تفاصيل الخبر

"لاءات" ثلاث منعت استقالة الحكومـــة... والبديل إتفاق على تفعيل عملها!

08/07/2020
"لاءات" ثلاث منعت استقالة الحكومـــة... والبديل إتفاق على تفعيل عملها!

"لاءات" ثلاث منعت استقالة الحكومـــة... والبديل إتفاق على تفعيل عملها!

                                   

[caption id="attachment_79382" align="alignleft" width="376"] رئيس الحكومة حسان دياب يؤكد بقاء الحكومة وعدم صحة كل ما يقال عن استقالتها او إجراء تعديلات فيها[/caption]

 في عز النقاش الذي احتدم في مجلس الوزراء حول ضرورة اخضاع مصرف لبنان لتدقيق مركز وتشريحي (FORENSIC AUDIT)، خرجت اصوات وزارية تسأل عن الحاجـــة من استمرار الحكومة اذا كانت لا تستطيع ان تنفذ القرارات التي تصدر عنها، ووصل عدد من الوزراء الى حد اعتبار وجودهم في الحكومة بمنزلة "شهود زور" ودليل عجز، مفضلين ان يتركوها لأنها غير قادرة على الاستمرار على هذا النمط من التردد والضعف... لقد استفز كلام الوزراء المعترضين رئيس الحكومة حسان دياب وأدلى بمداخلة اكد فيها بقاء الحكومة وعدم صحة كل ما يقال عن استقالتها او اجراء تعديلات فيها. وكي "يطمئن" الوزراء قال بوضوح بما حرفيته: نحن تحملنا مسؤولية وطنية لنستمر، المصاعب كثيرة والمطبات ستزيد والاصوات سترتفع ضدنا... ما بدي حدا يحكي بالاستقالة او حتى نذكرها عرضاً... الاستقالة تخلٍ عن الوطن ولازم تعرفوا انه اذا حصلت الاستقالة، فسنبقى نصرف الاعمال لمدة سنتين فهل هذا يخدم الوطن؟ لما بيصير في امكانية تجي حكومة بـــ 68 صوتاً في مجلس النواب... ساعتها اهلاً وسهلاً!

 والواقع أن كلام الرئيس دياب لم يأت من فراغ، فهو كان يعلم ان ثمة من يعمل على اجراء تغيير حكومي يعيد الرئيس سعد الحريري الى السراي الحكومي على رأس حكومة وحدة وطنية تتمثل فيها الكتل النيابية الكبيرة، وتكون "حكومة انقاذ" بكل ما تعنيه الكلمة.

 وزاد في "قلق" الرئيس دياب ما كان يتابعه من انتقادات لأداء الحكومة من حلفاء ممثلين فيها، اضافة الى  ملاحظات من عدد من الديبلوماسيين الذين يكثرون من زياراتهم من جهة، ومن "نصائحهم" المباشرة او "عبر تويتر". لا بل اكثر من ذلك كانت زيارة نائب رئيس مجلس النواب ايلي الفرزلي الى الرئيس الحريري وما صدر عنه من كلام حول "لم شمل الجميع" في حكومة جديدة برئاسة الحريري لمواجهة التحديات الاقتصادية والمالية والعلاقة مع دول العالم والهيئات الدولية الخ...

 كذلك ما نسب الى مرجع امني رفيع من انه من الصعب بقاء الحكومة الى نهاية شهر تموز (يوليو) الجاري اذا بقيت تنفذ اعمالها على هذا المنوال من التباطؤ وعدم قدرتها على تسيير اكثر من ملف وسط غرق المواطنين في ازمات معيشية ومالية لا يقدرون على الصمود امامها. وكان قد دار حديث بين اكثر من جهة معنية بالحكومة حيال امكان اللجوء الى اجراء تعديل وزاري بغية ضخ جسمها المتعب بــ "دم جديد" بعدما تبين ان مجموعة من الوزراء يراوحون مكانهم وسط حلقات مفرغة، ولم ينجحوا في ادارة حقائبهم، وان الهدف من هذه الخطوة هو خلق توازن في مجلس الوزراء لمواجهة الاعباء المسؤولة عن ادارتها وايجاد حلول الممكنة لها. ويقف الرئيس الفرزلي في مقدمة الداعين الى تحقيق هذا الامر، ويذهب اكثر في مجالسه الضيقة الى ضرورة تضافر جهود الزعامات والقوى لبلورة مخرج ما وتحمل مسؤولياتهم. وشغلت حركة الفرزلي المعنيين سواء كانوا مع الحكومة او ضدها، وهو لا يوفر فرصة من دون الاشارة الى موقع الرئيس الحريري والاقطاب الاخرى في المعارضة من اجل "لم الشمل" ولاسيما في ظل الظروف الخطرة التي يمر بها لبنان.

