تفاصيل الخبر

لـبـــــنـان عـلــــــى صـفـيـــــــح أزمــــــــات سـاخـنـــــــة

08/02/2018
لـبـــــنـان عـلــــــى صـفـيـــــــح أزمــــــــات سـاخـنـــــــة

لـبـــــنـان عـلــــــى صـفـيـــــــح أزمــــــــات سـاخـنـــــــة

بقلم علي الحسيني

لقاء-غسل-القلوب-(2)

أزمة سياسية جديدة أُضيفت إلى الأزمات في لبنان، طفت على سطح الأحداث اللبنانية وكادت أن تُطيح بالاستقرار الداخلي وأن تُحوّل الوضع برمته إلى نزاع حزبي وربما طائفي، بعدما انفلش الكباش السياسي باتجاه الشارع في مشهد استعاد من خلاله اللبنانيون صوراً من زمن الحرب اللبنانية ونبش مشاهد من السابع من أيار/ مايو 2008، خصوصاً وأن كل المسببات لإشعال فتيل الفتنة كانت حاضرة، بدءاً من الشتائم السياسية، وصولاً إلى السلاح الذي ظهر بشكل علني وكاد أن يكون هو الحكم في معضلة يبدو أنها لم تجد طريقها الى الحل بعد، على الرغم من محاولات بعض العقلاء في البلد، وأد الفتنة في مهدها حتى لا تطال شرارتها، ما تبقّى من وفاق وتفاهم وطني.

 

من هنا بدأت

على خلفية وصف رئيس التيّار الوطني الحر وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل رئيس مجلس النواب نبيه بري بـ<البلطجي>، كاد لبنان ان يستعيد جزءاً من أزماته الماضية وهي اشعال فتيل الحرب اللبنانية من جديد بعد مضي أكثر من 28 عاماً على انتهائها وهو الامر الذي أشعل البلد بالاحتجاجات والتحركات غير المنظمة حتى كاد أن ينفلت الشارع في لحظة لم تكن مُتوقعة ولا هي في الحسبان أصلاً في عقول السياسيين وعلى رأسهم قادة الأحزاب والتيارات، ولكن بفعل التعقل الذي سلكه البعض في ممارسته وإدارته للأزمة التي طرأت وسلوكه السياسي الناجم عن خبرة وحكمة لجهة الحفاظ على استقرار لبنان وعدم جرّه إلى المجهول، ظل البلد في أمان وبعيداً عن الاحتكاك المباشر والاحتكام إلى لغة السلاح الذي ظهر بشكل مُفاجئ في أكثر من مكان على الرغم من عدم تبنّي أي جهة لهذا التطور الخطير الذي كاد أن يُشعل فتيل حرب مذهبية بين ابناء الوطن الواحد.

من نافل القول، إن العلاقات بتعددها وأنواعها، هي ليست على ما يُرام بين حركة <أمل> من جهة، وبين التيار الوطني الحر من جهة اخرى، ليس منذ نشوء الازمة المُستجدة بينهما، بل منذ أن نشطت الحركة السياسية في البلد، وقد يجوز القول منذ ما قبل مجيء رئيس الجمهورية ميشال عون إلى البلد من منفاه الباريسي. وعلى الرغم من أن الطرفين هما حلفاء الطرف الأقوى في البلد أي حزب الله، إلا أن هذا الحلف بين الأخير والفريقين الآخرين، لم ينعكس إيجاباً على علاقتهما بل ظلت الامور بينهما متشنجة وآخذة في التباعد وحتى الاختلاف على مجمل المواضيع والملفات السياسية المطروحة، لا سيّما تلك المطروحة داخل مجلس النواب حيث يتسيّد الرئيس نبيه بري الجلسات ويتحكم في معظم الأحيان في مسارها ومصيرها واليه ترجع الأمور القانونية والدستورية. وربما هذا على وجه التحديد ما يُنغّص على <التيّار> ويُزعجه ويمنعه من استكمال مشروعه السياسي المُبهم بالنسبة إلى معظم الأحزاب في لبنان وعلى رأسها حركة <أمل>.

