تفاصيل الخبر

”لاريجاني“: إيران مستعدة لتقديم مساعدات للبنان من دون ”احراجه“ مع المجتمع الدولي الذي يحاصرنا!

28/02/2020
”لاريجاني“: إيران مستعدة لتقديم مساعدات للبنان من دون ”احراجه“ مع المجتمع الدولي الذي يحاصرنا!

”لاريجاني“: إيران مستعدة لتقديم مساعدات للبنان من دون ”احراجه“ مع المجتمع الدولي الذي يحاصرنا!

أن يكون رئيس مجلس الشورى الإيراني <علي لاريجاني> أول مسؤول اقليمي ودولي يزور بيروت بعد نيل حكومة الرئيس حسان دياب ثقة مجلس النواب ومباشرتها العمل محصنة بهذه الثقة، فليس هو الحدث. ذلك ان <لاريجاني> كان في زيارة رسمية الى سوريا واغتنم هذه المناسبة ليمر في بيروت ويلتقي عدداً من المسؤولين اللبنانيين في زيارة ليست رسمية بل ينطبق عليها وصف <زيارة العمل>. إلا أن المهم هو ماذا أراد <لاريجاني> في زيارته أن يقول للعالم في توقيت دقيق لاسيما وأنها أتت في ظل علامات استفهام كثيرة حول مستقبل الدور الإيراني في المنطقة بعد اغتيال قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الجنرال <قاسم سليماني> ونائب رئيس الحشد الشعبي العراقي أبو مهدي المهندس، وقبل موعد الانتخابات البرلمانية التي تمت في إيران في 21 شباط (فبراير) الجاري.

يجمع الذين التقوا الشخص الثاني في الدولة الرسمية الإيرانية بعد الرئيس الشيخ <حسن روحاني> على القول بأن جريمة اغتيال سليماني لم تحضر بقوة خلال محادثاته في بيروت وإن تمت الإشارة إليها في معرض الحديث عن الأحداث التي وقعت في المنطقة خلال الشهرين الماضيين، ذلك ان هذه الجريمة لم تكن من المواضيع المدرجة على <أجندة> الضيف الإيراني الذي كان لافتاً أن جولته شملت ثلاث دول تصنفها طهران انها في محور المقاومة، كما أنها شملت دمشق في توقيت يخوض فيه الرئيس السوري بشار الأسد مواجهة شرسة مع الرئيس التركي <رجب طيب أردوغان> في ادلب وحلب. أما محطته اللبنانية فأتت لتضفي بعداً رسمياً للعلاقات اللبنانية ــ الإيرانية في الوقت الذي يتجنب كبار المسؤولين اللبنانيين، باستثناء رئيس مجلس النواب نبيه بري، زيارة طهران. أما البعد اللافت فهو توقيت الزيارة الى كل من لبنان والعراق وسوريا في لحظة مواجهة مع الولايات المتحدة على رغم المفاوضات غير المعلنة بين الرياض وطهران بالتزامن مع اعلان واشنطن أنها ترحب بأي حوار مع الإيرانيين حول النقاط التي يختلف عليها البلدان. من هنا كانت المتابعة الدقيقة للسفارات الأجنبية لزيارة <لاريجاني> وجمع ما تيسر من معلومات حولها علماً أن طهران ترى فيها رداً على العقوبات الأميركية المتواصلة عليها <تطلقه> من الأراضي اللبنانية المتاخمة حدودها لاسرائيل وسوريا وصولاً الى وجود حزب الله وفصائل فلسطينية موالية لطهران مع ما يعني ذلك من <قدرات> على تحريك هذه المكونات اللبنانية والفلسطينية عندما ترى طهران حاجة لذلك...

 

<لاريجاني>: كسرنا العزلة وجاهزون للمساعدة!

أكثر من ذلك، فإن زيارة <لاريجاني> أريد منها أن تكون رسالة الى المعنيين بأن طهران ليست معزولة في المنطقة كما تريد واشنطن أن تقول دائماً أنها نجحت في تحقيق هذه العزلة التي ركز الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في اطلالته الأخيرة على أنها غير موجودة بالنسبة الى إيران المساهمة ــ على حد تعبيره ــ بمواجهة <صفقة القرن> ما يفرض وجودها كلاعب في المنطقة يستطيع أن يرفع لاءات رافضة ساعة يشاء، تماماً كما هو قادر على رفع <نعم> متعددة الوجوه عندما يشاء أيضاً. وهذه الـ<نعم> ألمح إليها <لاريجاني> خلال محادثاته مع المسؤولين اللبنانيين عندما تحدث عن استعداد إيراني للدخول في تفاهم مع واشنطن إذا ما دعت الحاجة بالتزامن مع قدرتها على <خربطة> أي اتفاق لا تكون هي راضية عنه، كما حصل عندما أفشلت طهران الاتفاق بين حركة <فتح> ومنظمة <حماس> ما أعاد التوتر في ما مضى على العلاقة الفلسطينية ــ الفلسطينية.

ويروي من التقاهم <لاريجاني> في بيروت من مسؤولين لبنانيين ان المسؤول الإيراني جدد استعداد بلاده <الدائم> لمساعدة لبنان على تحسين أوضاعه الاقتصادية والتعاون في مختلف المجالات الصناعية والزراعية والكهربائية بما يحاكي الواقع الراهن، على رغم اقتناع الجانب الإيراني بأن العقوبات المفروضة عليه أميركياً تجعل من الصعب على بلد مثل لبنان وفي ظروف صعبة كالتي يمر بها أن <يغامر> بقبول مثل هذه المساعدات، ولو أتت عبر طرف ثالث يكون صلة الوصل بين الدولتين اللبنانية والإيرانية، فضلاً عن ان لبنان يعمل على استعادة علاقاته الطبيعية مع دول الخليج التي يمكن أن تمد له يد المساعدة في الظروف الصعبة التي يجتازها.