باسيل عند بري....

[caption id="attachment_79383" align="alignleft" width="516"] لقاء الرئيس نبيه بري والوزير السابق جبران باسيل يحسم الأمور_لا مصلحة حالياً باسقاط الحكومة ولا تعديلها[/caption]

 وسط هذه الاجواء التي اقلقت الرئيس دياب، اتت زيارة رئيس "تكتل لبنان القوي" النائب جبران باسيل الى عين التينة حاملاً معه الى الرئيس نبيه بري جملة مآخذ على اداء الحكومة كان اشار اليها في الكلمة التي القاها على مسمع من بري في "اللقاء الوطني" الذي عقد في قصر بعبدا  للبحث في الوضع الامني في البلاد، علما انه لم يكن الوحيد الذي تحدث عن "عجز" الحكومة وبطء ادائها، بل جاراه في هذا الموقف عدد آخر من المشاركين من دون ان يرد الرئيس دياب بكلمة واحدة حتى بدا وكأنه سلّم بانتقادات الحاضرين او انه فضّل عدم الرد عليهم مباشرة بل من خلال افتتاحيات جلسات مجلس الوزراء او امام حلقة ضيقة من المقربين والزوار....اسهب باسيل في الحديث عن الحكومة معدداً سلبيات كثيرة في عملها، لكنه فوجىء بصمت الرئيس بري حتى انتهاء "ملاحظاته" ليأتي الجواب بأن لا مصلحة حالياً باسقاط الحكومة ولا تعديلها، لأن سقوطها قد يؤدي الى تعذر تشكيل حكومة جديدة في وقت لا يبدو فيه الفراغ مستحباً على مستوى السلطة التنفيذية، ناهيك ان الاوضاع في المنطقة والجوار لا تسمح بأي "دعسة ناقصة" في الاطار الحكومي...

 ويقول مطلعون على مضمون لقاء بري- باسيل ان رئيس مجلس النواب لم يعكس فيما قال رأيه فحسب، بل ايضاً عكس رأي حزب الله الذي لا يرى ان عمر الحكومة بات قصيراً لأن البديل منها غير متوافر ليس بسبب قوة مكوناتها او تماسكهم، بل بسبب عدم قدرة الاطراف المعارضين على "تطييرها" او اجبارها على الاستقالة من خلال مشاريعهم البديلة غير الموجودة او قواهم الذاتية في الشارع لاسيما وان المشاركين في "الانتفاضة" او "الثورة" لا فرق- لا يميزون بين حزب موجود في السلطة او خارجها، وان كان البعض يرى ان الحكومة باتت في شبه "موت سريري"، او انها لا تزال تتلقى كميات من "الاوكسجين" تمكنها من الحياة ومنها تمسك "حزب الله" ببقاء الحكومة وعدم التخلي عنها، ولاسيما مع سريان تطبيق مندرجات قانون "قيصر" ضد سوريا وترقب انعكاسات انشطاراته على لبنان وخصوصا على الحزب الذي يعرف ان اي حكومة مقبلة لن تكون على هذا المستوى الذي يوفره له دياب ولدمشق ايضاً. كذلك وبغض النظر عن مصير المفاوضات مع صندوق النقد يبقى الحزب مطمئناً اكثر الى الفريق الحالي المفاوض، وهو يخشى بالطبع ان تكون هذه المهمة في ايدي اشخاص آخرين يكونون على صلة بأحزاب وشخصيات مناوئة للحزب، ولا يبدي في الاصل ارتياحه الى مقاربات التعاطي مع الصندوق وخشيته من فرض الاميركيين شروطاً سياسية غير مباشرة.

 لكل هذه الاسباب وغيرها يرى كثيرون ان الحزب سيستمر في احتضان الحكومة اقله الى موعد حصول الانتخابات الرئاسية الاميركية في تشرين الثاني ( نوفمبر) المقبل، والتأكد مما اذا كانت مفاتيح ادارة البيت الابيض ستبقى في يد الرئيس دونالد ترامب او ستذهب الى مصلحة الديمقراطيين، اضافة الى انتظار المواجهة الحالية بين واشنطن وطهران قبيل انتهاء ولاية ترامب.