مكمن الخلل في العلاقة

وبالعودة إلى مكمن الخلل في العلاقة بين <أمل> و<التيار>، فلكل منهما أسبابه الخاصة التي تمنعه من التقدم خطوة نحو الآخر. فعلى سبيل المثال، يرى وزراء الحركة في شخصية الوزير باسيل، الرجل الذي يُريد أن يختصر كل سياسة لبنان بشخصه وبأن طموحه السياسي لا يوقفه عند أي خطوط حمراء يُمكن ان تنسف العيش المشترك في بلد هو في الأصل محل نزاع إقليمي وغير مُتفق حول طبيعة دوره و<التبعية> التي يجب أن يكون عليها حيث أن الدول تتناتشه وتحاول جذبه باتجاهها سواء بالترهيب أو الترغيب. والأبرز في مآخذ <أمل> على <العونيين>، هي محاولات فرضهم معادلات جديدة في أسلوب الحكم في لبنان، تتجاوز موقع رئاسة مجلس النواب وما يُمثله، عبر الإلتفاف عليه من خلال التعاون المُباشر بين لعبة-الشارع رئاسة الجمهورية ورئاسة مجلس الوزراء من جهة، وعبر التنسيق السياسي والانتخابي المُباشر بين قيادتي التيّار الوطني الحر و<المستقبل> من جهة أخرى.

أما بالنسبة إلى وزراء <الوطني الحر>، فهم يرون في <أمل>، الطرف الذي يحاول كسرهم وإيقاف عجلة <سيطرتهم> على الواقع السياسي في لبنان، ومن هنا هم يُفندون المحطات التي حاول فريق الرئيس بري من خلالها، تعطيل قوة الدفع لديهم. أولاً هم يعتبرون أن أصل المُشكل يعود إلى رفض الرئيس بري انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية، ومُحاربته ومُحاولته عرقلة انتخابه ولا ينسون لحظة إعادة فرز الأصوات لأكثر من مرة بعد الأخطاء التي مورست عند التصويت. ثانياً: عرقلة العديد من مشاريع القوانين التي تم رفعها في مجلس النواب، وإفشال تمريرها بأساليب مختلفة. ثالثاُ: الوقوف وراء التحركات والاحتجاجات التي يقوم بها العاملون في العديد من المؤسسات والنقابات وتحديداً المياومين في كهرباء لبنان. رابعاً: التعقيدات التي واجهتها عملية تلزيم النفط في لبنان. خامساً: رفض <أمل> حتى اللحظة، التحالف مع <التيّار> في الانتخابات المُقبلة والعمل على دعم لوائح منافسة له، سواء في جزين أو في بعبدا.

 

بعد اللقاء.. انتهت لم تنته!

عند الحادية عشرة تقريباً من صباح الثلاثاء الماضي، وصل الرئيس نبيه بري الى قصر بعبدا للقاء رئيس الجمهورية  حيث عُقد لقاء ثنائي، وتحوّل إلى ثلاثي بعد وصول رئيس الحكومة سعد الحريري الذي انضم الى الاجتماع. واللافت أنه لدى وصول الرئيس بري علق على اسئلة الصحافيين بالقول: <طولو بالكن عليي بتحرز اكثر بالطلعة>. وبهذا ظل الانتظار سيد الموقف طيلة فترة اللقاء الذي دام قرابة  الساعتين. الأولوية كانت لمعالجة ما شهدته الساحة اللبنانية من احداث والاحتكام الى المؤسسات الدستورية وفقاً للقوانين خصوصاً في الشق المتعلق بملف المرسوم ومواجهة التهديدات الإسرائيلية وادعائها ملكية البلوك رقم 9 من خلال الاستمرار في التحرك على مختلف المستويات الاقليمية والدولية، ولمنع اسرائيل من بناء الجدار الاسمنتي داخل الحدود اللبنانية.

في لُبّ المشكل بين الرئيس بري وباسيل، لا يبدو أن الأمور تتجه نحو الحل السريع خصوصاً في المرحلة الآنية، إذ إن ثمة تراكمات لا تزال تُسيطر على مجريات الأمور التي من شأنها أن تتُرجم إمّا سلباً وإمّا إيجاباً، داخل المؤسسات الدستورية وتحديداً في مجلس النواب. وهنا تقول المصادر إن نواب ووزراء <أمل>، لم يعد يعني لهم اعتذار باسيل من بري بقدر ما يجب أن يكون اعتذار من جميع اللبنانيين. وتأكيداً على الموقف الثابت الذي يتخذه فريق الرئيس بري من باسيل. ويقول مصدر مقرب من حركة <أمل>: لقد تربينا في منزل أهالينا وفي مدارسنا وخلال الحلقات التثقيفية في الحركة، أنه عُندما يُخطئ الصغار بحق الكبار، عليهم ان يعتذروا وأن يتراجعوا عن أخطائهم بعد ان يعترفوا بها>.

