تفاصيل الخبر

لبنان الثالث عالمياً من حيث التلوث البيئي!

19/10/2018
لبنان الثالث عالمياً من حيث التلوث البيئي!

لبنان الثالث عالمياً من حيث التلوث البيئي!

 

بقلم طوني بشارة

لبنان اليوم لم يعد للأسف <أخضر حلو> كما تقول فيروز ولا حتى <قطعة سما على الأرض> كما يقول وديع الصافي، فتلك الصفات أصبحت من الماضي، على اعتبار انه يوما بعد يوم تكبر التحديات للحفاظ على البيئة في لبنان مع تدهور الموارد الطبيعية بين منطقة وأخرى، كما ان الدراسات توحي بأن لبنان يخسر سنويا حوالى 600 مليون دولار بسبب الاضرار البيئية التي تنتج اما عن الحرائق او التلوث على انواعه في الهواء والبحر والمياه الجوفية وما يترتب على ذلك من اثر سلبي على صحة الانسان، فالبيئة باتت في لبنان تنحدر من سيئ الى أسوأ والمعالجات المعتمدة من قبل الجهات الرسمية تبقى دون المستوى المطلوب وتركزت فقط على تأسيس جمعيات أهلية بهدف توعية المواطنين وتحذيرهم من مخاطر التلوث. واللافت ان لبنان يشارك العديد من الدول في مصادر التلوث البيئي لكنه ينفرد عنها بأنواع خاصة من التلوث التي تهدد الكيان اللبناني في الصميم ومنها الغازات المنبعثة من عوادم السيارات، غاز ثاني أوكسيد الكربون من المصانع، ضجيج المعامل والمركبات، الغبار الذي يتصاعد من الحركة العامة في الطرقات، نفايات المستشفيات، والمياه المبتذلة التي تصب في مجاري الأنهار، النفط الذي يتسرب من السفن والمراكب...

نفايات ومصادر عديدة للتلوث جعلت لبنان يصنف في المرتبة الثالثة عالميا من حيث التلوث بعد أفغانستان وغانا، فالتلوث البيئي لدينا يتفاقم سنة بعد سنة ليشمل الأنهار والينابيع ومجاري ومسارب الأنهر والسواقي وصولا الى ظهور الكثير من الامراض المزمنة، وكل ذلك يترافق مع تقاعس لا بل لامبالاة من قبل الجهات الرسمية مما دفع القطاع الخاص لا سيما غرفة الصناعة والزراعة الى استحداث مختبر المبيدات الغاية منه الحد لا بل القضاء على مشكلة التلوث.

العمري والتشريعات العالمية!

وللاطلاع على آلية عمل هذا المختبر التقت <الافكار> مدير مختبرات طرابلس لدى غرفة طرابلس الدكتور خالد العمري الذي نوه بأن البيئة تشمل كل ما يحيط بنا من مياه وبر وهواء، والانسان عن طريق نشاطه يؤثر ويتأثر بالبيئة، لذا يفترض بنا ان نتعامل مع كل ما يحيط بنا من هواء وتربة ومياه سطحية وجوفية بأداب بيئية، كما يشترط على كل بلدان العالم ان تتبع تشريعات عالمية ووطنية لحماية البيئة من الانسان من جهة ولحماية الانسان من البيئة من جهة ثانية، على اعتبار انه اذا كان الانسان بنشاطه لا يحترم القوانين البيئية فستكون النتيجة الحتمية تلوث البر والبحر والهواء، وتابع العمري قائلا:

- لا يخفى على احد ان نشاط الانسان من حيث تناوله الغذاء وتعاطيه مع المياه وكيفية تخلصه من فضلاته الذاتية والفضلات المنزلية السائلة كلها تؤثر على البيئة، وذلك بسبب عدم وجود او عدم استخدام محطات الصرف الصحي التي تقوم بمعالجة وتكرير المياه الآسنة، على اعتبار ان فضلات الانسان والفضلات المنزلية السائلة من فضلات جلي وتنظيف وغسيل السيارات تذهب بمجملها الى البحر مباشرة.

واستطرد العمري:

- كما ان العامل الثاني الذي يؤثر على البيئة هو ان جزءاً كبيراً من قرانا لا تعتمد شبكات الصرف الصحي بل تستعمل الجور الصحية التي تستقبل للأسف فضلاتنا وتخزنها، ومن ثم بعد ان تمتلئ يعمد الانسان بعد شفطها الى تفريغها ورميها بالبحر او بالاودية، يضاف الى ذلك ان بعض مزارعي الخضار الموسمية الأرضية (بقدونس، خيار، بقلة...) يقومون برش هذه الخضار بمياه المجارير التي تحتوي على كميات كبيرة من الطفيليات والجراثيم والفيروسات التي تصل الى غذائنا بالدرجة الأولى وتترسب أيضا بالتربة وتعود وتصل الى المياه الجوفية.

ــ هذا يعني ان مياهنا الجوفية ملوثة لا محالة ولكن كم نوع من التلوث يوجد؟

- ان مياهنا الجوفية تعاني من نوعين من التلوث: تلوث كيميائي، وتلوث جرثومي، والتلوث الكيميائي سببه اما تلوث الهواء من المولدات الكهربائية، او من عوادم السيارات وغيره، وقد يكون سببه أيضا رش المبيدات العشوائي غير المراقب وغير المتابع من قبل المزارعين والصيدليات الزراعية والوزارات المعنية بمراقبة الية وتقنية الرش في المواعيد، ناهيك عن احترام التراكيز واحترام أنواع المبيدات المخصصة لهذا المحصول الزراعي، فالارث الزراعي في لبنان ضعيف، كما ان الصيدلية التي تبيع المبيدات الزراعية علاقتها مع المزارع باتت للأسف علاقة تجارية تبدأ بشراء البذور والسماد وتنتهي برش المبيد وهي علاقة موسمية يغلب عليها طابع الدين اجمالا، اما التلوث الاخر فهو جرثومي سببه الصرف الصحي الذي سبق واشرنا اليه في مقدمة حديثنا.