 لقد ادرك باسيل ان فكرة "استقالة" الحكومة او إجراء تعديلات فيها "غير ناضجة" لدى "الثنائي الشيعي" وفهم من بري انه لا بد من اعطاء فرصة اضافية لأن الوقت غير ملائم، فطوى صفحة الحديث عن الحكومة وفتح صفحة التعيينات في المراكز الشاغرة لاسيما في مجلس ادارة مؤسسة كهرباء لبنان والهيئة الناظمة للكهرباء، اضافة الى موضوع التدقيق المالي المركز في مصرف لبنان.

 ويقول مطلعون إن الاتفـــاق على اسمـــاء التعيينات لم يــأخذ وقتــــاً طويلاً طالما ان "حصص" الجميع متوافرة، في حين اخذت مسألة التدقيق المالي وقتاً اطول ليخلص النقاش الى الاتفاق على استبدال شركة "كرول" التي يقول فريق الرئيس بري وحزب الله إنها تتعامل مع اسرائيل، بشركة اخرى تردد ان حاكم مصرف لبنان اقترحها على الرئيس بري للتدقيق في حساب المصرف المركزي!.

 

3 "لاءات"

هل طويت صفحة استقالة الحكومة؟

 كل المعطيات تشير الى "لاءات" ثلاث: لا تسوية على حساب حكومة دياب، ولا تفاهم بعد على حكومة بديلة، ولا صفقة يدفع دياب ثمنها خروجاً من السراي بل اتفاق على تفعيل عمل الحكومة. وقد تبين ان اي بحث حكومي على مستوى الفريق الحاضن للحكومة لن يستوي ما لم تتبلور رؤية متكاملة، قبل بدء اي نقاش في مصيرها، وهو الامر غير المتوفر في الظرف القائم والمنظور. كما ثمة قناعة بأن الاتفاق على اي اسم لرئاستها هو جزء من كل، وليس الغاية او المنتهى، بمعنى ان اي تفاهم رهن التوافق على سلة متكاملة، وليس بالتأكيد نتاج تسوية تعمل راهناً قوى شريكة من الموالاة والمعارضة على تسويقها من غير ان تؤتي ثمارها.

 كما وتبين للمعنيين ان الظرف الراهن غير مؤات للمباشرة في اي بحث مماثل، لذا كان الاتفاق على وضع البحث الحكومي جانباً، والانصراف بدلاً من اي بحث غير مجد وغير ناضج الى تفعيل العمل الحكومي واخراجه من المراوحة التي تطغى راهناً، بحيث تتأهل الحكومة لتصبح على قدر خطورة المرحلة وتتموضع حيثما يجب ويفترض ان تكون، على ان يترجم كل ذلك في انتاجية غير مسبوقة تتخطى المخاوف والتحفظات وحال الشلل والتردد في بعض الوزراء والذي يجعل وزاراتهم في حال من التآكل، كما الحال في عدد من الملفات الحياتية التي تشهد تراجعاً غير مسبوق يؤذي الخزينة وينهك اللبنانيين على حد سواء.

 ولأن الملف المالي هو الاكثر دقة في هذه المرحلة، كانت "نصيحة" من الرئيس بري الى باسيل بأن "ينفتح" على حاكم مصرف لبنان رياض سلامة لأن لا قدرة لأحد على تغييره في الوقت الحاضر وأن حروب " طواحين الهواء" ضده لن تفيد بل ستزيد الامور تعقيداً. وكترجمة عملية لهذا "الانفتاح" الذي أراده بري، زار سلامة باسيل مرتين في دارته في اقل من 48 ساعة "وتفاهم" معه على كل "التفاصيل"، وانعكس ذلك تراجعاً في سعر صرف الدولار في السوق السوداء ثلاثة الاف ليرة دفعة واحدة "والخير لقدام" اذ ثمة معلومات اشارت الى تراجع قد يصل الى 4 الاف ليرة في مقابل الدولار في السوق السوداء على الا يتعدى الـــ 3850 في المصارف ولدى الصيارفة!.

 في الخلاصة حكومة حسان دياب باقية والحديث عن استقالتها او تعديلها كان وارداً في حسابات البعض لكنه سقط، فيما دياب يؤكد امام زواره ما سبق وقاله في مجلس الوزراء انه لن يستقيل...إلا اذا قرر مجلس النواب سحب الثقة من حكومته وهذا الشرط غير وارد في الوقت الراهن على الاقل!.