 

هاشم: فلنتعظ من التاريخ

باسيل-خلال-الكلام-المُسرب

في دردشة مع <الأفكار>، أكد عضو كتلة التنمية والتحرير النائب قاسم هاشم أن الاستقرار الداخلي بأمان ولا مجال لتعكير صفو الأمن بلبنان كونه مطلباً وطنياً رغم بعض المواقف التي تصدر من هنا او هناك. وطبعاً في ظل التهديد الدائم الذي يطل علينا من اسرائيل، لا بد من توحيد جهود كل المؤمنين بأن لبنان هو بلد تعايش ولكل أبنائه وطوائفه ومذاهبه وأنه لا يُمكن لأي فئة أو حزب، أن تختصر البقية في سبيل تحقيق مشاريعها او أهدافها أو السيطرة على القرار السياسي في البلد. ويُمكننا أن نأخذ كلبنانيين العبر من التاريخ من أجل إعادة تصويب البوصلة إلى مكانها الصحيح والعودة إلى ممارسة <اللعبة> الديموقراطية بنزاهة داخل المجلس النيابي حيث يتجلى العمل الديموقراطي بأبهى صورته.

وفي ما يتعلق بالأزمة السياسية التي نجمت بعد كلام الوزير باسيل، شدد هاشم على أن <الأزمة السياسية لم تنته بعد وهي أعمق مما حصل وتتعلق بمسار ممارسة على الرغم من فظاعة ما حصل. ولكن هذا لا يُلغي أن خطوات إيجابية حصلت أدت إلى تطويق الفتنة وأوجدت مخرجاً لحل الأزمة بشكل نهائي، سواء من خلال الاتصال الذي أجراه الرئيس عون بالرئيس بري، أو من خلال اللقاء الذي حصل بينهما والذي كسر إلى حد ما، الجليد الذي كان قائماً أقله إعلامياً وهو قد فوّت الفرصة على المصطادين بالماء العكر لجهة جر البلد إلى المجهول. والرئيس بري كان ولا يزال مؤتمناً على استقرار البلد وإخراجه من الأزمات التي تُلاحقه، وهو مارس هذا الدور في أكثر من مكان وأثبت أنه رجل دولة بامتياز وبأنه يعمل لكل البلد وليس لفئة أو طائفة أو حزب. ويجب القول إن ما نطق به باسيل، قد ترك أثاره السلبية على الحياة السياسية برمتها وشنّج الأجواء، مع العلم أننا كُنا في غنىّ عن هذه الإنزلاقات التي لا تجلب سوى الخراب للبلد.

أضاف: يبدو أن هناك نيات مبيتة من أجل افتعال الإشكاليات هنا وهناك على أبواب الانتخابات التي يفترض بالجميع الإلتزام بها وإجراؤها في موعدها، ولا ندري إذا كان البعض يقول شيئاً في العلن ويضمر شيئاً آخر في السر. وهذا يدعوننا إلى القول، أن لا خوف على الحكومة  وهي مستمرة في عملها، لكن من دون أدنى شك، فإن ما حصل سيكون له تأثيره عليها خصوصاً إذا لم يُقدم باسيل الإعتذار الذي طُلب منه أقله تجاه الناس. وشدد على أنه رغم ما حصل فإن الرئيس نبيه بري وحركة <أمل> حريصان على الاستقرار، والوحدة الوطنية، وبالتالي وأد الفتنة، لأن هذا الكلام يقرع أبواب فتنة نحن بغنى عنها في هذا الظرف الذي نحتاج فيه الى اللغة الجامعة بين اللبنانيين لمواجهة التطورات والملفات الأكبر والأعمق.

