاز الآتية، لذلك لا تزال المساهمة الصينية في أي مشاريع في سوريا شبه معدومة. في النهاية الصين ليست جمعية خيرية وهي تحسب مصالحها قبل أي شيء آخر. بالإضافة إلى كل ذلك الصين تأتي بعمالها ومهندسيها ومساجينها وبضائعها ولا تشترط على أي دولة القيام بأي إصلاحات بل بالعكس تدخل في أنظمة الفساد الموجودة كما هي، كما تشترط الصين على الدول التي تساعدها أن ترهن مرافقها العامة لفترة طويلة وهذا قد يكون أسوأ من كل مشاريع الخصخصة التي نسمع بها بل يقترب من كونه نوعا من الإنتداب الإقتصادي والتجاري.

من الواضح أن كلام السيد حسن نصر الله هو في إطار الكباش الأميركي - الإيراني في المنطقة. ما ينقصه هو ثلاثة أمور: الإجماع والجهوزية اللبنانية للخروج ضد الغرب ومنه أولا، القبول الروسي ثانيا، والأهم من كل ذلك يبقى الإستعداد الصيني والثمن الذي يمكن أن يطلبه <التنين الإقتصادي> الذي يبتلع كل شيء بما فيه سيادة الدول.