المطلعون على محادثات <لاريجاني> قالوا إن الضيف الإيراني الذي يدرك دقة المرحلة لبنانياً أبلغ محدثيه من المسؤولين اللبنانيين ان بلاده مستعدة للمساهمة بتحسين وضع الكهرباء فيه من خلال بناء معامل انتاج في فترات زمنية قصيرة تؤمن خلالها وصول التيار من إيران الى لبنان، كما هي مستعدة لشراء الانتاج الزراعي اللبناني، وفتح الأسواق الايرانية أمام المنتجات الصناعية اللبنانية، على أن يتم كل ذلك من دون <احتكاك> مباشر بين الدولتين، بل عبر طرف ثالث يتم التفاهم عليه بين الدولتين. وفيما لم يحصل <لاريجاني> على جواب نهائي من المسؤولين اللبنانيين الذين التقاهم، أبدى كل تفهم لردة الفعل اللبنانية وأبلغ محدثيه ان هذا العرض بكل تفاصيله يبقى صالحاً وفي قدرة المسؤولين اللبنانيين الإجابة عليه ساعة يرون ذلك ممكناً، مع ادراك طهران خصوصية الوضع اللبناني ودقته ومدى حاجة الخزينة اللبنانية الى ودائع مالية خليجية. علماً ان <لاريجاني> أراد بوضوح أن يقول للبنانيين ان بلاده لن تتدخل في الشؤون الداخلية اللبنانية لأن الطرف الوحيد الذي يمكنه أن يعمل على حل المشاكل اللبنانية هو الشعب اللبناني في حد ذاته وليس أي طرف آخر، فهذا الشعب ــ حسب ما قاله <لاريجاني> ــ عندما يقرر ويصمم ويقف راسخاً على رجليه معتمداً على ذاته، يستطيع أن يصل الى شاطئ الأمان. أما إذا

قرر الاعتماد على مساعدات سعودية واماراتية، فعليه أن ينتبه لأن الكلام قد لا يتخطى الوعود من هذه الدول.

وعندما يبدي <لاريجاني> استعداد بلاده لمساعدة لبنان يحرص على القول إن أي مساعدة ممكنة سواء بناء منشآت للطاقة الكهربائية أو ارسال أدوية (لأن إيران حققت اكتفاء ذاتياً يصل الى 95 بالمئة) أو مواد للبناء والإعمار... فإنما تقدمها للدولة اللبنانية بكل مكوناتها وليس لحزب الله أو أي فصيل آخر على علاقة مع طهران، علماً ان بلاده لا تريد أن يكون لها أي نفوذ في لبنان يخرج عن إطار العلاقات الطبيعية بين دولتين صديقتين تتعاونان في مجالات كثيرة ومنها مواجهة الارهاب، مع تعمّد الإشارة الى ان إيران لم تدخل الى أي بلد كقوة احتلال أو انها دخلت خلسة لا الى العراق ولا الى سوريا، انما بناء على طلب الحكومتين في بغداد ودمشق لمؤازرتهما، بدليل ان طهران مثلاً لم تقم في دمشق قواعد عسكرية بل قدمت الدعم للجيش السوري للقضاء على الارهاب، كما انها لم تقم قواعد في العراق ولم تستول على الدور السيادي لبلد مستقل.

 

<حاضرون في سوريا والعراق>!

في أي حال، زيارة <لاريجاني> الى لبنان أتت من وحي كل ما تقدم من اعتبارات و<الحرارة> التي أبداها في حواراته مع المسؤولين اللبنانيين، بدءاً من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الذي جدد له دعوة الرئيس <روحاني> لزيارة طهران، وصولاً الى القيادات السياسية التي التقاها، رافقتها مصارحة بشأن الدور الإيراني في المنطقة أولاً ثم في الأوضاع الداخلية ثانياً حيث أبلغ <لاريجاني> مستقبليه ان بلاده استطاعت تجاوز الحصار المفروض عليها لاسيما وأن العقوبات الخارجية كانت حافزاً للإيرانيين على تطوير مؤسساتهم وتحسين الوضع الاقتصادي ورفع مستوى الصناعة الإيرانية وتأمين اكتفاء ذاتي في الكهرباء والمواد الغذائية والطبية وتصدير النفط الى الخارج (ما تم تصديره بلغ 40 مليار دولار أميركي) رغم العقوبات، وهو طمأن محدثيه الى ان حاجة الشعب الإيراني مؤمنة وتداعيات الحصار تراجعت.

أما في الشأن الاقليمي فتحدث <لاريجاني> عن الأوضاع في سوريا وعن سعي بلاده من خلال المفاوضات مع الروس والأتراك الى ايجاد حل للأزمة السورية مع اليقين بوجود دولة تدعم الارهاب الذي يواجه ميدانياً من خلال القتال العسكري، وسياسياً من خلال المفاوضات التي تُجرى في مدينة الاستانا. وفي يقين <لاريجاني> ان ثمة من يحاول عرقلة الوصول الى حل في سوريا بدليل سقوط الاتفاق الذي تم التوافق عليه لتثبيت نقاط مراقبة على أمل أن تساعد في عودة الهدوء للوصول الى الحل، ما أعاد التوتر وتجدد الضغط على حلب ما دفع الجيش السوري الى طرد الارهابيين من أنحاء عدة من حلب.