وبرأي هاشم أن التعاطي مع الوزير باسيل في الفترة المُقبلة خصوصاً وأنه وزير أساسي في الحكومة ورئيس تيار له حضوره على الساحة السياسية في لبنان، هو مرهون بأوقاته وفي كيفية سير الأمور، وعندما تتوافر كل المعطيات، سوف نتخذ المواقف المُناسبة. وأهم ما يجب قوله في حال عودة الوضع السياسي إلى طبيعته، هو أن تقرن الاقوال بالافعال. فقد سمعنا خلال الأيام الماضية كلاماً يؤكد نيّة الابتعاد عن التسلط ومحاولات الهيمنة السياسية، فكل ما نتمناه أن لا يعود هناك تسلط والابتعاد قدر الامكان عن القانون والدستور.

 

موقف <التيار> من تسريب مقطع <الفيديو>

بالنسبة إلى التيّار الوطني الحر، فإن المشكلة برأيهم ليس في فحوى الكلام الذي صدر على لسان الوزير باسيل وهو برأيهم أمر قابل للحصول مع أي فريق سياسي خصوصاً وأننا نمر في فترة انتخابية قد تصل بالبعض إلى قول بعض الأمور ليس بالضرورة أنها تُعبر عن وجهتهم السياسية، بل رُبما تُرضي الناخب بحد ذاته الذي يرى في الطرف الآخر خصماً سياسياً وبأنه يُمارس سلطته على خياراته وقناعاته. وتعتبر مصادر <التيّار> أن المُشكلة هي في الجهة التي تقف وراء عملية التسريب أي حزب الكتائب لغايات انتخابية يعتبرونها غير <نظيفة> وهدفها إلحاق الأذى الانتخابي بـ<التيار> عموماً وفي كل الدوائر من خلال تجييش الصوت الشيعي ضده، ومحاولة نسف تفاهمه مع حزب الله، وبشكل خاص برئيسه الذي يترشح في دائرة البترون - الكورة - بشري - زغرتا التي من المتوقع أن تشهد أم المعارك الانتخابية في لبنان حيث يصل تعداد أصوات الشيعة المُسجلين على لوائح الشطب، لأكثر من ثلاثة الاف ناخب. وللتذكير فإن تسريب مقطع الفيديو الذي وصف فيه باسيل كاد-الشارع-أن-ينفلتالرئيس بري بـ<البلطجي>، تقف وراءه رئيسة قسم الكتائب في بلدة محمرش البترونية ريمي شديد.

وبرأي أوساط مقربة من <الوطني الحر>، فإن أبرز الأسباب التي دفعت حزب الكتائب إلى تسريب الشريط، هي أنه في كل الدوائر، تظهر الإحصاءات أن وضع مرشحي الكتائب غير جيد، وأن تمسك رئيس الحزب النائب سامي الجميل بقراره لناحية عدم التحالف مع الأحزاب والإتكال على المجتمع المدني، لن يُمكنه سوى من إيصال نفسه فقط الى الندوة البرلمانية، خصوصاً في ظل المعلومات التي تتردد عن أن النائب ميشال المر يميل الى التحالف مع حزب <الطاشناق> والتيار الوطني الحر في دائرة المتن الشمالي. لذلك يحاول الجميل استعمال كل ما لديه من أسلحة انتخابية لتحسين وضع المرشحين الكتائبيين الى الانتخابات النيابية، تارة عبر ملف النفايات، وتارة أخرى عبر التسريب الذي حصل.

 

مواقف داعمة للرئيس بري

على خلفية كلام باسيل، تصدر المشهد السياسي جملة مواقف أساسية داعمة ومؤيدة للرئيس بري ودعت في الوقت عينه إلى الابتعاد عن هكذا مواقف لا تخدم سوى اعداء لبنان ومن شأنها ان تؤجج العصب المذهبي في البلد. محاولة امتصاص الغضب وسحب فتيل التشنج، جاء من خلال تطور احتواه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون عبر الاتصال بالرئيس بري تداول معه في خلاله التطورات الراهنة والتهديدات الاسرائيلية، مؤكداً أن الظروف الراهنة والتحديات الماثلة أمامنا تتطلب منا طي صفحة ما جرى أخيراً، والعمل يداً واحدة لمصلحة لبنان واللبنانيين. وقد عبّر بري عن تقديره لمبادرة عون، ولدقة الظروف الراهنة وخطورتها، وتم الاتفاق على عقد الاجتماع الذي انعقد الثلاثاء الماضي في بعبدا لدرس الخطوات الواجب اتخاذها لمعالجة التهديدات الاسرائيلية المتجددة والاوضاع العامة في البلاد.