ــ في سياق حديثك أشرت الى وجود مثلث للخطر او مثلث للمشكلة، فما المقصود بهذا المثلث؟

- ان هذا المثلث يشمل الصيدلية الزراعية، ضعف الارشاد الزراعي من قبل الوزارة المعنية، والمزارع الذي يؤذي البيئة عن قصد او غير قصد وذلك عن طريق الافراط باستعمال المبيدات او عن طريق سوء الاستخدام او الاكثار في استعمال هذه المبيدات، ناهيك عن عدم احترام فترة التحريم للمبيد، فمن هنا نشأت لدينا كجهات معنية فكرة الارشاد الزراعي.

 

العمــري

وحمايــــة الــبيئـــة!

ــ وكيف يتم هذا الارشاد من اجل حماية البيئة وحماية المواطن؟

- كغرفة تجارة أسسنا مختبر المبيدات وهو متخصص لفحص ترسبات المبيدات للخضار والفاكهة والعسل والزيتون، وبكل فخر تم اعتمادنا من قبل جمهورية مصر العربية حيث تم تصدير العنب والتفاح من خلالنا، وسيتم اعتمادنا أيضا في الأردن والعراق ودول الخليج العربي، وهذا المختبر يحتوي على احدث المعدات المعتمدة في حساسية الفحص حيث اننا ننفرد بفحص ما يقارب الـ450 نوع مبيد.

وتابع العمري قائلا:

- ونحن أيضا بصدد اصدار روزنامة زراعية وستطبق قريبا عن طريق الهواتف الذكية، وهي روزنامة ترشد المزارع قبل كل محصول عن نوع التربة، نوع السماد، نوع المبيد وآلية الرش وتوقيته، قبل وعند وما بعد الحصاد، وذلك بالتعاون مع كلية الزراعة بالجامعة اللبنانية وتلاميذ الهندسة الزراعية من اجل تطبيق هذا البرنامج من قبل المزارع، مع اعتماد صيدليات زراعية تعمل مع الغرفة وتسعى الى اصدار لائحة الادوية وتصديقها من الغرفة قبل ارسالها الى المزارع، علما ان كل صيدلية زراعية قانونا يجب ان توظف أحدا حائز إجازة جامعية او مهنية بمجال الزراعة.

 

العمري وشروط

معامــل الترابـــــة!

ــ هذا بالنسبة لتلوث المياه الجوفية، فماذا عن معامل الترابة وصرخة الأهالي من ضررها البيئي؟

- كل معمل ترابة او غيره يصدر بالتأكيد تلوثات صناعية من اتربة او غبار او حتى حرق، لذا يجب اقله ان يستحصل على شهادة <ISO 14001> للبيئة التي تحمي العاملين من التلوث البيئي اذا تعرضوا له وتحمي أيضا البيئة المحيطة، وهي شهادة تلزم المصنع باحترام القوانين الدولية البيئية، ويجب على وزارتي البيئة والصناعة ان تقوما بالكشف الدوري على هذه المصانع للتأكد من وجود الفلاتر المخصصة لسحب السموم والحفاظ على البيئة المحيطة.

ــ التلوث حاصل لا محالة، والمواطن غير قادر على معرفة مصدر الخضار وحتى الفاكهة، فهل من نصائح الغاية منها الحد من مخاطر التلوث وتفاديه اقله على صحة الانسان؟

- لب المشكلة للأسف يقع على الخضار والفواكهة وسببها عدم وجود نظام تتبع من الحقل وصولا الى الأسواق للتأكد من الرش، والحل يكون عن طريق:

 - التأكد من مصدر الفواكهة.

 - الغسيل المنزلي الفيزيائي المتكرر للخضار بالإضافة الى نقع الخضار الأرضية بخل ابيض او خل تفاح او حتى استعمال حبوب الكلور لكون ذلك يقضي على قسم كبير من الطفيليات، كما يجب الابتعاد عن الخضار التي تحتوي على نسبة وحل كبيرة.

ــ لقد ترددت في الآونة الأخيرة على مسامع المستهلك فكرة رش الفواكهة لاسيما التفاح بمبيدات مخصصة لقتل اليرقة او ذبابة الفاكهة، مما دفع العديد الى التردد بشراء التفاح في لبنان، فهل من الممكن القضاء على نسبة التلوث الناتج عن استخدام هذه المبيدات؟

- تعاني فواكهة لبنان من ذبابة البحر المتوسط وهذه الذبابة تحقن بيضها داخل الفاكهة وتتحول الى يرقة وتأكل الفاكهة، لذا يعمد المزارع لمواجهة هذه المشكلة الى استخدام مبيدات تسمى <مبيد جهازي> تدخل الى عمق التفاحة وتقتل اليرقة او البيضة، وهنا اود ان انوه انه ومع احترام فترة التحريم من جهة وتركيز المبيد قبل القطاف من جهة أخرى، لا يكون هناك أي اثر سلبي على صحة الانسان ونكون بذلك ضمن المعايير الأوروبية.