بدوره أكد رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري بعد لقائه رئيس الجمهورية أن كرامة الرئيس بري من كرامتي وكرامة الشعب اللبناني وفخامة الرئيس، وهو كلام نابع مني ومن فخامة الرئيس وأن الاجواء بين الرئيسين عون وبري ستكون ايجابية. ونحن نعمل على تهدئة الاجواء بين رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب. ومن جهته شدد  رئيس <اللقاء الديموقراطي> النائب وليد جنبلاط خلال زيارته الرئيس بري في عين التينة التي وصلها متاضمناً مع رئيس المجلس، على أن الجلسة دائما ممتعة لأننا نستعرض جملة قضايا في التاريخ وفي الذكريات المشتركة المجيدة، وفي الواقع المرير وأحياناً الجميل وأحياناً نتوقف ونقول شر البلية ما يضحك.

وقال جنبلاط: إن التحالف مع الرئيس بري قضية محسومة لكن مع الغير لم تحسم بعد ونحن نناقش الموضوع بهدوء وبترو وبصبر، والرئيس بري ركن أساسي وركن تاريخي من الطائف.

تضامن-مع-بريوعلى هذا الخط تقدم <حزب الله> ببيان أشار فيه، إلى رفضه رفضاً قاطعاً الكلام الذي تعرض بالإساءة إلى رئيس مجلس النواب نبيه بري شكلاً ومضموناً، ورفض الإساءة له من أي طرف كان، مؤكداً <تقديرنا العالي واحترامنا الكبير لشخص الرئيس نبيه بري ومقامه، وهذا ما كان يعبّر عنه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في خطاباته ومواقفه>. وتابع البيان: <إن هذه اللغة لا تبني دولة ولا تأتي بإصلاح بل تخلق المزيد من الأزمات وتفرق الصف وتمزق الشمل وتأخذ البلد إلى مخاطر هو بغنى عنها>، داعياً إلى المسارعة الى معالجة هذا الوضع القائم بأعلى درجة من الحكمة والمسؤولية.

 

هل طارت الانتخابات؟

على الرغم من حدة الأزمة السياسية الداخلية، تقر كل القوى بحتمية إجراء الانتخابات النيابية من دون تأجيل، ولا تعديل. لكن وقائع بالجملة تحيط بالمشهد الانتخابي، وخصوصاً بما يتعلق بعدم بت التحالفات. فحتى الساعة لا اتفاق حصل بين القوى الأساسية، لتحمل الازمة الحالية معها امكانية خلط الاوراق الانتخابية. الكل يترقّب وقد تتمدد عملية الانتظار الى ما بعد البدء بتقديم الترشيحات على أن يكون شهرا شباط / فبراير وآذار/ مارس مساحة لبناء التحالفات ضمن المدة المتاحة لتأليف اللوائح قبل تسجيلها في وزارة الداخلية والبلديات. والمُلاحظ أن البعض أصبح يعتقد  أن الازمة الحالية ستخلط التحالفات من جديد، من دون قدرة أحد على الجزم بالتوجهات المرتقبة.

وفي المحصلة لا شكّ أنّ ما حدث ليس عبارة عن إهانة عن طريق الخطأ هنا وعن إهانات إرتدادية مُتعمدة هناك، بل هو عبارة عن خلاف عميق بين قوتين شعبيتين وسياسيتين أساسيتين في لبنان، وبالتالي قد لا تنجح المُحاولات القائمة حالياً ولا لقاء بعبدا بين الرئيسين عون وبري في رأب الصدع، لأن الصراع بين الطرفين سيبقى مستمراً في المستقبل بأشكال مختلفة، بدءاً بعملية شدّ الحبال المتواصلة التي قد تؤثر سلباً على عمل العديد من مؤسسات الدولة الرسمية وصولاً إلى المواجهة الانتخابية الحادة المرتقبة بين الطرفين في أيار/ مايو خصوصاً في جزين حيث حماوة <المعركة> هناك، بدأت تظهر بوضوح في الخطابات المتشنجة وفي حدة المواقف السياسية المرتفعة.